العرب في صراع دائم مع حكامهم في الداخل ومع خصومهم في الخارج والأسباب كثيرة . ففقد إبتلاهم الله بوضع جغرافي متوسط إستراتيجي هام يجعلهم منطقة وصل وفي كماشة بين اوريا وإمتدادها الأمريكي وأسيا وإفريقيا . ولقد تعرضت المنطقة العربية في الماضي للحملات الصليبية المتعددة وطردوا من اسبانيا بعد أكثر من خمسمائة سنة من إقامتهم هناك ، ثم جاء الإستعمار التركي المغلف بأسم الأسلام وطاعة الخليفة ، النظام الذي ينادي بها بعض العرب اليوم من جديد . وبعد القضاء على الأمبرطوؤية العثمانية رجعت أوربا لاحتلأل الوطن العربي بكامله . وفي هذه المرة لم تكن الحملة الغربية لأحتلال الأرض المقدسة فلسطين والممرات المائية فقط بل جاءت للسيطرة على المنطقة الأستراتيجية ولأستغلال الثروات والسوق العربية . وعاش العرب عهود ظلام في العهد التركي وبعده العهد الأستعماري الاوربي بعد الحرب العالمية الثانية . وبعد قبام حركات التحرر العربية سلم الأستعمار السلطة لزعماء العرب إرتبطوا به مصلحيا وسياسيا في نظام يحبو الى الديمقراطية بخطوات جادة حققت الكثير من الحريات وحقوق الأنسان . وبدلا من أن تكون هذه الفترة بداية تحرر ديمقراطي ظهرت المشكلة الفلسطنية بانشاء دولة إسرائيل والصراع الحربي العربي معها طوال عقود .وقد إستغل العسكر هذا الوضع للقفز على السلطة ، وألغوا الديمقراطية التي لا زالت في مهدها ونصبوا حكومات ديكتاتورية تحولت إلى دكتاتوريات فردية وراثية ، في الوقت الذي إبتلى العرب بأكتشاف وإنتاج النفط مما جعل المنطقة من أغني مناطق العالم ، وضاعف من أطماع أوربا والغرب في المنطقة ، واطماع جديدة قديمة وهي المطامع الاسيوية للعمالة ومشاركة الدول الغربية في ثروات المنطقة . وظهرت مطامع وأخطارأفربقية جديدة بالزحف السكاني المتزليد على الشمال الأفريقي وخاصة ليبيا وجنوب الجزيرة العربية للأقامة أو للقفز في أوربا. وقد وجدت أمريكا والدول الاوربية أن خير وسيلة للسيطرة على المنطقة العربية وثرواتها هو التحالف المصلحي مع حكام العرب والاسر الحاكمة ، والتغاضي عن سلوك وأعمال الحكام الدكتاتوريين القمعية ضد حريات الشعوب وحقوق الأنسان . هذا التحالف أتاح الفرصة لهولاء الحكام الدكتاتوريين أن يزيدوا من قبضتهم الحديدية على الشعوب العربية وبدأت الجمهوريات تتحول إلى ممالك وراثية لتنضم إلى الانظمة الملكية الوراثية القديمة وربط مصالحها بالغرب . وقد إستمرالتحالف العربي مع أمريكا والدول الغربية الظاهر منه رسمبا في بعض الدول العربية والخفي منه في بعص الدول الدكتاتورية تحت ستار الخلاف الصوري أحيانا لخداع الراي العام العربي .وفي هذه السنة المباركة إنفجرت الثورات العربية في الدول الجمهورية التي بدأت تتحول أو تحولت إلى ممالك وهي تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ، مما أربك امريكا والدول الغربية وأطلقت على هذه الثورات العربية الخريف العربي . وإضطرت هذه الدول ألى التجاوب مع مطالب الثورات العربية في التحرر وإقامة أنظمة ديمقراطية تحترم الحريات وحقوق الأنسان وتغييرالسياسة الغربية التقليدية في التحالف مع الحكام العرب الذين يقمعون شعوبهم . ولهذا شجعت الحكومات الغربية صراحة الثورات العربية وأطلقت عليها إسم الربيع العربي وساندتها سياسيا ودبلوماسيا وفي ليبيا حتى عسكريا . وبعد نجاح بعض هذه الثورات العربية أخذ الساسة الغربيين يفكرون في طرق الألتفاف والسيطرة عليها حتى ولو أدى الامر إلى التعاون مع الاسلأميين الذين كانوا العدو اللدود ، خاصة أن الأسلاميين لعبوا ويلعبون دورا أساسيا في الثورات العربية . فهل تستمرأمريكا الدول الأوربية الغربية في لعب نفس الدور الذي لعبته في السابق مع الأنظمة الدكتاتورية ، والتحالف مع الحكومات الثورية الجديدة التي تتزعمها أو يشارك فيها الأسلاميون . هذه السياسة حتى ولو نجحت مخاطرة من الساسة الغربيين للتعاون مع الانظمة العربية الديمقراطية الاسلامية الجديدة دون حل المشاكل الأساسية بين الغرب والشعوب العربية مثل القضية الفلسطنية التي يعتيرها العرب قضيتهم وتحتل الاولوية في سياستهم ، ودون تغييرسياسة الاستغلال الاقتصادي الغربي الى سياسة تعاون حقيقي مبنيا على المساواة وتبادل المصالح . ولما كات السياسة الغربية لحل القضية الفلسطنية وحماية إسرائيل وتوسعها في الأراضي الفلسطنية للسيطرة على المنطقة ، وتغييرسياسة الإستغلال الغربي الصناعي الى تعاون حقيقي مبني على المساواة وتبادل المصالح ، لا يمكن تغييرها لأن هذه السياسات تعتبر أمنا قوميا لامريكا والدول الغربية كما يقولون جهارا ، فأني إعتقد أن ربيع العلاقات الغربية العربية لن يدوم وستحاول أمريكا والدول الغربية تشجيع أنظمة حكم دائمة دكتاتورية مدعمة بالتعاون مع الأسلاميين يمكن التعاون معها مصلحيا ولو سريا بعد أمتصاص روح الربيع العربي والثورات العربية . العالم العربي إيتلى بالعدوان والأحتلال والأستغلال الغربي لموقعه الاستراتيجي . وإبتلى بالنفط عصب الصناعة الغربية ، ولهذا اشك في أن تتحرر الأنظمة العربية الجديدة بالشكل الذي يرضي أمال وتطلعات الشعوب العربية . لأن كلما حاول العرب إحتضان الغرب وعناقه وجدوه يتلمس ما في جيوبهم ويكبل إستقلالهم ويستغل ثرواتهم بدلا من مبادلتهم حرارة العناق العربي الحقيقي البرئ والتعاون الصادق.
التعليقات (0)