و سواء بقى الرئيس مبارك حتى نهاية ولايته أو تنحى بصورة أو بأخرى فأظن أن علينا الآن واجبا ملحاً في النظر في التحدي الأكبر – من وجهة نظري- الذي نواجهه الان ، وذلك أننا و ربما لأول مرة في تاريخنا بصدد النظر في أنتخاب رئيس للجمهورية بطريقة ديمقراطية . فالحقيقة أننا دولة و تقريباً في كل مراحل وجودها الطويل كانت تحكم بطريقة ديكتاتورية ، فقبل الثورة كانت مصر تحكم بولاة أو ملوك و بعد الجمهورية كانت تحكم بزعماء لا رؤساء ، و الفارق كبير بين الأثنين ، و أظن أن الفارق الأكبر أن الدساتير كانت توضع أو بعبارة أدق تفصل طبقاً لرؤية الزعيم و توجهاته و كان الزعيم هو الجامع لكل قوى النظام و مؤسساته و كان حاميا للدستور و ليس العكس ، و قد تقلبت على مصر العديد من العواصف الخارجية ثم الداخلية في العصور الثلاثة التي حكمها فيها الزعماء . و أظن أن المسألة الأكبر و الأخطر على مصر في الفترة الحالية هي كيفية الأنتقال الآمن من فترة كان الحاكم فيها هو الراعي للدستور إلى فترة يكون فيها الدستور هو الراعي للحاكم . و أظن أن الطريقة المثلى لهذا هي الأتفاق على مجموعة من القيم أو المفاهيم العامة الحاكمة لعلاقة الفرد بالمجتمع و الدولة و علاقة الدولة بالآخرين على أن يكون هذا الأتفاق ثابتاً و لا يتغير بتغير الرؤساء أو البرلمانات أو حتى الدساتير.,ولدي إقتراح في ظل تجمع كل هذا الزخم من القوى الوطنية و الرموز و المفكرين أن يختار من أولئك نخبة تتفق على ما يمكن أن نسميه العقد الأجتماعي المصري أو الدستور الأساسي ممثلا لهذه القيم, و أظننا يمكن أن نحتكم في الأساس لما هو موجود في الدستور الحالي من مواد في بابي الدولة و الحريات و الحقوق و الواجبات العامة ، و ربما تحتاج إلى إضافات أو تعديلات خاصةً فيما يتعلق بعلاقات مصر الخارجية و تثبيت أنتماءها للمجتمع الدولي و إلتزامها تجاهه سواء سياسياً أو أقتصادياً و الباقي موجود فعلاً من حيث المواطنة و الحريات و حماية الملكيات و غيرها, مما يبعث للجميع تطمينات على دور مصر الثابت و المتحرك للأمام . و في رأيي أنه بعد الأتفاق على هذه البنود – و هو مهم جداً – فإن الأهم هو البحث عن آلية مستمرة لحماية هذا الدستور و ربما كان الحل في أن يكون الجيش حامياً لهذا الدستور الأساسي من ألا يتعرض للتشويه أو التبديل ، و يمكن أن يأتي الإستفتاء الشعبي على هذا الأمر قبيل الأنتخابات الرئاسية و تليها أنتخابات برلمانية يمكننا بعدها النظر في باقي التعديلات الدستورية متضمنة نوع الحكم سواء رئاسي أم برلماني و باقي البنود السياسية أو الأقتصادية أو الأجتماعية.
التعليقات (0)