مصائب كريمات التفتيح والتبييض البلدية
• بعد ثبوت ما تؤدي إليه كريمات التفتيح والتبييض والتقشير "البلدية" المتداولة من إلتهابات وحروق جلدية وسرطانات وفشل كلوي .. ألا ترعوي المرأة ؟
• كافة الكريمات البلدية العربية والأفريقية التي تباع في أسواق السودان ، ويعلن عنها في القنوات التلفزيونية الحكومية والتجارية غير مراقبة صحياً . وتحتوي على نسب عالية جداً من الزئبق وكذلك الكورتيزون المسبب للسرطان بلا جدال. وتصنف ضمن صناعات دول العالم الثالث المتخلف الرديئة.
• هذه الكريمات تحول دون إستفادة الكبد والكلى خاصة والجسد عامة من فيتامين (د) الذي يوجد تجت طبقة الجلد. وتؤدي إلى مواليد يعانون من لين العظام.
• ماهي جدوى أن تبيض الفتاة وجهها في الوقت الذي يظل فيه عنقها وكفيها وساقيها وقدميها بلونهم الطبيعي "الداكن". ثم ومجمل حركاتها وسكناتها وخطواتها ونظراتها وضحكاتها يفضحون غصباً عنها وبكل الشفافية زنوجتها أو هجينيتها؟؟
• ماهي جدوى أن تقشر الفتاة جلدها وتفتح لون وجهها ؛ وملامح وتقاطيع هذا الوجه من أنف وأذن وشفاة وعيون وجبهة. وتشريح هيكلها العظمي بمجمله ، وكل جزء منها يصرخ بها وفيها ويقول للدنيا أنا أفريقي أنا ســوداني ؟؟
• كتب أحد الفتيان السودان ساخراً من بنات جلده في الفيس بوك "أرحمينا يا مريام فارس" ، فردت عليه فتاة سودانية تسخر منه بذات القدر "وأنت أرحمنا يا مهند".
• بُـلَهاء من يظنون أن كل المصريات منة شلبي وهيفاء وهبي . وأن كل اللبنان مريام فارس و وائل كافوري ، وأن كل الأتراك هم فاطمة وكريم ومهند.
• يبدو أن عروبة بعضنا الهجينية من جهة ؛ وثقافة بعضنا العربية من جهة أخرى هي سبب كل ما نعانيه من إنفصام وتذبذب وتخبط وفقدان بوصلة ورقص على السلالم لم تنجو منه حتى جلودنا... وجعلت بعضنا كالغريق الذي يتعلق بقشـة.
• كل كريمات التفتيح البلدية التي يعلن عنها حالياً هي في الأصل أدوية شعبية بلدية تأتينا من بلدان عربية وأفريقية متخلفة بل وتحت خط التخلف . وهي غير مضمونة النتائج والآثار الجانبية . ولا يسمح بدخولها إلى أوروبا .
• من ظن أن الأدوية البلدية التي يطلق عليها (عشبية) ليس لها آثار جانبية فهو مغفل. ويلزمه الإطلاع على مؤلفات ومقالات حول خطورة وسموم هذه الأعشاب وخطورة التداوي بها على علاتها.
• يعتقد الناس أن ظاهرة الفشل الكلوي وتليف الكبد التي تعم البلاد مردها إلى تلوث الماء وحده. وننسى دور كريمات التبييض والتفتيح الجوهري في تفشي ظاهرة الفشل الكلوي الذي بات يضرب حتى الأجنة داخل أرحام أمهاتهم.
• وفي المحصلة النهائية .. لماذا تخجل الفتاة السودانية من لون "بشرتها الداكنة" ولا تعتبرها في الوجه الإيجابي تزييناً وتعزيزاً للخصوصية في بيئتيها العربية والأفريقية؟
• إذا كانت النساء ناقصات عقل ودين .. فأين الأسد الغضنفر "الرجل" كامل الأوصاف والعقل والدين؟ ولماذا لا يتدخل داخل الأسرة لوقف هذا الخطر المسرطن الداهم؟
--------------------------
تواكبت ظاهرة إقبال وإدمان المرأة على كريمات تفتيح البشرة البلدية مع إندلاع ثورة المعلوماتية والفضائيات العربية بوجه خاص . وعلى واقع تأثر الثقافة السودانية في الجملة بالثقافة العربية .. وحيث يتحدث العربية ويتأثر بها عرب السودان وأفارقته ؛ بما في ذلك الأجانب الوافدين المتسللين إليه من غرب أفريقيا وشرقها وهضبتها وقرنها وكهوف صدعها العظيم (الذين وكالعادة سيحصلون على الجنسية السودانية بكل أريحية فيما بعد) ...
وقد كان لسياسة التعريب التي أسس لها القوميون العرب في عهد مايو البائد (1969- 1985م) الأثر الكبير في تكريس اللغة والثقافة العربية وحدها المصدر والمنهل عبر تغيير السلم التعليمي الذي أهمل اللغة الإنجليزية تماما ، مما أدى إلى محاصرة العقلية السودانية الفتية منذ عام 1970م وحتى تاريخه داخل إطار عربي محض ؛ ابتعد وإنسلخ جرائه عن محيطه الأفريقي ، وفقد خلاله البوصلة والوعي بما يدور في العالم قاطبة من حراك ثقافي فكري إجتماعي إقتصادي ، إنقلبت فيه مفاهيم العلاقة الإجتماعية بين الأسود والأبيض والأحمر والأصفر ؛ وتلاشت الكثير من الحواجز التي كانت تحول دون التفاعل والإعتراف الإنساني بين كافة ألوان وشعوب الجنس البشري على وجه الكرة الأرضية.
المشكلة برزت الآن في حصاد مخرجات التعليم منذ عام 1970م المشار إليه. ولعلنا نلحظ الفرق في كافة مجالات الحياة ما بين جيل سابق كان منفتحاً على الثقافات الأخرى ، تميز بالواقعية وقوة الشخصية والتوازن ما بين العروبة والزنوجة والتنوير الأوروبي الغربي مقارنة بما نلمسه حالياً من تخلف وتكسح الرؤى وضيق الأفق والميل الجوهري إلى الإستهلاك والتقليد الأعمى والمحاكاة الكارثية على طريقة أنسخ وألصـق.
ولعل أبرز المضحكات المبكيات في هذا الجانب التقليد الذي شاب الصحافة السودانية والبرامج التلفزيونية ومسمياتها فإذا ابتدع مصري برنامج بمسمى (قلم رصاص) حاكاه سوداني بمسمى (قلم حبر) دون أن يعرف أن المقصود هو قلم كالمسدس يطلق الرصاص في عالم عربي يسوده حكم العسكر والرصاص. ثم وإذا ابتدعت mbc برنامج بمسمى (كلام نواعم) حاكته سودانية بعنوان (كلام بنات) .. وإذا قال المصري "بناءاً على" بضم الباء نطقها بعض كبارنا مثلهم . وإذا قال المصري "تجـاري" بضم الجيم رددها بعض الببغاوات مثلهم .... الأمثلة كثيرة . والشاهد أننا أصبحنا في الزمان الحاضر بلا بوصلة ولا هوية ؛ نلف وندور ونحفر الأرض ونخور كالثيران المربوطة إلى الأوتاد .
الكثيرات من الفتيات والجيل الصاعد لايرغبن أن يصدقن أن الثقافة العربية التي أتاحت لهن التفاعل النفسي مع مسلسلات وأفلام عربية وشعوب عربية مضيفة أو نماذج منها وافدة إلى السودان .... لايصدقن أو يدركن بالأحرى أنهن حالة خاصة نجمت عن تزاوج أب عربي سامي بأم نوبية أو زنجية حامية . وأن هذا الدم النوبي الزنجي الحامي يجري ضمن ما يجري من دم عربي في عروقهن يحكم الكثير من تصرفاتهن وعاداتهن وردود أفعالهن وتقاليدهن الموروثة . وأن الملامح والتقاطيع وتشريح الهيكل العظمي ولون البشرة الداكنة (كما أسمته وزارة تنمية الموارد البشرية) الذي فرضته عليهن هذه "الحـبّـوبة" السوداء لافكاك منه بالكريمات والمبيضات أو بعمليات التجميل الجراحية ؛ بل وحتى بالسـلــخ والعطن في براميل الكلوركس .. ولا يغير خلق الله من لم يخلقهم ..
ومن ثم فأنه ينبغي عليهن التصالح مع أنفسهن وتقديم الذات على هذا الوجه الذي خصنا به الله عز وجل من القيم والمثل والأخلاق .. وأن في إحترامنا لذاتنا دائما الخلاص والجسر العابر للحفاظ على القدر الواجب من إحترام الغير لنا سواء أكنا داخل بلادنا أو خارجها.
وللشق الآخر من مكونات الشعب السوداني اللواتي ينحدرن من أصول أفريقية زنجية محضة ولكنهن نشأن وسط بيئة عربية سودانية ، وتعلمن وتشبعن بثقافة عربية وإسلامية بنسبة 100% جراء التعريب الذي فرضه التعليم الحكومي في المدارس ثم ومتطلبات حفظ وقراءة القرآن الكريم وأجهزة البث الإعلامي والصحافة .. لهؤلاء الشق الآخر نناشد أن يجعلن من هذا الواقع مدعاة لمد جسور التواصل الفاعل ما بين الثقافتين العربية والأفريقية داخل السودان ولمصلحة شعب سوداني واحد موحد تبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 98%.
إن الذي يثلج الصدر أيامنا هذه أن هناك قناعات في طور الرسوخ والإنتاج الفاعل في مجال التواصل والإعتراف بالثقافات المحلية الخاصة لكل مكون من مكونات شعبنا المتعددة في كافة أنحاء القطر . ولانشك أن هذه القناعات ستجد طريقها لفرض بيئة سودانية جديدة متصالحة إستفادت كثيراً من إنفصال الجنوب الذي كان يشكل في الماضي عائقاً حقيقياً وسداً منيعا في وجه الوحدة الوطنية السودانية بمعناها العريض.
ومن ناحية أخرى فهناك تباشير تذهب في هذا الإتجاه ، يجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة لها ؛ وتتعلق بتطوير الجهاز الإعلامي القومي عبر إفتتاح المزيد من القنوات التلفزيونية والإذاعية التي تصب في غاية جعل هذه التعددية السودانية الجين الذي يسهم في ترسيخ وحدتنا الوطنية ولغدٍ أفضل لأجيال سودانية قادمة ، نرجو لها أن تخرج للحياة متعافية مما نعاني منه نحن في هذا المجال المهدد لوحدة البلاد.
نرجو أن يساهم الإعلام ووزارة الصحة الإتحادية ورصيفاتها الولائية والمحليات كافة لكبح سعي الفتيات هذا المسعى المحموم بلا حساب ولا تروي نحو إستخدام هذه الكريمات البلدية المستوردة من بلدان عربية هي الأخرى متخلفة علميا ومختبريا وصناعيا ولاتتسم بالشفافية في مجال الرقابة الحكومية . ولا تبيع منتجاتها سوى للأفارقة داخل القارة المتخلفة الغارقة في الظلام والمشبعة بالفساد الحكومي ، والخالية من كل رقابة وتدقيق وشفافية هي الأخرى.
ونرجو أن توضح هذه الحملات الإعلامية والصحية التوعوية وسط الفتيات وبعض مراهقات سن اليأس مدى الضرر والتدمير لبنية البشرة والجلد الذي يسببه إستخدام هذه الكريمات والتعويل الواهم عليها ...
إن أكثر ما يخيف في هذا الجانب أن هؤلاء الفتيات والنساء قد أصبحن مدمنات على إستخدام هذه الكريمات بطريقة شبيهة بحالة مدمن المخدرات والخمر الذي يدرك جيداً بخطورة ما هو قادم عليه ونهاية المطاف ، لكنه برغم ذلك يستمر في التعاطي .
والرجل السوداني (العادي أو الملتحي) ؛ الذي يقدم نفسه في الهينة والقاسية فوق المعابر وعلى المنابر مدعياً أنه كامل العقل والدين ؛ نستغرب فيه عدم تدخله داخل نطاق أسرتة النووية لوقف هذا الخطر المسرطن الداهم . فيمنع زوجته وبناته على أقل تقدير من شراء مثل هذه الكريمات المسرطنة الحارقة في نهاية المطاف للجلد ؛ والمسببة لأمراض باتت شائعة كالفشل الكلوي وتليف الكبد ولين العظام في بلد شمسه مشرقة ويشق واديه سليل الفراديس.
يبقى الأمر بالفعل مدعاة للقلق ونحن نقرأ ونسمع عن حملات ولائية حكومية في إقليم دارفور على سبيل المثال تحذر من مخاطر الكريمات المبيضة للبشرة .... فإذا كانت حمى الكريمات المبيضة للبشرة قد تسللت رغم المأساة ونشاط التمرد إلى أقصى غرب البلاد على مسافة آلاف الأميال من العاصمة وميناء بورتسودان ؛ فكيف يكون الحال في الخرطوم نفسها ووسط وشمال السودان؟
وفي هذا الإتجاه الرقابي والوقائي لاتوجد إحصاءات تعكس حقيقة الوضع داخل ولايات الشمال والعاصمة خاصة . فكبار المسئولين في وزارات الصحة المركزية والولائية إما مشغول بالإعداد أو الظهور في برامج التلفزيون ، أو بالبحث عن مقار ومباني أوقاف زهيدة الإيجار لإنشاء المستشفيات الإستثمارية الخاصة بهم وشركائهم ؛ والتردّد على شركات التأمين والبنوك للحصول على كوتة مرضى "محترمين" بعد أن أصبحت مهنة الطب في ولاية الخرطوم تجارة عامة ، وشركات توصية بسيطة ، ومسئولية محدودة لاعلاقة لها بالإنسانية والأدمية .. وقسم أبوقراط.
نشاهد في الوقت نفسه إعلانات في الفضائيات تصب في الجانب المحرض لإستخدام مثل هذه المنتجات التي لاتستند إلى علم صيدلاني تجريبي معترف يه عالمياً .
وعليه فإن الذي ننشده ونتوخاه في من تبقى من المسئولين الشرفاء (الذين أحسن آباؤهم وأمهاتهم تربيتهم) الحادبين على مصلحة المواطن في الإدارة الرقابية المختصة في وزارة الصحة .. نناشدهم مراقبة فحوى هذه الإعلانات وما تطرحه من أكاذيب شيطانية مضللة لجذب العملاء من الفتيات والنساء اللواتي بتن كالغريق الذي يتعلق بالقشة في محيط هيفاء وهبي ونانسي عجرم ومنة شلبي ومريام فارس وهلم جراً من خليط أجناس شركسية وأرمنية وفرس ورومان وأغريق وإسبان ومخلفات حروب صليبية وفرنسية بأجناس عربية بقدر أو بآخـر. فأين نحن في وسط ما قسمه الله لنا من خلطات أفريقية سوداء مقارنة بتلك الخلطات التي قسمها الله بسبب الفتوحات الإسلامية لمهاجرين عرب مع الأرمن والشركس والغجر والفرس والرومان والأغريق وعموم الفرنجة؟؟
وحبذا لو ذهب الإتجاه بجدية نحو وقف مثل هذه الحملات الإعلانية تماماً أسوة بإعلانات السجائر والخمور ، فالضرر المسرطن الذي تسببه هذه الكريمات على الجلد والكلى يماثل الضرر المسرطن الذي يسببه تدخين السجائر على الرئة وتصلب الشرايين . وتدمير الخمور للكبد والكلى.
ويجدر الذكر أن السماح ببيع مثل هذه المنتجات المشار إليها كان ينبغي أن يخضع في مصانع إنتاجه ومعامله إلى تجارب حقيقية موثقة ورقابة حكومية متخصصة مثل ما هو عليه الحال في مصانع الدواء ومنتجات المنظفات والكريمات الجلدية في الغرب الأوروبي. ولكن هذا لايجري على نحو من الشفافية المطلوبة.
ربما نكون عديمي التجربة إلى درجة مّا مقارنة بغيرنا. ولكننا لسنا سـذّج إلى هذا الحد الذي لانستدعي فيه واقع ما تعاني منه البلدان العربية والشرقية والأفريقية من تسيب وإستهتار ورشاوي يتلقاها الرسمي الحكومي في معظم القطاعات لتمرير الكثير من المنتجات الغذائية والصحية والدوائية الصناعية والبلدية التركيب المخصصة للتصدير رغم ما تحويه من مخاطر على صحة البشر وعدم صلاحيتها للإستخدام الآدمي . وما يصاحب ذلك من تزوير منهجي وجوهري للشهادات الصحية والنتائج المعملية وشهادات المنشأ ، والتلاعب ببطاقات المنتج من إدراج غير صحيح لنسب المحتويات الداخلة فيه وتاريخ الإنتاج ... إلخ مما يجب أن تساهم قنواتنا التلفزيونية التجارية والقومية في التثقيف به عل وعسى أن يغفر الله لها سماحها بالإعلان عن هذه المنتجات من واقع حرصها على حصد أكبر قدر ممكن من أموال الإعلانات بالطبع....... أموال الإعلانات التي يزعم أصحابها أنها تساهم في تطويرها .. وليتهم صدقوا .... ولكن المسألة في نهاية المطاف قائمة أرباح وخسائر ولتذهب صحة الشعب إلى الجحيم ..
ونلاحظ أن كافة الإعلانات المحرضة لإستخدام كريمات التفتيح والتقشير والتبييض وما يسمى بعسل السدر اليمني تستأجر أفراداً غير سودانيين هم عادة مصريين ولبنانيين بمسميات مهنية مزيفة لتعزيز مصداقية هذه الكريمات البلدية . ولم يخرج علينا يوماً دكتور صيدلي أكاديمي سوداني إبن سوداني (نعرفه ويعرفنا) يخاف على إسمه ويحترم حسبه ونسبه وسمعة عائلته فيعلن بإسمه وصوته وصورته عن كريم بلدي ما من تلك التي يتم إستيرادها من دول العالم الثالث المتخلف.
والأمر من جهة أخرى لايخلو من أفراد نافذين في الدولاب الروتيني الرسمي الحكومي من موظفين ومدراء عموميون وحزبيون .. إلخ من مركز القوى المحلية يستفيدون مالياً من إستيراد هذه الكريمات والمنتجات التي يطلق عليها جزافاً مصطلح "الأدوية الشعبية" من غياهب أفريقيا والأردن وتركيا ولبنان واليمن وماليزيا وأندونيسيا والصين وهلم جـرّا ... فبريق الذهب الأصفر ورائحة الدولار الأخضر تخدر الحواس والضمير وتخلب العقول وتجعل من نار جهنم برداً وسلاماً في ذهن البعض المغشي الذي لاتغريه الوعود بنعيم الجنة أو يخيفه الوعيد بنار جهنم.
وعلى غرار موظفي هيئة الإستثمار ؛ فإن هناك غيرهم ممن يفرضون الأتاوات والرشاوي على جالبي هذه الأدوية سواء عبر التهريب أو التمرير تحت طاولة الجمارك أو التصديق الصحي (إن وجد) .. لسنا ملائكة .. ومن يدعي هذه الملائكية فهو كبيرهم الذي علمهم السرقة ....
ونعترف أيضاً أن وزارة الصحة لاتمتلك الأجهزة والمعدات والمختبرات والكوادر الخبيرة المدربة أو الحاصلة على شهادات أكاديمية متخصصة في علم الصيدلة ... بل على العكس من ذلك فمعظم من يعمل في هذه الأقسام (جـربندية) ويحصلون على رواتب رمزية هزيلة لا تتيح لهم حتى الغداء بماء الفول ...
في الدول الأخرى المثيلة لنا (ولا نقول الأوروبية) تفرض اللوائح والقوانين على مستوردي هذه الأدوية البلدية ضرورة الحصول على تصريح من مختبر وزارة الصحة أولاً قبل طرح الكمية المستوردة في الأسواق .. وتؤخذ العينات من داخل الشحنة وهي في مخازن الميناء بعد وصولها وليس قبله . ثم وبعد الإطمئنان على سلامتها لجهة الصلاحية وعدم إحتوائها على مواد كيميائية ضارة تمنح شهادة صحية برقم محدد ولكمية محددة ..
والناس في وزارة الصحة يعرفون ذلك بالطبع . ولكن المشكلة كما سبق وقلنا تكمن في تجهيزات المختبرات وقلة أو إنعدام الكوادر من جهة وإنعدام ضمير البعض من جهة أخرى ثم والإستهتار وعدم الإهتمام بأرواح الناس بوجه عام لأننا تربينا على قناعات تسخر من قيمة الإنسان الآخر ...
لنا الله على كل حــال .. وأجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية ممثلة في إنسانها مسئولة ؛ فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .... وننصح الدولة أن لاتعتمد على تخويف الفاسدين (ولصوص المال العام والمتاجرين بصحة وأوراح الشعب) بعذاب القبر وحساب يوم القيامة فقط . فتفعيل سيف القانون ضروري . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" .. ... ومعنى الوَزْعُ هو كـفّ النفس عن هواها وإرتكاب الجرائم .
هناك مليار طريقة وأسلوب لعلاج الفساد ؛ فقط لو توفرت الرغبة والإرادة والجدية لدى الدولة .... وإذا كانت الدولة تحرص على متابعة ومراقبة خصومها ومعارضيها ؛ فلماذا لاتعمل في الأساس على إخراس ألسنة هؤلاء بأن تمشي هي على خط مستقيم أولاً ؟؟ ...... .. ماذا مثلاً لو تم إنشاء قسم تابع لإدارة الأمن الإقتصادي بمسمى "أمن المواطن المباشر" مهمته مراقبة الفاسدين والمفسدين في الأسواق وبعض الموظفين الفاسدين داخل الإدارات الحكومية المختصة الملتصقة بأكل وشراب ودواء ومستهلكات المواطن اليومية في هذا المجال ؟؟ لاشك أن حصاد هذا القسم سيكون كثيراً وفاعلاً ...... إدارة حماية المستهلك التي تكون تابعة لوزارة التجارة لاتكفي . وهي مثلها مثل أي إدارة ضمن منظومة "الخدمة المدنية" معطونة بالفاسدين والمفسدين والكسالى والنائمين والمرتخين ومدمني الأورنيكات والإجازات المرضية ، والجائلين وسط المكاتب يتصيدون أخبار التنقلات والترقيات والتعيينات والعلاوات . هي إدارة يحكمها بطء وسلبيات الروتين والشللية والقنوط والإحباط وعدم وجود قوانين عسكرية نظامية أمنية رادعة تحكم أداء وإنضباط كوادرها.
التعليقات (0)