مواضيع اليوم

مصر التى فى خاطرى

Michael Nagib

2010-02-23 18:21:47

0

الإصلاح من القضايا والملفات الملغومة فى السياسة المصرية ، بين مؤيد ومعارض ، بين جالس على كرسى الحكم أو الوزارة يتمتع به وبين رجل الشارع والمواطن العادى الذى يتمنى حدوث معجزة تأتى له بالخلاص ، بين تأثير خارجى من خارج الوطن وتأثير داخلى من القوى الشعبية نفسها ، بين جاهل بهموم وطنه وحالته الفردية وبين جاهل بمعنى الإصلاح وضرورته للمجتمع ، بين الحزب الواحد الغير قادر على إحداث التغيير بالمفهوم الذى يريده الشعب وبين أحزاب معارضة لا تعرف معنى المعارضة لذلك تفقد قيمتها وإن كانت محسوبة على المجتمع والنظام والحالة السياسية فى مصر .
مشاكل مصر هى من تراكمات السنين الغابرة ، تراكمات أنتجتها عصابات على بابا والأربعين حرامى التى قفزت على البلاد وحكمها منذ الغزو الإسلامى وحتى عهدنا هذا ، والذى حاصرنا فيه أنفسنا بأيديولوجيات رجال الدين المستوردة ، ونسينا أن النجاح السياسى معناه قيم إنسانية دينية تصقل فكر وضمير السياسى ، فالسياسة لها معبدها الخاص والدين له معبده الخاص ، وعندما يقحم النظام العقائد الدينية إلى البيت السياسى لأغراضه الشخصية ، فهذا معناه إنهيار منظومة الدولة والدخول فى صراعات ومواجهات تفقد معها الدولة الكثير من بنيانها القائم على التعددية .
تعثر خطوات الإصلاح فى مصر ينبع من غياب المعارضة الغير قادرة على تقديم بديل عملى للمشكلات التى يعانيها المجتمع ، عدم قدرة المعارضة بأطيافها المتباينة على تقديم رؤى أو دراسات إصلاحية يمكن أن تتبناها الحكومة وتعمل بها ، إلى جانب غياب المواطن نفسه الذى تربى على أن يلغى عقله وينتظر ما يقوله له ( العلماء ) من فتاوى سياسية وأقتصادية تقرر حاضره ومستقبله .
الحديث فى الإصلاح والتغيير أصبح جدلاً مكثفاً يثير الشفقة لأفتقاره للأرضية العلمية والثقافية الجيدة التى يمكن أن يقوم بها رجال مؤمنون حقاً بالإصلاح وقادرون على إنجاز خطط علمية واقعية ، لذلك نرى مشاريع التنمية والإصلاح تفشل لأنها فى الغالب تُنفذ بأيدى رجال ملوثين بالفساد ، أى أنها مشاريع لتنمية الفساد وإضاعة جهود أبناء البلد المخلصين .
فقدت العقلية المصرية المعنى الحقيقى للإصلاح فى فقدان الهوية والأنتماء لدى المواطن المصرى ولسان حاله يردد بتهكم " وأنا مالى " " سيبها تخرب " " علىٌَ وعلى أعدائى " ، وأنتشرت الأنتهازية والتى تبدو معالمها واضحة فى التيارات السياسية والاقتصادية والدينية التى تسيطر على معاقل إصدار القرار ، الكل ينافق والكل يبرر أخطاءه وسرقاته أو أختلاساته والقانون أمام كل هذا يتجمل ويساوم هذا ويضرب ذاك .
