مواضيع اليوم

مشاهدات سائح في لؤلؤة القارات .. اسطنبول مدينة تبحث عن هويتها بين ماض من الزمن وات؟؟ (( 2 ))

شيركو شاهين

2011-04-16 12:56:27

0

اسطنبول .. مدينة التاريخ والتراث
اعزها السلاطين في الماضي .. وانطلقت مع العلمانيين الى المستقبل
شيركو شاهين
ــــــــــــــ
sher_argh@yahoo.com
لؤلؤة القارات
هي اسطنبول من حيث وصلها لقارتين هي الأهم من حيث تميزها الجغرافي، ففي الوقت الذي نلفظها نحن الشرقيين بـ( اسطنبول)، يلفظها أهلها بترقيق التاء (استنبول) وذلك بعد ان تحولت القراءة في اللغة التركية من الحروف العربية الى اللاتينية، بعد ان تقطعت السبل بين الأتراك والعرب لما اعتبروه حينه من خيانة العرب لحلفائهم الترك في الحرب العالمية الأولى، ومع علو بأس العلمانيين وبروز نجم القائد (مصطفى كمال أتاتورك) والذي حسم هويتها الأبجدية لصالح الغرب لتبدأ مرحلة ثقافية ولغوية جديدة.
هوية المدينة لازالت أمرا بالغ التعقيد، فالمدينة المشطورة كليا بواسطة مضيق البسفور او كما يسميه الأتراك (بوغاز استنبول)، فالمدينة مقسمة بنسبة الثلثين لحساب الجانب الأسيوي والثلث لحساب الجانب الأوربي، لتعبر عن حالة الأتراك حيث تنازعهم مشاعر الالتصاق بأصولهم الشرقية من حضارة ودين وتقاليد متوارثة ترتبط بأمجاد تاريخهم هذا كله من جانب، ومن جانب أخر حيث أوربا والعلمانية المطلقة وزيادة الحريات والنهضة الاقتصادية والصناعية والدعم اللا محدود من قبل العالم الغربي.
جانب أخر من التناقض الذي لم تختاره هذه المدينة لنفسها هو الفرق بين المحافظين والمتحررين من خلال الملابس والمظهر والذي قد تلمسه جليا في أحياء عديدة على رأسها طبعا تقسيم.
وبعيدا عن صراع الانتماءات تعد اسطنبول من المدن التجارية المهمة من حيث الموقع الجغرافي ومن حيث عدد الشركات بجنسيات وهويات أجنبية مختلفة خاصة وأنها تعتبر من أهم نقاط الوصل البري بين قارتي أسيا وأوربا وحجم موانيها الضخمة التي تحيطها من معظم جهاتها.
تقسيم .. قلب اسطنبول النابض
لا يمكنك ان تزور اسطنبول دون ان تمر بمنطقة ( تقسيم ) الشهيرة او تشرب الشاي في احد مقاهيها المزدحمة، وان كان الكثيرين يعتبرون زيارتها في الليل مغامرة غير محسوبة الا أنها بنظري مغامرة لابد منها وخاصة في ليال السبت!
وأكاد أشبه أهمية (( التقسيم )) بالنسبة لاسطنبول بساحة التحرير او الميدان في العراق حيث الزحام الشديد والأسواق المكتظة على مدى (24) ساعة ولكن الفارق الرئيس بين ساحات التقسيم والساحات الأخرى لدينا في الشرق وجود أسراب طيور الحمام والتي ينتشر لأجله بائعي الحبوب للسياح على اكفهم فتلتقطها هذه الطيور الجميلة.
ويلفت نظرك في التقسيم البنايات القديمة والمعاصرة جنب الى جنب، وكذلك (الترام) بطرازه القديم والذي يشق شوارعه ويمثل هذا الترام من أهم ملامح التقسيم ولأغنى لأي سائح عن ركوبه والتمتع بالتجول به.
الى جانب الترام التاريخي فيه تحتل محلات (بوركر كينك) الصدارة من حيث الجذب للسياح والمواطنين على حد سواء حيث تعتبر نقطة لقاء ومواعدة الشباب الأولى في المنطقة، ويمكنان تلاحظ العديد من مظاهر التشبه بالغرب عبر أزياء الشباب وتقليعتهم وقصات الشعر الغريبة فيه.
الى جانب هذا وذاك يعتبر شارع الاستقلال (استقلال جاده سي) أكثر الشوارع التجارية اهمية في منطقة التقسيم وهو شارع عريض نسبة الى غيره ومليئة بالمحلات والمحيطات التجارية والمقاهي والبارات والملاهي، وستجد فيه أصناف من البشر، أصدقاء ومحبين، متسوقين وسواح ، عابثين ولصوص، وكذلك شريحة المتحفظين من الفتيات المحجبات ، والحقيقة ان شريحة المحجبات او المحافظين يحاولون المزج بين الحرية والالتزام (شعار الاتراك عموما) وسط سيل القوانين الموجهة ضد الحجاب في هذا البلد.
منطقة التقسيم باختصار هي اسطنبول الحقيقة تحمل كل جمالها وتناقضاتها ولكن في التقسيم تلمس هذا لمس اليد.
البسفور ( بوغاز استنبول)
لن تكتمل بهجة زيارة اسطنبول الا بالابحار عبر مضيقها البسفور او ما يعرفه الاتراك بـ(بوغاز استنبول) وهو المضيق البحري الفاصل بين قارتي اسيا واروبا، ورغم ان الجو كان لطيفا الا انه وبمجرد ان تبدأ ابحارك يتملكك شعور بالبرد جراء التيارات الهوائية الباردة في هذا المضيق.
ومن خلال نظرة لشواطئ المدينة يمكنك ان تلاحظ الفرق في الحياة المعيشية لمدينة اسطنبول بشكل عام، فالبسفور لا يقسم المدينة الى شرق وغرب فقط بل تقسم الحياة فيها الى أعلى وأسفل!!
حيث تبدأ الحياة من الأسفل بقرى ومنازل الصيادين الخشبية البسيطة وكلما ارتفع مستوى الأرض كلما ارتفعت به مستوى البناء فيها من حيث الفنادق الحديثة الجميلة والقصور والفلل الفخمة والتي يملكها الأغنياء الذي يمثلون النسبة الكبرى من أصحاب الأراضي على هذه الشواطئ.
وتتجلى روعة الأعمار التركي بأبهى صورها كلما مررت من أسفل احد الجسور المعلقة الرابطة بين ضفتي المضيق والتي هي مفاتيح أبواب أسيا لأوربا، وتعد الجسور المعلقة التركية من الجسور العالمية من حيث العمر والتصميم وهذا ما يعكس روح التحدي لدى المعمار من عهد السلاطين وقصورهم والتي لازالت حتى يومنا هذا.
السوق المسقف
تزدهر اسطنبول بالكثير من الأسواق (الحديثة والقديمة) وخاصة منها الفلكورية والتي يرجع تاريخ إنشاءها لأكثر من قرن من زمان، وأشهرها وأهمها على وجه خاص السوق المسقف (جالشي قبغلي) او كما يعرفه السياح باسم (كراند بزار) وأكثر ما يميز هذا السوق عن بقية الأسواق الأبواب المتعددة للدخول والخروج منه والنظافة اللا متناهية لجميع أقسامه وكأنك في مطار دولي وليس سوق عادي، وبالإضافة لتلك الميزتين فان السوق مليئة بكل ما تشتهيه من البضائع كالذهب والملابس والعطاريات إضافة للتحفيات والصناعات الحرفية المحلية الصوفية منها والجلدية، والتي تصلح كهدايا جميلة في حالة عودتك من زيارة تركيا.
وقد يستغرب البعض اذا علم ان حاجة معينة اشتراها غيره بأكثر من (100 دولار) يمكنه ان يشتريها بـ(20 دولار) فقط !! فالتاجر التركي كحال التاجر الشرقي مستعد للمساومة وهذا ما يجهله الكثير من السياح الأجانب.
السوق المسقف او (جالشي قبغلي) او (الكراند بزار) أي كان اسمه الا زيارته مرة ستدعوك لزيارته بعده مرات.
الحياة العامة
الشعب التركي بشكل عام شعب بأخلاق عالية، يستقبل الغريب والسائح بروح المودة التي تلمسها على وجوههم (الصبوحة)، ويمتازون بنظري عن الشرقيين بحسن الهندام والأناقة الشديدة فتشعر باستمرار التعامل معهم ان كل يوم لديهم هو يوم جديد.
على الرغم من زحمة مدنهم وحياتهم المليئة بالسرعة الا ان الهدوء يميز مدنهم بشكل عام وتشعر بالنظام يسير حياتهم فالكلام لديهم عادة يكون بصوت خفيض والشوارع لا يعكر صفوها منبهات سيارات الأجرة او باصات النقل لذا تبدو بعد ذلك واحة من الرقي النفسي.
وعلى الرغم من زحمة السير ومشكلات المرور لمدينة يزيد نفوسها يوميا عن عشرين مليون نسمة ينتقل نصفهم يوميا بين شقيها الأوربي والأسيوي الا أن خضوع الجميع لأشارت المرور والقوانين والعقوبات الصارمة فيها يجعلها يجعل تلك المشاكل عموما لا تقاس وبسيطة نسبة لكبر حجم النفوس فيها وخاصة في فصل الصيف حيث ملايين الزائرين القادمين من أرجاء العالم.
الأسعار في تركيا مرتفعه عن مثيلاتها لدينا والخدمات خاصة تكاد تثقل كاهل المواطن (ان لم تكسره) فالكهرباء والمزود (وقود السيارات) ووسائل التدفئة في الشتاء أكثر ما يحاول المواطن التركي تدبره خاصة مع ارتفاع الأسعار المستمر وضعف قيمة الليرة لديهم والذي يرجعه الاتراك الى تطلعات تركيا للانضمام للسوق الأوربية، وتعتبر اسطنبول بشكل خاص من أغلى المدن معيشة بسبب الصبغة السياحية الطاغية عليها.
المطاعم والمقاهي بشكل عام منتشرة بكثرة في إحيائها فقيرة كانت او غنية حيث قال لي احد أصحابي ان اغلب اللقاءات للأصدقاء والأقارب تكون فيها حيث البيوت عادة ما تكون ضيقة وخاصة على الأغلب لاجتماع النسوة، واعتقد ان هذا السبب هو الوحيد بنظري المبرر لظاهرة المطاعم فيها.
خلاصة القول
الأيام ستمر في استنبول ونحن نطل عليها من باطن ذاتنا وقبل ان نتركها ستشعر انك تركت فيها جزء من روحك.
وستبقى عالقة فيك روائح العطاريات من أسواقها، وصور لمتاحفها وأوراق تذاكر سفر او فنادق ستبقى كلها في جيبك لحين عودتك لتتأكد من انك كنت في عالم حقيقي وليس حلم جميل.
أهل استنبول يقولون أنهم لا زالوا يجهلوها، فمهما أغرتك هذه المدينة الجميلة وكشفت لك عن مفاتنها فلن تهبك روحها، وتذكر دائما وانت تغادرها ان تحمد الله على ما رأيت ،، واحمد الله أكثر على ما لم تره!!
نشر بتاريخ ((03/01/2009))

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !