ش مشروعية الثورة العراقية للدفاع عن السيادة والاستقلال
د . حسن طوالبه
انه لامر مريب ان تتجاهل معظم وسائل الاعلام العربية والعالمية ثورة الشعب العراقي التي مضى عليها اكثر من شهر , في حين تتسابق هذه الوسائل لتدواول اخبار اقل اهمية . الامر نفسه كان مع المقاومة العراقية ضد القوات الامريكية طيلة سنوات الاحتلال , اذ كانت وسائل الاعلام العربية تتناول انباء المقاومة على استحياء وتنسبها الى مصدر غير معروف , في حين ان المقامومة لم تخفي نفسها , بل كانت وما زالت تصدر البيانات العسكرية الموثقة بالصوت والصورة .
وانه لامر محزن ان تصمت المنظمات العربية الشعبية والمهنية ازاء ما يجري في العراق , فلم نسمع اصوات التأييد لهذه الثورة السلمية , والعادلة في مطالبها . كما انه امر مريب ان تصمت منظمات حقوق الانسان العربية والعالمية على الجرائم التي ترتكبها عصابات الاحزاب الطائفية وخاصة عصابات حزب الدعوة التابع لنظام الملالي في ايران ضد العراقيين المعتقلين , وانتهاك حرماتهم بالاغتصاب والتعذيب . والاعجب هو صمت السيد مارتن كوبلر رئيس اليونامي في العراق , الذي بات يحابي حكومة المالكي في كل القضايا التي لنظام الملالي موطئ قدم فيها . فهذا الرجل الذي تفرض عليه مهنته ووظيفته الاممية ان يكون محايدا ومهنيا ازاء ما يحدث في العراق , وبالذات كل ما يخص هموم الشعب العراقي الذي ناله من الظلم البين على ايدي مليشيات الاحزاب الطائفية التابعة لايران الشيئ الكثير . فهذا الرجل لم يقدم تقارير تنال من المالكي او من حكومته الفاسدة . - قال كوبلر- تأييداً للمالكي- عبر قناة الحرة التلفزيونية في 13 كانون الثاني 2013 " ان بعض الشعارات التي رفعها المتظاهرون غير قانونية، ونحن ندعوهم بعدم ترديد شعارات حادة وقوية". وسبق له ان كرر تصريحات المالكي في 15/12/2012 التي نفى فيها وقوع أي انتهاك لحقوق الانسان في السجون العراقية، أو اغتصاب للسجينات، ودعا الشباب العراقي إلى عدم مغادرة العراق والتعاون مع الحكومة العراقية.(قناة العراقية في 15 كانون الأول 2012) , ويغافل كل التقارير التي فضحت تلك الممارسات المنافية لحقوق الانسان التي ضمنتها الديانات السماوية والقوانين الوضعية .
وتأييدا لانحياز كوبلر لحكومة المالكي فقد صرح الدكتور أحمد العلواني رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي بان مارتن كوبلر غير حيادي، ولديه اتصالات مشبوهة مع دول المنطقة وبعض الاحزاب السياسية، ولو كان حيادياً ومهنياً فكان عليه أن يلتقي بالمتظاهرين بدلاً من إجراء اتصالات مع أطراف سياسية معينة، وادعاءه بعدم شرعية مطالب المتظاهرين. (تلفزيون بغداد في 14 كانون الأول 2013) . وايده في ذلك الدكتور سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الانسان في البرلمان العراق اذ قال "أن الأمم المتحدة موجودة في العراق، وكنا نقدم لها التقارير قبل وقت مضى حول قضايا تتعلق بانتهاك حقوق الانسان، وهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن الأمم المتحدة تتعاون مع سياسات يجري تنفيذها في العراق.(الجزيرة في 14 كانون الثاني 2013)
في حين نذكر بالشكر موقف اللجنة الدولية للبحث عن العدالة التي ادانت عمليات القمع والتمييز التي تمارسها الحكومة العراقية، وأعلنت دعمها لانتفاضة الشعب العراقي، واشمئزازها من موقف مبعوث الأمم المتحدة الداعم للمالكي. واعربت اللجنة عن قلقها البالغ ازاء الاجراءات القمعية لحكومة المالكي، وتضامنها مع انتفاضة الشعب العراقي التي وصلت أعلى مستواها يوم الجمعة 18 كانون الثاني، ودعمها لمطالبه .
وتوقفت اللجنة عند الاعدامات العديدة في العراق الصادمة لكل الضمائر الحية , فقد كانت الاعدامات عام 2012-طبقاً للأمم المتحدة- ضعف عددها عام 2011، وستة أضعاف عام 2010، كذلك التعذيب وسوء المعاملة للسجناء السياسيين، وبالخصوص الموت تحت التعذيب والاغتصاب، الذي تم تأكيده من قبل منظمات حقوق الانسان المستقلة. ودعت اللجنة الدولية للبحث عن العدالة الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية الدول الأعضاء، وغيرها من الدول الغربية لدعم الشعب العراقي بشكل لا لبس فيه، وعدم السماح بإنشاء سوريا جديدة بسبب عدم الاكتراث تجاه دكتاتور جديد في العراق، كما تدعو الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بتعيين ممثل نزيه في العراق لمد يد العون للعملية الديمقراطية هناك، بدلاً من ممثلها الذي يؤيد الدكتاتور.
وفي اطار انتهاكات حقوق الانسان في العراق يمكن تسجيل الخروقات الاتية :
1. وفاة عشرات السجناء والمعتقلين بسبب التعذيب القاسي المفضي الى الموت .
2- هروب مئات الآلاف من المسيحيين جراء استهدافهم بأعمال عنف مستمرة، تاركين البلاد كلياً أو جزئياً أو النزوح داخلياً.
3- ارتفاع عدد حالات الاعدام ، وأعربت مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان "نافي بيلاي" عن فشل المحاكمات التي أفضت إلى الاعدام في تطبيق ضمانات المحاكم الدولية العادلة، حيث تم الحصول على "اعترافات" تحت التعذيب أو غير ذلك من أشكال سوء المعاملة. وحسب اعترافات رسمية فقد ادين 6500 سجين بتهمة الارهاب غالبيتهم ادينوا بدون محاكمة قانونية .
4 . نال قانون "مكافحة الارهاب"، العديد من عناصرحزب البعث و عناصر الحكومة الوطنية السابقة بذرائع واهية افضت الى القتل والقمع. على الرغم من أن المحافظات السنية العراقية غالباً ما تعاني من القمع والضغط والتمييز على نطاق واسع، إلا أن تقارير مؤكدة تشير إلى أن الشيعة - خاصة أولئك الذين يقفون ضد التدخل الإيراني في العراق- يعانون كذلك من القمع بقوة وقسوة، وما يؤكد بشكل قاطع هذه الحقيقة هو سفر ممثلين عن المجتمع الشيعي من المحافظات الجنوبية من أجل دعم واسناد المحتجين في شمال وغرب العراق، وهذا يعني ان حكومة المالكي هي المسؤول الأول عن الطائفية في العراق، لانها تنفذ أوامر نظام الملالي الشمولي في إيران ، وإن صمت الولايات المتحدة تجاه عدم إيفاء المالكي بوعوده سيفتح الباب عملياً لتركيز السلطة المطلقة للمالكي وان هذا الرجل التابع هو المشكلة وليس الحل ابدا , ومشكلة العراق لا تحل الا برحيله . كما ان دعم بشار الأسد وتحول العراق إلى ممر لنقل المساعدات الإيرانية إلى نظامه، اجراء يضع المالكي في خانة الارهابيين الذين يقفون ضد ارادة شعبهم في التحرر ونيل العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات .
5 .ان تصنيف العراق ضمن الدول الفاشلة من حيث الفساد المالي والاداري , ونقص الخدمات الاساسية للمواطنين , والاعتقال التعسفي ضمن قانون الارهاب , والعنف الذي يمارس ضد المعتقلين , وملاحقة القوى الوطنية والصاق تهم الارهاب بهم , كلها مبررات لقيام الثورة العراقية , ومشروعيتها قانونا وشعبية .
6 . كما ان تبعية حكومة المالكي لنظام الملالي في ايران , وفتح ابواب العراق لتسلل الارهابين من عناصر قوات القدس المعروفة بارهابها العالمي , وغض النظر عن ممارساتها ضد العراقيين , يعد تفريطا بالسيادة الوطنية العراقية , وثلم للاستقلال الوطني .وعليه فمن حق العراقيين ان ينتفضوا للحفاظ على سيادة بلدهم واستقلاله الوطني . فالثورة العراقية مشروعة وفق القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة , الذي يدعو الى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية . ولما كان نظام الملالي يعيث فسادا في ارض العراق , فمن حق العراقيين ان يثورا ضد من لا يحافظ على سيادة بلدهم واستقلاله .
ان استقالة الحكومة وتشكيل مجلس تنفيذي مؤقت يأخذ على عاتقه الاعلان عن انتخابات مبكرة هو الحل المعقول بحيث يفضي الى تشكيل حكومة وطنية غير تابعة لاي طرف خارجي , تأخذ على عاتقها طرد اي وجود اجنبي من العراق , وتسخير ثروات العراق الكبيرة لخدمة العراقيين وليس لدعم الاسد , او سد العجز في الميزانية الايرانية .
التعليقات (0)