مواضيع اليوم

مصر الآن و رياح التغيير

د.محمد شعبان

2011-02-07 19:51:24

0

 

مصر الآن و رياح التغيير

النظام و الفرصة الأخير لأستباق الحدث

يخطئ من يتصور أن الحالة في ميدان التحرير يمكن أن تستقر على هذا الوضع ، مجموعة من المتظاهرين المناوءين للنظام يتجمهرون في الميدان و حولهم الحياة تسير على وتيرة طبيعية . هم في الحقيقة مجموعة متحركة ، ففيهم قلب ثابت من الناشطين و الرموز الذين يصعب الوصول إليهم و حول هذا القلب هناك مجموعات متحركة تدخل و تخرج و تنقص أو تزيد ، و هناك أيضاً صلات بمن هم في خارج الميدان يمكن أن تجمع الملايين سواءً في الميدان أو خارجه إذا لزم الأمر و الوضع قد ينفجر في أى وقت . و الحقيقة أن المطلب الثابت عند هذه الجموع هو نقض النظام القائم بجميع أركانه بما فيها الدستور و البرلمان و بالطبع الرئيس , بما قد يفتح أبوابا للمجهول هم على ثقة – قد تصدق أو لا – أن مصر قادرة على الخروج منها بعافية ، و الرسالة التي يريدون إيصالها أن النظام الحالي قد فشل بوجه عام في أداء دوره المجتمعي و عليه أن يرحل. و الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أن النظام قد فقد – حتى الان- ركنين أساسيين من أركان وجوده و هما أولاً ذراع الشرطة التي طالما أعتمد على قوتها لحفظ التوازن الداخلي و تسيير الحياة المدنية من خلال جهاز مباحث أمن الدولة ، و الركن الثاني هو الكيان السياسي المتمثل في الجزب الوطني و ملحقاته من مجلسي الشعب و الشورى و الذي كانت آية سقوطه الكبرى متمثلة في فضيحة الخيل و الجمال و الملوتوف كتعبير عن سياسات أسقطت بالكامل خلال ثورة الشعب و حاولت فيها أن تأتي بأتجاه شعبي مضاد للحركة الشعبية الأولى وهو الذي فشل فشلاً ذريعاً في أثبات أية أرضية شعبية ملموسة خالية من الأعتماد على الرشوة أو البلطجة .  و الحقيقة أيضاً أنه لم يبق للنظام الآن سوى شرعية دستورية مشكوك حتى في صحتها لأن الدستور الحالي ينص في إحدى مواده الأساسية أن الشعب هو مصدر السلطات جميعاً أي أن الوضع القائم برفض الشعب للنظام ليس دستورياً معه بقاء النظام برمته ، أما الركن الوحيد الباقي صحيحاً في النظام فهو الجيش و لكنه أيضاً قد يفقد شرعيته إذا أضطره النظام إلى التعامل العنيف مع الشعب . و من المؤكد أن النظام قد درج و على مدى عقود طويلة أن يتأخر عن الفهم الصحيح للحدث ، و أظن أن هذه هي الفرصة الأخيرة له لكي يستبق الحدث لأول و آخر مرة ، و عليه أن يدرك أن شرعيته قد سقطت داخليا و خارجيا و أن يختار من التدابير التي تؤكد فهمه لهذه الحقيقة ما يقنع الجموع أن الرسالة قد تم أستيعابها . و أول هذه التدابير أن يقوم الرئيس بنفسه باتخاذ ما لا يمكن لغيره دستورياً أن يقوم به من طلب لتعديل المواد الدستورية 76 و 77 و 88 الخاصة بالانتخابات الرئاسية المقبلة  ثم يوكل باقي مهامه للنائب و يركن لفترة نقاهة صحية حتى أقرب موعد لأجراء الأنتخابات الرئاسية ، ثم يكون على النظام أن يقوم بتجميع القوة في يد من هم  مقبولون جماهيرياً و على رأسهم بالطبع النائب لكي يتخذوا باقي التدابير التي تثبت الوعي بالدرس و من أهمها التخلص من الرموز الفاسدة سواءً في الشرطة و التي كانت وراء الأنفلات الأمني أو من الحزب الوطني أو غيره – مهما كانوا – و التي كانت وراء فضيحة الجمل و ذلك بمحاكمة علنية و شفافة ، و كذلك التخلص النقي من جميع القوانين و التصرفات المقيدة للحريات و التخلص من أعضاء الحكومة المثار حولهم جدل بمن فيهم أعضاء مجلس الشعب الأخير ، و بعدها يمكن الحوار بين جميع القوة الوطنية – بما فيها الحزب الوطني بعد تطهيره – حول ما يجب عمله للعبور الآمن للوطن إلى مستقبل ديمقراطي . هذه في رأي هي بارقة الأمل الأخيرة للنجاة من مستقبل مظلم لا يعلم مصيره إلا الله و لا أشك أن أول المضارين به هم أولئك الذين لم يستوعبوا رسالة الشعب في الوقت المناسب.

 
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات