كمنتمين لدينٍ سماوي نستمد تشريعاتنا ومبادئنا ومثلنا وقيمنا منه ومن ينابيعه.مما يبني ثقافة تمتد جذورها عبر الأزمنة التي عاشها وتطور من خلالها في مفاهيمه التي طبقت خلال كل تلك العصور مما ينبغي على المثقف والمتناول للشأن الثقافي أن يكون ملماً بأصل تلك النظريات وأصولها وثوابتها ومدى ارتباطها بالدين وبعدها عنه كي يتسنى للباحث نقدها.
وما نريد التطرق إليها في قولنا هذا هو أن هناك نظريات تطرق لها البعض وألبسها بلباس الدين وردائه وهي بعيدة كل البعد في مضمونها عنه لا يمكنها الثبات أو الاستقرار والاستمرار في وجه النقد وآلياته.
لذا يتوجب علينا الرجوع إلى الثوابت التي من خلالها يمكننا أن نبني عليها نظرية التأصيل الثقافي لكثيرٍ من الروئ والمفاهيم المتوافقة مع مبادئ الدين وأصوله
ونظرية التأصيل الثقافي في مفهومها تعني إرجاع كثير من المفاهيم والروئ إلى منابعها الأصيلة كي يتسنى معرفة ما يصح منها وما هو متناقض مع نظرية التأصيل.
وإذا نظرنا إلى تاريخنا الإسلامي سوف نرى الكثير من المتناقضات والاختلافات الفكرية والثقافية التي أصبحت داخلة في الدين تُنسب له وعليها يتم بناء الكثير من المفاهيم المستجدة عبر العصور فمنها وعلى سبيل المثال لا الحصر:-
1- ما أقرته السلطات الحاكمة من مثلٍ وقيمٍ وإن كانت بعيدة عن الدين في مفهومها ومضمونها أصبحت ديناً يتعبد به وأصبح من يخالف ذلك يعتبر ضالاً ومنحرفاً عن الدين وأصوله ، ذلك أنه لا يتوافق مع رؤية ونظرية السلطة الحاكمة التي تعتبر الحق المطلق والمقام المقدس الذي لا ينبغي المساس به وبالتالي فمخالفته أو الخروج عليه هو خروج على الدين وتحوير وتزييف لمبادئه التي تأمر بالخضوع ولو إلى عبدٍ حبشي ولو أنه كان ممارساً للظلم آمراً أو مسوغاً له.
2- العادات والتقاليد التي هي جزءٌ لا يتجزأ من حياة الشعوب ودياناتها وأصبح المساس بها مساساً بمقدساتها التي لا يمكن التعرض لها أو تناولها بالقدح أو النقد والشعوب الإسلامية كبقية الشعوب لديها الكثير من العادات والتقاليد والأعراف التي اختلطت بالدين وأصبحت في نظر الكثير ديناً يُتعبد به ويرجى من خلاله الثواب من الله عز وجل.
من هنا نشأ الاختلاف في مفهوم الدين بين هذه الشعوب فالحجاب في مصر غيره في إيران غيره في السعودية وباقي البلدان الإسلامية الأخرى وقد يعتبر عادة في بلدٍ ما’ بينما يعتبر في البلد الأخر ضلالاً وفي بلد أخر مستحباً وهكذا كل حسب الظروف الزمكانية.
مما تسبب في خلطٍ كبير بين المفاهيم والروئ التي يمتلكها الفرد المسلم فبينما يؤمر المسلم في بعض الأحاديث النبوية الشريفة بعدم السكوت على الظلم أو الخضوع له وتشبيه الخاضع للظلم بالشيطان الأخرس (الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس) حديث نبوي.
نرى هناك ما يناقضه من الأحاديث التي تأمر بالخضوع والخنوع أمام الظلم والرضا بالحاكم ولو كان من أشد الناس ظلماً وجهلا.
لذا ينبغي في هذه التناقضات أن نحدد ونختار البوصلة التي من خلالها نعرف ونتعرف على صحة تلك الرؤى والأفكار كي يتسنى لنا الإبحار في لجج العلوم والمعارف المتطورة عبر الأزمنة وما يتجدد ويستجد طرحه بين الفينة والأخرى من مصطلحات لغوية مختلفة تعبر في مضمونها عن لغة ثقافية واحدة تهدف فيما تهدف أليه من نقض وإبرام لكثير من مفاهيمنا الدينية والثقافية بحجة التطوير.
التعليقات (0)