مواضيع اليوم

مصر إلى أين.. يا جماعة؟ مختارات من مصرنا

عبدالباقي فكايري

2009-12-14 18:34:48

0

مختارات مصرية  مدونة في موقع   www.ouregypt.us

تحكي الواقع المصري بنظرة نزيهة تكشف حقائق عصابة التوريث التي استولت على الشعب المصري بكل الطرق الاحتيالية بالقانون والقوة والدستور ايضا تحت قيادة عائلة الريس التي تحكم اكثر من الملك وتشتم الناس اكثر من الشيطان

 

مصر إلى أين.. يا جماعة؟
 

السفير أمين يسرى
.........................


أمين يسري

ما ان تلتقي بصديق وبعد الاستفسار عن الحال والأحوال الأسرية وتبادل الأخبار عن الأصدقاء المشتركين حتى يطرح السؤال عن المتوقع حدوثه في مصر وهل سيكون الانفجار آتيا من المناطق العشوائية المحيطة بالقاهرة ويأخذ طابع انتفاضة الحرامية. وهل الشرطة ستكون مؤهلة للتصدي لهذا الانفجار وقادرة على ضبط الأمن والنظام؟ اللافت للنظر ان هذا التساؤل لا يخلو منه مجلس من المجالس سواء داخل العائلة الواحدة أو على مقهي بين مجموعة من الأصدقاء واللافت للنظر - نظر كاتب هذه السطور على الأقل- ان الحديث عن حدث وانفجار متوقع أصبح شبه محسوم. فالشعور العام ان الأوضاع الداخلية والخارجية قد تردت إلى حد أن أحداً لا يخالجه شك ان الأمور قد وصلت إلى المحطة الأخيرة وانه لم يعد ممكنا استمرار الحال على ما هو عليه. وان من طبائع الأمور أن يكون لكل شيء نهاية.

وخلال الجدل في هذا الشأن يثار الكثير حول صحة الرئيس ومدى قدرته على الاستمرار في تولي مسئولية رئاسة الجمهورية خاصة بعد ان تعدى سنه الثمانين وبعد الفجيعة التي أصابته شخصياً بوفاة حفيده وما ظهر للناس من صعوبة يواجهها سواء في القاء الخطب - كما حدث في اجتماع دول عدم الانحياز في شرم الشيخ حيث بدا واضحاً مدى الجهد الذي يبذله في قراءة الكلمة المعدة له- أو في ارتقاء درجة السلم الواحدة إلى حد دفع حراسه تلقائيا إلى مد اليد له لمساعدته على الصعود. وتناقض هذه الحالة التي يمر بها مع قوله انه باق في منصبه إلى آخر نبضة قلب!!

ويثار أيضا التساؤل حول أن هناك اجماعا على أن قطار التوريث على القضبان واقترب من محطة الوصول. وأن الوريث جمال مبارك يمارس فعليا بعض مهام رئاسة الجمهورية حاليا. وان التشكيك في التوريث بادعاء ان جمال مبارك لن يكون رئيسا تلقائيا انما ستكون هناك انتخابات لمنصب الرئيس حرة ونزيهة وان جمال مبارك سيكون أحد المرشحين وليس المرشح الوحيد وبالتالي قد يفوز بالمنصب وقد لا يفوز هو من قبيل الاستعباط والاستخفاف بعقول الناس. فتعديل 35 مادة من مواد الدستور وتعديل المادة 76 مرتين لم يكن ولم يأت اعتباطا بل هي خطة رسمت بدقة من قبل فقهاء السلطان. الثغرة الوحيدة في هذه الخطة ان من الأسرة من يرى أهمية أن يتم التوريث في حياة الرئيس وتحت اشرافه بينما يصر الرئيس على البقاء في منصبه إلى آخر نبضة قلب. هذه هي الثغرة الوحيدة المتاحة أمام القدر ليقول كلمته الفاصلة. والقدر هو الغيب الذي لا يستطيع فقهاء السلطان ان يغيروا من ارادته العليا التي هي فوق ارادة البشر جميعا.

كيف ولماذا وصلنا إلى هذه الحالة؟،، ومصر إلى أين هي ذاهبة؟.. وهو ما سوف أتناوله لاحقا.

1- احتفلنا بذكرى مرور 57 عاما على قيام الثورة في 23 يوليو 1952. وهي الثورة التي احتفلنا مع إسرائيل بموتها ودفنها في مدينة هرتزليا من ضواحي تل أبيب في منزل سفير مصر هناك!! وحضر الاحتفال الذي يليق بالمناسبة شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وبحضور تسيبي ليفني زعيم المعارضة في الكنيست وعدد كبير في كبار المسئولين هناك. وهذه في حدود علمي المرة الأولى التي يجتمع فيها كل هؤلاء في منزل السفير المصري وهو أمر له طبعا معناه ومغزاه. خاصة إذا عرفنا ان السفير - أي سفير- هو مبعوث رئيس الجمهورية كما يرد ذلك نصا في خطاب وأوراق اعتماده. فالقصد طبعا من هذا الحشد الإسرائيلي في بيت السفير المصري في تل أبيب هو ارسال رسالة إلى رأس النظام في مصر ان إسرائيل كلها معك وتؤيدك وضد كل معارضيك. هذا فضلا عن ان مجرد وجود سفارة لمصر في تل أبيب انما يعني ان ثورة 23 يوليو قد ماتت وشبعت موتا وان الاحتفال هو أشبه بالذكرى السنوية لقريب توفاه الله إلى رحمته والحضور الإسرائيلي يستهدف تأكيد هذه الوفاة!! ولهذا جاء التواجد الإسرائيلي كثيفا هذه المرة وعلى غير العادة.

2- الثورة المضادة لثورة 23 يوليو النظام الحالي امتداد لها بدأت في 7 نوفمبر 1973 عندما اجتمع السادات بالعزيز هنري كيسنجر في القاهرة بدعوة منه. حيث أسسا علاقة إستراتيجية بين مصر وأمريكا حيث تعهد السادات بإزالة كل آثار ما حققه جمال عبدالناصر. وكل ما طلبه السادات هو حماية شخصه وحماية نظامه. (اقرأ في تفاصيل ذلك ما كتبه الأستاذ هيكل في كتابه (أكتوبر العلاج والسياسة ص 655 إلى 680) ولما لم تسفر هذه العلاقة عن الرخاء الموعود والمتوقع ووقعت انتفاضة 18 و19 يناير 1977 التي كانت بمثابة انذار مبكر للسادات لكي يتنبه إلى خطورة توجهاته الاقتصادية بالانفتاح سداح مداح وتوجهاته السياسية وتأثيرها السيئ على الشعب المصري محليا وعربياً ودوليا فقد قرر الهرب بنفسه وبسياساته إلى الخارج فكان ان زار القدس في نوفمبر 1977 التي كانت بداية لسلسلة من التنازلات تمثلت في اتفاقيتي كامب ديفيد (سبتمبر 1978) ثم معاهدة السلام مع إسرائيل (مارس 1979) ولم تؤد هذه السياسة إلى خلاص السادات من مشاكله الداخلية بل أسهمت في تحقيق الخلاص منه في مشهد شبه أسطوري كان تاريخه 6 أكتوبر 1981.

3- تولى الرئيس محمد حسني مبارك السلطة وسط بركة من الدماء. ولم يكن بحكم نشأته وتكوينه ذا ملكة سياسية التي لم يكن من الممكن اكتسابها وقد تعدى الخمسين من عمره. وبدا في أول الأمر زاهدا في السلطة ووعد بألا يبقى في منصبه سوى مدة واحدة. ولكن وسبحان مغير الأحوال بقي في منصبه خمس مدد مجموعها ثلاثون عاما!!

وقد ورث الرئيس مبارك عن سلفه دستور عام 1971 الذي كان قد فصله على قده ومقاسه باعتباره كبير العائلة. أي حول مصر إلى أسرة ريفية هو كبيرها!! وله ان يفعل بأسرته ما يشاء وصلاحيات الرئيس في دستور 1971 التي أدخل عليها الرئيس مبارك تعديلات شملت 35 مادة تفوق صلاحيات الخلفاء الراشدين!! وقد وجدت في التقرير الإستراتيجي حصرا لها لكنى وجدت ان نشرها يحتاج إلى نصف صفحة أي ثلاثة أضعاف الحيز المتاح لهذا المقال.

4- سار الرئيس مبارك على درب سلفه السادات بمحو كل ما أنجزه وحققته ثورة 23 يوليو بقيادة جمال عبدالناصر. ولم يتبق من الثورة سوى ذكراها. ونشأت كما أرادت أمريكا طبقة أصحاب الملايين بينما اندثرت الطبقة الوسطى أو كادت. ثم حدث تزاوج بين السلطة وأصحاب رءوس الأموال. وأصبح الفساد مشروعا وعلى حد قوله ظاهرة عالمية!!

5- توطدت في عهد الرئيس مبارك العلاقة مع إسرائيل ومع الغرب عامة وأصبحنا نحمى حدود إسرائيل ونصدر لها الغاز بأبخس الأسعار.

6- ولما كان الهاجس الأمني قد ترسخ في نفس الرئيس عندما شاهد بعينه مقتل السادات فقد أصبح الأمن من أكبر دعامات النظام فلا تعيين لمؤذن في مسجد أو عميد لكلية إلا بموافقة الأمن. ودخلنا جميعا «عشة الفراخ» على حد تعبير الدكتور حسن نافعة.

يبقى السؤال: مصر إلى أين؟ كل سلطة تفسد والسلطة المطلقة تفسد فسادا مطلقا. والفساد لم يعد إلى الركب في الإدارة المحلية كما قال رئيس الديوان بل أصبح شاملا وراسخا بعد زواج السلطة بأصحاب رءوس الأموال.. وهو ما يهيئ المناخ للانفجار الذي باتت الناس تتحدث عنه ولا يختلفون على توقع حدوثه ولكن الخلاف ينحصر متى يأتي وعلى أي صورة سيكون؟ لا ننسى القاعدتين الآتيتين في كل ثورة أو انفجار:

أولا: ظهور طبقة من الشعب تكتوي بنار الوضع الاقتصادي والسياسي.

ثانيا: عود الثقاب الذي يشعل الثورة أو الانفجار.

أظن ان القاعدة الأولى بدأت تتشكل. أما عود الثقاب فموعده لحظة التوريث. ويبقى القدر وعلمه عند الله.
 

11/02/2009

من مشروع للنهضة إلى مشروع للتوريث
 

بقلم د.حسن نافعة
.....................

انتهينا في مقال الأسبوع الماضي، الذي خصصناه للتعرف على طبيعة الإشكالية التي يواجهها نظام الحكم في مصر في المرحلة الراهنة، إلى أن هذا النظام وصل إلى مفترق جديد للطرق بعد أن قام بسد كل منافذ تداول السلطة ولم يترك للشعب سوى الاختيار بين بديلين كلاهما مر: التجديد لرئيس تجاوز الثمانين من عمره لفترة ولاية سادسة تنتهي وهو على مشارف التسعين، أو تنصيب نجله في حال ما إذا قرر الأب عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كما أوضحنا أن مبارك الابن سيحكم البلاد في كلتا الحالتين، إما من وراء ستار ولمدة لا يعلمها إلا الله في حال الخيار الأول، وإما رسمياً ولمدة قد تصل إلى أربعين عاماً مقبلة في حال الخيار الثاني! ولأنه يصعب تصور أن تقبل مصر العميقة بأي من هذين الخيارين، فمن المتوقع أن تشهد الحياة السياسية في مصر حراكا من نوع جديد يصعب التنبؤ بما قد يسفر عنه في نهاية المطاف، مما يتطلب من النخبة أن تبحث معا عن خيارات أخرى، وهو ما يفرض على القوى الوطنية:

1- أن تتفق أولا فيما بينها على تشخيص دقيق للأسباب التي أدت إلى تحول مشروع النهضة والتحديث الذي أطلقته ثورة يوليو إلى مشروع للجمود والتوريث،

2- استخلاص الدروس الصحيحة مما جرى كي لا تقع في الأخطاء السابقة نفسها.

في هذا السياق، نحاول في مقال اليوم أن نقدم اجتهادنا الخاص للإجابة عن السؤال المطروح، آملين أن يسهم في فتح الباب أمام حوار مجتمعي يمكن أن تتبلور من خلاله خيارات وبدائل تشكل أساسا صالحا لبناء نظام جديد للحكم، أكثر قدرة وفاعلية على مواجهة تحديات المرحلة الراهنة، وهي كثيرة ومتشعبة.

إن نظرة واحدة على ما جرى في مصر منذ عام 1952 تكفي لاستخلاص نتيجتين على جانب كبير من الأهمية:

الأولى: أن الأهداف والسياسات التي ينتهجها نظام الحكم في مصر في المرحلة الراهنة تتناقض كلياً مع الأهداف والسياسات التي سعت ثورة يوليو لتحقيقها في سنواتها الأولى، خاصة خلال الخمسينيات والستينيات.

الثانية: أن بنية النظام السياسي التي أرستها ثورة يوليو، والتي اتسمت بتركيز السلطات في يد شخص الرئيس وإدارة الدولة من خلال أجهزة الأمن والجهاز البيروقراطي، لم تتغير في جوهرها حتى بعد تغير شكل النظام من الأحادية إلى التعددية.

فالمتأمل للأدوار والوظائف التي تقوم بها الأحزاب في النظام السياسي لثورة يوليو منذ نشأته حتى الآن لن يعثر على أي فرق جوهري بين الأدوار والوظائف التي قامت بها هيئة التحرير والاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي في الخمسينيات والستينيات وبين الدور الذي يقوم به الحزب الوطني حالياً.

وهنا تتجلى مظاهر مفارقة كبرى: فكيف لنظام تمتع بمثل هذا الثبات والاستمرارية في أساليب الحكم، أن يحدث مثل هذا الكم من التغير والقطيعة في سياساته على الصعيدين الداخلي والخارجي؟ وليس لدينا تفسير لهذه المفارقة سوى تغير نوعية الأشخاص الذين تعاقبوا على رئاسة الدولة. وفي هذا السياق علينا أن ننتبه إلى:

1- أن الشعب المصري لم يشارك قط في عملية اختيار الرؤساء الذين تعاقبوا على حكمه منذ 1952 حتى الآن. فالرئيس عبدالناصر حملته دبابة إلى سلطة سعى إليها لتغيير واقع ثار عليه، أما السادات ومبارك فقد وصلا إلى السلطة بمصادفة الأقدار، وباختيار شخصي من «الرؤساء السابقين»، يفتقد أي وضوح في المعايير.

2- اختلاف بيّن في أنماط القيادة بين الرؤساء الثلاثة يصل إلى حد التناقض رغم خروجهم جميعا من صفوف المؤسسة العسكرية. فالرئيس عبدالناصر، مؤسس حركة الضباط الأحرار، كان زعيما كاريزميا، والرئيس السادات، الذي مارس العمل السياسي منذ نعومة أظفاره، كان مغامراً جسوراً، أما الرئيس مبارك، الذي لم يمارس العمل السياسي في حياته قط، فشغل موقع القيادة بضمير الموظف المسؤول.

3- النهاية المفاجئة والحزينة لعبدالناصر والسادات بعد فترة قصيرة من صدمة سياسية عنيفة. فالزعيم الكاريزمي انهار تحت وطأة المرض والجهد بعد فترة من هزيمة 67، والرئيس المغامر مات مغتالاً بنيران جنوده بعد فترة قصيرة من زيارة القدس وإبرام معاهدة «السلام» مع إسرائيل. أما فترة حكم الرئيس مبارك، التي تجاوزت حتى الآن مجموع فترتي حكم عبدالناصر والسادات معاً، فلم تشهد قرارات حاسمة من أي نوع.

لم تخضع هذه المراحل والأنماط القيادية الثلاث، للأسف، لعملية تقييم موضوعي من جانب النخبة السياسية والفكرية التي اتسمت أحكامها بمسحة أيديولوجية وذاتية حيث انشغلت معظم فصائلها بتوجيه النقد إلى الرئيس الراحل وكيل المديح إلى الرئيس الحي، وكثيراً ما لعبت الاعتبارات الأيديولوجية دورا أساسيا في تحويل الرؤساء إلى ملائكة أو شياطين. وفي غمرة هذا التخندق الفكري والسياسي نسى كثيرون أن رؤساء الدول - زعماء كاريزميين كانوا أو قادة مغامرين أو موظفين بيروقراطيين- ينتمون جميعا إلى سلالة البشر ومن ثم يخطئون ويصيبون.

ما لم تنتبه إليه النخبة هنا، أن البشر مهما كانت قدراتهم ومواهبهم قابلون لارتكاب أخطاء يمكن أن تكون قاتلة وكارثية، إن هي تركت دون تقويم. ولأن الرؤساء الثلاثة الذين تعاقبوا على حكم مصر تمتعوا بسلطات مطلقة دون رقيب أو حسيب ولم يخضعوا لمساءلة من أي نوع فقد ارتكب كل بطريقته أخطاء عظيمة.

فلو كان ينطوي على آليات تسمح بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لبحث ملابسات الانفصال السوري عن مصر في عهد عبدالناصر، أو لبحث أسباب حدوث الثغرة في عهد السادات، أو لبحث أي من قضايا الفساد التي لا تحصى ولا تعد في عهد الرئيس مبارك، لكان بوسع مصر أن تتلافي وقوع كوارث كثيرة في الماضي ولأمكنها تجنب وقوع كوارث أعظم تنتظرها في المستقبل، إن استمرت الأمور على ما هي عليه.

ربما التمس البعض أعذارا للرئيس عبدالناصر حين أقدم على حل الأحزاب وقام بتركيز كل السلطات في يديه في مرحلة اقتضت القيام بعملية تطهير سياسي واسعة النطاق اقتضتها ضرورات حماية الثورة في سنواتها الأولى، لكن عبدالناصر أهدر فرصة ثمينة لبناء نظام سياسي ديمقراطي أكثر فاعلية عقب الانتصار السياسي العظيم الذي تحقق في 56.

وربما التمس البعض أعذارا للرئيس السادات حين تردد في المضي قدما نحو إرساء أسس صحيحة لبناء نظام ديمقراطي حقيقي قبل أن يستكمل تحرير الأرض المحتلة، ومع ذلك فلا جدال في أن الرئيس السادات أهدر فرصة ثمينة لإحداث تحول ديمقراطي حقيقيعقب الإنجاز الكبير الذي تحقق في حرب أكتوبر 73.

ولأن فترة حكم كل من الرئيس عبدالناصر والرئيس السادات اتسمت بتحديات هائلة تطلبت قرارات على جانب كبير من الخطورة، فإن عملية التماس الأعذار قد تكون مبررة بشكل أو بآخر، وهو ما لا ينطبق بتاتا على فترة حكم مبارك.

فمصر لم تخُض في عهده - ولأول مرة في تاريخها المعاصر - حروبا من أي نوع، وتدفقت عليها خلال فترة حكمه موارد من كل حدب وصوب ولم تغلق القناة وأُسقطت لها ديون كثيرة وجلبت لها العمالة المهاجرة مليارات الدولارات في سنوات الوفرة النفطية. لذا كان من المفترض أن تشهد فترة حكمه، التي طالت لأكثر من ربع قرن، انطلاقة غير مسبوقة، لتصبح مصر دولة إقليمية كبرى، وهو ما لم يحدث.

التضحيات التي قدمتها مصر في عبدالناصر لتقيم نظاما جمهوريا يحقق الاستقلال السياسي ويقود الأمة العربية نحو الوحدة، والتضحيات التي قدمتها مصر في عهد السادات لتحرير سيناء وتوفير أجواء السلام كان يمكن - وبصرف النظر عن أي خلافات أيديولوجية مع نهج هذا الزعيم أو ذاك - أن تعطى لمصر الكثير، غير أن حفنة صغيرة من النخبة سرقت تضحيات شعب لايزال قطاع كبير منه يعيش في القبور والعشوائيات ويحصل على خدمات تعليمية تتدهور باستمرار.

وها هي هذه الحفنة نفسها تحاول اليوم تكريس مكاسبها من خلال مشروع للتوريث يمكن، إذا ما نجح، أن يضرب آمال الشعب المصري في أي نهضة مستقبلية. فكيف ظهر مشروع التوريث هذا، وما احتمالات نجاحه؟ هذا ما سنتناوله في الأسبوع المقبل بإذن الله.

 

10/19/2009


...............................................................
هل مصر فعلا صاحبة فضل على البلاد العربية

إبراهيم عيسى
إبراهيم عيسى
.................

أولا: هذا السؤال قد يبدو ساذجا ومستفزا، هل مصر فعلا صاحبة فضل علي البلاد العربية أو بالأحري علي الشعوب العربية؟ حيث يبدو أن هناك إجماعا عاما واسعا ومسلما به بين المصريين علي هذا الأمر باعتباره حقيقة لا تقبل النقاش وأن الشيء الوحيد المسموح به (وعلي استحياء هذه الأيام) هو لوم وتقريع خفيف لزوم العشم بألا نعاير العرب بذلك، أي أن حقيقة أننا أصحاب فضل مفروغ منها والجدل (الخافت والمستحي) هو حول شرعية المعايرة وليس علي ثبوت وإثبات تلك الحقيقة، الأمر الذي يستوجب فعلا مصارحة بيننا تستلزم أن نفتح عقولنا ونسأل أنفسنا عن أشياء باتت موضع البدهيات بينما هي في الأصل موضع شبهات أو بأكبر قدر ممكن من المجاملة مشتبهات!

مبدئيا فإن شعبا يلوك في فمه كلاما من نوع: «ده إحنا فضلنا علي الكل، أو هؤلاء نسيوا فضل مصر، ده إحنا اللي عملناكم وإحنا اللي حررناكم»، وهذا اللغو المسكين يعبر عن استجداء المصريين للآخرين أكثر منه معايرة، وكأننا نقول لهم والنبي قولوا إننا كويسين، وحياتكم كلموني عن جمالي وروعتي، شيء ما في إلحاح المصريين علي طلب اعتراف الآخرين بفضل مصر يشبه تلك المرأة العجوز المسنة التي تريد ممن حولها أن يتذكروا كم كانت جميلة؟ وكم يطربها أن يتحدث الآخرون عن جمالها، بينما صورتها في المرآة حاليا كاشفة لتجاعيد تملأها قهرت جمالها السابق وتحيله الآن قبحا!

المصريون الآن أشبه بأحفاد رجل أصيل الأصل وغني المال وعظيم الأخلاق وواسع الثروة مات فبدد أبناؤه وأحفاده قصوره ومصانعه ومزارعه وثروته وقعدوا كحيانين علي الرصيف لا يملكون ما يقولونه وما يفعلونه سوي الحديث عن مجد جدهم دون أن ينتبهوا أنه مات وأنهم ضيعوا ثروته ومرمغوا سمعته وحلاً!

لاحظ أنني حتي هذه الفقرة أساير وأسير مع الذين يقولون إن لمصر فضلا وأناقش الطريقة لا الحقيقة، الطريقة التي تعبر عن ناس لا يعرفون الفضل والفضائل لكن يثرثرون عنه طول الوقت فصاحب الفضل إن كان فضلا وإن كان صاحبه يفقد قيمته وقيمه حين يتباهي به ويتنابز حوله ويرتكب حين يردد هذا اللغو، فعلا غير أخلاقي، فمن هو الإنسان المحترم الذي يفعل فعلا نبيلا شريفا ثم يعاير الناس به ثم أيضا يطلب مقابل هذا الفعل بل يريد أن يكون الناس أسري أو عبيدا لفضله وكأنه خسيس فعل شيئا قيما في حياته نادرا واستثنائيا وما صدق أنه فعله فأخذ يعاير الناس به ويطلب مقايضة أمامه حتي كره الناس فضله وكان يوم أسود بستين نيلة يوم ما قبلت تسلفني يا أخي! !

بينما نقول عن الشخص الذي ينسي الفضل إنه ندل، فإننا نصف الشخص الذي يطلب مقابل فضله وكأنه ماسك ذلة بذات الصفة.... الندالة!!

المذهل هنا أن أجيال المصريين الحالية ومنذ أربعين عاما تحديدا هي أكثر أجيال تخلت وولت وخلعت وفرت واستندلت مع العرب ومع ذلك فهم -وليس أجدادهم وآباءهم -الذين يطالبون الآخرين بسداد قيمة الفضل (إن وجد)، وهم هنا يسيئون ويهينون ذكري أجدادهم كما يعرون مادية وانتهازية تفكيره!
لكن دعنا من هذا كله رغم أهميته، وتعال لنسأل السؤال الجاد الناشف الجاف: هل نحن فعلا أصحاب فضل علي العرب؟

أولا مكرر: هل نحن فعلا أصحاب فضل علي العرب؟

في علم السياسة وعلاقاتها كلمة فضل كلمة غريبة ومهجورة ليس لها أي محل ولا مجال ولا مكان لها في العلاقات بين الشعوب وبين الدول، والحديث عن الفضل خساسة مضحكة ومثيرة للشفقة فلم نسمع يوما من الأمريكان أنهم أصحاب فضل علي أوروبا وبالتحديد علي ألمانيا مثلا حيث خرجت برلين مهزومة ومنسحقة ومفلسة من الحرب العالمية الثانية فتولت أمريكا في مشروعها الشهير مشروع مارشال إعادة بناء الاقتصاد الألماني عبر حجم هائل من المنح والقروض ساهم المشروع مع علم وعمل ووعي وعقل الألمان في نهضة هذا الشعب وتجديد هذه الدولة لتصبح واحدة من الدول الثماني العظمي في الكرة الأرضية، فهل تطاول أمريكي وقال يوما لمستشار (رئيس) ألمانيا أو للصحف الألمانية: تذكروا فضل أمريكا عليكم يا عرر يا جرابيع يا نازيين!!!
لن أطيل عليكم في سرد تجارب دولية كبري في مساندة الشعوب الصديقة والجارة والتي تربطها مصالح مشتركة عميقة ومهمة وأهداف واحدة وثقافة تكاد تكون موحدة، لكن المحصلة أنه لا أحد في العالم يقول هذا الكلام الفارغ بتاع الفضل وكلام الناس العاجزة الخايبة!

ثم في مجال الأخلاق السياسية والسياسة الأخلاقية كلام مثل هذا معيب وجارح للطرفين، فالذي يقول إنه صاحب فضل كأنما هو تاجر البندقية شيلوك اليهودي الذي يريد أن يقتطع لحم الناس المدينين له كي يوفوا بسداد ديونهم كما أنه أمر يثير عدوانية الطرف الذي نال الفضل (لاحظ مازلت ماشي معاك في أننا أصحاب فضل وهذا غير صحيح بالمرة وتماما) فأنت عندما تعاير شخصا وتضغط عليه فأنت في الحقيقة تبتزه ابتزازا رخيصا كي يكون تابعا أو خادما أو مكسورا أمامك وهو ما ينقلب إلي عكس ما تطلبه وضد ما ترجوه فللصبر حدود وللطاقة احتمال محدد!
لكننا فعلا لسنا أصحاب فضل علي العرب!
أعرف أنك لن تستطيع معي صبرا لكنك لو صبرت لاستطعت!

ثانيا : إذا كان لأحد فضل علي العرب فهي ليست مصر بل جمال عبدالناصر!

نعم الجملة شديدة الوضوح، إذا كان لأحد فضل علي العرب فهي ليست مصر بل جمال عبدالناصر، ما نتحدث عنه باعتباره عطاء مصريا عظيما وبلاحدود للعرب وللدول العربية أمر يخص مصر جمال عبدالناصر ولا دخل بمليم فيه لمصر أنور السادات وطبعا مصر حسني مبارك، وإلا قل لي وحياة أبيك ماذا قدمت مصر للعرب منذ تولي الرئيس مبارك حكم مصر؟
ما فضل مصر علي العرب؟
ما فضل مصر علي ليبيا مثلا؟ حتي يتذكر الشعب الليبي فضل مصر فتنهال دموعهم وتنسال أنهارا من فيض الفضل المصري؟ ربما تكون العلاقات التجارية التي مارستها مصر مبارك مع ليبيا خلال الحصار الدولي عليها موضع تذكير وفخر من حفنة تعرف بذلك في دوائر السياسة الحاكمة، لكن الحقيقة هذه العلاقات أفادت مصر أكثر من ليبيا ثم إن ليبيا كانت تقيم ذات العلاقات سرية وتحتية مع شركات ودول أخري في تبادل فوائد مشتركة فهو أمر لا يخص مصر مبارك بميزة ولا يقدم لمصر فضلا!

طيب ما فضل مصر علي الشعب السوداني؟ ممكن تحكي لي شوية عما فعلناه للسودان مثلا، ولا أي حاجة، حكومة وشعبا، بل نسينا السودان ونتغافل عن مشاكله ولا نتعامل مع همومه ولا حتي نستفيد من خيراته وفرص استثماراته؟

حد فيكم فاكر أي فضل لمصر علي السودان منذ استقلال السودان، بلاش منذ استقلاله، بل منذ 28عاما هي حكم الرئيس مبارك، ألا تتذكرون معي أننا كنا مقاطعينه أصلا بعد انقلاب البشير ومنذ محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا وكانت هناك فجوة كبيرة وجفوة أكبر، وقبلها كانت خناقات للدجي مع حسن الترابي (وكذا المهدي وحزب الأمة أيضا) وكنا ننتصر لجعفر النميري ديكتاتور السودان حتي تخلصت منه ثورة سودانية شعبية، هل فعلا عملنا أي شيء كي يدين لنا سوداني واحد بإيقاف مذبحة دارفور، أو منع انفصال الجنوب (ربما ساهمنا بتكريس انفصاله!!) هل رحبنا باللاجئين السودانيين كما يجب علينا مع اللاجئين ومع السودانيين؟ هل نشطنا تجارة واستثمارا مع السودان كما فعلت الصين وتكاد تكون المستثمر رقم واحد في السودان؟ هل انتهينا إلي حل محترم يصون حقوق البلدين في خلافنا حول شلاتين وحلايب (ألم تسمع أن حكومة الخرطوم تعاملت مع حلايب باعتبارها دائرة انتخابية سودانية!)
حد يقول لي أي حاجة في فضلنا علي العراق؟
وماذا فعلنا للجزائر ومع الجزائريين منذ أربعين عاما!!
وما فضل حضرة أي واحد فينا علي تونس مثلا وقد كنا نخاصم الحبيب بورقيبة منذ أيام عبدالناصر ثم لا نتذكر عن علاقاتنا مع تونس سوي مباريات كرة القدم ذات الخيبة! وأن الفرق التونسية كانت تمثل حتي حين عقدة للفرق المصرية!!
أما المغرب فمش عايز أسمع ولا كلمة عنا معها فقد انتهي وجودنا فيها بعد رحيل عبدالحليم حافظ وحفلاته وأغنياته للملك محمد الخامس!
بينما موريتانيا أنا أتحدي أي مصري يقول لي اسم رئيسها الحالي؟ أو عدد سكانها؟ أو اسم جورنال واحد فيها؟، بل أظن أن معظم المصريين لا يعرفون أن موريتانيا تتحدث اللغة العربية!!

ندخل بقي علي المشرق العربي!
كلموني شوية عن فضلنا علي لبنان... الحقيقة لبنان ذات فضل متبادل يخص نانسي عجرم وهيفاء وهبي وإليسا وأفلامنا السينمائية التي صورناها في بيروت بعد النكسة وكان القلع والخلع فيها فوق الركب، ثم تفرجت مصر علي الحرب الأهلية في لبنان خمسة عشر عاما ولا حيلة لنا إلا جملة ارفعوا أيديكم عن لبنان بينما لم تكن لنا فيها يد، وحتي الآن فإن حكومتنا تتعامل مع نصف لبنان باعتباره خصما لها (حزب الله وحركة أمل وتيار ميشيل عون وقلبنا مؤخرا علي وليد جنبلاط فلبنان بالنسبة لحكمنا الرشيد هي سعد الحريري وسمير جعجع!!).

أما فضلنا علي سوريا فبلا حدود طبعا فيكفي أن مالناش دعوة بيها منذ 1973تقريبا ورغم محاولات فنانين مصريين أنصاف موهوبين وأنصاف مثقفين طرد ممثليها من حياتنا المصرية إذا بنجوم سوريا يسطعون في مصر!

وهذه فرصة لطيفة جدا للكلام الفارغ الآخر الخاص بموضوع أن مصر تفتح ذراعيها للفنانين العرب وكأن هذه منة أو منحة، لكن الحقيقة أن مصر بلا فنانين عرب لا تملك أن تقول عن نفسها ولا كلمة من عينة هوليوود الشرق والذي منه، ثم هوليوود الأصل يا بتوع الأصول هي التي تفتح ذراعيها لكل فنان ولأي فنان من أي مكان في العالم وهذا شرط التميز وأس النجاح!
ثم إذا كان فتح مصر ذراعيها للفنانين العرب فضلا فأرجو أن يكون واضحا لدي كل أعضاء نقابة المهن التمثيلية الذين يبدو أنهم في حاجة ماسة إلي دورات تثقيفية في التاريخ فالذي أدخل المسرح إلي مصر يا بهوات يا بتوع الفن هم السوريون والشوام، هم الذين علمونا يعني إيه مسرح وهم الذين بنوا المسرح المصري وخلقوه علي شكله المعاصر من عدم، ثم الشوام والفنانون العرب يا نجوم مقصورة استاد المريخ في الخرطوم هم الذين أسسوا فن السينما في مصر وأنتجوا وأخرجوا ومثلوا أفلامنا الأولي الرائدة واقرأوا تاريخكم الفني لتعرفوا وتفهموا فضل العرب والشوام علي كل فنان مصري!

وبالمرة بقي طالما جئت إلي الذي يوجع فإن الصحافة المصرية هي صحافة صنعها شوام العرب من سوريين ولبنانيين وهم رواد فن الصحافة المصرية الأوائل بل هم مؤسسوها وأصحابها من أول الأهرام والمصور والهلال والمقطم ودار المعارف حتي روزاليوسف إلخ إلخ!
ثم ما فضل مصر علي السعودية؟ وعلي الخليج العربي؟ (لم يأت دور فلسطين حتي الآن فصبرا جميلا والله المستعان).
آه هنا ستسمع كلاما حقيقيًا عن دور المدرسين المصريين والأطباء والمهندسين وغيرهم الذين ساهموا في تعمير وإعمار وتعليم وتطبيب أهل السعودية والخليج!
هذا صحيح لكنه ليس فضلا
هذا عمل ولا أقول واجبا
بذمتك ودينك هل سافر مئات الآلاف من المدرسين والأطباء للسعودية والخليج حبا في أهل هذه البلاد أو رغبة في خدمة الإنسانية أو كرما أو عشقا لسواد عيون المواطن العربي في الخليج (أو في ليبيا والجزائر حيث سافر المصريون ليعملوا هناك).

يا أخي عيب، لايزال السفر لهذه الدول حلما لدي كل شاب مصري كي يكون نفسه ويعمل قرشين ويتزوج أو يبني بيتا، ومحدش يقولي إحنا اللي علمناهم!

فالحقيقة أنهم يتعلمون الآن في أوروبا وأمريكا ولم نسمع عن أن أوروبا وأمريكا تعايرهم، ثم إذا كنا علمناهم فأنا وعلي مسئوليتي الشخصية أزعم أن نصف بيوت أقاليم مصر إن لم يكن أكثر من نصفها كثيرا تم بناؤه بفلوس مصريين يعملون في الخليج والسعودية، يعني بنوا بيوتنا وصرفوا علي أهالينا مقابل ما تعلموه أو اتعالجوا بيه، كان عملا ولم يكن فضلا ولا حتي رسالة! وكان حلم أي مدرس فيكي يا مصر أن يأتي اسمه في كشوف الإعارة للدول العربية، هل بسبب إنه سيذهب لرسالة العلم ونشر الثقافة ورفع راية التنوير، أبدا ولكن بسبب أنه سيقدر علي بناء البيت أو تزويج البنات وتجهيزهن أو توفير مبلغ للزمن أو غير ذلك من مقتضيات ضرورات الحياة!

طبعًا لم أذكر اليمن حتي الآن متسائلا عن فضلنا عليها خصوصا إنه كل شوية يفكرك واحد من إياهم إننا حاربنا لأجل اليمن بينما نحن حاربنا كذلك لأجل الكويت، وهذا ما يقودنا مرة أخري إلي فضل جمال عبدالناصر.
فالمؤكد أن العمل العربي الوحيد المشترك الذي فعلته مصر لأجل شعب عربي منذ 28عاما كان مشاركة قواتها في حرب تحرير الكويت عام 1991، لكن دعني أذكرك أن هذه المشاركة كانت تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية!! ثم كان إسقاط ديون مصر الخارجية تاليا لهذه المشاركة (لا أقول ثمنا وقد تقول، ولا أقول مقابلاً وقد تقول، وإذا قلت أنت ذلك لن أجادلك).

لعلنا في السياق نفسه نتذكر أن مصر أمدت العراق بسلاح في حرب صدام مع إيران وبموافقة ورعاية أمريكية ثم بمقابل مالي ضخم وليس حبا في العروبة (ربما كرها في إيران)، وساعدنا زعيما عربيا مجنونا ومستبدا هو صدام حسين علي تبديد ثروة شعبه وقتل الملايين من أبناء وطنه في حرب بلا طائل وبلا هدف إلا خدمة الأمريكان والصهاينة!

الحقيقة أنه من 28سبتمبر 1970ليلة وفاة جمال عبدالناصر فإن الشعب المصري ليس له أن يفتح عينه أمام أي شعب عربي ليقول له إنني منحتك أو أعطيتك أو تفضلت عليك خلال أربعين عاما، ومع ذلك فإن مصر جمال عبدالناصر لم تكن هي أيضا صاحبة فضل علي العرب!

ثالثا: ومع ذلك فإن مصر جمال عبدالناصر لم تكن هي أيضا صاحبة فضل علي العرب!

جمال عبدالناصر كان زعيما مؤمنا بالعروبة وحالما بالوحدة بين الدول (الشعوب) العربية، هذا صحيح، لكنه ساند ودعم حركات التحرر العربية ضد الاحتلال والثوار العرب ضد الحكومات التابعة للغرب إدراكا منه حقيقيا وعميقا وبعيد النظر للمصلحة المصرية التي هي مع المصلحة العربية في موضع التوأم الملتصق (لم تكن ظاهرة التوائم الملتصقة قد انتشرت كما تنتشر الآن)، مصر كي تتقدم وتتطور وتكبر وتصبح قوة إقليمية قادرة علي بناء ذاتها ومد نفوذها وتلبية احتياجات شعبها لابد أن تملك محيطا حليفا لها ومؤمنا بمبادئها ينسق معها ويخطط معها وينفذ معها، علي سبيل المثال كي يقوم جمال عبدالناصر بتأمين احتياجاتنا المصيرية من مياه النيل والحفاظ علي اتفاقية وقعها مع دول حوض النيل وهي تحت الانتداب أو الاحتلال فلابد أن تكون هذه الشعوب التي تملك مفاتيح ماء النيل صديقة لمصر وحليفة لها، من هنا يمد لها يد العون ويزود ثوارها بالسلاح والمال كي يتحرروا ويتمكنوا من قيادة بلادهم وهذا ما كان في كل الدول الأفريقية التي صار بطلها جمال عبدالناصر حيث مصر موجودة بالقوة المادية وبدعم السلاح والمعلومات وبالأزهر الشريف وشيوخ الدين وبالمدارس والجامعات وبالتأييد لهذه الشعوب في المحافل الدولية سواء الأمم المتحدة أو حركة عدم الانحياز أو غيرهما، لتصبح مصر ساعتها الحليفة والصديقة بل الأخت الكبيرة التي ضحت وساعدت ودعمت وتحصل بالمقابل وبدون أي تردد وبكل حب ونبل علي ما تريده من هذه الشعوب والحكومات، ويكفي يا سادة للمفارقة فقط أن جميع الدول الأفريقية صوتت لصالح مرشحنا المصري فاروق حسني علي منصب مدير عام اليونسكو بينما الرئيس مبارك لم يشارك في مؤتمر الوحدة الأفريقية منذ 15عاما تقريبا! ! كما أن أجهزة إعلام مصر كانت تشير طوال الوقت إلي خوفها من أن تتم رشوة الدول الأفريقية للتصويت ضد مصر! ! وهكذا جهل واضح وغياب مطلق وخلعان كامل يجعلنا بلا قيمة وبلا دور في أفريقيا الآن رغم احتفاظنا بآثار قديمة في قلوب الأفارقة، آثار عهد وقيمة جمال عبدالناصر، انظر الحصيلة: جمال عبدالناصر الذي قطع رجل إسرائيل من أفريقيا بمواقفه وبطولة مصر مع حركات التحرر في أفريقيا صنع أمانا رائعا لمصر من أي اختراق إسرائيلي لمياه النيل أو للدول الأفريقية، ثم إذا بإسرائيل خلال أربعين عاما من حكم الرئيسين السادات ومبارك ترتع في أفريقيا بل ووصلت حتي سدود علي نيلك! !

بنفس المنهج كان عبدالناصر يساند الجزائر وثورتها وشعبها لأن مصر عبد الناصر كانت تنتصر للشرف وللحرية ولكرامة الشعوب في مواجه العدوان والاحتلال، ولأن مصر عبدالناصر كانت في حاجة لأن يكون العرب في حاجتها ومحيطها، ولأن وجود فرنسا محتلة للمغرب العربي معناه أن استقلال مصر وأي دولة عربية منقوص ومهدد، وأنه لا يمكن لاستعمار مجاور لك ومحيط بك أن يسمح لك بالتقدم الاقتصادي أو الاستقلال السياسي أو الصعود التنموي، مصر عبدالناصر كانت تساند وتدعم لأجل نفسها قبل الآخرين ومن أجل مستقبل أبنائها ومواطنيها قبل أي أحد آخر، كذلك فعل عبدالناصر في اليمن (بدون ما تسقط عنه ديون مصر الخارجية بل زادت)، وكذلك كان السودان في قلب اهتمامات جمال عبدالناصر بل في قمة وعيه وخططه، ويكفي أن شعب الخرطوم وأبناءه حملوا سيارة جمال عبدالناصر من فوق الأرض حبا يفوق الوصف واعترافا يفوق الحب بمكانة مصر حين زار الخرطوم في مؤتمر قمة عربي بعد نكسة يونيو المريرة والرهيبة!!
الأمر إذن لم يكن مجرد مبادئ عبدالناصر المؤمنة بالحرية والوحدة بل كذلك كانت خطة عبد الناصر لتحويل مصر قوة إقليمية ودولية مهمة، وقد كانت كذلك فعلا حتي أن عشرات الخطط وضعها جهازا المخابرات الأمريكية والبريطانية لاغتيال عبدالناصر (ظني أن إحدي هذه الخطط أفلحت وقتلوا الرجل في 28سبتمبر 1970فعلا)، ثم كانت نكسة يونيو لتكسير عظام عبدالناصر وإنهاء مشروع مصر الرائدة لبداية مشروع مصر التابعة!!
هنا نتوقف عند فضل مصر علي فلسطين لأكاد أقسم لك بالله أن مصر لا فضل لها علي فلسطين، بل إن مصر ضيعت فلسطين ولو كنت فلسطينيا لركعت لله وسجدت أدعوه أن تحل مصر عن فلسطين كي تتحل!!