تضخمت الهوية اللا إنتمائية لدى الأفراد ، وتضخمت سيطرة الميول والنزعات والأنفعالات على السلوك الأجتماعى العام ، بذلك نحن أمام إنكسارات الأصلاح المصرية المتوالية التى تأتى من التصعيد المستمر للتيارات الدينية التى لا تحترم الثقافات ولا الأديان الأخرى، تلك التيارات الأيديولوجية التى شوهت أفكار المواطنة وهوية المواطنين ، وبرغم التواجد الدينى المكثف فى الحياة اليومية وفى أماكن العمل ووسائل الإعلام ، إلا أن المجتمع إزداد فساداً وسوءاً ونفاقاً ، والمفسدين فى الأرض المصرية يعيشون مرفهين بالأموال التى سرقوها من الطبقة الكادحة بأساليب دينية وغير دينية .
ماذا ننتظر إذن من شعب تضيع حقوقه أمام عيون الحكام والمسئولين ؟ أليس طبيعياً أن يسود السخط الشعبى ويخلق لا مبالاة وعدم أنتماء وتفكك وتسيب أدارى يستشرى فى الأدارات الحكومية ؟
لذلك نجد الموظف غير منضبط فى مواعيد العمل يحاول التحايل والتزويغ قدر أستطاعته ويقول أنه يعمل على قدر فلوس الحكومة التى تعطيه إياه مرتبات ضئيلة وفرص العمل خارج نطاق قفص الحكومة ضئيلة لأن السياسات الحكومية السابقة لم تنظر إلى المستقبل إلا بقدر ما يفيد بقائها ، مما خلق بطالة وتشبث المواطن بالوظيفة الحكومية "الميرى " وتعلم الكسل سنوات طويلة فى أنتظار التعيين ، وأصبحت معاهد التعليم المختلفة تقوم سنوياً بتخريج بطالة تسعى إلى وظائف .
من الأجدر بالحكومة بدلاً من إصدارها لبطاقات تموين ذكية أو ألكترونية فى الأشهر القادمة والتى ستقوم بتجريبها فى محافظة السويس، أن تنظر فى السياسة التموينية نفسها والسياسة الزراعية الفاشلة فى الأكتفاء الذاتى فى زراعة القمح بدلاً من أستيراده من الخارج لتوفير رغيف الخبز على سبيل المثال .
من الأمور التى تدفع المواطن المصرى أن يسخر بمرارة من نفسه ومن قادته الإصلاحيين ، أن يرى السوق المصرى يمتلئ بسلع كثيرة " مستوردة " صنع فى اليابان - صنع فى ماليزيا - صنع فى السعودية – صنع فى قطر - صنع فى تايوان ... وكلمة صنع فى مصر أصبحت عبارة يتيمة وسط ألوان الطيف العالمى ، وهى علامات واضحة على التدهور الذى حدث منذ عهد الثورة وحتى يومنا هذا فى شخصية وعقلية الإنسان المصرى !
الإصلاح لا ينمو وسط مجتمع تغيب عنه ثقافة الحوار والسجال ، بل نجد مناورات سياسية يقوم بها المثقفين الذين باعوا أنفسهم للنظام الحاكم والذين يسيطرون على الصحف ووسائل الإعلام ، برلمان مصرى كأنه ملعب يشهد مبارة كرة قدم ومعارضة تتحالف مع جماعات وجهات داخلية وخارجية لا علاقة لها بالمجتمع المصرى الأصيل ، يعنى ان الإنسان المصرى ومصالحه غائبة عن الساحة البهلوانية .
الإصلاح يعنى أولاً وأخيراً الحرية ، حرية التفكير والعمل والبحث والدراسة والحياة لكل مواطن ، الإصلاح يحتاج إلى تحرير المواطن من الإحباط الثقافى والإجتماعى الذى يحيط به ، الإصلاح يحتاج إلى مواطنين يؤمنون بوطنهم ولا يكفرون بهويتهم المصريةولا يكفرون بأخلاقهم الحضارية ، الإصلاح يحتاج إلى يقظة الضمير فى داخل كل مواطن ولا يحتاج إلى مؤتمرات حكومية تغرق فى الحلول والكلمات الخطابية التى ينطق لسانها دائماَ بالقول " أسمع كلامك أصدقك ، أشوف أمورك أستعجب " !

2004 / 9 / 26




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !