وصلت الى مدينة اسمها غير صالح للنشر. انا هنا منذ ستة علامات مميزة على الجدار. ولم اتصور ان سيل الكلمات التي استأثرت بها في جعبتي ستقضي بهذا العنف على دفتر التدوين.
واحدة من علامات الجنون ان يصبح لك احتياجك الكتابي الخاص. انا امقت الورق المسطر او المخطط. هو جرعة تقييد او اسر ، بل هو مشروع شلل لرسم الحروف. ومشروع تآمري على حريتي.
يستعبدني وانا الحر منذ ان خلقت حواء.
خرجت مع رفيق رحلتي في هذه المدينة المثقلة بالنسيان. قلت له :"يا ادم اريد ان اشتري ورقا"
التفت ألي ببعض من الاستغراب او ربما الغضب لان طلباتي اصبحت لاتطاق.
"البلد مليانه ورق!"
قلت له:"اعرف لكنني ابحث عن دفتر من نوع خاص"
سكت ادم عصمان. هز رأسه وكأنه يشتكي او يحتسب. يستغرب من هذا المجنون القادم من ازقة بغداد.
رددت مع نفسي : نعم يا آدم من العراق من بغداد من شارع الورق في المتنبي . لماذا اتعب نفسي بهذه التفاصيل يا صديقي؟ ادم لن يسمعني .
قاد السياره ، وجلست محترما صمت وخشوع ادم وهو محلق مع احدى المدائح الصوفيه. مع عدم اكتراثه بما اريد ، لكنه سيساعدني ويرشدني الى ضالتي وان كانت في الصين. هكذا هو ادم او هكذا هو كل السودان.
توقفنا بعد مناورات وانعطافات حاده بين مختلف وسائل النقل الضاربة في القدم.
ترجلت واشار الى دكان صغير. دخلت على صاحب الدكان. شكوته ضالتي . ابتسم!
نظر الي الرف المليء بالكتب . ازاح صورة الشيخ البرعي بأدب واخرج دفترا وقال هاك ماجئت من اجله.
ابتسمت وقلت اشكرك من كل قلبي ياحاج
هز راسه وابتسم آدم في وجه الشيخ وكانه يعتذر عن فرحي المليء بالطفولة اوكانه يبرر ابتسامتي :"اخونا مسافر من العراق"
التعليقات (0)