مصر حاربت إسرائيل في 1948فانتهت الحرب بضياع نصف فلسطين وبالنكبة الكبري حيث قامت دولة إسرائيل بينما كانت مصر الدولة الأكبر والجيش الأكبر وانهزم أمام عصابات صهيونية، ومن ثم فالمؤكد أن مصر هي المسئولة الأولي عن نكبة 48وهي بالمناسبة شاركت في هذه الحرب لأن أهداف إسرائيل التوسعية والاستعمارية لا تغيب عن أي حمار فما بالك بالعاقل النابه الذي يعرف أن إسرائيل تبحث عن دولتها الكبري من النيل للفرات، ومن ثم فالسكوت عنها وهي تحتل فلسطين كأنه رضوخ وموافقة لأن تحتل بعدها من نيلنا المصري السوداني إلي فراتنا العربي!
أما حرب 67فإن إسرائيل هي التي بدأت وشنت الحرب وقد أضعنا فيها نصف فلسطين حيث كانت القدس تحت ولاية الأردن، وغزة تحت ولاية مصر؛ فانهزمنا وضيعنا القدس وغزة وسيناء والجولان بالمرة.

أما حرب أكتوبر فقد كانت حربا من أجل سيناء وليست من أجل فلسطين وليس في خطتها التي وضعها عبدالناصر أو التي وضعها السادات كلمة واحدة عن فلسطين، فهي حرب مصرية تحاول استعادة أرض مصرية وشاركتنا في الحرب دول عربية كثيرة سواء بسلاح البترول (حد يكلمنا عن فضل البترول) أو بالمدرعات والدبابات كما فعلت الجزائر وكان منوطا بقواتها الدفاع عن القاهرة ضد محاولات احتلالها بعد الثغرة واحتلال السويس، أو بالأبطال الغر الميامين كما فعل الفدائيون الفلسطينيون.

ومن يومها فض اشتباك أول وفض اشتباك ثان ولا فلسطين ولا غيره حتي إننا تحولنا في عصر الرئيس مبارك إلي دولة تقف علي الحياد كما يقول هو نفسه بين إسرائيل والفلسطينيين (لا يقول فلسطين بل الفلسطينيين!)، وصارت مصر الدولة الوسيطة والسمسارة السياسية للصفقات بين طرفي النزاع والصراع وتتباهي بأنها موضع ثقة الطرفين، ثم لاتكف مصر عن لعب دور السنترال في أي أزمة تحيط بالشعب الفلسطيني، حيث تتصل طوال الوقت بوزراء ورؤساء دول أجنبية ترجو منهم وقف إطلاق النار المفرط وتدين بالمرة اللجوء إلي العنف!!. ثم نغلق معبر رفح حتي في لحظات العدوان الإسرائيلي علي غزة، ويملك كثير من المصريين الجسارة أن يقولوا إن هذا عدل وحق، ثم نسمع عن مخاوف من أن يأتي الفلسطينيون إلي سيناء يا خويا ويقعدوا فيها وهيه ناقصة، بينما يقاتل ويناضل اللاجئون الفلسطينيون كي يعودوا إلي أرضهم يخشي عوام منا وغوغاء من بيننا أن يأتينا فلسطينيون من غزة إلي سيناء وكأن نخوة المصريين جفت وكأن ما نسمعه ونراه من تدين المصريين مقصور علي النقاب واللحية والسبحة وتكفير الأقباط وحرق البهائيين، أما الانتصار للحق ونصرة المظلوم وإغاثة اللاجئ والاعتصام بحبل الله فكلام لا يعرفه المصريون ولا عايزين يعرفوه!!

رابعا: هل مصر فوق الجميع فعلا؟

آه جينا للي يزعل أكتر
هل مصر فوق الجميع؟
السؤال الواجب هنا هو أي جميع؟ من هم الجميع الذين مصر تقف أو تجلس فوقهم؟
هل جميع المصريين؟ أم جميع البشر؟ أم جميع الدول؟
الغريب أن دولتين فقط من بين كل دول العالم رفعتا هذا الشعار، الأولي هي ألمانيا النازية، وشعارها ألمانيا فوق الجميع، ألمانيا أدولف هتلر العنصرية العدوانية وكان هذا بشكل رسمي ولفترة مؤقتة (سوداء علي العالم كله)، والثانية التي هي مصر بشكل غير رسمي وفي عهد الرئيس مبارك حيث تتجرأ بعض قيادات الحزب الوطني وببغاوات الإعلام ودببة الفضائيات ويكررون شعار مصر فوق الجميع دون وعي بنازيته وعنصريته وربما دون وعي بمعناه ومغزاه أصلا؟

هذا الشعار عنصري رفعته دولة في فترة عنصرية آمنت فيه فئة مهووسة في مرحلة متطرفة وفي أجواء ديكتاتورية بأن الألمان جنس مختلف ومتميز عن العالم كله، وأن الجنس الألماني نبيل متفوق علي غيره من الأجناس والتي هي أجناس أدني أو قذرة تستحق إفناءها أو قتلها والتخلص منها، أي المقصود والمفهوم من ألمانيا فوق الجميع أنها أعلي وأهم من الشعوب الأخري وأكثر رقيا وتفوقا بحكم الجينات والهرمونات، وأن الألمان يستحقون وفق هذا الإيمان أن يحكموا ويتحكموا في العالم وأن تكون الأجناس الأخري مجرد عبيد وأرقاء وأقنانا عند الجنس الألماني اللي فوق بينما الجميع تحت!!
من إذن أدخل هذا الشعار المجنون إلي بلدنا وجعل حمقي أحيانا ومخلصين جهلة أحيانا أخري وسياسيين متحمسين حينا يرددون هذا الهوس الخرف دون فهم ودون تفكير؟
ثم ماذا يعني هذا الشعار الأخرق؟
هل يعني أن مصر فوق بقية الدول؟ النبي تتلهي!!

فمصر التي تحتل المركز الأخير بين دول العالم في سوق كفاءة العمل، والتي تقبع في المركز 111بين دول العالم من حيث النزاهة والشفافية، والتي لا تزرع قمحها وتستورد رغيف عيشها، والتي لا تشكل أي صناعة فيها أي أهمية في العالم، والتي لا تمثل أي تجارة لديها أي أهمية في العالم والتي لا تظهر في قائمة الدول العشرين الأكثر تصديرا في العالم ولا قائمة المائة، والتي لا تضم جامعة واحدة ضمن أهم خمسمائة جامعة في العالم والتي والذي والذين، هل يمكن أن يصدق أي مهفوف أنها فوق الجميع!
غالبا يتم استخدام هذا الشعار في مواجهة الدول العربية، وهو ما يعود بنا إلي أصل الموضوع وهو هذا الإحساس الزائف عند الشعب المصري بأنه جنس مخصوص غير العرب كلهم وأنه متفوق عليهم وأنه أعظم منهم وأنهم ولا حاجة أمام المصريين، وإذا لم يكن هذا الكلام عنصريا فهو ألعن، فسيصبح كلام ناس عيانة يستحسن ذهابها فورا لطبيب نفسي فهذا مرض شهير معروف بالبارانويا وهو جنون العظمة مقرونة بجنون الاضطهاد، وهذا عين حالتنا السياسية (والشعبية) الراهنة؛ حيث نشعر أننا أعظم ناس علي وجه الأرض، ثم إن العالم كله يتآمر علينا ويتحالف ضدنا ولا نسأل أنفسنا ليه؟

ليه بيتأمروا علينا، هل نشكل أي تهديد لأي دولة في العالم؟
هل ننافس أي دولة أو شعب في التفوق العلمي والاختراعات الهائلة أو الصعود للفضاء أو امتلاك الرءوس النووية؟
هل نهدد الصين في قدرتها علي التصدير ونشكل خطرا علي أمريكا في امتلاكها الفيتو؟ هل يرتجف منا نتنياهو وقادة تل أبيب أم يصفوننا بالأصدقاء والحلفاء؟

لماذا تحقد علينا الشعوب العربية؟
هل تحقد علينا لأننا نتمتع بأقوي صحة بدنية في المنطقة فلا عندنا فيروس سي ولا فشل كلوي وكبدي ولا ينتشر فينا السرطان وأمراض السكر والضغط، أو لأننا نشكل أكبر عدد مرضي بالاكتئاب في الوطن العربي مما يستدعي حقد الشعوب العربية علينا لأننا مفرطو الحساسية؟
هل يحقدون علينا لأننا اكتفينا ذاتيا في الزراعة والصناعة مثلا؟
هل يحقدون علينا لأننا صرنا ننافس كوريا الجنوبية في التصنيع وهونج كونج في التجارة والهند في الكمبيوتر وتركيا في الديمقراطية؟
هل يحقدون علينا لأن رئيسنا عندما يزور دولة عربية يخرج ملايين لتحيته والهتاف باسمه ورفع سيارته فوق الأكتاف؟
كلها أسئلة أليس كذلك؛ فهل تملك أنت إجابات عنها؟
أم أنك ستكتفي بأن مصر فوق الجميع!

أما إذا كان مقصودا بأن مصر فوق الجميع أي أن لها الأولوية الأولي في أي حسابات أو أي قرارات تصدر عن حكومتنا فهذا كلام بدهي ينطبق علي مصر كما ينطبق علي أي دولة في الوجود الإنساني، فلا توجد دولة تتخذ موقفا أو قرارا في غير مصلحتها ووفق أولوياتها وإلا تبقي دولة يحكمها مجانين أو عملاء!

أما إذا كان مقصودا أن مصر أهم من مواطنيها فالحقيقة أن لا دولة محترمة تتعامل بأنها أهم من مواطنيها فالوطن هو مواطنوه، وقيمة وكرامة وكبرياء الوطن من كرامة وكبرياء مواطنيه، وأن حق كل مواطن أن يكون رقم «واحد» في أي قرارات خاصة بالدولة ومن الدولة ومع ذلك فإن مصر بلد الكوسة والمحسوبية وحيث يحصل أقل من عشرين في المائة من مواطنيها علي أكثر من ثمانين في المائة من الناتج القومي لها، بلد أنت مش عارف أنا مين وتوريث الحكم والمناصب للأبناء والأصهار وتكويش خمسين عائلة علي ثروة وحكم البلد، دولة هذا حالها لا يمكن أن تخدع نفسها إلي حد أن تتصور أنها فوق الجميع، فالجميع من السيد الرئيس حتي أصغر مسئول في الحزب أو الحكم فوق مصر!

خامسا: طبعا من السهل جدا اتهام هذه السطور وكاتبها

سهل حيث يلجأ البعض حين سماع كلام لا يحبه إلي كراهية من يقوله لا مناقشة ما قاله، ومن ثم طبيعي جدا أن تخرج اتهامات لكاتب هذه السطور بأنه:
-لايحب مصر.
-أنه متشائم ونظارته سوداء.
-أنه مأجور وعميل.
-أنه يعارض الرئيس لهذا يريد أن يحط من شأن البلد في عهد السيد الرئيس.
أما عن الاتهام الأول فلا أنت ولا اللي خلفوا حضرتك يملك أن يتهمني أنني لا أحب بلدي ولا أنا مطالب أن أثبت لجنابك أنني أحبها.
أما ردا علي الاتهام الثاني فأعترف أن نظري ناقص سبعة العين الشمال، وناقص خمسة العين اليمين، وعندي استجماتيزم وحصلت علي إعفاء من الخدمة العسكرية، بسبب ضعف نظري، ومع ذلك فإن نظارتي بيضاء ولا أحب ارتداء نظارات شمس ملونة أو سوداء طبعا «وإن كنت أحب نادية لطفي وهي ترتديها في فيلم النظارة»، السوداء ثم إنني لست متشائما ولست متفائلا ولا أجد أي ضرورة للتشاؤم والتفاؤل في السياسة بقدر ضرورة الإرادة والعزيمة.
أما الاتهام الثالث فالمأجور والعميل أسهل تهمة يلقيها العملاء والمأجورون علي الناس.
أما الاتهام الرابع فأنا أعارض الرئيس مبارك طبعا وقطعا، فأقول كلاما ويرد علينا غيرنا بكلام (ويردون بشتائم أحيانا كثيرة وبقضايا ومحاكم وأحكام بالسجن أحيانا أخري)، وشوف أنت الكلام الذي تصدقه فصدقه دون تفتيش في نوايا أي من المعارض والمؤيد، ثم أعارض الرئيس مبارك لكنني لا أعارض مصر، ومصر ليست الرئيس مبارك رغم أن ما فعله فيها الرئيس مبارك ربما جعلها غير مصر التي نعرفها، وأخشي أن يورثها لدرجة أن تصبح مصر تلك التي لا تريد أن تعرفها!

سادسا: هل مصر دولة صغيرة وعليها أن تعرف حجمها عشان تتكلم علي قدها؟

كل ما كتبته هنا وسأكتبه لاحقا يهدف إلي أن تسمع تلك الحقيقة التي لاتريد أن تعرفها أبدا، ثم لهدف أكبر هو أن نكبر فعلا؟

ماذا يعني كل هذا الكلام؟
معناه أن مصر دولة عظيمة مرهون تألق عظمتها بشعبها، برئيسها ورجالها، إما أن يكون الشعب المصري في مرحلة ما من تاريخه يليق بهذا البلد فيرفع من مكانته ويعلي من مقامه وتقدم الأمم وقود منطقته العربية، وإما أن يكون الشعب في مرحلة ما (مثل التي نعيشها من 28عاما) خامل الهمة خانع الروح مهدور الكبرياء منكفيا منحنيا معزولا ومنعزلا عن محيطه ومنطقته فيتراجع البلد مكانة وشأنا ويتحول إلي التباهي الممض والابتزاز العاطفي المريض، وتزوي قيمه ويصبح دوره هشيما تذروه الرياح....!

..............................................




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات