لم تكن المسيرة الوطنية التي نظمت يوم الأحد 31 مارس في الرباط، بدعوة من الكونفدرالية الديموقراطية للشغل والفدرالية الديموقراطية للشغل، مجرد حلقة عادية في مسلسل الإحتجاجات التي أصبحت مشهدا مألوفا في بلدنا خلال السنوات الأخيرة. بل شكلت محطة عبر خلالها المشاركون عن لسان حال فئة عريضة من المغاربة الذين لا يرون في الأفق ما يؤشر لتحسين أوضاعهم الإقتصادية والإجتماعية. وخروج الآلاف من مناضلي النقابتين مسنودين بدعم قوى اليسار حمل رسالة خاصة لحكومة السيد بنكيران...
هي رسالة واضحة لا تحتاج إلى كثير من النباهة لفهمها واستيعاب مضامينها. ومع ذلك، فإن ردود الفعل المعلنة من بعض القيادات في حزب العدالة والتنمية تؤكد أن الحكومة لم تقرأ الرسالة كما ينبغي، فقد حرص وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة على تبخيس حجم المسيرة من حيث الكم والدلالة، حيث تحدث عن" مسيرة سياسية لم تكن بالضخامة التي يحاول البعض تصويرها". لذلك حصرت الأرقام الرسمية عدد المشاركين بين ثلاثة آلاف وخمسة ألاف شخص فقط. والحال أن كل من حضر المسيرة أو تابعها عن قرب يعرف جيدا أن هذا الرقم لا أساس له من الصحة، لأن عدد المشاركين كان أكثر من ذلك أضعافا مضاعفة. أما توصيف هذا الحراك بالسياسي، فهو صحيح، وإن كان يراد به باطل. إنه اعتراف بنضج ووعي الحركة العمالية التي لا تفصل في نضالاتها بين المطالب الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. نعم هي مسيرة سياسية، لأن مطالب الطبقة العاملة هي في العمق جزء من النضال الإجتماعي العام الذي يتوق إلى مزيد من الكرامة والحرية والحقوق...
موقف مشابه صدر عن قيادي آخر في حزب المصباح، اختار من خلاله المسؤول الأول عن الذراع النقابي للبيجيدي السخرية من المسيرة، وذلك عندما وصفها ب" كذبة أبريل". المضحك المبكي أن مثل هذا الكلام يصدر عن مسؤول نقابي مهمته الدفاع عن الطبقة العاملة والمطالبة بتحسين أوضاعها، غير أن سلطة الولاءات الحزبية جعلته يتعامى عن كل المطالب التي صدحت بها حناجر المحتجين في مسيرة الرباط، بالرغم من أنه يدرك جيدا أنها مطالب كل العمال في هذا البلد وليست حكرا على فئة دون غيرها. ومثل هذه المواقف هي التي تسيئ إلى العمل النقابي وتطعن في شرفه ونزاهته... لكن، وبغض النظر عن القيل والقال وعن كل المواقف التشويشية التي تحاول النيل من هذه المحطة النضالية الناجحة، فإن مسيرة 31 مارس كانت حقيقة ولم تكن وهما أو كذبة. وكل من يهمه الأمر يدرك ذلك جيدا، لأن هذه الحكومة أبانت عن تخبط وعجز كبيرين في تدبير الشأن العام، ولم يكن بالإمكان أن يستمر صبر الطبقة العاملة لفترة أطول، خصوصا في ظل القرارات اللاشعبية التي أقرتها هذه الحكومة، والتي يبدو أنها ماضية قدما في إقرار المزيد من الإجراءات والتدابير المماثلة، وهو ما ينذر بمزيد من الإحتقان الإجتماعي في المستقبل.
إن خروج العمال إلى الشارع لا يراد منه التشويش على حكومة بنكيران كما يدعي البعض. ومن خلال المسيرة الوطنية " من أجل الحقوق والحريات كاملة " عبرت الطبقة العاملة - بالواضح لا بالمرموز- عن صمودها ورفضها للسياسات الحكومية بشكل عام. لقد كان حراكا عماليا من حيث الشكل النضالي، لكنه استحضر من حيث المضمون كل هموم وانشغالات الشارع المغربي. لذلك لابد أن يتم التعاطي مع رسالة 31 مارس بكل ما تستحق من اهتمام. وعلى الحكومة أن تفي بالتزاماتها في كل ما يتعلق بالشأن العام. أما التمادي في لغة " ابن المقفع" واتهام " قوى الممانعة" التي يحركها التماسيح والعفاريت، وتبرير الفشل بالإرث الذي راكمته التجارب الحكومية السابقة وبالأزمة الإقتصادية العالمية... فلن يغير في واقعنا شيئا ولن يشفع للحكومة عجزها. محمد مغوتي. 05 – 04 – 2013.
التعليقات (0)