مواضيع اليوم

مشايخ في الأسواق

بدر الشبيب

2009-04-01 21:34:25

0

يكتفي بعض المشايخ بإيصال رسالتهم إلى من يحضر مسجدهم أو منبرهم أو مجلسهم أو درسهم، وهذه الطريقة – رغم أهميتها – تقصر في أحايين كثيرة عن الوصول إلى من يهمه الأمر.

فغالب الذين يرتادون المساجد والحسينيات ومجالس الدرس والذكر هم من المتدينين، بينما تبقى شريحة أو شرائح أخرى لا علاقة لها بهذه الأماكن ومنتجها الثقافي، بل إن علاقتها ترتبط بمكان ثقافي آخر لا يمت لواقعها بصلة، هذا المكان الثقافي قد يكون في هوليوود أمريكا، أو بوليوود الهند، أو في استوديوهات المكسيك أو تركيا وغيرها من الأماكن التي لا ينتظر منتجها مجيء الزبون إليه، بل يقتحم هو على زبونه بيته وخصوصيته ليصله محملا بالأشياء من ألوان صارخة وموسيقى صاخبة وملابس توتية إلى آخر الصورة البانورامية المدروسة بعناية والتي تمثل الشكل الظاهري الجميل لساندويتشة محشوة بالأفكار التي لا يراها المتلقي ولكنه يأكلها مرتاحا مع كل لقطة ومشهد ليكون في نهاية الفيلم أو المسلسل خلقا آخر يعيش جسده في مكان وينتمي عقله إن بقي منه شيء إلى مكان آخر.

وقد يكون هذا المكان الثقافي افتراضيا على الشبكة العنكبوتية يلتقي فيه الآلاف بل الملايين من شتى بقاع الأرض لينتج من ينتج ويستهلك من يستهلك، ونحن نعلم يقينا إلى أي طرف ننتمي.

من هنا تأتي أهمية وجود مشايخ يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، أعني مشايخ يتحركون بين الناس يعايشون واقعهم وينقلون إليهم رسالتهم، لا ينتظرون من يأتيهم، بل يبحثون عن مواطن الحاجة ويفزعون إليها بدافع الإصلاح والتغيير مقتدين في ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله الذي وصفه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله:

«طبيب دوّار بطبّه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه؛ يضع من ذلك حيث الحاجة إليه؛ من قلوب عميٍ ، وآذان صمٍّ، وألسنةٍ بكمٍ، متتبّع بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، ولم يقدحوا بزناد العلوم الثاقبة. فهم في ذلك كالأنعام السائمة، والصخور القاسية» نهج البلاغة: الخطبة 108. إن الفرق بين النموذجين واضح، فالأول كمن ينتظر فقيرا يطرق بابه ليعطيه، والثاني كمن يفتش عن الفقير ليسد حاجته.

في بلادنا اليوم هناك وعي متزايد بأهمية الدور الميداني للمشايخ، وهذا بلا شك سيساهم في تغيير الصورة النمطية للشيخ، وفي نفس الوقت سيجعل العلاقة بين المشايخ والأجيال الشابة أكثر تفاعلا وأعمق رسوخا.

لقد شهدنا في الأيام الماضية قيام كوكبة من المشايخ بخطوة رائدة حيث ذهبوا إلى سوق «واقف» بالقطيف، وقاموا بمناصحة بائعي الأشرطة المخلة بالآداب، وقد لاقت تلك الخطوة قبولا من البائعين واستحسانا وإشادة من المجتمع.

كما شهدنا قبل ذلك قيام شيخ الميدان الأول سماحة الشيخ حسن الصفار بإطلاق مبادرة لاحتواء الشباب المهمشين الذين تحملهم بعض الأوساط مسئولية العديد من الظواهر السلبية على صعيد الأمن الاجتماعي في محافظة القطيف.

نحن نعلم كما يعلم أصحاب هذه المبادرات بأنها لا تكفي لوحدها لحل مشاكلنا العالقة، ولكنها خطوة مهمة على الطريق، يجب أن ترفد بخطوات أخرى من قبيل تكوين مؤسسات بحثية تعنى بالشأن العام، وأخرى اقتصادية، وثالثة ثقافية، وهكذا…

ألف تحية من الأعماق لكل صاحب مبادرة من أجل مجتمع أفضل.
ألف تحية من الأعماق لسماحة الشيخ حسن الصفار.
ألف تحية من الأعماق لسماحة الشيخ محمد عمير
ألف تحية من الأعماق لسماحة الشيخ مالك الميلاد
ألف تحية من الأعماق لسماحة الشيخ حسام آل سلاط
ألف تحية من الأعماق لسماحة الشيخ علي الفرج
ألف تحية من الأعماق لسماحة الشيخ عبد الغني عرفات.

29 / 6 / 2008م




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !