حصريا على "كتابات ممدوح الشيخ"
في حوار مع أهم ناقدي سيد القمني
الباحث منصور أبو شافعي:
مشكلة سيد القمني ليست في عقيدته بل في غياب الأمانة العلمية!
حاوره- ممدوح الشيخ
أثار فوز الباحث المصري سيد القمني بجائزة الدولة التقديرية جدلاً واسعًا في مصر وبخاصة بعد اتهامات له بالحصول علي درجة الدكتوراه بطريق غير قانوني، وقد شهدت مصر مطالبات بسحب الجائزة منه انتقادات لمدي حياد اللجنة المانحة للجائزة، وكما أثار سجالاً حول أفكاره، ومع تصاعد الاهتمام بالباحث سيد القمني تصاعد أيضًا الاهتمام بأهم ناقديه: الباحث المصري منصور أبو شافعي الذي تناول المشروع الفكري للقمني في ثلاثة مؤلفات: "التنوير بالتزوير"، و"مركسة التاريخ النبوي"، و"مركسة الإسلام". وهذا حوارنا معه:
ما المشكلة في فوز الباحث سيد القمني بالجائزة؟
- المشكلة في تقديري أن المفترض أن هناك معياراً للجائزة وهو معيار علم،ي وللأسف لا نعرف حتي الآن بأي معيار تم اختيار الباحث سيد القمني للفوز بها، وبخاصة أن هناك أسماء أخري مهمة كانت مرشحة كالدكتور أحمد أبو زيد والدكتور فؤاد زكريا، وخلاصة متابعتي لمشروعه الفكري منذ عام 1986 أن القمني لم يلتزم في كتاباته بمنهج البحث العلمي.
المشكلة إذن علمية منهجية في المقام الأول ؟
نعم المشكلة الأولي هي الأمانة العلمية، ورغم أنه يعترف بأنه "مادي" بالمعني الفلسفي إلا أن هذا ليس الموضوع، ولكنه علي مستوي المنهج ينطلق في كتاباته عن الإسلام من مرجعية ماركسية مادية وهذا شأنه، فليس الموضوع الحكم علي عقيدته أيا كان مذهبه الفلسفي:مادي- مثالي... وأنا أرفض الحكم علي دينه.
ما المطاعن علي أمانته العلمية؟
هناك أدلة كثيرة جدًا سواء عدم التزامه بالأمانة في النقل عن كتب التراث، فمثلاً كتابه الأساسي "الحزب الهاشمي" يقوم علي فكرة أن هناك خطة تم وضعها أيام قصي جد الرسول وتوارثها الأبناء والأحفاد سواء هاشم أو عبد المطلب، لكن عبد المطلب حسب نظرية القمني هو الذي وضع الأيديولوجيا، وهي مستوردة من يهود يثرب، وهي تقوم علي فكرة النبوة وفكرة الدولة وفكرة "النبي الملك" أي داوود عليه السلام، وفكرة التوحيد. أي أنه استورد هذه الأفكار وبدأ ينفذها ويجعلها قواعد للإيديولوجيا الهاشمية.
تعني أنه يحول نبوة محمد صلي الله عليه وسلم إلي مشروع سياسي؟
نعم.. مشروع سياسي وليس مشروعا دينيًا، وهذا المشروع السياسي تم وضعه لمنافسة المشروع الثروي والمالي للحزب الأموي المنافس للحزب الهاشمي في مكة، وهو قال عندما نشر فكرة الحزب الهاشمي لأول مرة في مجلة اسمها «مصرية» العام 1986 أكتوبر قال إن عبد المطلب أسس دينًا وأسس عقيدة، وعندما طبع الأطروحة في كتاب أعاد صياغة هذه الفكرة، وقد استشهد مثلا بابن كثير، وبالتحديد بالكلمة التي يقول فيها عن عقيدة أبي طالب عم النبي صلي الله عليه وسلم، وهي عقيدة الجد عبد المطلب، إنه "علي ملة الأشياخ"، ويفترض أنها ملة توحيدية بالرجوع لابن كثير وجدت الرواية موجودة عن عبد الله بن عباس يقول إن الرسول دعا أبا طالب عند وفاته للنطق بالشهادتين فأبي أن يشهد وقال: "هو علي ملة الأشياخ.. هو علي ملة عبد المطلب"، وبالتالي ملة الأشياخ لا تقوم علي التوحيد، فكيف تكون هذه الأيديولوجية الهاشمية قائمة علي فكرة التوحيد التي تم استيرادها من يثرب؟
فهو هنا حرّف كلام ابن كثير الذي يقول في مواضع عديدة: إن عبد المطلب مات علي ما كان عليه من دين الجاهلية.
هل تتكرر ظاهرة التحريف؟
هناك تكرار كثير جدًا والأخطر فيه ليس ابن كثير أو الطبري بل أخطر ما اقترفه مما أسميه "الحرام العلمي"، إنه حرف في آيات القرآن، التحريف الأول أن الأية السادسة من سورة الصف ونصها: "وإذ قال عيسي ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"، عندما استشهد بها قال إنها الرسالة التي كان يرسلها عندما كان مضطهدًا في مكة حتى إذا هاجر إليهم في المستقبل أحسنوا استقباله، والنص كما أورده: "إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة" فقط، وحذف ما قبله وما بعده علي أساس أن هذا الكلام ليس لسان عيسي عليه السلام كما هو في القرآن بل رسالة من محمد ليهود يثرب، وهذا تحريف واضح.
هل النظرة المادية التي يعتمدها الدكتور سيد القمني مقبولة علميًا؟
في إطار مناهج البحث هذا غير مقبول، وهو قال أنا مادي، وإن كان هذا بعد ذلك أصبح يركز علي أنه علماني أو ليبرالي، وهذا اعتراف مهم وارد في صفحة 282 من كتابه "الأسطورة والتراث"، وعندما عدت إلي المراجع الفلسفية التي تشرح المصطلح وجدت أن هناك ما يسمي "المسألة الفلسفية الأساسية" التي تحدد الموقف من الكون والإله والطبيعة والإنسان وكل المبادئ الكبرى في الكون. وهذه المسألة هي: أيهما أسبق في الوجود: الله أم المادة؟ إذا قلت إن الله يسبق المادة أي كان دينك فأنت بالإله والنبوة والوحي والإنسان والخلق، إذا قلت أنا مادي هذا معناه أن المادة تسبق الإله في الوجود، والله هنا وجوده لاحق بعد المادة والإنسان، فالإنسان في المفهوم الماركسي هو الذي خلق الدين والإله معًا، وهي فكرة خاضعة للتطور.
فهل تعتقد أنه صاحب اجتهاد إسلامي؟
لا.. أنا أعتقد أنه يقوم بدور تخريبي في الثقافة الإسلامية، وهو معادٍ لما يؤمن به المصريون، ودوره تخريبي وليس تنويريًا، والشعار تنويري لكن الدور تخريبي في الثقافة المصرية.
هل هو يجتهد في طرح تفسيرات جديدة أم يؤسس لثوابت جديدة؟
هو لا يطرح رؤية اجتهادية جديدة بل استورد رؤية استشراقية ويحاول فرضها علي ثوابت الإسلام، وفي مساحات كبيرة من الرؤية الاستشراقية هي معادية، وفي موقفه من القرآن يظهر هذا بوضوح.
ماذا تعني بموقفه من القرآن؟
موقفه من القرآن "فضيحة منهجية" وأهم معالمه أنه يتبنى وجهة نظر المستشرقين الذين يقولون إن القرآن بشري المصدر وليس وحيًا من السماء، وهو يقول إن شعر أمية ابن أبي الصلت هو المصدر الشعري للقرآن الكريم، وبناء علي هذا حتى لا يقول إن هذه قناعته ولكي يبدو منهجيًا، نسب هذا الكلام إلي الدكتور جواد علي المؤرخ العراقي المعروف في كتابه الشهير: "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، وبالعودة للكتاب وجدت ما يلي: لأن الدكتور جواد أمين ويحترم المنهجية نقل آراء المستشرقين وناقش عبر افتراضات علمية كل الاحتمالات بشكل علمي، والقمني نقل أقوال المستشرقين ثم ادعي نسبتها للدكتور جواد علي، لكن جواد علي ناقش كل الآراء بحياد ثم قال إن هناك استحالة منطقية لأن يكون القرآن من هذا المصدر.
ما ملاحظاتك الختامية؟
ملاحظاتي الختامية أنه لا يحترم قارئه العلماني ويهرب من المواجهة خلال سنوات، لأنه يفضل الحوار مع أصحاب الصوت العالي لأنهم خصوم يسهل الانتصار عليهم، أيضًا أقول لمن يدافعون عنه المنهج الضعيف هو الذي يدفع إلي إفساد الأدلة وتحريفها، والغريب أنه كان يري أن مصر مستشفي أمراض عقلية كبيرة، فهل منحه جائزة الدولة يؤكد ذلك!
التعليقات (0)