مصالحة الشيطان
مقال (1)
مصعب المشرّف
25 يوليو 2021م
ذهب البعض إلى القول بأن ما تم تداوله خلال الأيام الماضية على ساحات الإعلام الأسفيري بمزاعم عن مصالحة آتية بين كل من عصابة الكيزان وجسد الحرية والتغيير ؛ لم يكن سوى أحلام زلوط كوزية رديئة لا أقل إن لم تكن أكثر رداءة.
ومن أبرز ألاعيب الكيزان في بث هذه الإشاعات السموم أنهم "يولجونها" و يخرجونها دائماً من خلال بِزّة العسكر.
وقال الكيزان أن المصالحة ستبدأ مع ما يسمى بجزب الإصلاح . ودون أن يتذكر الكيزان أن الشعب يدرك وبعلم علم اليقين أن هذا الحزب لم يكن سوى ذنب الضب ، وقيء تقيأه المؤتمر الوطني المحلول لجعله "إسبير" عند الضرورة في حالة حدوث ثورة شعبية تطيح بحكمهم وسلطانهم.
ماذا يرغب الشعب الذي قدم التضحيات تلو التضجيات طوال 30 عام وماذا يرتجي ويأمل وبنتظر من مصالحة مع مجموعة مشوهة النفس والفكر عديمة الأخلاق والضمير . وقتلة لصوص قطاع طرق لم يكن لهم من الهم العام والحس والولاء الوطني ما يساوي جناح بعوضة؟
العويل والنواح والصراخ ، ولطم الخدود وشق الجيوب ودعاوى الجاهلية التي يصدرها ويمارسها الكيزان داخل أحواشهم وأمام المارة ، هي محض أفعال إبليس وقبيله ؛ وعلى وهم منهم أنها كفيلة بإعادتهم إلى نعيم الثلاثين عام الماضية التي كانوا فيها طلقاء يفعلون ما يشاءون وينهبون ويسرقون ويساومون الشعب فيها على مصارينه وشبع بطنه . بل يساومون حتى القاصرات والغلمان على أجسادهم الغضة وينهشونها تحت لعابهم السائل كالذئاب الجائعة.
ما هاجت العروق في أدبار وأُسْتَ الكيزان إلاً بعد يقبنهم أن لجنة تفكيك تمكينهم وإزالة فسادهم ماضية بكل جزم وجدية في تنفيذ مهامها ومقاصدها . وأنها تحظى بدعم وتأييد الشعب وحماية الثوار الذين ما انفكوا يؤكدون يوما بعد يوم أن هذه اللجنة الحلم وهمُ وهذه الثورة في خندق واحد .
حل لجنة التمكين أو تحويلها إلى حمل وديع هو حلم لا ينبغي أن يصدقه أو يسعى إليه صاحب عقل ونظرة ثاقبة بين الكيزان أو خارج دائرة الكيزان.
لجنة تفكيك التمكين هي ثورة ديسمبر المجسدة بلحمها وشحمها وروحها .
لجنة تفكيك التمكين ليست مدعومة في الداخل فحسب. ولكنها جزء من مقتضيات وضرورة عودة السودان للمجتمع الدولي وتعزيز ثقة العالم التي أهدرها الكيزان فينا . ويشمل ذلك إستمرار مسيرة التفاوض على إعفاء الديون ومنح القروض ودخول الإستثمارات الرأسمالية الضخمة إلى البلاد . وبما يحقق النهضة الإقتصادية وتنمية الإنسان كما تحقق على سبيل المثال تحت ظل الحرية والسلام لليابان وكوريا الجنوبية وتايوان من بناء قدرات ورفاهية تحلم بها كافة الشعوب على وجه الأرض. وهي أهداف ممكنة التحقق لو تضافرت قوى ثورة ديسمبر وتوفرت الإرادة السياسية. وحرص السودان على إستمرار تقديم السودان شخصية د. حمدوك الكاريزمية بعلمه وعبقريته ونزاهته على راس هذه المسيرة .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :
أين هم الكيزان وفكرهم الإرهابي الإنعزالي الإنتقامي الأمني من كل هذه المطلوبات وأحلام الشباب والشعوب المشروعة؟
وأين هم الكيزان ورائحتهم ولونهم وطعمهم وفسادهم من المجتمع الدولي؟
ماذا سيمنح الكيزان الشعب السوداني وثورة ديسمبر من المصالحة؟
إن الذي ينبغي على الكيزان الوعي به جيداً هو أن لجنة تفكيك تمكينهم وإزالة فسادهم لاتقوم بمصادرات بقدر ما أنها تستعيد مسروقات وحقوق ومنهوبات وتعديات إلى نصابها القانوني . وأنها تعمل وفق ما أمر به الله ورسوله فيما يتعلّق بحقوق البلاد والعباد ومحاربة الفساد ، خاصة تلك المتعلقة بمراجعة الشهادات الدراسية الأكاديمية وتولي الوظائف العامة . وبما يدراً المفاسد التي نتجت عن تزييف هذه الشهادات الدراسية وإعتلاء غير المؤهلين دراسياً للمناصب العامة وعلى نحو أوْدَى بممتلكات الشعب وخرّب مصالح البلاد ومعاش الناس...... وأنّ الله (يا كيزان) لا يحب الفساد .
وفي الجانب الذي يميل إلى المصالحة مع الكيزان ينبغي عليهم الإدراك والوعي أولاً بالآتي:
المسألة ليست كذلك على الإطلاق . فهذه الدول التي هي معظمها دول غربية مطلوب من حكوماتها أن تفسر للقواعد الحزبية فيها المبررات المقنعة لإعفاء السودان من الديون وفوائدها . وبما يعني خصم هذه المديونيات من موازنة الدولة لمصلحة شعب آخر ينبغي أن يتوفر لديه نظام سياسي راسخ وقيادة نزيهة (محترمة) لا يخشى منها إرهاب وفساد وسوء إدارة ، وجهل وارتزاق وإهدار لكرامة شعبها وممارسة لإبادات جماعية وتكميم للأفواه وتعذيب . وتفرقة وقمع بسبب الدين والطائفة والجنس والقبيلة.
وجميع ذلك يستلزم أيضاً وجود شخصية محورية كاريزمية تقتع هؤلاء بأن على رأس السودان اليوم أمثال د. حمدوك ، وليس أمثال عمر البشير واللمبي وأحمد هارون وعلي كوشيب.
ماذا سيقول السياسي الغربي من على المنابر والحملات الإنتخابية في الولايات المتحدة وكندا والدول الغربية (مبرراً إعفاء الديون) لقواعد حزبه الإنتخابية ونواب البرلمان ونقابات العمال وإتحادات الطلاب والمهنيين وعامة الشعب من الأغلبية النائمة؟
هناك إنطباع خاطيء لدى البعض في الداخل السوداني بأن العالم غير معني بما يدور في داخل السودان . وهذا الإنطباع لوحظ هيمنته حتى على مستوى الرئيس المخلوع عمر البشير وشلّته من البلهاء . فقد كان عمر البشير يغوص في قرى ومناطق السودان ويظن نفسه قد وضع في رأسه طاقية الإخفاء وأصبح بمنآى عن أسماع وأبصار العالم. فيسترل في إدعاء البطولات الزائفة وتحدي الكبار والسخرية منهم وإطلاق عبارات من قبيل "أمريكا تحت جزمتي" ، وقرار المحكمة الجنائية "يموصوا ويشربوا مويته" . وتبادله الجموع الحاضرة بهتافات من قبيل "الموت لأمريكا" و "أمريكا دنا عذابها" . على ظن منهم أنها كلمات ليس عليها جمارك ورسوم وضريبة . وأنها لمجرد الإستهلاك المحلي . ولكن الواقع كان غير ذلك تماماً . فقد كان العالم قريباً منهم يسمع ويرى . وكانت مثل هذه الهتافات تصل مترجمة بحذافيرها للرأي العام وقمة إتخاذ القرار في بلدان العالم . وقد إستشهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بهذه الهتافات في تبريره للعديد من السياسات التي تتخذها الولايات المتحدة تجاه ما أسماه آنذاك بالأنظمة المارقة.
--------------.
أخيراً ؛ ربما يتساءل البعض عن أين يذهب فلول وزواحف الكيزان هؤلاء . بعد أن بادت دولتهم وذهبت شوكنهم وانكسرت بيضتهم ، وزال تمكينهم غير المشروع إلى غير رجعة؟
هل يموتون جوعاً ؟
المسألة أبسط ما يمكن طالما أن تطبيق شعار حرية سلام وعدالة هو الماثل ، وتلتزم به ثورة ديمسبر المجيدة ويلتزم به غيرها.
إن الناس سواسية كأسنان المشط.
إن فرص العمل الشريف متاحة أمام كل مواطن سوداني في أي مكان داخل حدود البلاد وخارجها إن اراد.
والحلول لا تقتصر على الفلول وحدهم بل تشمل القيادات وذلك على النحو الآتي:
إن على الفلول الزاحفة في كل موكب وآخر توفير مجهودهم ووقتهم ـ والإلتفات إلى معطيات الواقع بديلاً عن الإنسياق وراء وعود قيادات وكوادر الكيزان لهم بالعودة الميمونة إلى "زحمة النِعَم" وزمان المثنى والغلمان والثلاث والإلتقاط من بقايا وفتات الموائد .
إن على هؤلاء الفلول الزواحف تحت الشمس الحارقة اليوم والمضحوك عليهم العودة "كأفراد" في مسيرة العمل والإنتاج بديلاً عن طول الإنتظار والإستغراق في أحلام اليقظة بالعودة إلى سالف العصر والأوان . فهو حلم كأحلام الشُيّاب في عودة الشباب وعنفوان الصِبا.
التعليقات (0)