مواضيع اليوم

مصداقية الغرب على محك الثورة السورية

جمال الهنداوي

2011-08-20 09:52:57

0

رغم انها لم تصل حد استدعاء السفير..الا ان التصريحات الاخيرة التي اطلقتها الولايات المتحدة الامريكية والتي دعت فيها بوضوح الى تنحي الرئيس بشار الاسد عن الحكم قد تكون هي الرسالة الاقوى التي يبعثها الغرب الى النظام السوري حتى الآن بعد اكثر من خمسة اشهر من السعارالوحشي الذي وضع سوريا باكملها على خط النار واقفل عليها بالحراب وبالجيوش والقوى الامنية والآلاف المؤلفة من الشبيحة والميليشيات المرتزقة.ولكن يبدو ان حتى هذه القوة في الخطاب كافية لازالة الغبار عن وجه بعض الافراط في البراغماتية المربكة التي يمارسها الغرب الرسمي على الارض..

فكلمات مثل التي قالها الرئيس اوباما والتي تتحدث عن انه"من اجل الشعب السوري حان الوقت كي يتنحى الرئيس الأسد."كانت منتظرة منذ مدة طويلة..ولكنها في نفس الوقت قد لا تكون مبددة للايمان الطويل من قبل السوريين بان"الادارة الاميركية تدعم الرئيس السوري، وتتعامل معه من تحت الطاولة." كما علق الناشط السوري محمد العبد الله على البيان عقب لقاءه وزيرة الخارجية الأميركي هيلاري كلنتون في واشنطن.وان كنا نتفق مع تعبيره في ان"استهدافه بهذه الطريقة وهذا الوضوح وبصوت مدو  أمر هام"..ولكن هذه الاهمية قد تكون مجروحة بسجل الممارسات المقلقة للغرب في تعاطيه مع الانتفاضات العربية وذيليته المنافقة لمواقف الدول المعادية لحق الشعوب في الحرية والعدالة وبناء دولة القانون.

فالشعب السوري محقا في توجسه من تأخر الغرب المريب من الوصول الى هذه القناعة رغم مرور كل هذا الوقت على النظام وهو يمارس ابشع انواع التعذيب والقمع بحق ابناء شعبه وامتناعه عن المبادرة باي خطوة تجاه تحقيق شعاراته الاصلاحية "الجوفاء"او القيام باي شيء تجاه الانتقال السلمي الى النظام الديمقراطي ودون الرفع الحقيقي لاحكام الطوارئ او اي مبادرة قد تضفي بعض الصدق الى دعواته الهزيلة نحو الحوار مثل تخفيف القيود على حرية التعبير او اطلاق سرح السجناء السياسيين ..بل كان كل ما تمخض عن "صبر"المجتمع الدولي هو امعان واسراف في الاجراءات التعسفية والقمعية والتي كانت لها نتائج كارثية بحق ابناء الشعب الصابر المظلوم.

وهذه الريبة قد تجد لها مبررا في توائم الاحداث الجارية في سوريا مع ما عصف ببلدان المنطقة من انتفاضات شعبية عارمة قد تختلف قليلا في التفاصيل ولكنها تتطابق في الجوهر من خلال استهدافها للانظمة الديكتاتورية المتكئة على مرونة اقرب للتحالف من قبل الغرب المأزوم برهاب ارتباط المصالح الغربية مع الانظمة المستبدة المهيمنة المبنية على السطوة الامنية والاستغلال السياسي والاقتصادي..وخطورة الممارسة الديمقراطية للشعوب العربية على هذه المصالح..

كما ان التردد الغربي الجلي والواضح والمتنكب لطريق التجاوب الحقيقي لارادة الشعوب العربية وخياراتها السياسية ..والارتباك الذي يسود تعاطيه مع مسارات الثورات العربية ومحاولاته المريبة للتحكم بمغاليق الحراك بما يضمن عدم الانتقال الكامل والحقيقي والراسخ نحو الدولة المدنية التعددية الديمقراطية –كما في اليمن مثلا-وتغاضيه حد الصمم عن تفلتات قوى الثورة المضادة مطلقة اليد في الولوغ بكرامة ومستقبل الشعوب التواقة الى الحرية وتدخلهم السافر في عرقلة مسيرة التحول الديمقراطي السلمي حد تحشيد القوى السياسية المناوئة واستجلاب الجيوش والقوات الخارجية لقمع تطلعات الشعوب وآمالها في العدالة والمساواة والدولة المدنية الحرة.. يشكل سببا اضافيا لبعض الظن الآثم الذي قد يتردد صداه في ضمائر الشعب الذي يواجه قوى الارهاب المنظم بصدره العاري واكفه الخالية..

ان الرأي العام المتعاطف مع الصمود الاسطوري للاهل في سوريا يثمن ويقدر ويعلي من مثل هذه المواقف الدولية التي تدعو الى نصرة الشعوب والوقوف امام الانظمة الخارجة عن العرف والقانون والقيم الانسانية العليا..ولكنه لن يكون متجنيا اذا شكك في مدى المصداقية التي تحملها مثل هذه المواقف في ظل هذا الدعم الذي تقدمه الادارة الامريكية والغرب عموما لانظمة عائلية مغلقة متعتقة حد التهرؤ والخرس المرضي عن ادانة ممارساتها القمعية والاستبدادية تجاه شعوبها وشعوب المنطقة التي تلمست طريق الحرية والتعددية وحقوق الانسان..

ان الدول الغربية مدعوة الى الاحتكام الى قيمها المعلنة في احترام خيارات وارادات الشعوب في علاقتها المختلة مع الشعوب العربية والعمل على تصويبها من خلال القرارات الاكثر انحيازا وتفهما للواقع السياسي الجديد في المنطقة والعمل على تخليق الآليات المتماهية مع المنعطف التاريخي الكبير الذي تمر به المنطقة وتأثيره المتعاظم على مجمل المسيرة الانسانية..وذلك من خلال البناء المؤسسي السليم لمستقبل التفاعل العربي الغربي ضمن اشتراطات صحية ومتكافئة ومبنية على اسس اللقاء والتلاقح والتعاون الصادق..والتخلي عن الانظمة السائرة الى مصيرها الذي لا ريب فيه من التحلل والاندثار تحت ضغط الارادة الشعبية الحرة..ويقينا ان الغرب سيكون هو الطرف المستفيد في مثل هذه العلاقة..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !