مواضيع اليوم

مشروع التوهان بين نيتشة والإخوان "القوة لا تصنع دولة بل تصنع سلطة"

سامح عسكر

2012-08-14 14:54:18

0

 مشروع التوهان بين نيتشة والإخوان

القوة لا تصنع دولة بل تصنع سلطة

في رواية فريدريك نيتشة الشهيرة ب"هكذا تكلم زرادشت" انتصر فيها لصورة برودة الدولة كونها أكثر الوحوش برودة، فهو يرى الدولة وحشاً بلا حياه ، يتغول هذا الوحش ليسلب وعي الإنسان وإدراكه ، ويرى في ذات النص أن زرع الألغام أمام الكثرة هو عمل تخريبي وليس له علاقة ببناء الدولة- كما يظن بعض الحالمين، أستطيع فهم نيتشة بكون الألغام لديه كناية عن أفكار غير مفهومة وغير مقنعة، وأن الكثرة لديه هي الجمهور الذي سيستفيد ويحكم ، فالمجازفة بهذه الصورة تعبير عن رؤية مترابطة لديه لمفهوم الدولة، وأن فلسفة القوة لديه لها ألف مبرر ونتائجها ملموسة.

القوة لا تصنع دولة كون الدولة كيان اعتباري ومجرد ليس كمفهوم نيتشة الميت، بل كونها تؤثر في المجتمع كساحرٍ أبهر عشاقه وهم في لحظاتٍ من القبول بكل ما يجدونه، وكأن الدولة هنا هي الشيخ المُعلّم والشعب هم التلاميذ الذين إذا سألوا شيخهم عن خطأ تبدى لأحدهم فيسأله عن استحياء، ولكن في النهاية فالشيخ والساحر لديهما من التأثير بما يسمح بسلب الوعي والإدراك فيما لو افتقد الآخر أرضيته العقلية للسؤال أو التمرد، الأعجوبة هنا ليست في القدرة بل بإرادة القدرة، أو كما سماها نيتشة"إرادة القوة"..وكأن إرادة السابق قاضية على اللاحق ولو بفرض الغباء ..والدولة"المصنوعة" يلزمها بناءاً اجتماعياً وثقافياً يعالج أوجه القصور التي سببتها القوة في الأنفس ونتائجها الاستقطابية.

القوة تصنع فقط سلطة تحكم وتدير أعراض الدولة ومؤسساتها ومصانعها، السُلطة هي التي تُنتج الأفكار بغض النظر عن ماهيتها وجودتها، السلطة هي التي تؤثر في الناس عبر خطاب العام والخاص، فما من دكتاتور إلا وكانت له أرضية شعبية تصفع الأقلية وتحنو على الأكثرية، وتضع المعارض موضع الشك وتضع الموالي موضع الثقة، أما الدولة فبصورتها الوحشية النتشوية فهي في حقيقتها سُلطة ولكنها أعلى سلطة تستمد شرعيتها من القوة وكأن المشروع النهضوي الإخواني يحاكي رؤية نيتشة في قاعدية الدولة وبلوغ رأس السلطة للهيمنة.

المشروع "التوهاني"الإخواني لا يحاكي-حسب التطبيق إلى الآن-سُبل قيام الدولة من حريات وحقوق ومنافسة وعقود اجتماعية وسياسية ينضوي تحتها الجميع بلا تفرقة "إطلاقا"..فرأينا غلق القنوات الفضائية-أياً كانت- ومصادرة صُحف المعارضة-أياًكانت- وتهديد الإعلاميين عبر الإرهاب الفكري والتدخل في الحياه الشخصية لبعضهم ونشر الشائعات السلبية عنهم وما إلى ذلك من وسائل تحصر دولة الإخوان في التنظيم ، ولا تجد فيها متنفساً إلا بعقدٍ من الوصاية .

المشروع"التوهاني"الإخواني لم يعد يقبل بفكرة معاً لنُصلح الدنيا بالدين وكونها مُدخلاً لحكم"الإسلام"لا "المسلمين"، ولكنه قَبِلَ بنفي المقارنة بين الخلافة وثيوقراطية الكنائس، لم يعد يقبل بشعار "الإسلام هو الحل" وكأن الشعار كان عبئاً ثقيلاً تحمله وجهاء التنظيم في الذود عن المدينة الفاضلة، ولكنه قَبل بفكرة تطبيق الشريعة"تدريجياً" وهو لم يبذل أي جهد في التجديد لمعرفة أطر وكيفية التطبيق، لم يعد يقبل بأستاذية العالم وكأنه اكتشف فجأة أن ما بينه وبين الأستاذية ما بين الأرض وبلوتو.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !