بقلم/ سامح عسكر
مشروع التوهان بين نيتشة والإخوان
ساقنا الحديث عن مشروع النهضة الإخواني وعن أمل عظيم يحدو كل متنبه ويقفز به إلى خيرٍ كثير ينتظر البشرية، ويخلصها من وحل الإستبداد والقمع بكل أشكاله، ليست أول مرة يمر فيها الإنسان بذلك الوعد لمدينة أفلاطون الفاضلة، حتى الصورة الذهنية للدولة باتت مرسومة لغاية أن يدركها العامة قبيل العلماء،دولة يحكمها"الإسلام" وليس"المسلمون" ليخلق من الأرض الجِنان، ويُذهب بالإنسان بخياله إلى أفقٍ مديد لا ينتهي عند مد البصر، تكثر فيها الأحلام والطموحات وفي ظل الأحلام ينتبه القائمون على المشروع على عوائقَ شتى، الجميع متربص ومتآمر ولا حل مع تلك الصنوف إلا الصفع لسد الفراغ.
لا تكفي الفكرة الصائبة لإخراج معنىً نبيل يُقنع ذواتِ الشكوك، بل لابد معها من عمل يُقنع هؤلاء ولو بطريقة غير مشروعة،فالحقيقة واحدة لديهم ولا مجال فيها للتثنية، ومن أراد عن منهجنا فليتخذ لنفسه طريقاً غير طريقنا وبيتاً غير بيتنا، فنحن الحالمون العاملون، أما أنتم فكُسالى وأمّيون،لا يهم أن نكون من ضيقي الأفق ولكن سننجح بسلطتنا وشعبيتنا، أما أنتم فبماذا انتفعتم من سعة اطلاعكم غير القراءة الفارغة، أنتم تقدسون الثقافة كأنها دين، أما نحن فنقدس الدين فنكون من الثقافة فالدين لدينا ثقافة ولسنا بحاجة لاطلاعكم، يردون عليهم ليست الثقافة ديناً بل فكرة وسلوك ومنهج نعرف عن طريقهم الأديان وسر حياة الإنسان فننول رضا الرحمن، فمن عرف نفسه عرف غيره، وأنتم لا تعلمون ذوات أنفسكم فكيف ستعلمون ذوات غيركم.
قولوا لنا بربكم كيف اختلط دينكم بتنظيمكم حتى باتت قُدسية التنظيم لديكم في مرتبة الدين، ومن انتقد التنظيم فقد انتقد الدين، قولوا لنا كيف تفسرون جهلكم بفولتير وديكارت وهيوم وماركس وجيمس ونيتشة وكانت ولوك وبسكال وغيرهم...قولوا لنا كيف تفسرون جهلكم بابن سينا وابن رشد والكندي والفارابي والباجي والسبراوزي والصدر والشيرازي حتى استبدلتم هؤلاء جميعاً بابن تيمية وابن عثيمين وابن باز وابن جبرين وغيرهم من الأبناء! لقد خلق ذلك لديكم جيلاً لا يحمل في مضمونه إلا فراغاً قاتلاً يوشك أن يذهب به إلى غياهب الجهل والجمود ومنه إلى التطرف والعنف، كيف تستبدلون الفلسفة والحكمة والمعرفة بفقه الوضوء والجنابة والحمّامات، وبفقه النقاب واللحية وكيفية آداء الفروض، ومن سيتحمل مسئولية جهل هؤلاء بالفروض بعد 14 قرناً من آدائها جيلاً بعد جيل!
مشروعكم قائم على القوة والتمكين لا على الإقناع والمشاركة، وما من مشروع كهذا إلا ويُصبه طلُّ الفراغ والإكتفاء ولو بعد حين،قولوا لنا ما الإنسان لديكم،وما دوره في دولتكم ، وما إذا تغوّلت الدولة ماذا ستفعلون، أشك أن 99% منكم لا يفهم معنى تغول الدولة والباقي إذا فهم المعنى لا يملك الأرضية لرؤيته ورصده، وبالتالي فلا تحيطون جميعاً بخطر هذا التغول في صناعة دكتاتور عصري بمقياس القرن الحادي والعشرين، قولوا لنا ما دور الأتباع في التبرير والتقويم، وهل جيشكم التبريري سيعمل عند الخطأ والتعظيم عند الإصابة، أم لديكم القدرة على تحويل هذا الجيش إلى عامل بناء وتقويم لا إلى عامل هدم لا يشعر به أحد منكم إلا بعد وقوع الكارثة.
التعليقات (0)