إنَّ الانفتاح الإعلامي، في العالم العربي، وتعزيز مساحات الحرية بصورةٍ أكثر مما هو عليه اليوم، بات يشهدُ قفزةً كبيرةً نحو تطوير الإعلام ككل، بدلاً من تهميشه، من قبل الجهات المعنية، صاحبة القرار، ما يعني أنَّ هناك بعض الأنظمة تحاولُ عرقلةَ أيَّ خطوة تنويرية من قبل بعض الفضائيات التي تعمل على إحداث نقلةً نوعيةً في مسار الإعلام، وبصورةٍ خاصة محطّات التلفزة الخبرية !
والمؤسف له، أنَّ القائمين على الإعلام، في البلاد العربية، لم يحاولوا يوماً الوقوف موقفاً حاسماً حيال ما يظهر في وسائلهم الإعلامية المرئية المقزّزة، الفاضحة،التي، دعونا نقولها، بأنها " خرّبت" عقل ومزاج وسيكولوجية المشاهد العربي، وأساءت إليه بصورة أو أخرى!
إنَّ المشاهد العربي صار يقع في حيرةٍ من أمره وهو يدير مفتاح التلفاز، وانتقاله من محطةٍ إلى أخرى، حتى أنَّه، بات يفاجأ، بأنَّ الغالبية العظمى من هذه المحطات، أو القنوات المرئية، أخذت تدفع، وبكل ما لديها من إمكانيات مادية، من أجل تمييع العادات العربية الأصيلة وبترها، وإحلال بدلاً عنها الصور الخلاعية التي نراها اليوم!
وفي الوقت الذي كان يجب فيه أن تكون هناك محاولات جادّة للإقلاع عنها، نجد أنَّ المسؤولين أنفسهم يؤكدون على استمراريتها، وبث صورها، وبكل ثقة في النفس، ما دام أنَّ الهدف منها الكسب المادي المجز الذي طالما أظهر شرخاً واسعاً في مجتمعنا العربي الطيّب، في نهاية الرحلة.. وهذا لا يمكن أن نغفل عنه، بل يجب على وزراء الإعلام العرب أن يكونوا أكثر درايةً، ومعرفةً بما يجري في هذا المحيط الدائر، من ترهّل، وفساد عقول الكثير من الشباب، الجيل الناشئة، الذي يمضي جُلَّ وقته ـ وللأسف ـ متابعاً لهذه البرامج، التي تُبان بصور هزيلة، سمجة، وخجلة!
وفي هذا الإطار، يمكن أن نقول، بأنه كان يجب فيه على هؤلاء المعنيين أن يكونوا ذواقين أكثر لهذه المشارب من المشاهد العربي، لاسيما وأنهم يحاولون غرسها في وجدانه، وفي نفوس أبنائه، وهو الآخر، لم يكفِ أنَّه سوّقها، بل تمسّك بها وهلّل بالقادم الآتي، "مكرهٌ أخاك لابطل"!
إنَّ هذه المحطّات التلفزيونية المرئية، وعلى كثرتها وتنوّعها وعللها، باتت تُخفي حكايات العري، والخلاعة، وهزّ الوسط، وسجلت ربحاً تجارياً بامتياز!
وما تركته من أحاديث تندّر سخيفة أساءت لمجتمعنا العربي، وأضافت إليه صورة من صور الفساد، والهبوط الهزيل الذي أساء كثيراً إلى مايعرض على الشاشة الفضية من مشاهد ماسخة باتت بانتظار المعالجة الحاسمة، وهذا يكفي؟!
عبد الكريم البليخ
التعليقات (0)