مواضيع اليوم

مسيرة"آل عيّادراعية الحركة الاصلاحية والوطنية بقصرهلال بقلم الأستاذ الحبيب ابراهم

مراد رقيّة

2009-05-30 10:49:16

0

<p><br /> الــــــتزام<br /> هي الحقيقة أرضاها وإن غضبوا<br /> وأدّعيها وإن صاحوا وإن جلبوا<br /> أقولها غير هياب وإن حنقوا <br /> وإن أهانوا وإن سبّوا وإن ثلبوا</p> <p>جميل صدقي الزهاوي</p> <p><br /> من تعلّق بالزائل زال ومن تعلق بالدائم دام</p> <p>الحبيب ابراهم</p> <p>&nbsp;</p> <p>لــماذا؟</p> <p>كتبنا عن قصر هلال ولم تكن غايتنا تمجيدا لها. وكتبنا عن محمد بوزويتة والحاج علي صوّة ولم تكن غايتنا تخليدا لهما. فالماجد لا يمجد والخالد لا يطلب له الخلود. كتبنا عن قصر هلال لتذكير أبنائها بجذورهم. وكتبنا عن الرجلين نقلا لرسالتهما إلى الأحفاد. اللهم اشهد أننا بلغنا ! <br /> ونحن إذ نكتب اليوم عن آل عياد بقصر هلال فنحن في الحقيقة نكتب منهم ولا نكتب عنهم. هم الذين فعلوا فكتبنا، هم الذين أعطوا فأخذنا. وكذلك كان شأن بوزويتة والحاج علي صوة. لقد أخذنا منهم الكثير ولم نعطهم من عندنا شيئا. إنما هي &quot; بضاعتهم ردّت إليهم&quot;.<br /> بقي السؤال: لماذا كتبنا عن آل عياد؟ ولماذا عن آل عياد دون سواهم؟ سؤالان يفرضان نفسهما لأننا ندرك أننا سوف نكون محل اتهام أحببنا أم كرهنا!<br /> <br /> نبدأ بحمد الله أننا لا ننتمي إلى تلك الأسرة انتماءا دمويا- كدنا نقول داميا- لا من قريب ولا من بعيد. فأسرة ابراهم تنتمي إلى &quot;جماعة المرابطين&quot; اوائل القرن التاسع عشر وأسرة عياد تنتمي إلى &quot; جماعة الدحامنة&quot;<br /> ثم إننا كتبنا عن مسيرة آل عياد ولا عن آل عياد والفرق واضح. لماذا؟ وما علاقتها بي وبك وبنا؟ <br /> <br /> يتوقف المرء أثناء سيره امام مشهد يثيره أو بنيان يروقه أو شيء يدهشه أو يخيفه أو كائن يستفزّه، وتسأله: لماذا توقفت؟ فيردّ : أنظر ما أعلاه! انظر ما أبشعه! انظر ما أجمله! إلى غير ذلك من دواعي التوقف.<br /> ولقد درسنا كل الأشجار العائلية بقصر هلال-جملة وتفصيلا- بداية من القرن الثامن عشر إلى أواسط القرن العشرين وتوقفنا عند شجرة &quot;عياد&quot;. لماذا؟<br /> <br /> لاحظنا أثناء تسكعنا بغابة الأشجار الهلالية أن بعضها يستوقفك لترسم على جبينها &quot; حياكة&quot; وترسم على جبين جارتها &quot; فلاحة&quot;. تود لو تكتب تحت إحداها &quot;عدول&quot; أو &quot; مشائخ&quot; أو &quot;وطنية&quot; أو &quot; تجارة&quot;. وترسم تحت بعضها &quot;تناقضات&quot;. وقل ان تجد فيها شجرة تكتب تحتها &quot; لاشيء&quot;! <br /> وقد يطبع شخص واحد بطابعه شجرته العائلية بكاملها. كذلك فعل محمد بوزويتة وكذلك فعل الحاج علي صوّة وكذلك فعل احمد بورخيص وكذلك فعل محمد ابراهم وغيرهم كثيرون. فإذا قلت: بوزويتة قيل محمد وإلا قلت: صوّة قيل: الحاج علي وإذا قلت: بورخيص قيل: احمد وإذا قلت ابراهم قيل: محمد.<br /> وإذا قلت: عياد تلجلج اللسان!<br /> لماذا إذن؟<br /> <br /> لو انتزعنا من الغابة الهلالية شجرة بوزويتة وجذعها محمد لبقيت مكانها هوة يصعب ردمها<br /> ولو انتزعنا من الغابة الهلالية شجرة صوّة لبقيت مكانها هوة يصعب ملؤها.<br /> ولو انتزعنا من الغابة الهلالية شجرة عياد لبقيت مكانها هوّة لا يسدّها شيء. لأن انتزاعها يجرّ وراءه أشجارا كثيرة!<br /> لهذا توقفنا عند شجرة عياد وتفرّعاتها أي عن مسيرتها وسوف نرى ما تختص به تلك المسيرة وسوف نسعى إلى نقل ما اقتنعنا به غير عابئين &quot;بالقيل والقال&quot; ووو...<br /> &emsp;<br /> جزيرة جربة وقصر هلال<br /> كنا تحدثنا في غير هذا المكان عن احداث خطيرة عاشتها جزيرة جربة ودفعت بسكانها إلى الهجرة القسرية ( ) ورجحنا أن يكون حدوثها على دفعتين. فكانت الأولى حوالي سنة 1750 والثانية أواخر القرن الثامن عشر.<br /> ربطنا الهجرة الأولى بانشقاق الأسرة الحسينية الحاكمة إلى باشية وحسينية سنة 1740 وتصدّع البلاد بكاملها. ولاحظنا أن جربة كانت ذات اتجاه حسيني شأنها شأن قصر هلال والمنستير. وهو موقف جر لأهلها الكثير من المتاعب قبل أن تعود الشرعية إلى الأسرة المالكة. ولا ننس ما حصل لقصر هلال التي هجرها أهلها حتى خلت من السكان سنة 1737 ووجدوا لهم بالمنستير ملاذا( )<br /> <br /> شجرة آل عياد جدّها عياد بن الحاج مبارك بطيخ. وهو رجل كان ينتمي إلى&quot; جماعة الدحامنة&quot; كما جاء في دفاتر الأرشيف الوطني أوائل القرن التاسع عشر، وهي تسمية تدعو إلى التأمل. فهو اسم غير مألوف نقله دفتر القبائل سنة 1900 باللغة الفرنسية Rhamna لسوء قراءة المترجم لحرف الدال ( )<br /> o هذا الاسم مشتق من دحمان وهو اسم يسند للذكر كما يسند للأنثى اسم دحمانة وصيغ منه الجمع على غرار: زراد- زراردة، جربوع-جرابعة، بوغزالة-بغازلة، بوزويتة-بزاوتة... وهو اسم تكاد تختص به جزيرة جربة. وقد تصفحنا قائمة سكان الجزيرة لسنة 1855 وعددهم 4652 فوجدناه اسما ولقبا بقرى قلالة وأجيم والماي وآركو ( ) كما كانت بجهة بني معقل منطقة الدحامنة ( )<br /> o وأسرة جمور التي تحمل عقودها القديمة صفة &quot; الشريف الهلالي&quot; أسرة لا نشك في أصلها الجربي. أما صفة &quot; الشريف الهلالي&quot; فهي تشير إلى هجرة قديمة أتاحت للأسرة أن تسجل نهائيا ضمن الدفاتر الجبائية بقصر هلال. لا أكثر ولا أقل. وقد انتمت تلك الأسرة إلى مشيخة الدحامنة عند تأسيسها أوائل القرن التاسع عشر وتقمصت صفة&quot; الشريف الهلالي &quot; تاركة بجزيرة جربة الولي&quot; سيدي جمور&quot; <br /> o وكذلك فعلت أسرة بوستة، فقد عاش بالجزيرة الشيخ الاديب أحمد بن محمد بن أبي ستة الذي توفي سنة 1651 وإبن اخيه الشيخ محمد بن عمر بن محمد بن أبي ستة ( ) وقد انضمت أسرة بوستة هي الأخرى إلى مشيخة الدحامنة وتحمل عقودها القديمة صفة &quot; الشريف الهلالي&quot;.<br /> o وجدنا لقب بطيخ بقرية تاوريت ضمن قائمة سكان جربة لسنة 1855 ( )<br /> o كما وجدنا أشخاصا يحملون اسم عياد بقلالة واجيم وبني ديس وصدغيان <br /> o وحين حذفت مشيخة الجرابة بالمكنين وقصر هلال في جوان 1889 انضمت أسرتا بنبلة والمكسي الجربيتان اللتان قدمتا إلى قصر هلال أوائل القرن التاسع عشر إلى جماعة الدحامنة.<br /> o ولعله من المفيد أن نعلم أن ميدون واركو وبني معقل انتشر بها المذهب المالكي بدون منازع&quot; وان تاوريت تقع في المرتبة الأخيرة من حيث انتشار الاباضية (3) وذلك من شأنه طبعا أن يسهل اندماج المهاجرين في الوسط الهلالي ذي المذهب المالكي.<br /> o كل تلك القرائن تدعونا إلى الاعتقاد بأن غالبية جماعة الدحامنة أصيلة جزيرة جربة. وإذا تذكرنا أن النشاط الاقتصادي للمهاجرين من جربة يغلب عليه الجانبان الصناعي- أي الحياكة ( ) أو التجاري ولاحظنا- كما لاحظ<br /> الكثيرون- تشابها في سلوكيات &quot; الجرابة&quot; و&quot;الهلالية&quot; أدركنا الدور الذي لا نشك في أن العنصر الجربي لعبه في تطوير المجتمع الهلالي ونقلته من مجتمع فلاحي منغلق إلى مجتمع صناعي وتجاري يجوب البلاد طولا وعرضا شأنه في ذلك شأن الجربي نفسه ! <br /> ثم يجب أن لا ننسى أن الجربي حسين بن خليفة المكسي كان شيخ الجرابة بالمكنين وقصر هلال قبل أن يصبح خليفة قصر هلال كلها سنة 1893. ألا يدل ذلك على منزلة اجتماعية مرموقة؟<br /> وقد زالت مشيخة الجرابة اثر صدور أمر علي مؤرخ في جوان 1889 يقضي بضم الجرابة إلى العمل الذي استوطنوا به ( )<br /> كل ذلك يدعونا إلى الاقتناع بان الحاج مبارك بطيخ كان جربيا قدم إلى قصر هلال خلال القرن الثامن عشر. <br /> <br /> العائلات ( ) المنتمية إلى جماعة الدحامنة ( )<br /> اللقب الأصلي اللقب الحالي اللقب الأصلي اللقب الحالي<br /> 1 ابن احمد(3) ابن احمد- الدغموري-الهدار 13 سعيدان سعيدان-الجمل-جمال الدين<br /> 2 ابن خديجة ابن خديجة 14 سويسي سويسي<br /> 3 ابن الشسيخ ابن الشيخ-فنتر-فنطر-شمشيق 15 الشايب الشايب<br /> 4 ابن الطرشة(4) جابر-عمار 16 الصانع(8) الصانع<br /> 5 ابن غزالة (5) بوغزالة-عوين 17 عبد الله عبد الله<br /> 6 بطيخ (6) بطيخ-عياد 18 غزيّل(9) منصور<br /> 7 بوغزالة بوغزالة-الأكحل-الاميم-الممي الوسطاني 19 القاتي(10) القاتي<br /> 8 جمور جمور 20 ماضي ماضي<br /> 9 حليلة (7) الزياتي 21 مغيث(11) مغيث<br /> 10 الخفّي الخفي-جعيدان-الغوالي 22 الهاني الهاني-حمزة-زغبيب-لولن<br /> 11 الدردوري الدردوري-الشليوي 23 الهيل(12) الأسود-شبروش<br /> 12 سعيد سعيد <br /> ملاحظات:<br /> ضبطنا القائمة أعلاه على ضوء وثائق الأرشيف الوطني التونسي:<br /> 1- أملاك الغابة بقصر هلال لسنة 1840 ( الدفتر 1652)<br /> 2- قائمة الذكور البالغين لسنة 1860 ( الدفتر 759)<br /> 3- قائمة الخطايا المسلطة على السكان إثر ثورة 1864 ( الدفتر 2445)<br /> 4- بعض المعلومات المتفرقة ( مشيخات-تجنيد...)<br /> وقد مكنتنا تلك الوثائق والقائمات من اعادة تركيب الاشجار العائلية صعودا وتتبع تفرعها كما مكّنتنا من العودة إلى جذورها نزولا. مع العلم أن قائمات الأرشيف الوطني لا تمكّن من العودة إلى ما قبل القرن التاسع عشر.<br /> &emsp;<br /> فرع الحاج سالم من شجرة عياد</p> <p>عبد الرحمان (13) سالم (14) مصطفى (15) علي(16) عبد العزيز(17)<br /> حامد (10) أحمد (11) محمد(12)<br /> عثمان (6) سالم(7) محمد (8) خليفة (9) <br /> مبارك (3) امحمد (4) سالم (5)<br /> امحمد (1) عياد (2) <br /> علي الحاج مبارك<br /> بطيخ</p> <p><br /> <br /> - امحمد بن علي بطيخ- موجود 1840 ( دحامنة)<br /> 2- عياد بن الحاج مبارك بطيخ- موجود 1840 ( دحامنة)<br /> 3- الحاج مبارك بن عياد بن الحاج مبارك موجود 1898 حج ثانية سنة 1874 (1)<br /> 4- امحمد بن عياد بن الحاج مبارك من قدماء العسكر، دفع 45 مطر زيت (1864)<br /> 5- الحاج سالم بن عياد بن الحاج مبارك بطيخ، جند سنة 1863، فر من الطبجية ( المدفعية) سنة 1874 هاجر إلى بنغازي بليبيا ( تجارة) له بها اربعة أولاد: علي، حسن، فرج، السنوسي) (2)<br /> 6-عثمان عياد توفى 1943 ( 80 عاما)<br /> 7- الحاج سالم بن امحمد عياد، اعفى من المجبى من 1876 إلى 1879، عدل من 31 اكتوبر 1882 توفى 1928 ( 75 عاما)<br /> 8 محمد بن امحمد عياد، جند 1864، موجود 1894 (عقد)<br /> 9- خليفة بن امحمد عياد، موجود 1897 (عقد)<br /> 10- حامد، ولد 1897 توفي 1961 <br /> 11- احمد، ولد 1890، حياكة (1913) ثم تجارة، توفي 1949 <br /> 12- محمد، عدل بقصر هلال من 6 سبتمبر 1911 توفي 1953 ( 70 عاما)<br /> 13-عبد الرحمان، ولد 1929<br /> 14-سالم، ولد 1933 توفي 1990<br /> 15-مصطفى، ولد 1921 توفي 1927<br /> 16-علي، ولد 1922 توفي 1977<br /> 17-عبد العزيز، ولد 1925 توفي 2000 </p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>الحركة الوطنية</p> <p>الحركة الوطنية: عبارة تبدو خفيفة الظل يسيرة الفهم لكنها عند تفحصها مليئة بالفخاخ. ذلك أن المفاهيم تختلف باختلاف الاذهان. يرى بعضهم أنها تشمل كل حركة فردية أو جماعية تخدم الوطن. ويشترط آخر أن تكون جماعية ومنظمة. ويضيف آخر خطة وقيادة. ورغم انتفاء هذا الشرط فقد دعيت حركة 1864 ثورة رغم أن أساسها تمرد على الباي الذي ضاعف الأداء الشخصي (المجبى) <br /> أما محتواها فيختلف بين كلمة تقال أو علم يرفع أو مظاهرة حاشدة أو قنبلة تصطنع أو كمين ينصب والحقيقة هي أنها كل ذلك.<br /> وحسب هذه المفاهيم تتسع الحركة الوطنية أو تضيق.<br /> ومن هنا جاء الاختلالف بين عبارات العصيان والانتفاضة والتمرد والثورة وقد جاء في كتيب نشره المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية: &quot;تمرّدت بعض القبائل بأقصى الجنوب التونسي أثناء الحرب العالمية الأولى &quot;فاعتبرت تلك الحركة تمردا&quot; ( ) <br /> &emsp;<br /> الحركة الوطنية التونسية</p> <p>إذا اتفق على أنها حركة مناهضة للاحتلال الفرنسي فقد اختلف فيما عدا ذلك. اختلف على بدايتها ونهايتها ومحتواها. رأى بعضهم أنها بدأت &quot; بحركة الشباب التونسي&quot; ورأى آخرون أنها بدأت بتأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي سنة 1920 ورأى غيرهم أنها بدأت بتأسيس الحزب الدستوري الجديد يوم 2 مارس 1934. وقد يأتي من ينكر ذلك.<br /> أما نهايتها فقد جعلها بعضهم حصول البلاد على استقلالها يوم 20 مارس 1956 وأضاف آخرون المعارك الفاصلة بين البورقيبية واليوسفية وأردف ثالث معارك الجلاء إلى يوم 15 أكتوبر 1963 وختم رابع بتأميم الأراضي يوم 12 ماي 1964 إذ &quot; تكرست به السيادة على الأراضي&quot; ( )<br /> وأما عن المحتوى فقد سألت الهادي بن منصور قاسم( ): من هو علي بن اسماعيل بوعين ( ) بالنسبة إليك؟ فقال: خائن، ونعتته جريدة الوزير في آخر عدد لها يوم 8 ديسمبر 1955 بأنه شهيد. فهل هو خائن أم شهيد؟<br /> لقد اقفل ملف شهداء الوطن بضحايا الجلاء سنة 1961 ( ) فبماذا ننعت جنديا تونسيا سقط اليوم؟<br /> والطاهر بطيخ: ( ) رآه بعضهم مطيعا لتعليمات حزبية وخوّنه آخرون. زعم بعضهم أنه لقي مصرعه &quot; نتيجة خيانته( ) ونرى أنه زعم باطل <br /> وتأسيس الجمعية الخلدونية سنة 1897 أو جمعية قدماء الصادقية سنة 1905 أليس عملا وطنيا؟ ( ) <br /> <br /> من الناس من عدّ أعوام الحياة انطلاقا من الولادة ومنهم من أضاف إليها ما يقضيه الجنين في بطن أمه وحتى قبل ذلك مستدلا بما يرثه المرء من أبويه وحتى من أجداده! <br /> جاء في قاموس &quot; لسان العرب&quot;: قوّم الشيء وقاومه حتى استقام أي اعتدل واستوى. وقوائم الدابة التي يكون بها اعتدال الدابة واستواؤها. والرجال قوامون على النساء أي قائمون بأمرهن حتى تستقيم شؤونهن وتعتدل. <br /> وإذا قبل إن &quot; الحركة الإصلاحية تتمثل في تقويم ما أعوجّ فكرا وسياسية&quot; ( ) قلنا إن المقاومة هي العمل الهادف إلى ذلك التقويم. فهي إذن عمل اصلاحي يهدف أساسا إلى ارجاع الامور إلى الاستقامة. ويمكن أن ندرج ضمنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويمكن بالتالي أن نجعل من وسائلها النية والقول والفعل.<br /> <br /> لقد أدرك قادة الحركة الوطنية التونسية عموما وعلى رأسهم عبد العزيز الثعالبي ضرورة المرور بالمرحلة الإصلاحية منذ حكمت عليه محكمة الدريبة بالعاصمة سنة 1904 بشهرين سجنا من أجل سبه لعبد القادر الجيلاني وطريقته القادرية ولاشك أن ما آلمه أكثر هو أن الناس كانوا يهتفون خارج المحكمة مطالبين بإعدامه. ولقد &quot;عمّ البلاد جو من السكون والاستكانة&quot; بعد فشل المقاومة المسلحة الأولى ( )<br /> وأما بقصر هلال فقد كان دخول الجيش الفرنسي إلى القرية لأول مرة قادما من قابس وقضاؤه بها ليلة 12 جانفي 1882 فرصة لينكشف ما كان عليه الناس من اللاوعي. فقد تكفل مشائخ قصر هلال وعلى رأسهم الخليفة ومعهم الأهالي بجلب الحطب للجيش ودوابه بل ولم يحركوا ساكنا حين جمعت أسلحتهم وفرض على كل واحد منهم خطية لبرودة الاستقبال مع برودة الطقس! تصرفات كشفت سيطرة الطرق الصوفية أو المنتسبة إليها على العقول. <br /> ثم جاءت صحوة النخبة. وجاء الصراع المرير بينها وبين قوى الجمود وجاءت مرحلة الإيقاظ والإصلاح. وهو إيقاظ استجاب له البعض وأزعج آخرين.<br /> وقد أدرك قادة الحركة الوطنية بقصر هلال &ndash; بدورهم- وعلى رأسهم سالم عياد ثم محمد بوزويتة ضرورة التغلب على العدو الكامن في نفوس الهلاليين وكانت معركة ضارية بين رجال الإصلاح ورجال الزاويا امتدّت طوال العقد الثلاث من القرن العشرين.<br /> وكانت لتلك المرحلة جولتان انتصر في الأولى رجال الطرق فأزيح الحاج سالم عياد من طريقهم سنة 1926 وانتصر رجال الإصلاح في الجولة الثانية.<br /> <br /> الحركة الوطنية التونسية عموما والهلالية خصوصا مرّت- في نظرنا بمراحل أربع: <br /> 1- مرحلة اللاوعي <br /> 2- المرحلة الإصلاحية ( 1815-1920)<br /> 3- مرحلة المقاومة ( 1920-1952)<br /> 4- مرحلة المقاتلة ( 1952-1961)<br /> وإذا بوّبنا الحركة على ما ذكرنا فهو تبويب نظري لا يعني الفصل ولا ينفي التداخل أحيانا كما لا ينفي حدوث انتفاضات في المرحلة الأولى (صفاقس- قابس...) ذلك أنه لا يمكن الفصل بين الإصلاح والمقاومة. وعموما فقد انتقلت الحركة الوطنية من النيّة المقاومة إلى اللسان المقاوم إلى الذراع المقاومة.<br /> رمز الحاج سالم عياد إلى النية المقاومة ورمز ابنه احمد إلى اللسان المقاوم ورمز حفيده عبد العزيز إلى الذراع المقاومة.<br /> وإذا كانت الحركة الوطنية شجرة فسالم عياد أحد جذورها وابنه احمد أحد جذوعها وحفيده عبد العزيز أحد أغصانها. أما النسغ فواحد سرى فيها جميعا، إنه دم واحد في ثلاثة أجساد.<br /> <br /> الحاج سالم عياد والتاريخ</p> <p>كتابان طرقا موضوع الحركة الوطنية بقصر هلال:<br /> o كتاب: &quot;قصر هلال ومعركة التحرير&quot; الذي ألفه الدكتور احمد بكير محمود ونشره سنة 1975 ( الشركة التونسية للرسم)<br /> o كتاب: &quot; شروق وغروب&quot; الذي ألفه ابراهيم عبد الله بلا تاريخ <br /> ( مؤسسة سعيدان بسوسة) والملاحظ أن الكاتبين من قصر هلال وإن جمعت بينهما أشياء وفرقت بينهما أخرى. ومما جمع بينهما أنهما أغفلا الحديث عن جذور ما تحدثا عنه، تصرفا وكأن الحركة الوطنية نبات من فصيلة الطحالب.<br /> <br /> أما الأول -أي الدكتور محمود- فقد تعرّض إلى تأثر رجال الرعيل الأول بالدعوات الإصلاحية ثم بنشأة الحزب الحر الدستوري التونسي التي جعلها سنة 1917 (ص17) مرتكزا على التجارة التي كان يمارسها محمد بوزويتة أنذاك فجعل من الحركة الوطنية إحدى بضائعه المستوردة إلى قصر هلال. ولو كان الدكتور حاضرا لسألناه: هل محمد بوزويتة كان التاجر الهلالي الوحيد المتردّد على العاصمة؟ وهل أن التجار الهلاليين هم الوحيدون الذين كانوا يجوبون أسواق العاصمة؟ وهل أن نتائج تلك الاتصالات كانت واحدة لدى كافة المدن والقرى؟ وإن لم تكن كذلك فلماذا؟ <br /> نعم، نحن لا ننكر لما لتلك الاتصالات من أثر لكننا لا نعتبر ذلك التحليل كافيا.<br /> وقد اضطر الدكتور إلى بعض التراجع عند حديثه عن انشقاق الحزب واجتماع يوم 3 جانفي 1934 بقصر هلال فكتب: كان شخص آخر له فعاليته كان قد اجتمع إلى الزعماء المنشقين وهو يعرفهم جيدا كما أنه ابن دستوري قديم له نصيب من الثقافة والمعرفة والذكاء. هو المرحوم احمد بن الحاج سالم عياد. يعرف بالشيخ عياد. تعلم بالزيتونة سنين ولم يتمّم دراسته بها. وكان صديقا للطاهر الحداد ومحمد علي الحامي وكان يكره زعماء اللجنة التنفيذية &quot;(ص27)&quot; &quot;كان لا يقبل مسؤولية في شعبته ولكنه من كبار المناضلين&quot; (ص30)<br /> وكتب الدكتور عن مؤتمر 2 مارس 1934 بقصر هلال: &quot;قرر الاستدعاء احمد ساسي الحجري واحمد عياد&quot; (ص30)<br /> كلام صحيح في أغلبه لكنه لا يشفي الغليل وهو يثير التساؤلات بأكثر مما يجيب عنها.<br /> فهذا الأب &quot; الدستوري القديم&quot; ما حكايته؟<br /> وهذه الكراهية لأعضاء اللجنة التنفيذية ما حقيقتها؟<br /> <br /> وأما الكاتب الثاني- أي ابراهيم عبد الله- فهو رجل اعتبر حلوله بالساحة السياسية &quot; شروقا&quot; وغيابه عنها &quot; غروبا&quot;. ولا عجب أن يعتبر الحديث عما جرى قبله أي الجذور ضربا من اللغو! <br /> لم يكتف ابراهيم عبد الله بتجاهل الحاج سالم عياد ودوره الإصلاحي والعمل التجذيري الذي زرع به بذور الوعي الوطني بل ذهب إلى حد التوقف عندما اعتبره افراطا فكتب: &quot; لا بد أن نذكر احقاقا للحق بعض المبالغات المرتكبة تحت ستار مقاومة البدع مثل مناهضة القدماء بوسائل عنيفة أحيانا بعض الجماعات من الاخوة حفاظ القرآن الكريم الذين كانوا يجهرون عن حسن نية بالذكر الحكيم وببعض الترنيمات الدينية البريئة في الجنائز وخلف توابيت الموتى قبل وصولها إلى مقابر المسلمين&quot; (ص18).<br /> ونسب مادعاه &quot; بالمبالغة&quot; إلى زيارة محمد عبده إلى تونس&quot; في أوائل العشرينيات&quot; ( هكذا) (ص18)<br /> وهو كلام تنفيه الوثائق جملة وتفصيلا.<br /> ذلك أن الأمر لا يتعلق بتلاوة آيات قرآنية من جهة ولا &quot; بترنيمات دينية بريئة&quot; ولم يكن الجهر بها عن &quot; حسن نية&quot; ولم يكن موقفه هذا &quot; احقاقا للحق&quot; حسب قوله: فالرجل كان يعتبر نفسه سليل امحمد بن عيسى وربما زرع فيه والده ذلك الاعتقاد بعد أن أوقف على الزاوية عددا من الزياتين حسب شهادة قائد المجموعة ابراهيم بن الحاج امحمد ( كوزانة) الذي استند إلى ذلك التحبيس ليصر على ممارسة طقوسه وتلاوة &quot; دلائل الخيرات&quot; بالجامع الكبير ( )<br /> وقد وقع ابراهيم عبد الله رغم ثقافته النسبية في فخ الإعلام الشعبوي فاعتقد أنه سليل قبيلة بني هلال&quot; تلك التي كانت أول القادمين إلى تونس&quot; حسب قوله وأنه أصيل بلد عربي ( ) وأنه حفيد امحمد بن عيسى. وبالتالي فقد حق له أن يتدخل يوم 16 أفريل 1951 لدى الوزارة الكبرى لفائدة تعيين &quot; قريبه&quot; سالم الدوس مقدما على الزاوية عند وفاة سلفه ( ) وقد نقلت الوزارة الكبرى الطلب إلى عامل المنستير وانتهى الأمر بتحقيق رغبته فعيّن سالم الدوس نقيبا لزاوية ابن عيسى بقصر هلال يوم 18 نوفمبر 1951. ذلك كان الستار وهذا ما كان وراءه! <br /> قال ابراهيم عبد الله متحدثا عن العشرينيات من القرن العشرين: &quot; ظاهرة حب الوطن تنفرد بها قصر هلال&quot; وهو زعم خطير فيه اقصاء وتبسيط. أما الاقصاء فيتمثل في التفرّد المزعوم الذي يستوجب مقارنات لا قبل له بها. وأما التبسيط فيتمثل في اعتبار حب الوطن اسقاطا علويا اقرب إلى الوحي منه إلى الوعي. وقد كان عليه أن يتساءل: من كان وراء ذلك الوعي؟ نعم لقد قال أن كتابه ليست بحثا اكاديميا ( ) ولم نكن نطلب منه مثل ذلك البحث. إنما كنا نطلب إعمال الرأي.<br /> صحيح أن كتابه كان امتدادا لمسيرة خطابية ملتهبة. وقد كنا نرجو أن يبرّر فيه البعض من موافقة إزاء الحركة الوطنية بقصر هلال ورجالاتها. لكنه لم يفعل سوى أنه حاول طمس الجذور التي سبقت &quot; شروقه&quot; وربما كان لذلك أثر في &quot;غروبه&quot; ومن&quot; غربل الناس نخلوه&quot;.<br /> ولابد - لتدعيم كلامنا - من ذكر البعض مما لا حظناه من مظاهر الطمس: <br /> 1- ذكر ثمانية أسباب لانعقاد مؤتمر البعث بقصر هلال ولم يذكر من بينها الدور الذي لعبته &quot;دار عياد&quot; ولا دور صاحبها احمد عياد وهو الدور الذي اعترف به زعيم المنشقين أكثر من مرة.<br /> 2- ذكر الدارحين عرّج على زيارة احمد توفيق المدني- سنة 1922- حيث &quot; عقد اجتماعا كبيرا في دار الحاج سالم عياد أي نفس الدار التي تأسست فيها أول شعبة دستورية-شعبة قصر هلال- والتي ستصبح بعد ذلك على ملك ابنه المرحوم احمد عياد مقرّا لمؤتمر البعث المنعقد في الثاني من مارس 1934&quot; ( ) والحقيقة هي أن الاجتماع المشار إليه جرى في نوفمبر 1924 والاجتماع التأسيسي للشعبة جرى يوم 23 سبتمبر 1921. وقد حضر احمد توفيق المدني في كليهما.<br /> 3- جرى الاجتماعان والدار على ملك صاحبها الحاج سالم عياد. أما كان عليه أن يتوقف عند هذا الرجل؟ لماذا لم يقع الاجتماع بدار والده امحمد عبد الله مثلا؟ ثم لماذا انعقد المؤتمر بتلك الدار وهي على ملك أحمد عياد؟ <br /> كتب ابراهيم عبد الله:&quot; استقر الرأي على عودة الزائرين ( الحبيب بورقيبة والطاهر صفر) في الليل وعقد اجتماع بدار المرحوم الشيخ احمد عياد التي تحمل اليوم اسم &quot; دار المؤتمر&quot; ( ). هكذا وبكل بساطة. فلماذا هذا القفز على الحقائق؟<br /> صحيح أن الرجل لم يكن هدفه التاريخ بقدر ما كان هدفه &quot; تصفية حساب&quot; لكنه أضاع كليهما! <br /> &emsp;<br /> نشأة الحاج سالم عياد</p> <p>نشأ سالم عياد في عائلة لسنا نملك عن ماضيها إلا شذرات متفرقة لكنها إذا جمعت أنتجت صورة بها ملامح مضيئة.<br /> 1- ولد سنة 1852 وهو تاريخ حددناه اعتمادا على السن التي وقع التصريح بها عند وفاته سنة 1928 أي 76 عاما. وهو تاريخ معقول إذا علمنا انه أعفي من الاداء ( المجبى) من سنة 1876 إلى سنة 1879 بسبب الدراسة وأنه عيّن عدلا يوم 31 أكتوبر 1882 ( ).<br /> 2- سمّي باسم عمّه الذي كان قد جنّد سنة 1863 ( ) قبل أن يفرّ من الطبجية ( المدفعية) سنة 1871 ( ) ويلجأ إلى القطر الليبي حيث راح يمارس التجارة وأنجب من الأبناء أربعة: علي وحسن وفرج والسنوسي. ولعل الاسم الأخير يدل على أن الرجل اندمج في مجتمعه الليبي. وقد تواصل البحث والملاحقة طيلة سنوات 1874 ( ) و1877 ( ) و1880 ( ) ولا شك أن صاحبنا قد عاش ذلك الفرار وتلك الأبحاث إذ كان قد تجاوز العقدين من العمر.<br /> 3- عاش النكبة التي حلّت بالمنطقة عموما وبقصر هلال خصوصا حين حلّ الجنرال احمد زروق ليقمع ثورة 1864 ويسلط انتقامه الرهيب الذي أتى على الأخضر واليابس. فرأى والده وهو يدفع غرامة مقدارها 45 مطرا من الزيت ( ) والمطر Metritis وحدة لكيل الزيت تقدّر بخمسة وعشرين لترا تقريبا. وقد وقع ذلك التغريم رغم أن والده المغرّم كان هو الآخر من قدماء العسكر. <br /> فالواضح أن الجندي الهارب كان قد رأى مكاسب أخيه الجندي القديم وهي تسلب! <br /> 4- عاش الليلة الليلاء التي وطأت فيها جيوش الاحتلال الفرنسي أرض قصر هلال يوم السبت 12 جانفي 1882 بقيادة الجنرال لوجرو Logerot لتقضي الليل قبالة &quot; سبالة العتراوي&quot; بين قصر هلال وبوحجر. لقد كان جيشا جرّارا يتركب من 5505 من الجنود و185 من الضباط و533 من البغال <br /> و 1612 من الابل و1058 من الخيول و188 من العربات ( ).<br /> لا شك انه قد رأى ذلك الجيش قادما من المدخل الجنوبي للقرية. ثم رأى مشائخ القرية وهم يجمعون ما لدى السكان من السلاح وهي 76 قطعة ورأى السكان وهم يجمعون الحطب لتدفئة الجنود بأمر من مشائخ القرية وخليفتها. وقد كانت المكافأة غرامة سلطت على العساكر الهاربين ( ) رأى كل ذلك وعمره ثلاثون عاما ولما يمض على تعيينه عدلا بقصر هلال سوى عشرة أشهر.<br /> &emsp;<br /> مـسيرتــه</p> <p>o بدأ حياته العامة عدلا بقصر هلال يوم 31 أكتوبر 1882 ( ) ولم يبلغنا عما سوى ذلك شيء حتى جاء يوم 25 سبتمبر 1909 وعيّن إماما ثانيا بالجامع الكبير بقصر هلال بعد وفاة حسن القصاب( ) ولم نعرف موقفه من إنشاء المدرسة الفرنكو عربية ذلك العام بينما راح زميله العدل علي ابراهم يرحبّ بالحدث عند زيارة المقيم العام Alapetite لقصر هلال يوم 9 أفريل 1909 وقد مكّننا ذلك الحدث وما تبعه من الأحداث من إدراك أن الرجل لم يكن يحب الظهور. وإن الوثيقة العدلية التي عيّن بموجبها إماما ثانيا بالجامع الكبير وهي مؤرخة في 14 سبتمبر 1909 تصفه بإمضاء واحد وأربعين من وجهاء البلد &quot; بالفقيه النبيه الخير النزيه العابد الذاكر&quot;. والعجيب أن احد الممضين بتلك الوثيقة كان منصور بن علي الشملي والد الناصر الشملي الذي سوف يصبح العدو اللدود لسالم عياد. فسبحان مغيّر الأحوال! ( )<br /> o ثم عيّن يوم أول مارس 1916 إماما أول بالجامع الكبير بقصر هلال بعد وفاة خليفة القصاب ( ) وخلفه في الإمامة الثانية علي ابراهم الذي لم تدم امامته طويلا إذ توفي في ديسمبر 1916.<br /> o وقد بقيت خطة المدرس بالجامع شاغرة بعد وفاة خليفة القصاب فترشح لها كل من علي ابراهم والناصر الشملي وسالم عياد وأجريت على الثلاثي مناظرة يوم أول ماي 1916 كان فيها الفوز حليف الناصر الشملي ( ) وقد أعان ذلك الفوز صاحبه على النقلة عدلا من العاصمة إلى قصر هلال يوم 12 جانفي 1917 ( ).<br /> o ومنذ عيّن الناصر الشملي إماما ثانيا بالجامع الكبير يوم 7 فيفري 1917 ( ) تلبدت الغيوم وبدأت المشاكل تسود الجامع الكبير ثم تتجاوز رحابه.<br /> كان بالقرية آنذاك ستة رجال يحملون شهادة التطويع من التعليم الزيتوني، لكن الخلاف نشب بين اثنين: سالم عياد والناصر الشملي والحقيقة هي أن كل شيء فيهما كان يدعو إلى الخلاف.<br /> فهنا سالم عياد رجل ملتزم لحدود مهنته مقتصر عليها إلى حدّ الانطواء لم يبلغنا عن أفعاله وأقواله الشخصية شيء. وهذا الناصر الشملي القادم من العاصمة لا يترك مناسبة تمرّ دون أن يسجل فيها حضوره. وهذا سالم عياد رجل كتوم لم نقرأ له سوى رسالتين دفع إلى تحريرهما دفعا بينما حرّر الناصر الشملي ما يزيد عن سبعة رسائل ( )<br /> وهذا سالم عياد عاش مظلمة مزدوجة من الباي قبل الحماية وعاين الاحتلال الأجنبي والموقف السلبي للسكان فكره ما عاش وما رأى. وهذا الناصر الشملي أبوه منصور كان وما يزال من العناصر النشيطة بزاوية سيدي بنعيسى قبل أن يفسح له ابنه المجال ليمارس نشاطه الطرقي وتلاوة &quot; دلائل الخيرات&quot; بالجامع الكبير صحبة ثلاثة آخرين وعلى رأسهم ابراهيم كوزانة.<br /> وجهان متنافران يمثل أحدهما عبد العزيز الثعالبي ويمثل الثاني محمد مناشو-وكلاهما- على غرار صاحبينا- متخرج بجامع الزيتونة! <br /> وقد نجم عن اصطدام الرجلين صراع دام عشرة أعوام واستخدمت فيه اشد الأسلحة فتكا وكانت بفضله الصحوة والإصلاح &quot;ورب ضارّة نافعة&quot;!<br /> <br /> ماذا كان موقف الرجلين من الأحداث الجارية؟ ماذا كان موقفهما من الحرب العالمية الدائرة رحاها والتي سقط خلالها بالجبهة الفرنسية أربعة عشر من أبناء قصر هلال؟<br /> لقد عوقب الطاهر الزراد لمواقفه المساندة للسلطة العثمانية ( ) بنقله من الوزارة الكبرى إلى ثلاجة جمعية الاوقاف وعوقب المعلم محمد بلال-أصيل المهدية - بنقلة عقاب من المدرسة الفرنكو عربية بقصر هلال للسبب نفسه ( )<br /> فماذا كان موقف الرجلين؟<br /> ثم ماذا كان موقفهما حين راح الشيخ صالح حمودة- الذي سوف يصبح حليف الناصر الشملي لاحقا- يقود سكان القرية يومي 11 و 12 نوفمبر 1918 وفي مقدمتهم أتباع الزوايا تعبيرا عن ابتهاجهم لنهاية الحرب؟ ( ) لا ندري.<br /> لكننا سوف نستشفّ تلك المواقف من خلال مراسلات الناصر الشملي من جهة ومواقف احمد بن سالم عياد من جهة أخرى.<br /> وقد نجم عن اختلاف المزاجين واحتكاكهما حرارة بلغت حدّ الاشتعال! بدأ بمناوشات قلّ أن تخلو منها شراكة لكن سرعان ما تدخلت فيها أطراف أوسعت الخرق فاستعصى على الراتق!<br /> وما يجب أن نعرفه هو أن دور الإمام الأول كان يتمثل في إمامة الصلوات الخمس. أما صلاة الجمعة بخطبتها فقد كانت تجري بالتداول مع الإمام الثاني. وقد كان تغيب أحد الإمامين يستوجب عذرا شرعيا ويفرض نيابة الشريك. وقد بدأت المناوشات حين رفض الناصر الشملي تلك النيابة بحجة أن عذر التغيب غير شرعي.<br /> من هنا كان المنطلق<br /> بدأ التذمر لدى قاضي المنستير إذ يتضح من رسالة الناصر الشملي المؤرخة في 15 جويلية 1921 أن الخلاف مع سالم عياد كان أقدم من ذلك. إذ تذمر المشتكي من تغيّب شريكه في الإمامة لممارسة أشغال فلاحية ( ) ومن الواضح أن التذمر كان وجيها لو صدر عن المصلين ولا عن إمام زميل! ومن الواضح أن الناصر الشملي كان يتصيد الذرائع للايقاع بزميله! <br /> وقد ردّ سالم عياد على التهم نقطة نقطة يوم أول سبتمبر 1921 ( ) وتحدث قاضي المنستير يوم 26 نوفمبر 1921 عن الخلاف الناشب بين الرجلين بدون أن يجرؤ على الحسم ( ) <br /> وسرعان ما تحوّل الملف إلى الوزارة الكبرى والكتابة العامة للحكومة وحتى الاقامة العامة والباي نفسه! <br /> استنجد سالم عياد بالشعبة الدستورية بقصر هلال واستنجد الناصر الشملي بالسلطة الحاكمة بمختلف مستوياتها.<br /> o حتى إذا جاء يوم 23 سبتمبر 1921 فتح داره لينعقد فيها الاجتماع التأسيسي للشعبة الدستورية بقصر هلال الذي حضره أحمد توفيق المدني عضو اللجنة التنفيذية للحزب الدستوري التونسي وصاحب جريدة &quot;أفريقيا&quot; وكان ميلاد أول شعبة دستورية خارج العاصمة ( ) وانتخب كاهية للكاتب العام ( ) ثم فتح سالم عياد داره ثانية في أحد أيام 16 و17 و18 نوفمبر 1924 لينعقد بها اجتماع لتجديد هيئة الشعبة بإشراف احمد توفيق المدني وراجح ابراهيم ( ) وقد تولى محمد بوزويتة رئاسة الهيئة الجديدة. وهو حدث إذا اعتبر منعرجا في تاريخ الحركة الوطنية بقصر هلال فإنه لم يغير من موقف سالم عياد رغم انسحابه من هيئة الشعبة لتقدمه في السن (72 عاما).<br /> وإذا كان النزاع الناشب بينه وبين الناصر الشملي قد خمد نسبيا للسبب نفسه ولتفرّغ الثاني إلى مقارعة محمد بوزويتة الذي يهاجمه في عقر داره (الجامع الكبير) فقد قفز اسم سالم عياد إلى واجهة الأحداث مجدّدا حين كتب كاهية المكنين حمودة بن عمار يوم 28 سبتمبر 1926 بأن سالم عياد&quot; متعصب مع أفراد ينتمون للحزب الدستوري&quot;( ) كتب ذلك ولم يمض على تنصيبه كاهية سوى أربعة أشهر ( ) وقد حضر الناصر الشملي حفل التنصيب كما حضر في تنصيب سلفه الصادق بن حميدة يوم 16 جويلية 1924 لا باعتباره عدلا بل باعتباره إماما ( ).<br /> o يوم 28 سبتمبر 1926 ذكر كاهية المكنين أن سالم عياد فتح داره سنة 1924 لوفود الدستوريين &quot;فاجتمعوا فيها مع غالب أهالي البلد وألقوا خطبا دستورية&quot; وطلب تنحية سالم عياد من الامامة الأولى لما لها من تأثير على الناس وساند المراقب المدني Fortier الاقتراح مساندة مطلقة ( )<br /> فمن أين للكاهية أن يعلم بما حدث سنة 1924 وهو الذي لم يمض على تعيينه بالمكنين سوى أربعة أشهر؟ سؤال تفرض الإجابة عنه نفسها. والواضح من موقف المراقب المدني أنه لم يكن يعلم عن ذلك شيئا. لذلك تصرف كمن هبّ من نومه مذعورا. فقد كان الصادق بن حميدة أقل حماسا&quot; من حمودة بن عمار وسوف نرى من هذا الموظف التونسي المزيد من هذا &quot;الحماس&quot;! <br /> o وقد تلاحقت الاحداث إثر ذلك التقرير سراعا. فقد تحول الخلاف الشخصي- في الظاهر على الأقل- إلى معركة سياسية واضحة وهي معركة تحملت الوزارة الكبرى تبعاتها مادامت في حدود الخصمين والقاضي لكنها ضاقت بها ذرعا حين تدخلت سلطة الحماية. فتلقى الكاهية يوم أول ديسمبر 1926 إعلاما من الوزارة الكبرى بإعفاء سالم عياد من الإمامة الأولى بالجامع الكبير مع أمر بالبحث عن خليفة يقبله المصلون حسب العرف الجاري ( ) <br /> o اعفي سالم عياد من الامامة الأولى &ndash;إذن- يوم 29 نوفمبر 1926 لأنه &quot; ارتكب ما ينافي شعار خطته&quot; <br /> o وحين توجه الكاهية إلى الجامع يوم 15 ديسمبر 1926 قصد فرض الناصر الشملي على المصلين وجد تجمعا مناهضا يقوده أحمد بن سالم عياد &quot;أظهر من سوء الأدب والعجرفة والتشويش ما الله به عليم&quot; حسب تعبير الكاهية الذي تذمر من حوالي المائتين&quot; يزعمون أنهم منخرطين (هكذا) في الحزب الدستوري&quot; وقد أذن بإلقاء القبض على خمسة منهم وحكم بسجنهم خمسة عشر يوما من أجل &quot; التشويش بالطريق العام&quot; وهم: محمد بن احمد القزوة -محمود بن عبد الله الكعلي-ساسي بن محمد الديماسي- عثمان بن الحاج محمد الديماسي بينما لجأ أحمد بن سالم عياد إلى الفرار ( ).<br /> o واستبطأت الوزارة الكبرى ردّ الكاهية فعادت يوم 16 ديسمبر 1926 لتطلب إعلامها باسم الإمام الذي تم الاتفاق عليه ( ) فجاءتها يوم 23 ديسمبر 1926 رسالة من سالم عياد جاء فيها: &quot; أتانا أمر تأخرنا من إمامة بلد قصر هلال بغتة من غير علم سبب&quot;... وذلك نتيجة&quot; وشاية من بعض المغرضين أعوذ بالله من شر الوسواس الخناس&quot; وعبّر عن تعجبه من &quot; السفارة كيف تقضي من غير تثبيت ولا صحة خبر ولا مراجعة&quot; <br /> هذه الرسالة الثانية والأخيرة لسالم عياد قصيرة لكنها تلفت النظر إلى أمرين: <br /> 1- سالم عياد لم يذكر اسم الناصر الشملي ولو مرة واحدة بينما ذكره خصمه مرارا.<br /> 2- استعمال كلمة &quot;سفارة&quot; &ndash; أي الإقامة العامة- يؤكد أن الرجل كان يدرك أن القرار كان صادرا عن سلطة الحماية وإن بدا ظاهريا أن مصدره الوزارة الكبرى وبالتالي فقد كان يدرك أنه قرار سياسي. وقد لفت نظرنا تعليق مخطوط جاء فيه: &quot; يحفظ . القضيّة وقع البتّ فيها بأمر ملكي&quot; Affaire r&eacute;gl&eacute;e par ordre royal ( ) <br /> ثم جاء ردّ الكاهية يوم 26 ديسمبر 1926 بأن &quot; الثقات وأعيان البلد اختاروا الناصر الشملي وانه لم يعترض عليه إلا &quot;&quot;النزر القليل من لفيف الناس ومن المشوشين المنخرطين بالحزب الدستوري&quot; وأيده عامل المنستير والمراقب المدني ( ).<br /> وردت الوزارة الكبرى يوم 5 جانفي 1927 على شكوى الكاهية ممّا لقيه بقصر هلال من &quot; سوء الادب&quot; بإبلاغه عن قدوم وفد من قصر هلال حامل لعريضة ترفض ترقية الناصر الشملي ومصر على أداء صلاة الجمعة بجامع المكنين. وقد جاء بتلك العريضة التي اطلعنا على نصها بأن ذلك الموقف الرافض للناصر الشملي سببه&quot; ما شاهدنا من قلة التقوى وعدم اللياقة منذ زمن طويل&quot; <br /> وطلبت الوزارة مزيدا من البحث والإفادة مع عبارة &quot; أكيد جدا&quot; ثم جدّدت الطلب يوم 16 فيفري 1927.<br /> وتدخلت الصحافة فكتبت جريدة الصواب يوم 21 جانفي 1927 أن تنحية سالم عياد &quot; ذلك الرجل الذي عرف بحسن السلوك والاستقامة في دينه ودنياه&quot; <br /> &quot; هفوة من الحكومة&quot; وكتبت جريدة الوزير يوم 15 فيفري 1927 أن تنحية سالم عياد &quot; الإمام العالم الفاضل&quot; نتيجة حركة رجعية قام بها الامام الثاني بافتعال الحيل السياسية&quot; ( )<br /> o ولم يكن موقف الوزارة الكبرى-على علاته- خاليا من الحزم. فقد تلقّى كاهية المكنين منها يوم 28 مارس 1927 ردّا يتضمن رفضا لترقية الناصر الشملي. وكان ردّها صفعة أجاب عنها الكاهية يوم 31 ماي 1927 بلهجّة لا تخلو من المرارة بأن &quot; أعيان وكبراء أهالي البلد عموما متفقون على الناصر الشملي&quot; إلا بعض أنفار قلائل ممن لاخلاق لهم منتمين للحزب الدستوري تعرضوا في ذلك وأغروا بعض السذج والصبيان على التشويش والصياح&quot; وان القاضي موافق على تعيين الناصر الشملي &quot; ولم يبق إلا الترخيص من الجناب السامي&quot; وأضاف أن &quot; عدم تسمية الشيخ الناصر الشملي انتصار للمضادّين ولم يبق متعلقا بشخص الشيخ الناصر الشملي بل بشخصنا&quot; ( ) وعلق المراقب المدني مساندا بأنه راسل الإقامة العامة في الموضوع أيام 8 نوفمبر 1926 و 12 مارس 1927 و2 جوان 1927.<br /> o وقد حاول الأهالي تجاوز الأزمة فحرروا يوم 29 جوان 1927 عريضة للمطالبة بتعيين أحمد بن محمد الشرفي خلفا لسالم عياد. وهي عريضة وقع تجاهلها.( )<br /> o وكثف الناصر الشملي مساعيه فكتب يومي 4 نوفمبر 1927 إلى المقيم العام لوسيان سان Lucien Saint مؤكدا &quot; إني لست بدستوري&quot;و6 نوفمبر 1927 إلى الوزير الأكبر طالبا الإنصاف من &quot; جماعة الدستور&quot; الذين لهم&quot; اليد الطولى مع أصحاب الجرائد العربية&quot; مذكرا بان الأسلوب الجاري في تعيين الامام يكون عن طريق الحكم السياسي&quot; ومعترفا بأن &quot; أفرادا على قدر عدد الأصابع أو أقل لا يصلون ورائي حيث أني لست بدستوري&quot; مازجا هكذا بين الدين والسياسة.</p> <p>o ولم يمض على المراسلة شهران حتى أقصى الكاهية حمودة بن عمار عن المنطقة ليحل محلّه يوم 5 جانفي 1928 محمد بن سليمان ( ) وهو رجل أكثر دهاء وأقل تهورا. وبذهابه ذهب السند الأقوى للناصر الشملي. لكنه لم ييأس من بلوغ غايته فكتب يوم 9 ماي 1928 مذكرا بموقف سالم عياد من التجنّس بالجنسيّة الفرنسية واعتراضه على دفن المتجنسين بمقبرة المسلمين ومناهضته للقراء بالجامع الكبير ذاكرا بأنه يجتمع بدكانه مع رجال الحزب الدستوري &quot; يفتح لهم دكانه ويقرأ لهم جرائدهم&quot; وأنه رفض عرضا من سالم عياد بأن &quot; يكون معه يدا واحدة في الخطابة&quot; ( ) <br /> o وتوفي الحاج سالم عياد بعد ذلك الكلام بستة وعشرين يوما أي يوم الثلاثاء 5 جوان 1928. وبتلك الوفاة انتهت حياة سالم عياد المنهزم وبدأت حياة سالم عياد المنتصر. فقد تحدثت جريدة &quot; الصواب&quot; يوم 6 جويلية 1928 تحت عنوان &quot; مامات من لم يمت ذكره&quot; عن جنازته التي صلّى بها أكثر من 400 رجل من الساحل بإمامة محمد بن حسين الورداني. وتحدثت جريدة &quot; الوزير&quot; تحت عنوان&quot; فقيد الإصلاح&quot; عن مقاومة سالم عياد &quot; للبدع والضلالات&quot; وتحدثت عن أعماله الخيرية وعن تأسيسه لمسجد ملاصق لداره توفي قبل إتمامه ثم أتمّه أبناؤه. (انظر الوثيقتين)<br /> o وبعد وفاة الحاج سالم عياد لم يفارق شبحه المنطقة ومافتئ يقض مضجع المراقب المدني Fortier وحين طلبت الوزارة الكبرى يوم 20 جويلية 1928 من الكاهية الجديد ترشيح خلف سالم عياد أجاب يوم 21 أوت 1928 بأنه &quot;استشار الأهالي والمصلين&quot; وأنهم اتفقوا على انتخاب محمد بن سالم عياد خلفا لأبيه وأرفق اقتراحه بمذكرة كتب بها: &quot; هو من أعيان قصر هلال. ثقة عفيف يصلح بهاته الوظيفة&quot;. لكن المراقب المدني لم يفارقه شبح سالم عياد فأبدى اعتراضه لأن المترشح&quot; ابن رجل مواقفه معادية لفرنسا&quot; فوقف سدّا منيعا في وجه كل من يحمل لقب &quot;عياد&quot; كاتبا حرفيا:&quot; عائلة عياد وفيّة للدستور وهي تبعا لذلك لا تستحق أي عطف Sollicitude من الحكومة&quot; وأضاف أن أحمد عياد&quot; هو الذي كتب العريضة المرفوعة إلى الوزارة الكبرى من طرف الوفد وانه &quot; لم يكف طيلة الحرب العالميّة عن الحركة المكوكية بين قصر هلال والجنوب&quot; ( )<br /> <br /> لقد كان خبر الاجتماع الذي انعقد بدار الحاج سالم عياد في نوفمبر 1924 لتجديد هيئة الشعبة الدستورية القطرة التي أفاضت الكأس فوقع توبيخ شيخ المنطقة الجوفية ( الشمالية) حسين بن امحمد بوزويتة لكتمانه الخبر وابدال كاهية المكنين بآخر أكثر حزما (وحمقا) ونزع قضية الخلاف بين سالم عياد والناصر الشملي من بين يدي قاضي المنستير الذي نفض منها يديه وتركيز النهضة على نقطة واحدة: سالم عياد رجل دستوري ( ).<br /> والحقيقة هي أن الكاهية حمودة بن عمار ومن ورائه المراقب المدني Fortier جعل بتدخلاته الهوجاء من سالم عياد رمزا وطنيا بعد أن كان يغلب عليه الإصلاح الاجتماعي وحرم حليفه وحريفه الناصر الشملي من بلوغ غايته في تولي الامامة وتسبّب في تصلّب Radicalisation الحركة الدستورية بقصر هلال واشتداد عودها والتحام صفوفها. أما عامل المنستير حسن السقا والقاضي محمد مخلوف فقد كانا حسبما تشهد المراسلات والتعاليق مجرّد تابعين لا يعرفان سوى الموافقة.<br /> وأما الوزارة الكبرى فهي وان ارتكبت &quot; الهفوة&quot; حسب تعبير جريدة &quot;الصواب&quot; بحكم الاتجاه السياسي الذي اتخذته القضية صمدت صمودا لافتا إزاء الضغوط التي سلطها الثلاثي عليها فأصرت على رفض تعيين الناصر الشملي خلفا لسالم عياد واستمر ذلك الرفض إلى استقلال البلاد وبقي المنصب شاغرا في المستوى الرسمي! <br /> فإقصاء سالم عياد أضرّ بالناصر الشملي أكثر مما أضرّ بسالم عياد. فقد توفّي هذا الاخير يوم 5 جوان 1928 بعد إقصائه بعام ونصف وهي مدّة لو التزم فيها الناصر الشملي الصبر لنال بعدها مطمحه. لقد استعجل القدر وفي العجلة الندامة!<br /> كان قد عاب يوم 7 ماي 1928 على سالم عياد وقوفه إلى جانب الدستوريين وادعاءه &quot;خدمة الوطن&quot; وكتب: وقفت عند خطتي الدينية&quot; فهل كانت رسالته إلى المقيم العام يوم 4 نوفمبر 1928 وقوفا عند خطته الدينية؟ وهل كان حضوره تنصيب الكواهي بعنوان الإمامة وقوفا على الحياد حسب تعبيره؟ ثم أليس&quot; حب الوطن من الإيمان&quot;؟<br /> لقد فضّل التشبّث بأذيال السلطة الحاكمة تشبّث الغريق بحبل النجاة حتى أننا عثرنا على نص خطاب قدّمه يوم 27 نوفمبر 1939 إلى الكاتب العام للحكومة Carteron عند زيارته لقصر هلال مرحبا باسمه الخاص و&quot;باسم سكان قصر هلال كبارا وصغارا متعلمين وجاهلين ورجالا ونساء &quot; ناعتا&quot; الدولة الفرنساوية الحامية العظيمة&quot; بأنها أم الديمقراطيات وينبوع التمدن والعدالة والانصاف والتي نفديها بكل عزيز ونفيس&quot;. وكان الامضاء باسم:&quot; الناصر الشملي-إمام بقصر هلال&quot;. وقد ترجم الخطاب إلى الفرنسية حرفيا لأهميته الظرفية ( بداية الحزب العالمية الثانية) والسياسية. فمن سمح له بان ينطق باسم قصر هلال؟<br /> وعلى كل حال فقد جاءت مظاهرات جويلية 1940 التي اعتقل فيها أكثر من مائة هلالي &ndash; بعد بضعة أشهر- لتمثل أحسن ردّ.<br /> <br /> وبعد،<br /> فماهي حصيلة العمل الذي قام به الحاج سالم عياد؟<br /> سؤال نفضل الإجابة عنه بسؤال آخر: ماهي حصلية العمل الذي قام به محمد عبده وغيره من مصلحي العقول؟<br /> تحدثت الصحف عن التقى والنزاهة والتعبّد ونوهت بمقاومة &quot; البدع والضلالات&quot; وأشادت بتوصيته بأن تشيع جنازته بلا نواح ولا عويل ولا تلاوة للقرآن بالشوارع فأصلح حيّا وميتا. وقد اقتدى به الكثيرون بعد ذلك. فقد كانت للرجل منزلة في نفوس الناس جعلت محمد بن الحاج محمد فنينة الكعلي يوصي عند وفاته يوم 31 أوت 1927 بأن يؤم جنازته سالم عياد دون سواه ( ).<br /> قلنا في غير هذا المكان ( ) إنه كان &quot; الزارع المباشر لبذور الإصلاح بقصر هلال على المستوى الديني والاجتماعي والسياسي&quot;.<br /> لقد اعتبرناه الممّر المباشر الذي سلكته الأفكار الإصلاحية بأصنافها. فالصحافة قد تكفل بتمكين الناس منها إذ شهد خصمه بأنه كان يقرأ للناس الصحف. ولا شك أن ما كان يلقيه على المصلين من الخطب أيام الجمعة هو الذي دعا السلطة إلى إقصائه عن الامامة الأولى بالجامع الكبير وهو الجامع الوحيد الذي كانت تؤدّى به صلاة الجمعة بقصر هلال.<br /> <br /> لقد عين سالم عياد إماما ثانيا بالجامع الكبير يوم 26 سبتمبر 1909 ثم إماما أول يوم 1 مارس 1916 وأفسح له المنبر. فهل نرى عجبا أن يستقيل الحاج علي صوة من الاشراف على زاويتي سيدي عبد السلام بقصر هلال يوم 15 ديسمبر 1919؟ ثم ألا نرى أن جلّ أعضاء الشعبة الدستورية بقصر هلال انسحبوا عند تجديد هيئتها سنة 1924 وانه فتح داره مجّددا لهيئة أكثر إقداما؟<br /> ألم يكن بذلك دافعا أساسيا لتولّي محمد بوزويتة قيادة الحركة الدستورية؟ ألم يكن سالم عياد صحبة محمد بوزويتة في خندق إصلاحي واحد؟<br /> لقد اطلعنا على تقارير عديدة ذكرفيها الرجلان معا. لذلك قلنا: إذا كان لنا أن نشبه قصر هلال بالجسم البشري قلنا إن محمد بوزويتة كان قلبها وكان الحاج سالم عياد عقلها وكان الحاج علي صوّة ذراعها ( ) وإذا نعته الدكتور أنس بن عبد العزيز عياد بالأب الروحي ( ) فالتاريخ يشهد بان تلك الأبوة تشمل كافة سكان قصر هلال ممن تخلّوا عن الجحود.<br /> ألا يكفي الحاج سالم عياد أنه &quot; أنجب&quot; الحاج علي صوّة ومحمد بوزويتة؟<br /> أما ابنه أحمد فنفضل أن نترك للقارئ فرصة التعرف عليه في الصفحات التالية.<br /> <br /> أنجب الحاج سالم من زوجته الأولى خليفة بنت علي بوراس ثلاثة أبناء وانجب من زوجته الثانية زينوبة ابنة عمه المقيم ببنغازي بليبيا بنتين. أما أبناؤه فهم: محمد (1883-1953) واحمد (1890-1949) وحامد ( 1897-1961) وهي أسماء تحمل بصمات من أسندها وأدخلهم الكتاب حيث حفظوا القرآن ثم زاولوا التعليم الزيتوني حيث تحصل الابن الأول على شهادة التطويع سنة 1910 بينما انقطع الآخران في منتصف الطريق. ولعله من المفيد أن نذكر قائمة الطلبة الذين زاولوا التعليم الزيتوني أثناء السنة الدراسية (1914-1915) وهم عشرة: ( )<br /> محمد بن العامري الكعلي<br /> عمر بن منصور الكعلي<br /> صالح بن منصور الكعلي<br /> حامد بن سالم عياد<br /> منصور بن الحاج عمر بن الحاج سليمان<br /> محمد بن عمر بن امحمد القدحة ( الدوس)<br /> احمد بن الحاج علي الزراد<br /> الناصر بن الحاج منصور الشملي ( متطوع)<br /> محمد بن صالح قفصية<br /> ابراهيم بن محمود الطيلوش<br /> <br /> وأما الحاج محمد عياد فقد أكمل تعلمه الزيتوني حتى أصبح بدوره عدلا يوم 6 سيتمبر 1911 فامتهن مهنة أبيه. لكنه عاش اقصاء أبيه عن الإمامة الأولى وعاش الصراع الذي امتدّ السنين الطوال بين رجال الإصلاح وعلى رأسهم أبوه من جهة ورجال الزوايا وسلطة الحماية من جهة أخرى ففضل الصعود على الربوة واختار الانتساب إلى ما كان يسمّى بالأعيان ( ) فكان أحد الممضين الأربعة عشرة المعبرين عن الولاء للسلطة والمستنكرين لأحداث أفريل 1938 ( ).<br /> <br /> وقد بلغنا من مخلفاته مخطوط من القرآن الكريم بالأسود والأحمر مؤرخ في سنة 1266 هـ ( 1850م) مع التذكير بأن الحاج سالم عياد ولد سنة 1852. أما كاتبه احمد بن التهامي بن ابراهيم الداودي فهو مجهول لدينا.<br /> <br /> <br /> وللحقيقة والتاريخ فقد حاولنا بدون جدوى أن نعثر على مزيد من المعلومات عن الحاج سالم عياد وأعماله الخيرية وحتى على صورة فوجدنا لدى بعضهم ( ) رفضا يحمل بين طياته ما نفضل السكوت عنه، ولله في خلقه شؤون</p> <p>&nbsp;</p> <p><br /> &emsp;<br /> أحمد عياد<br /> <br /> حين اعتزمت الكتابة عن احمد عياد سنة 1993 بتوصية من لجنة كتاب &quot;قصر هلال&quot; ووجدتني بمكتب الهادي بوسلامة- أحد أعضاء اللجنة- بنزل هيل ديار بسوسة في انتظار بقية الأعضاء قلت له: &quot; سي الهادي. حدثني عن أحمد عياد&quot;. فنظر إلي نظرة استغراب وقال ضاحكا بصوت عال وكأنه اعتبر طلبي دعابة وقال: أحمد عياد؟ ومن لا يعرفه؟ لو لقيك الآن لحيّاك قائلا: &quot; ع السلامة يا كازي&quot; ( )؟ فرددت بسرعة : كفى! قال لكنّي لم أبدأ بعد. قلت: بل قلت كل شيء!<br /> كنت آنذاك أملك بعض الوثائق عن حياة أحمد عياد بما يسمح لي بأن أرسم عنه الصورة التي كنت أنشدها. لكنها صورة باهتة. كان يمكن أن أنحت له تمثالا جامدا لا حياة فيه. كانت مومياء تنتظر أن تنفخ فيها الروح. وما أن سمعت كلمة &quot; كازي&quot; حتى تحرك التمثال! كانت الوثائق تمكنني من رسم صورة وبفضل تلك الكلمة رأيت رجلا. وحتى الصورة فأني لم أكن أملك إلا ما تحمله بطاقة تعريفه المؤرخة في 18 أكتوبر 1945.<br /> ونحن نعرف أنها تكشف الوجه الذي يتنكر المرء وراءه!<br /> &quot; ع السلامة يا كازي&quot;! Bonjour machin إنها التحية التي كشفت عن الوجه الآخر &ndash; الوجه الحقيقي- لا وجه بطاقة التعريف! إنها الإمضاء التي لا تقلد والبصمة الفريدة. لذلك طلبت من الهادي بوسلامة أن يتوقف حتى تبقى البصمة واضحة الخطوط.<br /> <br /> كان أحمد عياد جارنا إذ لم تكن تفصل &quot;دار عياد&quot; والمسجد الملاصق لها عن منزلي ( ) الأبوي سوى أمتار معدودة، بذلك المسجد حفظت نصيبا من القرآن الكريم على يد المؤدب البشير الشريف الطرابلسي ثم بالقاعة المقابلة التي كانت مقبرة الأسرة ( قبرية) على يد أحمد بن محمود قفصية.<br /> بجوار آل عياد قضيت طفولتي لكني لم أكن أعرف أحمد عياد ولست أذكر أني رايته قط رغم أني بلغت عند وفاته أحد عشر عاما وحين درست مسيرته أدركت السبب!<br /> فالرجل لم يكن يقرّ له قرار. كان هنا وهناك وهنالك أي لا هو هنا ولا هناك ولا هنالك! لم يكتف بمراوغة السلطة بل راوغ التاريخ أيضا. وإذا سأل الهادي بوسلامة: ومن لا يعرف أحمد عياد؟ أجبته: بل من يعرف أحمد عياد؟! <br /> إن الناس يتوهمون أنهم يعرفون رجالات بلدانهم أكثر مما يعرفونهم حتى إننا قدّمنا الحاج علي صوّة في احدى مداخلاتنا تحت عنوان&quot; الحاج علي صوّة ذلك المجهول&quot; ولمسنا ذلك عند درسنا لمسيرة محمد بوزويتة ونؤكد ذلك بالنسبة لأحمد عياد.<br /> إنّه ظل المرء إذا امتد غطى صاحبه! <br /> <br /> &quot; تكرّمت&quot; علينا مجلة &quot; مرآة الساحل &quot; التي كانت تصدرها اللجنة الثقافية الجهوية بسوسة بمقال عن أحمد عياد لم يتجاوز نصف صفحة من صفحاتها. وهو مقال يمكن أن يتخذ مثالا لإيجاز الأخطاء!<br /> كتبت: <br /> 1- سنة ثمان وعشرين وتسعمائة وألف انخرط في الحزب الدستوري القديم.<br /> 2- قام صحبة محمد بوزويتة بحركة مقاومة البدع<br /> 3- كان من نتيجة هذا العمل بعث شعبة دستورية بالمدينة <br /> 4- انتخب عضوا من أعضائها<br /> 5- انتخب عضوا بالمجلس الملّي الأول<br /> 6- ادركته الوفاة إثر الحرب العالمية الثانية سنة 1948 <br /> ستة أخطاء فادحة في نصف صفحة. إنه لعمري رقم قياسي يجدر تسجيله!<br /> 1- أما عن انخراطه في الحزب فقد كان سنة 1921 ويكفي أن نتذكر إن الشعبة تأسست بمنزله الأبوي يوم 23 سبتمبر 1921 ثم أنه لا يجوز استعمال كلمة &quot; قديم&quot; قبل سنة 1934<br /> 2- لم يشارك في &quot; حركة مقاومة البدع&quot;<br /> 3- نشأة الشعبة سبقت تلك الحركة<br /> 4- لم يتول قط عضوية الشعبة <br /> 5- لم ينتخب عضوا بالمجلس الملّي ولم يترشح له <br /> 6- توفي إثر حادث سنة 1949 بعد مضي اربعة أعوام على نهاية الحرب العالمية الثانية.<br /> فهل كان المقال للتعريف أم للتجهيل؟ أما كان على كاتبه أن يتذكر الحديث الشريف: &quot; من قال فليقل خيرا أو ليصمت&quot;. أليس الخير في تحرّي الحقيقة وإعطاء كل ذي حق حقّه؟<br /> وحتى امحمد المرزوقي &ndash; رفيقه في المنفى- كتب انه توفي &quot;في بداية الاستقلال الذاتي&quot; ( ) ونقل محمد بوذينة الخطأ مضيفا أنه أول من فتح منزله للاجتماعات السياسية للحزب الدستوري ( ) وذلك خطأ أيضا.<br /> ولعله من المفيد أن نزود القارئ بجدول يوضح ما صدر بالمجلة &quot; مرآة الساحل&quot; من &quot; دراسات&quot; (!) عن قصر هلال ورجالاتها.<br /> الموضوع التاريخ<br /> الحياكة بقصر هلال <br /> الحاج علي صوّة<br /> أحمد عياد<br /> محمد ابراهم<br /> أحمد بورخيص<br /> فرج الاميم<br /> ذكرى مؤتمر البعث<br /> محمد بوسلامة<br /> ذكرى وفاة الحاج علي صوّة<br /> معتمدية قصر هلال<br /> محمد بوزويتة <br /> يوسف الغزالي أكتوبر 1966 وجانفي 1967<br /> جويلية 1968<br /> أكتوبر 1968<br /> أفريل 1969<br /> أفريل 1969<br /> جويلية 1969<br /> أفريل 1970<br /> أكتوبر 1970<br /> جانفي 1971<br /> أفريل 1971<br /> أكتوبر 1971<br /> مارس 1972<br /> <br /> ولد احمد عياد سنة 1890 أي بعد أخيه بسبعة أعوام. وكان من الممكن أن يسلك طريق أخيه الذي أصبح عدلا بقصر هلال يوم 6 سبتمبر 1911 ( ) <br /> &emsp;<br /> البــــداية<br /> أول هلالي ورد ذكره بوثائق سلطة الحماية الفرنسية لبيان موقفه السياسي كان الطاهر بن الحاج محمد الزراد الذي كان يعمل موظفا بالوزارة الكبرى. فقد أبلغت التقارير الأمنية أيام 29 سبتمبر 1917 و31 مارس 1918 و 10 ماي 1919 و 14 أكتوبر 1919 و 6 نوفمبر 1919 ( ) انه كان أثناء الحرب العالمية الأولى يخوض بدكاكين الحلاقين بالعاصمة في شؤون سياسية وانه كان يبدي تعاطفا مع الدولة العثمانية. ومن الواضح أن الرجل كان محّل مراقبة لصيقة. لذلك وقع نقله إلى إدارة الاوقاف. وقد تغير موقف الرجل إذ راح بعد ذلك ينصح علي بن احمد الديماسي بأن يضع ابنه الصادق حدا لنشاطه السياسي ويقتصر على &quot; أكل الخبز&quot; وقد فعل إذ تخلّى عن رئاسة الشعبة الدستورية في نوفمبر 1924 ليتولاها محمد بوزويتة.<br /> وإذا كنا نعرف موقف الطاهر الزراد من الحرب العالمية فنحن لا نعرف إن كان له رأي في الحماية الفرنسية ولا نعرف موقفه من الاحتلال. ذلك أن الحركة الوطنية كانت جنينا لم تتضح ملامحه بعد.<br /> <br /> والرجل الثاني الذي لفت إليه أنظار السلطة كان أحمد عياد. وبدا ذلك بموقفه من النزاع العالمي شأنه شان الحركة الوطنية ذاتها. غير انه موقف تزامن مع نقد للوضع الداخلي.<br /> كان ذلك سنة 1920- أي عند نهاية الحرب. وإن المتصحف لجرائد ذلك الزمان يلاحظ بدون شك طغيان الحماس الذي كانت تبديه إزاء الزعيم التركي مصطفى كمال و&quot;الكماليين&quot; وتكفي لا دراك ذلك مطالعة ما كتبه امحمد الجعايبي بجريدته &quot;الصواب&quot; تلك الجريدة التي نشر بها احمد عياد مقالا لنقد الوضع التعليمي بقصر هلال يوم 20 أوت 1920 أي قبل تأسيس شعبة قصر هلال بأكثر من عام! <br /> لكن كيف كانت البداية؟ <br /> كيف كان دخول أحمد عياد معترك الحياة السياسية؟ ومتى؟ ومع من ؟ أسئلة تبدو الاجابة عنها مستحيلة. لذلك لجأنا إلى الاستقراء والاستنتاج<br /> <br /> كتبت عنه جريدة الوزير يوم 22 سبتمبر 1949: &quot; كان يعمل لصالح البلاد مدة تقارب الخمسة والاربعين عاما بدون انقطاع من عهد حركة باش حانبة الزعيم الكبير وانصاره من حزب الشبيبة التونسية المثقفة كما كان من أنصار النشاط الدستوري عند ظهور حركته عام 1919 وكان من أخص أنصار عبد العزيز الثعالبي&quot;.<br /> نستنتج مما سبق أن الرجل بدأ نشاطه السياسي حوالي سنة 1905 وعمره خمسة عشر عاما وتواصل حتى أصبح يدعى &quot; بالشيخ عياد&quot; ( )<br /> نستنتج :<br /> 1- أن اتصاله بالأوساط الوطنية كان منذ زاول دراسته بجامع الزيتونة وقد يكون ذلك أحد أسباب فشله الدراسي. فقد تخلّى عن دروس الزيتونة منذ السنة الرابعة ( الأهلية) وراح يراود السياسة أو تراوده ولم تفرق بينهما إلا المنية.<br /> 2- أنه واكب مسيرة الحركة الوطنية منذ نشاتها وعاش هزائمها وانتصاراتها وتعرف على رجالها. تعرف على كل من تحرك من الشباب التونسي: محمد علي الحامي ( ) عبد العزيز الثعالبي، الطاهر الحداد، امحمد الجعايبي، زين العابدين السنوسي، امحمد المرزوقي، محي الدين القليبي، سعيد بوبكر، الطيب بن عيسى...<br /> <br /> يوم 11 فيفري 1921 نشرت جريدة &quot;الصواب&quot; الخبر التالي: &quot; بلغنا من أخبار قصر هلال أن صديقنا الفاضل الحازم السيد احمد عياد أحد أعيان هذه البلاد قد رزق بمولود ذكر سماه مصطفى كمال. نسأل الله أن يكون من الذرية الصالحة&quot;. وهو خبر يثير فينا التعاليق التالية:<br /> 1- عبارة &quot; صديقنا&quot; تدل على أن التعارف- على الأقل- كان حاصلا بين الرجلين احمد عياد وامحمد الجعايبي صاحب جريدة &quot;الصواب&quot; وان تلك الصلة كانت وراء اختيار دار عياد لانعقاد أول اجتماع دستوري بقصر هلال أسست خلاله شعبتها بعد نشر هذا الخبر بسبعة أشهر بحضور احمد توفيق المدني وامحمد الجعايبي عضوي اللجنة التنفيذية للحزب.<br /> 2- أنجب احمد عياد يوم 28 جانفي 1921 أبنا دعاه مصطفى ولا مصطفى كمال وهو مسجل بدفاتر الحالة المدنية بقصر هلال. وقد توفي الطفل سنة 1927.<br /> 3- تلك التسمية وإن كانت مغايرة لنص الخبر فإنها تتضمن تعلقا بمصطفى كمال التركي وانحيازا واضحا إلى الصف العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى، ولا يكاد يخلو عدد من جريدة &quot;الصواب&quot; من مظاهر الانحياز إلى &quot;الكماليين&quot; وقد نعت عبد العزيز الثعالبي مؤسس الحزب الدستوري- بأنه &quot;داعية للسياسة التركية&quot; ( ).<br /> 4- ذلك الخبر تسبب لأحمد عياد في أول تقرير ذي طابع سياسي يتعلق بشخص هلالي بعد الطاهر الزراد المقيم بالعاصمة. فقد جاء في تقرير أمني مؤرخ في 15 فيفري 1921 نقل لما جاء بجريدة &quot;الصواب&quot;. لكننا لاحظنا بالتقرير إضافة أن احمد عياد تاجر وأن التسمية كانت تكريما للزعيم التركي( ). فمن أين له أن يضيف إن لم يكن احمد عياد محلّ مراقبة؟ ألا يدل ذلك على أن الرجل كان مسجلا لدى الدوائر الأمنية منذ زمن بعيد؟<br /> وقد لفتت نظرنا ملاحظة أبداها المراقب المدني بسوسة Fortier يوم 21 أوت 1928 أن أحمد عياد لم يكف عن الحركة المكوكية بين قصر هلال والجنوب التونسي طيلة سنوات الحرب العالمية الأولى ( ) (1914-1918). وهي ملاحظة تؤكد ما ذهبنا إليه من جهة وتدفعنا إلى التساؤل: ما سرّ هذه الحركة؟ أهي للتجارة فحسب؟ أهي لزيارة أبناء عمه ببنغازي؟ إنها في نظر السلطة حركة مشبوهة كانت تتوجس من عواقبها شرّا. لذلك سجلت عليه باعتبارها حركة معادية.<br /> <br /> هذه الشذرات إذا جمعت ألقت بعض الضوء على فترة شديدة الغموض من تاريخ قصر هلال. فهي تثبت أن احمد عياد كان قبل 1921 رجلا وطنيا معروفا لدى الأوساط الوطنية من جهة ولدى السلطة من جهة أخرى. وهي تكشف بالتالي سرّ انعقاد الاجتماع الذي تم خلاله تأسيس شعبة قصر هلال يوم 23 سبتمبر 1921 بدار الحاج سالم عياد. فقد كان احمد عياد وراء ذلك الاجتماع وإن زكاه والده بدخول هيئتها.<br /> وقد شاء القدر أن يكون وراء انعقاد مؤتمر البعث يوم 2 مارس 1934 أيضا!<br /> <br /> الــمسيرة<br /> وقف إلى جانب والده حين قررت السلطة اقصاءه عن الامامة الأولى بالجامع الكبير. وإذا كان قد فضّل الصمت إزاء ذلك القرار لأنه أدرك أن والده قد اجتاز الخطوط الحمراء التي فرضتها الحماية فإنه أنشأ صحبة رفاقه في الحزب سدّا في وجه الناصر الشملي الذي كان يتلهف لتولّي تلك الامامة فكتب عريضة حملها وفد هلالي إلى الوزارة الكبرى. وكانت تلك العملية الجريئة حاسمة إذ اتخذ الوزير خليل بوحاجب موقفا رافضا قابل به موقف السلطة الحامية الرافض لغيره ( ) وقد حكم الموقفان المتقابلان بجمود القضية فبقيت خطة الامامة الأولى بالجامع الكبير بقصر هلال شاغرة إلى الاستقلال.<br /> <br /> ثم انكفأ احمد عياد على نفسه بعد ثلاث نكبات لا شك أنه كان لها أثر عميق، وفاة ابنه الوحيد سنة 1927 ثم وفاة والده وجدّه للأم علي بن احمد بوراس سنة 1928. وتجلّى الأثر في غيبوبة دامت من 1928 إلى 1933 لم يقم خلالها بحركة ولم ينبس بكلمة. انطوى على نفسه انطواء الحزب الدستوري على نفسه.<br /> نعم. لقد ساند الطاهر الحداد وساعده على ترويج كتابه&quot; امرأتنا في الشريعة والمجتمع &quot; عند زيارة مؤلفه إلى المنطقة سنة 1930 ( ) لكن هل كان ذلك عن اقتناع بما ورد فيه أم نكالة في خصوم الطاهر الحداد؟ ونحن نرجح الرأي الثاني لما لاحظنا من ردود الفعل المحليّة والجهوية المناهظة ( ) ذلك كل ما سجلناه خلال خمسة أعوام إذ بدا وكأنه يتأهب لمرحلة قادمة. <br /> o ولما جاء يوم 15 ماي 1933 أرسل برقية تضم 25 إمضاء للاحتجاج على أمر علي مؤرخ في 6 ماي 1933 يقضي بإنشاء المراقبة الادارية للأشخاص بدون محاكمة( ) وهو أمر سوف يطبّق عليه أكثر من مرّة فسبّق الاحتجاج على التطبيق!<br /> o ثم اندلعت حوادث التجنيس فحضر يوم 8 أوت 1933 صحبة محمد بوزويتة موكب دفن شعبان البحوري شهيد الصدام بالمنستير ( )<br /> o وسرعان ما انتقل الأمر إلى قصر هلال إذ توفى ابن أحد المتجنسين ( ) يوم 31 أوت 1933-أي بعد 23 يوما- إلى قصر هلال فساعد الطاهر بوغزالة ( ) على تنظيم مظاهرة ضمت 600 شخص لمنع دفنه بالمقبرة المحلية ( ) وحين أرسل عامل المنستير محمد الزواري الملقّب &quot;ببودبوس&quot; في طلبه يوم 7 سبتمبر 1933 لاذ بالفرار وألقي القبض على الطاهر بوغزالة ( ) وهدد حامد عياد بالايقاف إذا لم يجلب أخاه. وتدخل احمد الصافي لدى المقيم العام يوم 13 أكتوبر 1933 كي تتوقف الملاحقة ( ).<br /> o وكأن تلك الحادثة مع مثيلتها بالمنستير وما لحقها من انشقاق حزبي حرّكا فيه الرغبة في تغيير الوضع إذ اعتبر الموقف الرسمي للحزب سلبيا فتضامن مع احمد ساسي الذي عاش مظاهرة التجنيس بقصر هلال ساعة بساعة ونقل أحداثها إلى محي الدين القليبي ( ) واتفق معه على ضرورة التحرك فحرّرا أواخر سنة 1933 رسالة مشتركة قدما فيها استقالة شعبة قصر هلال بصفة وقتية &quot; إذا لم يقع تسوية الخلاف وإرجاع المياه إلى مجاريها أو عقد مؤتمر عام في القريب العاجل&quot; ( ) مع التذكير بأن الرجلين لم يكونا عضوين بهيئة الشعبة. فهل كانت استقالة أم إقالة؟<br /> o ثم تلاحقت الأحداث سراعا:<br /> فقد حل المنشقان الحبيب بورقيبة والطاهر صفر بقصر هلال يوم 3 جانفي 1934 ( 17 رمضان 1352) ورفض محمد بوزويتة تسخير نادي الشعبة الدستورية ( ) لعقد اجتماع (!) فعرض احمد عياد داره وعقد بها اجتماع ليلي ضم حوالي 300 شخص ( )<br /> قال الحبيب بورقيبة لاحقا: &quot; لاحظنا إلى جانب الانكماش والتعنّت وجود عناصر مدركة تتحلّى بفكرة حرّة من بينهم المرحوم أحمد عياد صاحب الدار التي زرناها منذ حين والذي اهتدى إلى حل يسمح لي ببسط أفكاري وعرض بياناتي برغم أوامر اللجنة التنفيذية وذلك بأن يتعقد الاجتماع بداره لا بنادي الشعبة. وهذا هو السبب الذي جعل تلك الدار تمتاز بذكرى بارزة ( ) فهي لم تختص بانعقاد المؤتمر فحسب بل تهيّأ فيها أول اتصال بالشعب تم يوم 3 جانفي 1934 في ليلة من ليالي رمضان وقبل ميلاد الحزب بشهرين&quot; ( ) وأضاف: &quot; من حسن حظ الامة التونسية أن وجد في قصر هلال رجل يقال له أحمد عياد&quot; ( ) <br /> o وبعد ذلك الاجتماع الليلي تم مع احمد عياد الاتفاق على عقد مؤتمر الحزب بداره يوم 2 مارس 1934 وقد أشارت اللجنة التنفيذية إلى ذلك الاتفاق وشككت فيه ونبّهت إلى عواقبه ( ).<br /> o جعل من المؤتمر قضيته الشخصية فقام بتوزيع الدعوات بنفسه وكثيرا ما لقي الرفض والسخرية ( ) لذلك علّل الطيب بن عيسى- صاحب جريدة الوزير- انعقاد المؤتمر بقصر هلال بوجود احمد عياد ومحمد بوزويتة بها ( ) فقد امتد دور أحمد عياد من اتخاذ القرار إلى التنفيذ فقدّم المؤتمر للبلاد على طبق من ذهب. لذلك اعتبر الحبيب بورقيبة اجتماع 3 جانفي تمهيدا للمؤتمر( ).<br /> o اثر اعتقال قادة الحزب قدّم يوم الثلاثاء 4 سبتمبر 1934 صحبة محمد ابراهم ومحمد الحجري عريضة إلى كاهية المكنين للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين ( )</p> <p>o اعتقل يوم 5 سبتمبر 1934 بتهمة المشاركة في مظاهرة جرت ذلك اليوم بالمكنين وأفرج عنه بعد خمسين يوما لعدم ثبوت التهمة وأحيلت قضيته على محكمة الجزائر ( )<br /> o يوم 16 جوان 1935 عقد بداره اجتماعا وقع خلاله جمع التبرعات لفائدة المبعدين ( )<br /> o يوم 29 فيفري 1936 اعتقله الجنود إثر عودته من المكنين ( ) على الساعة التاسعة ليلا وانهالوا عليه ضربا بالبنادق وركلا بحضور عامل المنستير الهاشمي بن خليفة وكاهية المكنين محمد الحداد، وكانت له مع التعذيب رحلة طويلة. ولم تتضح الأسباب. فقيل إنها نتيجة حمله لمقاطعة البضائع الفرنسية ( ) وقيل إنها تحسب لذكرى مؤتمر 2 مارس 1934. وقد يكون السبب ما قاله عامل المنستير لاحمد عياد:&quot; ألم أقل لك أنك ستلاقي من جراء فكرتك أكثر من هذا وأدهى؟&quot; أو ما قاله الكاهية للأهالي:&quot; هذا زعيمكم يا أهالي قصر هلال تحت الضرب فإن كنتم قادرين على تخليصه فخلّصوه&quot; ( ) فهو إذن انتقام من &quot;فكرته&quot; من جهة ومن أهالي قصر هلال إثر مظاهرة 29 فيفري 1936 التي وقع الاستنجاد فيها بالشرطة والجيش من سوسة والمهدية. إنه الانتقام الذي دفع ثمنه احمد عياد لا أكثر ولا أقل!<br /> o وبقي رهن الاعتقال والتنكيل بمركز البريد الذي كان يتوسط قصر هلال ثم بسجن سوسة حتى تقرر يوم 3 مارس 1936 ابعاده إلى الجنوب. فسيق إلى رمادة يوم 4 مارس 1936 وهو يوم عيد الاضحى ( ) وهناك عاش المرحلة الثانية من رحلة العذاب ( ) وقد نشر قصته المريعة التي لم نطالع لها مثيلا والتي تأكدنا أنها واقعية إلى أبعد الحدود بجريدة &quot; تونس&quot; في شكل رسالة مفتوحة إلى المقيم العام الفرنسي ( انظر الوثيقة) <br /> وقد كتبت جريدة &quot; الصواب&quot; يوم 15 ماي 1936&quot;... عرتنا قشعريرة وحزن عظيم لما شاهدنا يدي ورجلي السيد أحمد عياد ( ) وهالنا الأمر وتعجبنا من تلك الآثار الدامية الشاهدة بقساوة وبربرية فاعليها فأفادنا السيد المذكور أن تلك الجروح والقروح ليست ابنة رمادة فقط بل نصيب منها يرجع لما جرى له في قصر هلال قبل الالتحاق بالمنفى&quot;... ونشرت له جريدة &quot; تونس&quot; يوم 5 أفريل 1937 مقالا قال فيه على لسان منصور الجبالي ( زميط) الذي توجه إلى عامل المنستير عند توديعه: &quot; اللي عملتو فينا إن شا الله تلقاه في صغارك&quot; وهو يقصد بدون شك ما لقيه أحمد عياد وغيره من تعذيب.<br /> o يوم 23 أفريل 1936 أخذته الشاحنة العسكرية من برج القصيرة إلى الجرف حيث نزل بعض المبعدين ( ) ثم إلى قابس حيث نزل آخرون ( ) ونزل احمد عياد صحبة احمد بورخيص والأسمر بوراس بسوسة ( ).<br /> o يوم 14 جويلية 1936 قصد العاصمة صحبة محمد بوزويتة بعد جمع الأموال ثم عاد بمفرده يوم 27 جويلية 1936 ( )<br /> o يوم 17 أوت 1936 عقد بداره اجتماعا ترأسه محمود بورقيبة ( )<br /> o يوم 28 أوت 1936 حضر حفل زفاف بالمنستير لزوج من المنستير أمه هلالية ألقيت بالحفل أناشيد وطنية ورفع العلم التونسي. ولم يذكر التقرير اسم الزوج أو الزوجة ( ) <br /> o يوم 14 سبتمبر 1936 أقام بداره مأدبة غداء للاصلاح بين الحبيب بورقيبة ومحمد بوزويتة بحضور الشاذلي قلالة ( )<br /> o يوم 26 جانفي 1937 اشرف على اجتماع دستوري بحاجب العيون وسجل ضدّه محضر لاجتماع عام بدون رخصة ( ).<br /> o يوم 3 فيفري 1937 قام صحبة محمد بوزويتة ومحمد ابراهم وأحمد بورخيص ( ) بتوزيع مساعدات بمنطقة جلاص ( ) وربما كان ذلك بعد اطلاعه على الحالة بالمنطقة يوم 26 جانفي.<br /> o يوم 23 افريل 1937 تناول الكلمة في اجتماع دستوري بالقيروان ( ) <br /> o يوم 12 جوان 1937 شارك شعبتي قصر هلال والمكنين في جمع الاموال لفائدة الدفاع عن موقوفي المكنين إثر حوادث 5 سبتمبر 1934 ( )<br /> o ذكرت شرطة سوسة أنه ساهم في مظاهرات العاصمة يومي 8 و9 أفريل 1938 وانه &quot; شخص ماهر في مراوغة العدالة والسلطة &quot; ( )<br /> o يوم 28 جوان 1938 على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا عاد احمد عياد صحبة محمد بن منصور بوغزالة والهادي بن العجمي خليل من المكنين وهم يتغنون بأناشيد وطنية. وعند وصولهم إلى مركز البريد بقصر هلال راحوا يهتفون &quot; يحي بورقيبة يحي الدستور&quot; وقال رئيس شرطة المكنين يوم 29 جويلية 1938 أنه شهد عليهم ستة شهود طلبوا عدم ذكر أسمائهم ( ).<br /> o شارك في إعداد الاستقبال الوطني النسائي للمقيم العام Erik Labonne عند حلوله بتونس يوم 22 نوفمبر 1938 ( )<br /> o يوم 3 جانفي 1939 وجه برقية إلى رئيس الحكومة الفرنسية للمطالبة بفتح مفاوضات مع الزعماء الموقوفين فاعتقل ذلك اليوم تحفّظيا ( )<br /> o عاد من العاصمة يوم 9 فيفري 1939 إلى قصر هلال مصّرحا بأن المظاهرات ستعمّ البلاد بعد يوم 19 فيفري. وقد كان ذلك التاريخ موعدا لالقاء موسليني خطابا شديد اللهجة إزاء فرنسا( ) وقد بحث عنه يوم 15 فيفري 1939 لاعتقاله فلم يعثر عليه. وقد أبلغت عن ذلك جريدة &quot; تونس&quot; ( ) وقد يكون متخفّيا بمطبعتها وأبلغت عن الخبر إبعادا للشبهات! وإن ما نشر بجريدة &quot; تونس&quot; يوم 23 فيفري عما جرى بقصر هلال أيام 15 و 16 و 19 فيفري 1939 يشير إلى قلم أحمد عياد المبحوث عنه ( انظر الوثيقة) <br /> o ورغم أن الموعد الذي ذكره مرّ بسلام فقد اعتقل يوم 8 أفريل 1939 تحسبا لذكرى 9 أفريل 1938 واطلق سراحه من سجن المكنين يوم 11 أفريل 1939 ( ).<br /> o يوم 25 مارس 1940 قام عامل المنستير بحجز كل املاك احمد عياد بسبب دين عليه إزاء الدولة مقداره 390389 فرنك وقع دفع 1604 فرنك منها ( ) وقد دفعه ذلك الحجز إلى التوجه إلى العاصمة يوم 29 مارس 1940 رغم قانون منع الجولان الذي كان مفروضا على البلاد منذ اندلاع الحرب العالمية. واعتبر مدير مصالح الأمن ذلك تحدّيا واقترح إبعاده في إقامة جبرية داخل البلاد ( )<br /> o يوم 3 أفريل 1940 ابعد إلى قبلّي مع مراقبة إدارية يومية. وقد صرّح عند وصوله إلى قبلي يوم 18 أفريل 1940 انه ضحية مكيدة دبّرها أمين المعاش بقصر هلال. مع العلم بان هذا الرجل كان يلقّب &quot; بالمخماج&quot; وانه كان عميلا للسلطة. وقد وقعت محاولة اغتياله يوم 23 جويلية 1940 بعد أن طالب عامل المنستير باقالته أو نقله بدون جدوى. وصرّح احمد عياد أيضا بأن &quot;جميع أهالي قصر هلال دستوريون&quot;<br /> وأثناء إقامته القسرية بقبلّي لوحظ لقاؤه المتكرر بالأديب المبعد امحمد بن مصطفى المرزوقي بالمقاهي وخارجها فحجرّ عليه عامل تفزاوة الاجتماع به. ولما سئل عن تلك اللقاءات قال إنه &quot; يعرفه جيّدا&quot; وإنه اجتمع به لدى محي الدين القليبي ( ).<br /> <br /> صورة قل أن تجود بها الصدف. عثرنا عليها أثناء تصفحنا لمجلة &quot;تونس المصورة&quot; التي أصدرها سعيد أبو بكر. وردت بعدد شهر أفريل 1942. وقد جاء تحتها:<br /> &quot; إحدى مقاهي قبلي وقد جلس أمام مدير هذه المجلة الأديب امحمد المرزوقي (يلعب الطاولة ) وبجانبنا السيد أحمد عياد ( يلعب الدامة ) مع أحد أصدقائه&quot; وهو تعليق يدل على أن الرجلين ( امحمد المرزوقي وأحمد عياد ) كانا غنيين عن التعريف وأن اللقاء كان يحصل بينهما رغم التحجير، وقد تحاشى سعيد أبو بكر ذكر سبب وجودهما في قبلي. فاكتفى بذكرهما تاركا للقارئ مهمة الفهم. هل كان أحمد عياد (الثاني من اليسار) يعلم أن هذه الصورة نشرت وهو ما يزال قيد الابعاد؟ وهل كان يتوقع أنها سوف تنشر مجددا سنة 2009؟<br /> شكرا لك يا سعيد!.<br /> <br /> وقد طلب احمد عياد أن يسمح له ببيع المنسوجات فكان الرفض. ثم غادر امحمد المرزوقي قبلي عائدا إلى مسقط رأسه دوز يوم 6 أوت 1942 فبقي احمد عياد وحيدا، فغادر بدون إذن يوم 14 ديسمبر 1942 بعد أن قضى بقبلي 32 شهرا وعشرة أيام في لعب الدامّة&quot;! ولم يزر قصر هلال إلا مرّة واحدة عند مرض أمه ( )<br /> وبينما كان احمد عياد في طريقه إلى المنفى كتب عنه كاهية المكنين يوم 5 أفريل 1940: &quot; هو موجود بتونس منذ شهرين. وهو دستوري غير قابل للإصلاح يجب منعه من التحرك&quot;( ) وهذا يدل على تعدّد العيون من جهة وأن كاهية المكنين قد تجاوزته سرعة الأحداث! <br /> o وبينما كان احمد عياد يلعب &quot; الدامة&quot; بقبلي تحدث تقرير مؤرخ في 17 ديسمبر 1941 عن حالته المادية فذكر أنه مدين للدولة وليهوديين بالمنستير وسوسة وانه لا يملك شيئا بمفرده إذ يملك مع زوجته 300 شجرة زيتون بقصر هلال و200 بمرنبة وسدس منزل وثلث معصرة. وقد كان عامل المنستير حجز أملاكه قبل إبعاده من أجل دين إزاء الدولة ( لعلّه ناجم عن خطايا عدلية سياسية رغم إنكار عامل المنستير أنه حجز سياسي ( ) وقد جرت عن ذلك الحجز مراسلات بين الكاتب العام للحكومة ومدير الأمن والمقيم العام Esteva ( ) حتى أن الأرشيف الوطني خصص لقضية ذلك الإبعاد وذلك الحجز ملفا كاملا ( ) وهي مراسلات بها الكثير من اللخبطة الناجمة عن تعدّد المصادر. فقد كتب مدير الأمن-مثلا- يوم 17 سبتمبر 1941 أن والد احمد عياد صرّح بأن أملاك ابنه لم تحجز ونحن نعرف أن والد احمد عياد توفي سنة 1928!<br /> o ولما عاد احمد عياد إلى قصر هلال يوم 14 ديسمبر 1942 في أوج الحرب العالمية وجد أن الوضع قد تغير بقصر هلال. فهي وجوه جديدة وعقول جديدة وأساليب جديدة. وأما القيادة الحزبية فقد أصبحت أثرا بعد عين. فعاد تاجرا يبيع القماش والخيط ومواد الصباغة! حتى إذا زار مندوب جريدة &quot;الزهرة&quot; قصر هلال يوم 5 مارس 1944 كان أحمد عياد في اقتباله ( )<br /> o ولم يبلغنا عنه تحرك سياسي أو اجتماعي إلا يوم 12 سبتمبر 1947 حين انتخب كاتبا عاما &quot; لنقابة تجار الأقمشة والخيط بالتفصيل&quot; بقصر هلال وبادر بالاعلان عن انسلاخ النقابة من &quot; جامعة بلعيش والانضمام إلى الاتحاد لنقابات الضايعية وصغار التجار بالقطر التونسي&quot; ( )<br /> o كان &quot; اتحاد الصنايعية وصغار التجار&quot; قد انشئ يوم 17 ماي 1946 وعقد مؤتمره الأول يومي 16 و17 جانفي 1947 بحضور فرج الاميم ( ) وقد تزعم احمد عياد حركة نقابية انقلابيّة إذ أنشأ مكتبا وقتيا لنقابة التجار على النحو التالي ( ) <br /> كاتب عام: احمد بن سالم عياد- كاهيّة: احمد بن ابراهيم بورخيص <br /> أمين مال: احمد بن عمر القنوني-كاهيّة: منصور بن ابراهيم الزراد <br /> حافظ أوراق= عبد السلام بن محمد الشملي <br /> وقد أحدث عمله موجة عارمة رجحت بها كفة &quot; الاتحاد&quot; على حساب كفة &quot;الجامعة&quot; رجحانا لا رجعة فيه ولم يكن احمد عياد مغرما بالمهام الرسمية فسلّم بعد انقلابه زمام النقابة يوم 31 جانفي 1948 &ndash; أي بعد أربعة أشهر- إلى الهذيلي رضوان ( )<br /> o وكأننا بالرجل قد يئس من القيادة الحزبية في غياب الحبيب بورقيبة فنحن لم تسمع منه كلمة واحدة عن صالح بن يوسف ولسنا نعرف موقفه منه كما لم نر تلك الحركة المكوكية التي كان يقوم بها بين القيادة الحزبية المركزية وشعبة قصر هلال منذ وفاة محمد بوزويتة يوم 12 أوت 1944 فتحول نشاطه إلى داخل قصر هلال التي نتلمس غضبه على حالها من ثلاثة مواقف: <br /> - جاء الأول على لسان جريدة &quot; تونس&quot; التي أشارت يوم 19 جوان 1948 إلى &quot; خلاف حادّ بين احمد عياد زعيم قصر هلال ومظهر الاخلاص والتضحية&quot; والطاهر فضلون الكاتب العام لنقابة النسج بقصر هلال. وهو خلاف وإن كنا لا نعرف أسبابه يدلّ على أن أحمد عياد وجّه اهتمامه إلى ما يدور حوله.<br /> - وجاء الموقف الثاني بعد إنشاء ما سمّي &quot;بمشروع الإغاثة&quot; والذي أسّس بقصر هلال يوم 23 أفريل 1946 وترأس هيئته الطاهر بطيخ رئيس الشعبة الدستورية بقصر هلال. وكان هدف المشروع-الرسمي على الأقل- مقاومة احتكار خيوط النسج ومساعدة النساجين. فقد كتب احمد عياد يوم 16 فيفري 1949 ( ) أي بعد مقتل &quot; فلاقة زرمدين&quot; بعشرة أشهر متسائلا إن لم يكن لتلك العملية تأثير على ما تدفّق على الطاهر بطيخ من المكاسب. ومن الواضح أن أحمد عياد كان مناهضا لذلك المشروع أو على الأقل لطريقة تسييره.<br /> - وجاء الموقف الثالث بعد إنشاء اللجنة البلدية بقصر هلال يوم 29 <br /> أفريل 1946 وهي لجنة سبقت تكوين البلدية يوم 23 سبتمبر 1948 وقد بادر احمد<br /> عياد يوم 10 أوت 1949 بإعلان موقف يقبل البلدية ويرفض فرضها ( )<br /> <br /> - توفي بالمستشفى يوم 31 أوت 1949 بعد حادث جرى ليلا بمطبعة صديقه زين العابدين السنوسي ( دار العرب) وأبلغت جريدة Mission عن وفاته يوم 1 سبتمبر 1949 ثم جريدة &quot;تونس&quot; يوم 2 سبتمبر 1949 كما نشرت جريدة &quot; الوزير&quot; مقالا لخّص مسيرة الرجل ( ). <br /> وقد كتب امحمد المرزوقي -رفيقه في المنفى- أنه توفي &quot;في بداية الاستقلال الذاتي&quot; ( ) ونقل عنه محمد بوذينة الخطأ ( ).<br /> <br /> - وقد شاء القدر أن يسند اسمه للمدرسة التي بدأ بها تحركه يوم 20 أوت 1920 وهي اليوم مدرسة إعدادية.<br /> <br /> - أحمد عياد سخر من الدنيا، وسخرت منه الدنيا، فأيهما كان الغالب؟<br /> <br /> - نشرت عنه جريدة &quot;الشروق&quot; يوم 30 أفريل 2004 مقالا يوجز مسيرته النضالية( ).<br /> <br /> أحمد عياد ... الحرّ<br /> o تأسست شعبة قص هلال الدستورية يوم 236 سبتمبر1921 وكان تركيب هيئتها بمنزله الأبوي وبأشراف رجلين جلبهما احمد عياد. ولم يدخل هيئة الشعبة ( ) <br /> o تم تجديد تلك الهيئة في شهر نوفمبر 1924 عقب اجتماع حاشد بتلك الدار نفسها ولم يدخل أحمد عياد هيئة الشعبة.<br /> o ولدينا صورة جماعية لهيئة تلك الشعبة عند انعقاد مؤتمر البعث يوم 2 مارس 1934 ولم يكن أحمد عياد ضمنها.<br /> o ثم جددت الهيئة يوم 29 أوت 1937 وخاض المترشحون غمار انتخاباتها بحضور الحبيب بورقيبة عدا أحمد عياد ( )<br /> <br /> هل يعني ذلك الأحجام أن احمد عياد غير معترف بالحزب الحر الدستوري؟ هل يعني أنه يحمل بين جنبيه أهدافا غير أهداف الحزب أو يدعو إلى وسائل غير وسائله؟ هل كان ذلك منه نشازا؟<br /> كلا. فالرجل كان دستوريا حتى النخاع. بل هو دستوري أكثر من الدستور<br /> 1- اقتبل المقيم العام وفدا عن الحزب الإصلاحي الذي أسسه حسونة القلاتي (ولم يعمر طويلا) وأمضى أحمد عياد برقية احتجاج نيابة عن 20 شخصا معلنا أن الحزب الدستوري هو الوحيد المؤهل للنطق باسم الشعب التونسي ( ).<br /> 2- يوم 9 ماي 1922 كتب المراقب المدني بسوسة أن أحمد عياد هو الناطق باسم الحزب الدستوري بقصر هلال ( ).<br /> 3- جاء بتقرير أمني مؤرخ في 11 جويلية 1923 أن أحمد عياد يعتبر ممثلا لعبد العزيز الثعالبي وانه قام بجمع الأموال لفائدة هذا الأخير قبل هجرته ( ).<br /> 4- وبعد تجديد هيئة الشعبة في نوفمبر 1924 وبتوصية من الحزب حرّر أحمد عياد يوم 8 جوان 1925 برقية احتجاج على تصريحات النائب بالبرلمان الفرنسي Morinaud وتهجمه على الجنسية التونسية ( ).<br /> 5- كتب المراقب المدني بسوسة يوم 20 جوان 1925 أن الحركة الدستورية بقصر هلال يقودها محمد بوزويتة وأحمد عياد ( تاجر عمره 35 عاما) ( ) <br /> 6- تبنّى هيئة الشعبة صحبة أحمد ساسي أواخر 1933 فقدّما باسمها استقالة جماعية ولم يكونا بين أعضائها. (أنظر الوثيقة)<br /> 7- أكد في منفاه بقبلي أنه تعرّف على الأديب امحمد المرزوقي خلال زياراته لمكتب محي الدين القليبي ( ).<br /> 8- ذكرت شرطة سوسة يوم 19جوان 1937 أنه عضو بهيئة الشعبة الدستورية بقصر هلال وأن سكان القرية دستوريون مائة بالمائة. وقد أخطأت في الخبر الأول وأصابت في الثاني مائة بالمائة ( ).<br /> <br /> o هذه الأحداث والتعاليق كلها تبرز أن احمد عياد كان ملازما لمسيرة الحزب الدستوري بدون أن يقبل القيام بدور رسمي. كان ينشد الحرية لبلده فحرص على الاحتفاظ بحريته الشخصية.<br /> o لو لا تلك الحرية ما كان ليفتح داره يوم 3 جانفي ثم يوم 2 مارس 1934 ويضرب عرض الحائط بتوصيات اللجنة التنفيذية القاضية بمقاطعة المنشقين. فقد كان احمد عياد قائدا دستوريا بدون تكليف وبدون زي رسمي ولقد كان الحبيب بورقيبة على حق حين نعته بصاحب الفكرة الحرة ( )</p> <p>&emsp;<br /> أحمد عياد... الكاتب<br /> قلّ من يعرف أن احمد عياد رجل خاض على صفحات الصحف في هموم الناس ومشاغلهم كما خاض فيها بالشوارع والساحات. بل قل من يعرف أنه يجيد الكتابة.<br /> بلى. إنه يجيدها. بل هو على حدّ علمنا أول هلالي نشر عن جانب من جوانب الحياة الهلالية.<br /> فعل ذلك حين نشر يوم 20 أوت 1920 مقالا بجريدة &quot;الصواب&quot; تحت عنوان &quot;تقهقر التعليم بقصر هلال&quot; جاء فيه: &quot; من المعلوم انه في عام 1909 أسست الدولة مكتبا ( ) بقصر هلال واعتنت به الاعتناء التام لما رأت مساعدة من الاهالي مادية ( ) وأدبية ( ) واشتياق الناس لأنهم في احتياج إليه لاسيما وان الدولة عزمت أن تجعل فيه فرعا صناعيا مخصصا لصناعتهم ( ) فكان ذلك أكبر داع لزيادة الولوع به لما ينجرّ عن ذلك من تقدمهم في حياتهم الاقتصادية والأدبية. وما كاد يفتح أبوابه حتى امتلأت جميع الأقسام ووقع عليه إقبال غريب خصوصا القسم الصناعي فأنه لما تكاثرت فيه مطالب الدخول خصصت فيه الإدارة أوقاتا في الليل للتعليم وبذلك تسنّى لعدّة رجال من صنايعية البلاد الانخراط في سلك التلامذة ومزاولة التعليم في تلك الأوقات الليلية ( ) نظرا لما لهم من الابتهاج وحب رقي صناعتهم ولكن مع الأسف أن تراه اليوم في درجة الانحطاط بل في درجة الزوال. وما السبب في ذلك يا ترى؟ نعم، السبب في ذلك عدم النتيجة. بل لا نرى له أثرا في الخارج كأنه لم يكن. فإن التلميذ بعد أن مكث فيه أربع أو خمس سنوات خرج لا يقدر على ترجيع خيط لمجراه الذي هو ضروري عند صنايعية البلاد أو على الأقل تحريك آلة النسج. وأما تطبيق مسائل النسج بالطرق العصرية فذلك يعجز عليه حتى المعلم نفسه... وأما تعلم العلوم في المكتب المذكور فكذلك نتائجه كادت أن لا تذكر بالنسبة لغيره. فبعد ان كان فيه ما يقرب من مائتي تلميذ صار الآن لا يتجاوز ثلاثين تلميذا. فهذا الانحطاط المدهش سببه قلّة النتيجة وعدم الاعتناء بالتعليم لأن مدير المكتب هو نفسه يدير شؤون البوسطة والتلغراف والتلفون. فكثرة الأشغال في ذلك تمنعه في غالب الأحيان من التعليم. فكم من مرة تدخل التلامذة إلى القسم وتخرج في وقت الخروج صفرة الأيادي حيث لا يوجد وقت للتعليم. فإن الوقت لا يكفي لأشغال البوسطة وحدها لأن المكلف بشؤونها هو مدير المكتب وحده. وكم من مرة يتذمر أهالي البلاد من تعطيلهم في قضاء مآربهم بالبوسطة لكثرتها. فكيف يعقل بعد ذلك أن يتسنّى له وقت للتعليم؟ ولماذا كانت بوسطة المكنين والمنستير التي كل واحدة منها بها ثلاثة أو أربعة مستخدمين وكانوا منفصلين عن المكتب مع أن مدخول الواحدة منها لا يتجاوز نصف مدخول بوسطة قصر هلال؟ <br /> وعليه فإن أهالي قصر هلال تطلب بكل الحاح من إدارة البوسطة والتلغراف انسلاخ البوسطة من المكتب ( ) وتطلب الأهالي أيضا من إدارة العلوم والمعارف تحسين حالة التعليم بالمكتب المذكور حتى يمكن إقبال الاهالي عليه وترجع إليهم آمالهم الماضية&quot; ( ).<br /> o يوم 5 أفريل 1937 نشر بجريدة &quot; تونس&quot; مقالا تحت عنوان &quot; الذي عملته فينا تلقاه إن شاء الله في صغارك&quot; علّق فيه على زيارة توديع أداها عامل المنستير إلى قصر هلال مذكرا إياه بما لقيته قصر هلال في عهده من المظالم (انظر الوثيقة) والعنوان يدّل على آثار ذلك في نفس أحمد عياد وفي جسده.<br /> o أصدر يوم 16 فيفري 1949 مقالا ساخرا تعرّض فيه إلى تصرفات الطاهر بطيخ في &quot;مشروع الإغاثة &quot; ( ) فكتب إنه &quot; ... تناول في ظرف الستة شهور الأخيرة عشرة طرنطات أولى من خيوط القطن لفائدة إغاثة العراة. ثم أخذ عشرة طرنطات ثانية وهاهو اليوم قد استلم إذنا آخر في عشر طرنطات ثالثة وهو يتسلمها خالصة بلا ثمن ويتم عليها مصاريف الحمل والتوزيع فيأخذه أيضا ثم يتصرف فيها ومنه يعطي للنساجين 17 كيلو من الخيط فيؤدون له 10 كيلوات من النسيج... وهو ما يستفيده حضرته وتتوسع به بناياته ومشاريعه وكوشته مما أغدقه عليه (الله) منذ مات الشهداء الأربع ( ) الذين حارت فيهم الجذرمة ومات برصاصهم الجنود الافرنسيون الأحرار&quot; ( ) <br /> o نشر يوم 10 أوت 1949 بجريدة &quot;تونس&quot; نفسها مقالا رائعا تحدث فيه عن المجلس البلدي الذي وقع إحداثه بقصر هلال ( ) جاء فيه، &quot; قصر هلال لا يرضي الله أن يقوم فيها هذا المجلس البلدي الذي يفرضه علينا الاستعمار ويرغمنا عليه إرغاما ضد كل ديمقراطية وضد أبسط مبادئ الحرية، وفي الحقيقة فإن الأمة التونسية لم تر من هاته البلديات المفروضة على القرى التونسية إلا وسيلة لا بتزار الأموال بعنوان مصالح البلدة التي لا تقضى وبعنوان النظافة التي لا تزداد بها البلدة إلا وساخة وعفونة وفسادا كما نشاهده في بلدة المكنين. فكانت شؤما وتعاسة. وما على المتحضرين إلا أن يزوروها ويروا مبلغ ما تعانيه وكذلك جميع القرى التونسية التي حولها من جمال إلى مساكن.<br /> بقي هذا العام قد زلّق الاستعمار في الأوامر العلية أمرا بتأسيس بلدية مفروضة لا انتخاب لأعضائها من عموم الساكنين يتهيمن عليها قابض أجنبي مثل سائر بلديات الإيالة فيفرض ما يشاء ويمنع ما يشاء على العادة التعيسة. وبقطع النظر عن شخصيات الذوات ( ) الذين فرضتهم هاته الملبوسة بالاستعمار فان أهل البلدة قد أجمعوا أمرهم على الاحتجاج وأمضوا عرائض رفعوها إلى جلالة الملك أن يوقف عنهم الضرر والتعاسة المهددة باسم البلدية والمدنية والحضارة. وأننا نعلن أننا لن نقبل هذا الجور الجديد أبدا حتى تخضع الحكومة بتحقيق حرية المجالس البلدية إلى وضع تصرف ميزانها من بين جميع السكان على اختلاف طبقاتهم. فذلك هو السبيل وذانك هما الشرطان الأساسيان لتكون البلدية مقبولة ومطلوبة ومرضية ( )<br /> o نشرت جريدة &quot; تونس&quot; يوم 15 فيفري 1950 مقالا عن إحجام المراقب المدني بسوسة عن زيارة قصر هلال: قصر هلال هي معقل الحرية الوطنية وهي أنموذج ماجد من مجد الديوان السياسي للحزب الدستوري والشعبة الدستورية من أنشط شعبات الساحل. ومما يذكر أن المراقب المدني الأفرنسي الذي يهيمن على سدس المملكة هو مسيو Clement قد ولي الجهة من أكثر من عام ( ) فلم يتمكن من زيارة رسمية لقصر هلال. نعني أنه طلب أن يزور ولا يسمع إلا التسبيح بمحامد الحماية أو على الأقل أن يسكت الناس عن النداء بالاستقلال والحرية. فلم يجد واليا ولاموظفا ولا شيخا يضمن له أن لا يسمع الرعد بسقوط الخونة وحياة المليك وحياة الحبيب بورقيبة ومجد الدستور والعمل لإقامة حكم الامة مقام استبداد الغرباء بالحقوق الوطنية. وعليه فإنه آيس من هاته الزيارة لمعقل الديوان السياسي الذي وضع فيه الحجر الأول للاستقلال&quot;.<br /> هذا المقال وإن لم يحمل إمضاء فإننا نشتم منه رائحة أحمد عياد وسخريته المرّة. ولعله كتبه قبل وفاته.<br /> <br /> ذلك ما استطعنا جمعه مما نشره أحمد عياد. وهو كاف لكي يكون مثالا لما نسميّة اليوم بأدب المقاومة. وإذا لم يكن كذلك فبماذا نسميّه؟<br /> لقد هدّد احمد عياد سجّانيه برمادة-حين أعوزته القوة-باستخدام القلم ( ) فتغيّر الموقف وارتخى الحبل. أفليس القلم سلاحا أمضى من السيف أحيانا؟ <br /> &emsp;<br /> عبد العزيز عياد<br /> نـشأته<br /> o هو عبد العزيز بن الحاج محمد بن الحاج سالم عياد<br /> o ولد يوم 4 ديسمبر 1925 قبل وفاة جدّه الحاج سالم عياد بثلاثة أعوام بالدار التي كانت تجمع غرفها الثمانية الجد و الأبناء والاحفاد وبعد ولادة أخيه علي بثلاثة أعوام. وحتى بعد انتقال أبيه إلى مسكنه الجديد فإنه لم يبتعد عن تلك الدار إلا قليلا.<br /> o أدخله أبوه الكتاب الذي كنا ندعوه &quot;القبرية&quot; وهي قاعة فاخرة فسيحة الارجاء كانت تقع قبالة مسجد سالم عياد بجوار الميضاة وتضم رفات الأسرة. ولسنا نعرف اليوم مصير تلك الرفات بعد تهديم القاعة والميضاة.<br /> o ثم أدخله المدرسة القرآنية التي أسسها الحاج على صوة سنة 1929 رافضا تسجيله بالمدرسة الحكومية الفرنكوعربية التي لم تكن تبعد عن مسكنه سوى بضعة أمتار فالرجل-كما رأينا- زيتوني يشغل خطة شاهد عدل .<br /> <br /> كان أبوه مفرطا في الرصانة حتى ضاق بها أبنه ذرعا. كان أبوه تلميذا زيتونيا نجيبا محرزا على التطويع وكان مقيّدا إلى مهنته مكبلا بما تفرضه من الانضباط والطاعة ففضل لنفسه مصير عميّه التاجرين.<br /> كان أبوه هادئا هدوءا لا يطاق وكان عينا من الأعيان أي محط انظار العيون. وقد شهد كاهية المكنين يوم 21 أوت 1938 ( ) أنه &quot; أحد أعيان قصر هلال&quot; لذلك زوج ابنه الأكبر من ابنة أحد الأعيان-صالح سعيدان- وهو زواج لم يعمر طويلا.<br /> من أعيان قصر هلال ( أفريل 1941)<br /> &emsp;<br /> وقـوفـا ( من الـيمين إلى اليسار) جلوسـا ( من اليمين إلـى الـيسار)<br /> محمـد بـن امحمـد الــممي (الشيخ حطب) محمد بـن سالم عياد<br /> سعد بن صالح فتز الحاج حسين بن محمد القصاب <br /> علي بن أبي الضياف كاهية المكنين<br /> عبد السلام بـن محمود الشملي الصادق بن علي بن احمد الديماسي <br /> عبد الحميد بـن محمد قارة الناصر بن منصور بـن علي الشملي <br /> علي بن الحاج حسيـن الـقصاب <br /> عـثمـان بـن مـحمـود الـشملي <br /> خليفـة بـن علـي الـمعلال<br /> </p> <p>وكان مكتبه ملاصقا لمسكنه وكأنه بغرفة نومه ليلا ونهارا. ورغم أن المسافة التي كان يقطعها للذهاب إلى مدرسة &quot;الهلال&quot; كانت تمكنه من بعض الحركة فإنه سرعان ماملّ ذلك كلّه! <br /> فقد كان من طينة احمد عياد. قيل إن العوامل الوراثية غريبة الأطوار إذ تقفز عبر الأعمام والأخوال ونحن نرى في عبد العزيز عياد أنموذجا.<br /> وقيل إن العوامل الوراثية تستثيرها التغذية والتربية.<br /> وقد وجد عبد العزيز عياد بالمدرسة القرآنية من استثاره. ونعيد ما قلناه في غير هذا المكان: &quot; كانت الوسائل البيداغوجية بمدرسة &quot;الهلال&quot; تمثلها العصا&quot;( )<br /> وقد مكنتنا دراستنا بها من إدراك الحقيقة والأسباب. فقد كان المعلم بمدرسة &quot;الهلال&quot; واقعا بين المطرقة والسندان. كانت المنافسة بينها أو بين المدرسة الحكومية شرسة وغير متكافئة ( ) وكان على المعلم- وخاصة معلم الأقسام النهائية-أن يعطي النتائج الباهرة إن رام البقاء ولم يكن للولي وجود. فحلت محلّه العصا. بل حلّت محل الجميع فكبرت حتى تجاوزت كل المقاييس! فهي &quot;الفلقة&quot; ( ) وهي الايدي تضرب حتى تتفقّع بطنا وظهرا !<br /> لقد اشتهر بمدرسة الهلال ثلاثة رجال أي ثلاث عصي : رحيم بن صالح بن بوذينة الجبالي ( ) أصيل التباينية قرب بوسالم والطاهر العفريت ( ) أصيل جمال وعبد الحميد سليم ( ) أصيل المكنين. وقد وجد عبد العزيز عياد نصيبه لدى هذا الأخير.<br /> نعم. لقد كان معلّما متميز النتائج أي مثمر العصا. وقد توّهت أوساط الأولياء بنتائجه استنادا إلى عدد المحرزين على الشهادة الابتدائية ( ) وكان مرتبه لقاء ذلك استثنائيا إذ كان يقع في المرتبة الأولى بعد مدير المدرسة محمد صوة ( ). كان ثمن التعليم لدى الأولياء بخسا لأنه كان مجانيا وكان الحاج علي صوة يتحمل كل نفقات المدرسة.<br /> لكن الثمن كان لدى التلاميذ باهضا.<br /> وقد كنت أخفي زرقة &quot; كراسعي&quot; عن أبي العدل-هو أيضا- كيلا يزيدها زرقة! حياة انتقل بها أطفالنا من النقيض إلى النقيض!<br /> <br /> انتقل صاحبنا من الكتاب إلى مدرسة &quot;الهلال &quot; وهو خالي الوفاض من اللغة الفرنسية ( ) فوجد عبد الحميد سليم والعصا. فتحركت فيه ذات العوامل التي كانت تحرك عمه احمد عياد.<br /> فتمرّد وشق عصا الطاعة ! <br /> <br /> لماذا أرسل به أبوه إلى مدرسة &quot; الهلال&quot; ولم يرسل به إلى العاصمة لمزاولة التعليم الزيتوني كما فعل لابنه الأكبر علي الذي زواله صحبة احمد بن الحاج علي صوة في شهر أكتوبر 1938 وسكن معه بغرفة واحدة؟ ( ) ولماذا أدخله المدرسة متأخرا؟ أسئلة لا نعرف لها جوابا.<br /> وعلى كل حال فهو لم يزاول من دروس السنة النهائية ( قسم الشهادة) إلا ثلاثة أشهر قبل أن يعمد إلى الفرار ( ) واللجوء إلى السواسي ( ) حيث يملك أبوه ضيعة واضطر الأب إلى قبول الأمر الواقع فكلّفه بتسيير أشغاله الفلاحية وبذلك أطلّ عبد العزيز عياد على معترك الحياة.<br /> وأما المعترك الاجتماعي فقد كان يمرّ عبر بوابتين: الكشافة أو المسرح. وكل من شارك في معارك الحركة الوطنية دخل من إحدى البوّابتين ولا نعرف لذلك استثناء. وقد سبقت الحركة المسرحية بقصر هلال الحركة الكشفية بعشرة أعوام.<br /> وإذا كانت الحركة الكشفية قد بدأت بقصر هلال يوم 3 ديسمبر 1937 عند قدوم القائد حسونة الزوالي رئيس جمعية النجم الكشفي وتأسيس الفرع الكشفي بقيادة علي بن الدهماني الميلادي ( ) فقد بدأت الحركة المسرحية بقصر هلال سنة 1927 بتأسيس جمعية &quot; هلال المراسح&quot; ( ) وتقديم مسرحية &quot;صلاح الدين&quot; يوم 7 ماي 1928 وهي مسرحية طبعت جيلا كاملا من الممثلين والمتفرجين. ولكي ندرك &quot;الدور&quot; الذي قام به المسرح في قصر هلال يكفي أن <br /> نتعرف على الممثلين بتلك المسرحية وهم:<br /> الهذيلي بن علي رضوان (1904-1984)<br /> سالم بن إبراهيم بن الحاج خليفة (1897-1931)<br /> محمد بن فرج بن الحاج خليفة ( 1908-1989)<br /> يوسف بن صالح الغزالي (1900-1971)<br /> أحمد بن محمد ساسي الحجري ( 1909-1978)<br /> محمد بن سالم بن الشيخ (1913-1977)<br /> عمر بن احمد الهاني (1908-؟)<br /> حسين بن محمد حمودة (1863-1938)<br /> جابر بن محمد بن الطرشة (1900-1972)<br /> فرج بن خليفة الاميم (1890-1959)<br /> علي بن الصادق خليفة (1911-1978)<br /> محمود بن احمد سعيدان (1908-1987)<br /> فرج بن عبد السلام الزعق (1890-1951)<br /> عبد الله بن علي بن حسين ( ؟-؟) ( )<br /> خليفة القفصي (؟-؟) ( )<br /> وهم رجال فيهم من لم يدخل قط مدرسة لكنهم طبعوا الحياة الهلالية بطابعهم على أكثر من صعيد وفيهم من عرف السجون السياسية والمنافي.<br /> نستطيع أن نجزم بأن المسرح كان مدرسة الوطنية بكل أبعادها وحتى اللغوية منها ناهيك أن أول مسرحية قدّمت باللهجة الدارجة بقصر هلال كانت رواية &quot; طاح في البير وطلعوه&quot; التي قدمتها جمعية &quot; بدر المسارح&quot; يوم 5 سبتمبر 1960 بعد عشرين مسرحية قدمت بالعربية الفصحى وهي:<br /> المسرحية الجمعية تاريخ العرض<br /> صلاح الدين<br /> القائد المغرم<br /> القائد المغرم<br /> الشعب والقيصر<br /> في سبيل التاج<br /> في سبيل التاج<br /> فتح بيت المقدس<br /> في سبيل الشرف هلال المراسح <br /> جوق السلامة<br /> الشباب الساحلي<br /> هلال المراسح<br /> هلال المراسح <br /> بدر المراسح <br /> هلال المراسح<br /> هلال المراسح 7 ماي 1928 و 1931و1932<br /> 1931 <br /> 29 جويلية 1937<br /> 1933و 1936 و22 فيفري 1937<br /> 27 مارس 1934 و 10 فيفري 1936 <br /> 18 أوت 1948 <br /> 11 نوفمبر 1936<br /> 11 ديسمبر 1936<br /> فتح الأندلس <br /> هلال المراسح 13 فيفري 1937 و 30 ماي 1937<br /> الاتفاق الغريب هلال المراسح أكتوبر 1937<br /> تحت راية فيصل الشباب الساحلي 28 ديسمبر 1937<br /> جريمة الأباء هلال المراسح 12 فيفري 1938<br /> عمرو بن العاص الشباب الساحلي 11 فيفري 1938<br /> حمدان Hernani الشبيبة الدستورية 1942<br /> جميل بثينة هلال المراسح 31 مارس 1942<br /> شارلوت الشباب الساحلي 10 أكتوبر 1944<br /> أنيس الجليس المستقبل التمثيلي 15 مارس 1945<br /> هند أو فتاة طرابلس بدر المسارح 10 ديسمبر 1947<br /> 9 أفريل 1938 طلبة الزيتونة والصادقية 9 أوت 1948<br /> الفراق القاتل بدر المسارح 19 سبتمبر 1950<br /> عطيل بدر المسارح 1950<br /> مجنون ليلى الشباب الأدبي الهلالي 31 جويلية 1955</p> <p>ومن تلك المسرحيات ما كان ممنوعا، وقد تسبب تقديم فصل من مسرحية &quot; فتح الأندلس&quot; الممنوعة يوم 6 أوت 1930 في السجن والغرامة لمحمد بن علي ابراهم ومحمود بن أحمد سعيدان والطاهر بن حمدة بو غزالة ويوسف بن صالح الغزالي.<br /> وأما أجور الممثلين فقد كانت بالإضافة إلى المضايقات والسجون مبالغ مالية يدفعونها من جيوبهم ويقتطعونها من قوت عيالهم ، وأما ما كان يدفعهم إلى ذلك فيرمز إليه حوار جرى بين يوسف الغزالي ومحمد بن فرج بن الحاج خليفة حول إدمانهما على التمثيل ، قال أحدهما:<br /> ماذا دهانا حتى تركنا بيوتنا ورحنا نسهر الليالي كي نحفظ الأدوار؟<br /> فتنهد الثاني وأجاب: إنها دودة المسرح <br /> فرد الأول: إن كان ما لديك دودة فإن ما لدي ثعبان !<br /> <br /> كثيرا ما قال بعضهم إن الممثل كانت له في المجتمع منزلة دنيا- وردد آخرون ذلك الزعم دون أن يحملوا أنفسهم عناء البحث والمقارنة. ولو اطلعوا على محاضر جلسات الجمعيات المعنية ( ) لكمموا أفواههم . ذلك أن العمل المسرحي كان يعتبر خدمة وطنية. وقد كتب امحمد بعيزيق &ndash; وهو وجه وطني من المكنين عن أحمد ساسي وعمله المسرحي بقصر هلال: &quot; ما عرفت عنه وصفا منذ زمن بعيد سوى &quot;تفانيه في خدمة قوميته وبلاده&quot;( ) .<br /> &quot;هلال المراسح&quot; و &quot;الشباب الساحلي&quot; و &quot;البرق الساحلي&quot; و &quot;جوق السلامة&quot; و &quot;المستقبل التمثيلي&quot; و &quot;بدر المسارح&quot; و &quot;زهرة الشباب&quot; جمعيات خدمت المسرح لكنها مدارس تخرج بها الكثيرون ممن عرفتهم خشبات المسرح ولم تعرفهم مقاعد الدرس إلا قليلا. أما من كان منهم حاملا للشهادة الابتدائية فقد كان يعتبر عالما !<br /> وقد أحصينا من تمكنا من معرفة أسمائهم من الهلاليين الذين خدموا المسرح إلى حدود سنة 1960 فكانوا 149 (بين ممثلين ومسيرين) أي ما يمثل سكان قرية كاملة!<br /> <br /> وذلك كان شأن عبد العزيز عياد.<br /> لقد انتمى صاحبنا إلى &quot;المستقبل التمثيلي&quot; حين شارك في التمثيل برواية &quot;شارلوت&quot; يوم 10 أكتوبر 1944 لفائدة الجمعية الخيرية الإسلامية بقصر هلال ( ) ثم يوم 14 أكتوبر 1944 بالقيروان ( ).<br /> ثم انتمى إلى &quot;بدر المسارح&quot; قبل أن يكون لها وجود رسمي فقام بالتمثيل في رواية &quot; في سبيل التاج&quot; يوم 18 أوت 1948 ( ) وما لبث حتى انتخب عضوا بهيئة الجمعية عند طلب الرخصة في جانفي 1949 ( ) وقد اعترض كاهية المكنين على الترخيص لأن مقصد الجمعية سياسي ولا فني حسب قوله( )<br /> <br /> زوجه أبوه من ابنة أحد أعمامه (عثمان بن احمد عياد) سنة 1948 فانقطع عن ممارسة هواية التمثيل ليدخل ميدان التجارة إعلانا عن استقلال داخلي.<br /> <br /> نستطيع أن نجزم بدون مجازفة بأن الرجل كان عصاميا إذا طبقنا المعنى الأصلي للعبارة حيث قال الشاعر:<br /> نفس عصام سودت ( ) عصاما وعلمته الكر والإقداما<br /> وإذا انحصر معنى العبارة اليوم في ميدان التعلم ( ) فقد شملت عصامية عبد العزيز عياد كل ميادين الحياة.<br /> <br /> <br /> مـسيرتـه<br /> o إذا كانت أيام الرعيل الأول -ومنه عمه أحمد- شهورا فإن الشهور الرعيل الأخير أيام، فالأيام عوضت الشهور والشهور عوضت السنين. وإن إمضاء عبد العزيز عياد يوم 10 جوان 1949( ) &ndash; وعمره أربعة وعشرون عاما- بعريضة تطالب بإحلال المدرسة القرآنية للبنات ( ) المزمع إنشاؤها محل زاوية سيدي بنعيسى بقصر هلال ( ) يدل على:<br /> 1- أن الرجل كان معروفا<br /> 2- أنه كان يحمل أفكار جده وعمه أكثر مما كان يحمل أفكار أبيه.<br /> o ثم إن انتخابه عضوا بهيئة الجمعية الخيرية الإسلامية بقصر هلال يوم 24 فيفري 1950( ) يكرس دخوله معترك العمل الاجتماعي.<br /> o ولو نهلنا من معين الادباء لقلنا إنه خاض المعارك منذ &quot;نعومة أظفاره&quot; ولسنا ندري إن كانت أظفاره ناعمة حين شارك في تأسيس نقابة العطارة بقصر هلال يوم 20 أكتوبر 1950 وأصبح أمين مالها( ).<br /> o وإذا كنا اليوم نتحدث عن &quot;جمعية الدفاع عن المستهلك&quot; وننشئ لها فروعا ( ) وننوه بدورها فقد أنشأ صاحبنا رفقة حمدة (محمد) رضوان &quot;لجنة الدفاع عن مصالح السكان&quot; وتولى فيها الكتابة العامة . وهي لجنة تخوف محمد السبعي &ndash; كاهية المكنين ( ) فأبى الاعتراف بها ورفض اقتبال الهيئة يوم 26 فيفري 1951 حين جاءت تطالب بالماء الصالح للشراب ( ) وهو موقف حول المطالبة المعيشية إلى مطلب سياسي فكتب عبد العزيز عياد: &quot;لو كان لسكان قصر هلال أعضاء منتخبون من قبلهم في بلديتهم لما عرضوا أنفسهم إلى مقابلة بغاث مستنسر يرى الخشونة والفظاظة أحسن صفات يتحلى بها من يمثل السيادة التونسية محليا&quot; ( ) وربما كان ذلك موقف الكاهية بعد أن نشر عبد العزيز عياد يوم 27 فيفري 1951 ( ) احتجاجا على بيع قطعة أرض بمقبرة قصر هلال إلى أحد الخواص ( ) وقد ردت جمعية الأوقاف أن العقد الذي أبرم يوم 14 فيفري 1951 تسويغ ولا بيع ( ) وهو رد لا ينفي التهمة في جوهرها ! وإن موقف عبد العزيز عياد من البلدية هو ذاته موقف أحمد عياد سنة 1949 !( ) <br /> o وعند تجديد هيئة الشعبة الدستورية بقصر هلال يوم 16 مارس 1951 وقع انتخابه أمينا للمال( ).<br /> o وأشرف سنة 1951 عند تأزم الأوضاع بالبلادعموما وبقصر هلال خصوصا على الشبيبة الدستورية بقصر هلال.<br /> o وقد شملت الاعتقالات العشرات من شباب قصر هلال وكهولها يومي 5 و 6 فيفري 1952 ( ) لكن ذلك لم يحل دون تفاقم عمليات المقاومة. وقد تسبب اعتقال محمود جمور أمين مال الجامعة الدستورية للساحل الوسط التي تكونت في شهر نوفمبر 1950 ( ) في تولي عبد العزيز عياد لأمانة مال الجامعة وبذلك أصبح أمينا للمال بثلاث هيئات مختلفة!<br /> وحين جاء دوره للاعتقال فكر في الفرار غير أن والده ألح على ضرورة الاستسلام ففعل. فاعتقل يوم 25 مارس 1952 صحبة المعلم الإمام الهادي الشاوش وشيخ البلد البشير بوزويتة ( ) وأبعد إلى محتشد (ثكنة) تبرسق ( ) إلى يوم 15 سبتمبر 1952 وأوقف بالسجن المركزي بالعاصمة يوم 17 أكتوبر 1952 ( )- أي بعد شهر واحد من سراحه وجلب إلى العاصمة ليحال على المحكمة العسكرية بتهمة &quot;حيازة 8 كلغ من المتفجرات&quot; وصدر الحكم يوم 12 ماي 1953 ( ) بعدم سماع الدعوى ، وأفرج عنه بعد أن قضى رهن الاعتقال ثلاثة عشر شهرا ( ).<br /> <br /> وقد علمته إقامته بالمحتشد والسجن أن الممارسة أدهى من التمثيل مثلما أن الواقع أغرب من الخيال فذاق شظف العيش وتعلم الحياة المشتركة وفنون التصرف في الموارد المادية والبشرية حتى أصبح بالسجن مسؤولا عن المساجين أي عميدهم ! هذا فضلا عن اتصاله بالقادة المساجين أمثال جلولي فارس وعزوز الرباعي.<br /> وحين غادر السجن يوم 12 ماي 1953 كان أكثر تجربة وأشد بأسا. فعاد إلى سالف نشاطه الذي تضاعفت نجاعته بفضل تلك التجربة الفريدة بالإضافة إلى محمد القنوني الذي لم تكن علاقته به تخلو من التوتر . لأن القنوني كان يعتمد الترهيب عوضا عن الإقناع حسبما جاء في مذكراته.<br /> عاد إلى قصر هلال فوجد الدنيا غير الدنيا ووجد وجوها جديدة أو قديمة جديدة- مخلصة تعامل معها. فكان اتصاله بعمر بن محمد بوزويتة ( ) الذي كان منكبا على جمع الأموال لفائدة المقاومين والمعتقلين وعائلاتهم فانضم إليه ( ) انضماما بعث الروح في المقاومة التي كانت تصارع من أجل البقاء.<br /> وبذلك عاد النشاط إلى جسم أنهكته الخصاصة.<br /> وجد الحالة المادية للمقاومين متردية إلى أبعد الحدود. ووجد بعضهم على وشك التخلي عدا الذين صدرت بشأنهم أحكام تحول دون عودتهم إلى الظهور فعكف صحبة عمر بوزويتة وعثمان الميلادي (كحلية) ومفتاح ابراهم على جمع الأموال من التجار الهلاليين بالعاصمة وعددهم مائة وخمسون. وكانت لعبد العزيز عياد حركات مكوكية بين العاصمة وقصر هلال وحتى البلدان المجاورة. فقد امتدت يد المساعدة إلى المقاومين وعائلاتهم بطبلبة والبقالطة ( ) وزرمين والقائد حسن بن عبد العزيز الورداني والقائد العجيمي بالقيروان. كما عمل صحبة العجمي سليم (رئيس الشعبة الدستورية بالمكنين) على تكوين خلية للمقاومة بالمكنين ( ) إذ علينا أن لا ننسى أن الرجل كان أمين المال للجامعة الدستورية بالساحل الوسط.<br /> <br /> عمر بن محمد بوزويتة ( نظارات) صحبة عبد العزيز عياد<br /> وقد توفي والده الحاج محمد بن الحاج سالم عياد يوم 1 أكتوبر 1953 ( ) وهو يباشر مهامه الحزبية بالعاصمة . وحين عاد على وجه السرعة لم يكن له إلاّ أن يحضر موكب الدفن. <br /> <br /> عبد العزيز عياد يتوسط الشاعر الشعبي صوة العيوني <br /> ( إلى اليمين) وحسن بن عبد العزيز الورداني</p> <p>o أما بقصر هلال فقد حملت المجموعة التي ألفت بينها المخاطر اسما اقتبسته من إحدى الروايات الفرنسية دليلا على التحامها من جهة وعلى &quot;شطارتها&quot; من جهة أخرى فدعت نفسها &quot;بالأحد عشر شيطانا&quot; Les onze diables وكان عبد العزيز عياد رئيس الشياطين!<br /> o وقد لمس حاجة المقاومين إلى وسيلة نقل تمكنهم من جلب السلاح الذي كان يجلب بعضه من قليبية( ) والقيام بالعمليات خارج قصر هلال فاقتنى &ndash; باسم الشعبة الدستورية- سيارة من نوع Playmouth وقد اتخذ المقاومون الشياطين ذلك الاسم رمزا إذ جعلوا الاسم Play mot أي لعبة الموت ( ) وكان اقتناؤه للسيارة خلال شهر مارس 1954 أي قبل مجيء رئيس الحكومة الفرنسية منداس فرانس يوم 31 جويلية 1954 بأربعة أشهر.<br /> o وقد يسرت السيارة مهام الشياطين حتى إذا جاء يوم 11 جويلية 1954 وارتكبت عصابة &quot; اليد الحمراء&quot; الاستعمارية جريمة بشعة بإحدى مقاهي جمال أصدر عبد العزيز عياد الاذن بتصفية أحد عناصرها ومهندس الأشغال العمومية Collignon . وتم ذلك بين خنيس وقصيبة المديوني يوم 19 جويلية 1954 واستعمل ابراهيم قارة وعلي بن اسماعيل بوعين سيارة &quot;لعبة الموت&quot;( ).<br /> o ثم جاء منداس فرانس وانطلقت المفاوضات التونسية الفرنسية الهادفة إلى تحقيق الاستقلال الداخلي وتعثرت حتى تقرر أن يتم تسليم الأسلحة من طرف المقاومين بين 30 نوفمبر و 10 ديسمبر 1954 ( ) فوقع تسليم أسلحة المقاومين بقصر هلال وعددهم عشرون يومي 2 و 4 ديسمبر 1954 ( ) بالدار التي انطلقت منها الحركة الوطنية أي دار عياد. وبالإضافة إلى تسليم سلاحه فقد كلف عبد العزيز عياد بجمع أسلحة الآخرين. وسلمت له بطاقة عضوية بلجنة الرعاية لهذا الغرض تحت عدد 877( ).<br /> وللحقيقة والتاريخ فقد تبين لنا أنه لم يسلم من أسلحة المقاومين إلا القليل أو ما هان شأنه. فالانضباط الحزبي لم يكن ليزيل الهواجس والشكوك . وسوف نرى لاحقا نوعية ما احتفظ به عبد العزيز عياد من الأسلحة.<br /> وقد سبق أن لوحظ لنا ذلك عند درسنا لتلك الفترة من تاريخ الحركة الوطنية وإذا كان بعض الثوار قد أعلنوا رفضهم لتسليم أسلحتهم فإن من ثوار قصر هلال من سلم الأسلحة التي هان شانها لديه !<br /> o يوم 1 جوان 1955 شارك في اقتبال الحبيب بورقيبة عند عودته على ظهر الباخرة Ville d&rsquo;Alger ( ) بتنظيم الجماهير المحتشدة وحركة المرور صحبة سالم سعيدان( ).<br /> o وقد حضر مؤتمر الحزب الدستوري بصفاقس يوم 15 نوفمبر 1955 ممثلا للشعبة الدستورية بقصر هلال ( ) وخرج منه مقتنعا بضرورة مساندة الحبيب بورقيبة حتى إذا وقع الصدام عمل على ترجيح كفة بورقيبة فقاوم اليوسفية بجهات مكثر والوسلاتية ومنزل بوزلفة( ).</p> <p>o ويوم 27 ديسمبر 1955 سلمت له بطاقة مقاومة تحت عدد 243( ).<br /> o حتى إذا جاء الاستقلال عين ضمن الدفعة الأولى من المعتمدين يوم 5 جويلية 1956 معتمدا بعمدون ( ) ثم السواسي وسليانة والجم والقلعة الكبرى وأخيرا بمنزل شاكر إلى غاية 1967.<br /> o ثم بدات معركة الجلاء عند قصف الجيش الفرنسي لساقية سيدي يوسف يوم 8 فيفري 1958 وانتهت بالجلاء الكامل يوم 15 أكتوبر 1963 وجرت بين التاريخين أحداث ومصادمات منها ما حصل بالجنوب التونسي (رمادة) في شهر ماي 1958 ومنها ما حصل ببنزرت في أواخر جويلية 1961 ( ) وقد حصل الجلاء بفضل التعبئة التي عاشها الشعب التونسي. وعند نشوب معارك بنزرت &quot;تذكر&quot; عبد العزيز عياد ما تبقى لديه من أسلحة المقاومة فتبرع بها يوم 22 جويلية 1961. وقد سلمت له شهادة تثبت أنها أسلحة ذات قيمة حربية ثابتة (انظر الوثيقة) وذلك من شأنه أن يؤكد أن عملية تسليم الأسلحة سنة 1954 كانت عملية جزئية ذات غاية سياسية.<br /> o يوم 16 أفريل 1963 استأذن والي سوسة والقيروان ثم استكتب العدلين أحمد الشرفي وعبد الرحمان ابراهم ليقدم دار عياد هدية للحزب الحر الدستوري التونسي وقد جاء بالعقد المؤرخ في 17 أفريل 1963 أن الهبة قام بها عبد العزيز عياد صحبة أخيه علي وعمتهما آمنة &quot;قاصدين بذلك وجه الله العظيم لإعلاء شأن الوطن وتخليدا لذكرى المؤتمر التأسيسي للحزب الحر الدستوري التونسي&quot; (انظر نص العقد) كما جاء برسالة مؤرخة في 11 افريل 1972 صادرة عن الكاتب العام للجنة التنسيق الحزبي بسوسة وموجهة إلى مدير الديوان الرئاسي أنها &quot;هبة من الأخوين عبد العزيز وعلي ابني الحاج محمد عياد وعمتهما آمنة عياد&quot;. ويؤكد عبد العزيز عياد في مناسبتين أنه كان اقتنى قبل ذلك نصيب الورثة وأنه الواهب الوحيد . وعلى كل حال فالدار - اليوم من الوجهة القانونية- دار التجمع أي وارث الحزب الحر الدستوري التونسي والله وارث الأرض وما عليها.<br /> o أحرز يوم 20 أوت 1965 على وسام الاستقلال( ) .<br /> o ولم يكتب لسماء هذه المسيرة أن تخلو من الغيوم فقد جاء شهر ديسمبر 1967 ليشهد حادثا فظيعا تعرض له ابنه أنس الذي كان عمره عشرة اعوام. كان يلهو بحديقة جده فعثر على قذيفة يدوية من بقايا متفجرات المقاومة ، وكان الانفجار . وكان بتر اليد اليمنى للفتى عدا جروح كثيرة أخرى. كانت كارثة عائلية تحمل عبد العزيز عياد تداعياتها وحده وكأنه لا وجود لنظر قومي أو جهوي أو محلي. لقد غاب عن الجميع أن تلك القذيفة كانت من أجل الجميع وانه من الطبيعي أن يتحمل عواقبها الجميع !<br /> ذلك الفتى هو اليوم الدكتور أنس عياد. سألناه تعليقا فقال: ما عند الله خير وأبقى !<br /> o وبعد أن غاب عن الساحة الهلالية بحكم عمله وتحرر منه سنة 1967 عاد فانتخب مستشارا بلديا في دورة (1969-1972) ( ) ولعلها دورة أراد أن يعيشها مختارا بعد أن عاش البلدية المفروضة سنة 1951( ) وعاشها من الداخل بعد أن عاشها من الخارج !<br /> o يوم الأحد 11 جوان 2000 بينما كنت بمقهى &quot;لاروزا&quot; بحي المنار بالعاصمة سألت رفيقي الطاهر بن عبد القادر بوزويتة الذي كنت ألتقي به أيام الأحد: أيعجبك أن يخل صاحبنا بالموعد ؟ فقال: من؟ فقلت: عبد العزيز عياد طبعا &quot;فقال : ألا تعلم ؟ فقلت : ماذا؟ فقال : لقد توفي. ولف الصقيع بقية جلستنا وما لبث حتى انفصم اللقاء إلى يوم كتابة هذا. لقد توفي ثالثنا يوم الاثنين 5 جوان 2000 ( ).<br /> أما نحن فننتظر .<br /> o أقيمت أربعينية عبد العزيز عياد يوم السبت 22 جويلية 2000 بدار التجمع بقصر هلال بإشراف المكي العلوي الأمين القار المكلف بالمناضلين بالتجمع الدستوري الديمقراطي.<br /> <br /> o نشرت عنه جريدة الشروق يوم 10 جوان 2004 مقالا مصورا يوجز مسيرته النضالية.<br /> <br /> من هم المقاومون المسلحون بقصر هلال؟<br /> سؤال طرحناه منذ سنة 1995 ( ) وبعد مضي عقدين لم نتمكن من الإجابة عنه بعد ! فقد تدخلت فيه عوامل عديدة جعلته عرضة للمزايدات والمناقصات! هناك من خانته الذاكرة وهنالك من خانته الشجاعة وهنالك من خانته الامانة أو خانها ! وقد اضطررنا إلى العودة إلى المنطلق أي إلى نقطة الصفر. والعجيب أن الصحافة ذكرت أن تسليم الأسلحة جرى بقصر هلال يومي 2 و4 ديسمبر 1954 وأن المجموع كان واحدا وعشرين ( ) لكن من هم؟<br /> نحن لا نعرف منهم على وجه اليقين إلا واحدا أي الناطق باسمهم آنذاك: محمد بن عبد السلام التهامي !<br /> ألم يخطر ببال أحدهم أن يسجل أسماءهم فيريحنا من عناء البحث ويقينا شر السهو والنسيان؟<br /> وها هي جحافل الراغبين في تسجيل أسمائهم اليوم تطرق الأبواب وتحتج والزبد يعلو الشفاه وبيد كل واحد شهادة وملف !<br /> حاولنا أن نقارن بين ما لدينا من الوثائق والصور والشهادات فوجدنا بالصور ضيوفا ووجدنا إضافة هنا وحذفا هناك &quot;والأمانة سودت وجه الغراب&quot;. <br /> وذلك الذي عالج المفرقعات مرة ليضع منها &quot;عصبانة&quot; فتفجرت وبترت أصابعه( ) هل يعتبر مقاوما ومسلحا ؟ أليس من الواجب إضافته إلى الواحد والعشرين؟ وذلك الذي امتلك بندقية ولم يطلق منها رصاصة واحدة : أليس من المنطقي طرحه؟ وذلك الذي لم يسدد بندقيته إلا إلى أخيه؟<br /> أسئلة توقفنا عندها حينا ثم اقتنعنا أن محاولة الاجابة عنها تثير جدلا لا طائل من ورائه. <br /> <br /> عبد العزيز عياد صحبة جمع من مستقبلي الطيب المهيري وعلي البلهوان<br /> <br /> عبد العزيز عياد بين حسن بن عبد العزيز الورداني والحبيب بورقيبة<br /> وحتى مجموعة الأحد عشر عفريتا لم تسلم من الجمع والطرح والضرب. فقد أغفل عبد العزيز عياد عن قصد أو غير قصد ذكر أفرادها في مذكراته. ونحن لا نملك عن المجموعة إلا صورة تضم ستة منهم. ولم تسلم من التأويل . وبقي الآخرون في مهب الريح.<br /> ويحق لنا اليوم أن نعتمد في تحديد هوية أفرادها إلى قائمة خطها شاهد نعتبره ثقة على أكثر من صعيد وهو الطاهر بن بوبكر الصانع والذي كان ألقى خطاب الترحيب بالجنرال بلان قائد الجيوش الفرنسية بتونس يو19 أوت 1954 بقصر هلال. ونحن نقدم للقارئ مخطوطه.<br /> <br /> قائمة الطاهر الصانع لم تحصل هي الأخرى على الاجماع: فقد طرح بعضهم عمر بن محمد قارة ومحمد بن علي المكسي وعلي الممي الحجيري ومحمد بن محمد قارة ومحمد بن احمد سليمان والناصر بن سالم العايب وأضافوا محمد بن حسن العايب ومحمد بن عبد السلام الجبالي والبشير بن أحمد شقير وعبد السلام بن احمد بوستة والهادي بن ابراهيم الجبالي. وحتى الصور لم تسلم من الاجتهاد والتأويل. (والتهويل) . أما رأينا بعد الدرس والتمحيص فهو أن هذا الاختلاف نفسه يثبت أن الوجود الإسمي لا يعني في الحقيقة شيئا . وأن الأفعال وحدها محك الرجال !.<br /> <br /> 1- الهادي بن محمد قاسم 2- عبد الرزاق عوين (زيد عوين)<br /> 3- علي بن اسماعيل بوعين 4- صلاح الدين بن علي قاسم <br /> 5-محمود بن محمد نوة 6- مصور من بني حسان<br /> 7-عبد السلام بن علي الدوس 8- منصور بن عميد القعلول<br /> 9-محمد بن عبد الله حفصة 10-عبد القادر الطوزي (قرو)<br /> 11-محمد بن عبد السلام التهامي 12-علي بن سالم الممي (الحجيري)<br /> 13-عبد الله بن منصور الصانع 14-أحمد بن سالم النحال ( العربي النحال)<br /> 15 - حمادي بن سالم الممي ( الحجيري)<br /> <br /> <br /> 1-محمد بن عبد السلام التهامي 2-علي بن اسماعيل بوعين<br /> 3-عبد القادر الطوزي 4-محمود بن محمد نوة<br /> 5-أحمد بن سالم النحال( العربي النحال) 6-عبد السلام بن علي الدوس<br /> 7-مصور من بني حسان 8-محمد بن عبد الله حفصة<br /> 9-عبد الله بن منصور الصانع 10 -عبد الرزاق عوين ( زيد عوين)<br /> 11-صلاح الدين بن علي قاسم 12- منصور بن عبيد القعلول<br /> 13-علي بن سالم الممي ( الحجيري) 14 -حمادي بن سالم الممي ( الحجيري)<br /> <br /> النواة الاولى للأحد عشرة شيطانا<br /> من اليمين إلى اليسار: عبد الرحمان بن عبد الله قارة- محمد بن حسن العايب- عبد الله بن محمد سعيدان &ndash; ابراهيم بن محمد قارة-وناس بن محمد بن حمودة- عبد السلام بن منصور الخفي.<br /> <br /> 1-علي بن سالم الممي ( الحجيري) 11 - علي بن اسماعيل بوعين<br /> 2-عبد الرزاق عوين ( زيد عوين) 12- عبد الله بن منصور الصانع<br /> 3-سعد بن الحاج خليفة 13- محمد بن محمد نوة<br /> 4-أحمد بن سالم النحال ( العربي النحال) 14-مصور من بني حسان <br /> 5-صلاح الدين بن علي قاسم 15- محمد بن صالح حمودة <br /> 6-الهادي بن محمد قاسم 16- ابراهيم بن محمد قارة <br /> 7-محمد بن عبد الله حفصة 17- احمد بن ابراهيم سويسي <br /> 8-الناصر بن سالم العايب 18- محمد بن عبد السلام التهامي <br /> 9-عبد السلام بن علي الدوس 19- عبد القادر الطوزي ( قرو)<br /> 10- منصور بن عبيد القعلول 20- مجهول لدينا <br /> دار عيــاد<br /> o بناها الحاج سالم بن امحمد عياد أب الحركة الإصلاحية والوعي الوطني بقصر هلال.<br /> o انتقلت ملكيتها اثر وفاته يوم 5 جوان 1928 إلى أبنائه محمد وأحمد وابنته آمنة.<br /> o شهدت:<br /> - تأسيس أول شعبة للحزب الحر الدستوري التونسي خارج العاصمة يوم 23 سبتمبر 1921 بحضور بانيها واشراف أحمد توفيق المدني واحمد الجعايبي عضوي اللجنة التنفيذية للحزب.<br /> - تجديد هيئة الشعبة في نوفمبر 1924<br /> - اجتماعا ليليا عقده المنشقون عن الحزب يوم 3 جانفي 1934 (17 رمضان 1352) بدعوة من ساكنها أحمد بن سالم عياد.<br /> - انعقاد مؤتمر &quot;البعث&quot; يوم الجمعة 2 مارس 1934 ( 16 ذي القعدة 1352) ومولد الحزب الحر الدستوري الجديد.<br /> - عدة تظاهرات في مناسبات مختلفة أشرف على بعضها الحبيب بورقيبة ومحمود الماطري والحبيب ثامر.<br /> o بقيت ملكا مشتركا حتى انتقلت ملكيتها عند وفاة أحمد بن سالم عياد يوم 13 أوت 1949 وأخيه محمد سنة 1953 وأخيهما حامد سنة 1961 إلى عبد العزيز وعلي ابني محمد بن سالم عياد وعمتهما آمنة.<br /> o سلم بها المقاومون بقصر هلال أسلحتهم يوم السبت 4 ديسمبر 1954.<br /> o يوم 6 مارس 1959 عند اختتام مؤتمر &quot; النصر&quot; الذي انعقد بسوسة واختتم بقصر هلال تقرر تحويلها إلى متحف( ). <br /> o قدمها الورثة يوم 17 أفريل 1963 هبة للحبيب بورقيبة باعتباره رئيس الحزب الدستوري( ) وأصبحت متحفا تراثيا ثم ألحقت بالمعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية.</p> <p><br /> <br /> o يوم السبت 29 جوان 1968 ضمتنا في سهرة شعرية رائعة ألقى خلالها جمع من الشعراء قصائد باللغة الفصحى والشعبية( ) بعد أن وجدنا عناء لاقناع المسؤولين بفتحها للحياة( ).<br /> o سنة 2006 تدخلنا لدى أخينا الأستاذ محمد لطفي الشايبي مدير المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية فيسر عودة الدار إلى الحضن الذي ولدت فيه( ).<br /> o يوم 13 أكتوبر 2006 ألقينا بها محاضرة تحت عنوان &quot; الزواج في الأمثال الشعبية التونسية&quot; وقد سعينا ولا نزال إلى تقديم دراسة بين رحابها عن الحركة الإصلاحية بقصر هلال. أليست دار الإصلاح؟( ).<br /> o كتب عنها محمد الشاذلي عطاء الله الذي شارك في مؤتمر 2 مارس 1934 ممثلا للشعبة الدستورية بالقيروان.<br /> شعلة في ربوع قصر هلال أوقـدوا نارها فثبت لـهيبا <br /> لـم تـزل حيــة كـكل لـهيب قــدسي يبدو جليلا مهيبـا<br /> قولي يا دار عياد هل فكرت يومـا وقــد أويت الـحبيبا<br /> إن من بيتك انطلاقتنا الأولى وفي ركنك النداء استجيبا؟( )<br /> o يوم 13 مارس 2004 نشر عنها مقال صحفي ساهم في توثيقه الدكتور أنس بن عبد العزيز عياد( ).<br /> <br /> دار عياد: بناها الحاج سالم وسكنها أحمد ووهبها عبد العزيز <br /> إنها الدار الرمز: رمز لمسيرة أسرة وقد شاء القدر أن تكون رمزا لمسيرة أمة واكتمل الرمز الثاني بعودتها إلى الحياة على غرار عودة الأمة التونسية إلى الحياة .<br /> فلا هي دار الحاج سالم عياد رغم أنه بناها.<br /> ولا هي دار أحمد عياد رغم أنه سكنها.<br /> ولا هي دار عبد العزيز عياد رغم أنه ولد فيها ثم وهبها.<br /> إذا دار عياد وكفى<br /> <br /> أمام هذه المنضدة جلس الحاج سالم عياد ثم ابنه أحمد قبل أن يجلس عليها الدكتور أنس بن عبد العزيز عياد صحبة أبنائه.<br /> والآن<br /> لو انتزعنا شجرة آل عياد من قصر هلال:<br /> - لانتزع الحاج سالم وحركته الإصلاحية والدار التي انعقد بها الاجتماع التأسيسي للشعبة الدستورية بقصر هلال يوم 23 سبتمبر 1921.<br /> - لكان لتلميذيه محمد بوزويتة والحاج علي صوة شأن آخر.<br /> - لانتزع أحمد عياد ودوره الشخصي في الحركة الوطنية ولما انعقد اجتماع 3 جانفي 1934 بداره وبالتالي مؤتمر 2 مارس 1934 ولكان لذلك المؤتمر شأن آخر<br /> - لانتزع عبد العزيز عياد ودوره الشخصي ولما كانت مجموعة : الأحد عشر شيطانا&quot; أو كان لها شان آخر.<br /> وإذا أعدنا التاريخ الحديث والمعاصر لقصر هلال على ضوء ذلك الانتزاع هل تبقى قصر هلال على حالها ثم هل يبقى تاريخ الحركة الوطنية التونسية على حاله؟<br /> ألم يقل قائدها الحبيب بورقيبة إن وجود أحمد عياد وحده يعتبر من حسن حظ تونس؟<br /> نترك للقارئ مهمة الإجابة.<br /> <br /> ما نرجوه هو أن ينتقل النسغ من جذر الشجرة إلى أطراف أطرافها ليبقى الحاج سالم عياد حيا في أحفاد أحفاده. <br /> وهذه الدار تشهد على أن &quot; ما كان لله دام واتّصل&quot;</p> <p><br /> الوثيقة 1<br /> مراسلة الكاهية حمودة بن عمار يوم 28 سبتمبر 1926 <br /> جناب الصدر المهام العماد الأفخم أمير الأمراء سيدي مصطفى دنقزلي الوزير الأكبر بالإيالة التونسية حرسه الله آمين. السلام عليكم التام اللائق بسامي المقام وبعد فالمنهي لجنابكم السامي هو أنه كان اعتدى منذ عام فارط المسمى محمد بوزويتة الهلالي حفيد سي حسين بوزويتة شيخ الجوفية بقصر هلال على سي الناصر الشملي الامام الثاني بجامع الخطبة بالبلد عند صعوده على المنبر لأداء فريضة الجمعة وقد اشتكى هذا الأخير مما وقع من التعدي على ناموس وظيفه وحررت أوراق في النازلة على يد سلفنا أحيلت على جناب المجلس العدلي بسوسة صحبة مكتوب مؤرخ في 13 اكتوبر 1925 وحكم بها المجلس على دعوى التعدي بحفظ النازلة ومن حيث التشويش حكم على المدعى عليه بخطية قدرها 20 فرنكا.<br /> وتعصب أناس مع المعتدى المذكور المدعى رئاسة الفريق الدستوري بالبلد من جملتهم سي سالم عياد الامام الأول بالجامع المذكور وسي حسين بوزويتة الشيخ المذكور سريا وتعصب أخرون ونكروا على أفعال محمد بن عمر بوزويتيه المذكور وأن السبب الوحيد في أحداث الخلاف المشار إليه هو أن محمد بوزويتة المذكور كان سعى في تصيير كافة أهالي قصر هلال دستوريين ولما امتنع البعض منهم من السلوك في طريقته ادعى أن قراءة القرآن العظيم ودلائل الخيرات بجامع الخطبة فيما بين الاهاب الأول والثالث تشويش على المصلين ومن ذلك جماعة الحزب الدستوري تعرضوا لتلك القراءة وقصدوا إبطالها بالمرة والحزب الثاني صمم على مداومة القراءة حسبما جرت به العوائد بجوامع المملكة وعندئذ وقع شقاق بين الطرفين في أثنائه صدر إذن من الوزارة السامية لفضيلة الشيخ القاضي بالمنستير يتضمن إبطال قراءة ما ذكر بالجامع المذكور يوم الجمعة، وفعلا كان حضر في ذلك التاريخ الامام الأول والثاني المذكوران وأعلما الاهالي بما صدر به الاذن. الأمر الذي اعتبره الدستوريون انتصارا تاما على من خالفهم وصاروا يهنئون بعضهم بعضا ويتنكلون على قراء الأحزاب الذين امتثلوا لما جاء به الأمر وانكفوا عن القراءة بالجامع ومن ذلك التاريخ لم يبلغنا ما يشوش الراحة أو ما يحدث الهرج بالبلد وفي 15 سبتمبر الجاري أعلمنا سي حسين بوزويتة شيخ الجوفية المذكور بان منصور مامة أحد سكان قصر هلال ومن المشيخة القبلية بالبلد أطلق بريحا بسوق البلدة المذكورة لإعلام العموم بأنه ورد إذن من الوزارة السامية أبطل ما جاء به الإذن الأول ولقراء الأحزاب أن يعودوا لقراءتهم حسب العادة. وحينئذ وقع تشويش بالبلد وتشاتم البراح ورئيس الحزب الدستوري محمد بوزويتة المذكور كما عرفنا الشيخ المذكور بأن حفيده المذكور اعلمه بما وقع ورغب منه أن يحرر له تقريرا في النازلة وفعلا حرر له تقريرا وسلمه له يصل جنابكم نسخة منه صحبة هذا ونسخة من مكتوب وجهه لنا الامام الثاني في الموضوع وعرضت علينا النازلة التي تعاطينا فيها اجراء الأعمال القانونية اللازمة لا من حيث التعلق بالقراءة أو عدمها حيث أنها خارجة عن أنظارنا بل من حيث توقع ثورة و إثارة الهرج بين القراء والحزب الدستوري الذي من جملة أعضائه الامام الأول سي سالم عياد ومما يحقق لنا مشاركة الامام المذكور للحزب الدستوري هو أنه في خلال عام 1924 كان قدم وفود دستوريون على بلدة قصر هلال وفتح لهم سي سالم عياد الامام المذكور داره واجتمعوا فيها مع غالب أهالي البلد وألقوا خطبا دستورية وبموجب ذلك وقع اقبال تام على الوافدين بسبب وجود الامام الأول بين أظهرهم وسي حسين بوزويتة شيخ الجوفية على علم من ذلك الاجتماع وهذان الأخيران الطاعنان في السن لو أرادا إزالة الخلاف لأمكنهما ذلك بغاية السهولة لأنهما مسموعين الكلمة عند الحزب الدستوري الذي يرى اليوم أن قراءة القرآن العظيم ودلائل الخيرات هي من البدع ومن جملة ما وقع في ذات يوم كان تهدد المسمى محمد بوزويتة الرئيس المذكور أحد القراء في أثناء تشييع جنازة بذكر لا إلاه الا الله محمد رسول الله حسب عادة المؤمنين ومنعه من القراءة وكانت تقدمت لنا شكاية في الموضوع وقامت عليه البينة فيها ولدى تعاطي اجراء الاعمال القانونية في شأنها اذ حضرت جماعة من أعيان البلد وتداخلوا بالصلح بين رب الدعوى ومحمد بوزويتة المذكور ووقع اسقاط الدعوى ذكرنا لسمو جنابكم هاته الواقعة لتتحققوا استمرار من ذكر على الترامي ومس ما يتعلق بالأمور الدينية معتمدا في ذلك معاضدة من سبق ذكرهما اللذان انتمى إليهما ما يفوق عن الثلاثمائة نسمة من الشبيبة ونرى من واجبي إيضاح ما هو جار الآن بقصر هلال والذي بدون أدنى شك إن بقيت الحالة على ما هي عليه الآن تكون عاقبتها وخيمة ربما أدت إلى المضاربة بداخل الجامع لدى أداء فريضة الجمعة ومما نلاحظه لسامي الجناب هو أنه لا يقع شيء من ذلك في جمعة الامام الأول سي سالم عياد المذكور الذي هو نفسه له أغراض شخصية مع الامام الثاني منشأها أمور منها كان تقدما لامتحان التدريس بقصر هلال وفاز الامام الثاني وحصل عليه . ومنها مشاركته في مباشرة صلاة الجمعة بالمناوبة ومنها كان امل الامام الأول السعي وراء التحصيل على رتبة إمام ثاني لابنه العدل محمد ولذا كان حقده وحسده للإمام الثاني في ازدياد . وفي 16 سبتمبر الجاري وفد علينا من أعلمنا بأن سي سالم عياد وسي الناصر الشملي قرءا في ذلك اليوم على المصلين إثر صلاة العصر مكتوبا ورد لهما من الشيخ القاضي المذكور مضمونه أن قراءة القرآن العظيم ودلائل الخيرات بجامع الخطبة قبل خروج الامام بحصة وبصوت خفي رجعت لما كانت عليه قبل صدور الاذن الأول الامر الذي حصل منه سرور تام لقراء الأحزاب وعكس مقصد جماعة الدستوريين وكل منهما تأهب. أما الأول لقراءة الحزب وأما الثاني قصد التعرض له في ذلك.<br /> ... ويظهر جليا مما صد رمنه أنه من المعاضدين للحزب الدستوري حتى أوصل الأمور الدينية وصيرها معرضا ليتوصل لأغراضه الشخصية يريد بذلك إسقاط الامام الثاني لينفرد بالإمامة الذي يتوصل بها لزيادة النفوذ وليتخذونه قدوة ولتلويث سمعة غيره ولا يخفى على جنابكم أن ما قرر ينشأ عنه التهزئة بالأمور الدينية ويتسبب في تحمس المكابرين عن القيام بواجباتهم الدينية ويؤدي ذلك إلى ما لا يحمد عقباه هذا وخشية وقوع الثورة المشار إليها التي كانت متحققة الوقوع استصحبنا بعض الثقات من بلد المكنين وتوجهنا عاجلا يوم الجمعة 17 سبتمبر الجاري قبل صلاة الجمعة إلى جامع الخطبة بالبلد مصحوبين بشيخي البلد والغمام الأول والثاني ولدى حلولنا به وجدنا عددا وافرا من أهالي البلد يقرؤون القرآن العظيم فرادى من المصحف وحزبا متركبا من نحو العشرين نفرا يقرأون الدلائل بصوت خفي مستحب بموجب حبس موقوف على قراءة ذلك قبل صلاة الجمعة وتحققنا عندئذ بأنه لا مانع من التمادي على القراءة بالصورة المقررة رغم تعرض محمد بوزويتة زعيم الحزب المذكور المشاع عليه أنه تارك للصلاة وموجب تداخله في المسألة القصد منه للسمعة والرياء والمظاهرة بالضدية سعيا وراء التحصيل على شهرة بين أرباب العقول الضعيفة والاستيلاء عليهم وضمهم لحزبه وجعلهم تحت سلطته والتشويش على ولاة الأمور والذي يعتبر نفسه حرا هو ومن معه من سلطتهم ولا نفوذ لهم عليهم وبعد لذلك كذلك أتشرف بأن يسمح لي الجناب في طلب زجر محمد بوزويتة المذكور المتسبب في إثارة التشويش ببلدة هادئة ضعيفة الحال حسنة المستقبل من حيث معاملها التجارية وباتخاذ ما يراه الجناب من الوسائل اللازمة فيما يخص الشيخ والإمام الاول ونرى إن لم يكن مانعا في تأخير الامام الأول الذي في تأخيره راحة لأهالي البلدة ولجناب الدولة حيث مع طعنه في السن لا زال يتعاط إتباع أفكار عصرية من شأن مثله التباعد عنها ويتسبب في إثارة الفتنة ليتوصل لأغراضه الشخصية بإصرار وبنية. هذا ما تحرر لدينا أعلمنا به جنابكم راجيا من غيرتكم على الأمور الدينية زجر المتسبب في مس كرامتها ودمتم بخير وعافية والسلام من معظمكم فقير ربه حمودة بن عمار كاهية المكنين وقصر هلال وكتب في 11 ربيع الأول وفي 28 سبتمبر 1926-(1345).<br /> <br /> علق المراقب المدني بسوسةFortier يوم 8 نوفمبر 1926 مطالبا بعقوبات صارمة لوضع حد لتأثير الحزب الدستوري بقصر هلال بتنحية الحاج سالم عياد وتسليط عقاب على الشيخ حسين بوزويتة وتهديد محمد بوزويتة بملاحقة قضائية كما لوحظ أن عائلة عياد وفية للحزب الدستوري وبالتالي فهي لا تستحق أي نوع من العطف . والابن لا يكف عن حركة مكوكية بين قصر هلال والجنوب. واعترض المراقب المدني على تعيين محمد بن سالم عياد إماما أول( ).<br /> &emsp;<br /> الوثيقة2<br /> قصـر هــلال<br /> لحركة رجعية يقوم بها الامام الثاني بجامع البلد لفادئدة بقاء البدع الضالة منتشرة بقصر هلال قد تسنى له أن يؤثر على كاهية المكنين بواسطة فيكتب تقريرا ويوجهه إلى الحكومة ضد الامام العالم الفاضل الشيخ السيد الحاج سالم عياد طالبا عزله وضد الأمثل المعتبر السيد محمد بوزويتة بدعوى أنهما يسعيان في إحداث التشويش والانقسام بين أهالي قصر هلال... فأنتج التقرير إيقاف الامام الأول عن خطته التي كان يباشرها منذ 35 سنة وقد جاء الكاهية إلى قصر هلال ودخل الجامع وأعلم المصلين بتوقيف الامام الأول وأمرهم بانتخاب الامام الثاني بدلا عنه فوافق البعض من أشياع الناصر الشملي أو المنقادين إلى رغبة الكاهية وامتنع الجل العظيم منهم بل صرحوا علانية أنهم لا يصلون خلف الناصر أبدا ولا يرضونه إماما أولا ولا ثانيا فطرد الكاهية المعارضين ونهرهم وقال لهم من استدعاكم للحضور هنا &ndash; أي إلى بيت الله- وعند خروجهم من الجامع مطرودين قاموا بمظاهرة احتجاج مارين بالطرقات أمام كاهية المكنين وشيخ البلد ثم كتبوا عريضة احتجاج للمولى الوزير الأكبر ممضاة من أعيانهم طالبين إرجاع الامام الأول وتخلي الثاني لأنه الرجل الوحيد الذي سبب الانقسام والتشويش وقدم العريضة وفد منهم ذهب إلى تونس لهذا الغرض لكنه لم يتمكن من مقابلة أمير الأمراء المولى الوزير الأكبر لمصادفة أيام رأس العام الجديد ولكن قابل الوفد الإدارة الداخلية فقبلت هيئتهم قبولا حسنا وهدأ خواطرهم وسكن روعهم فخرجوا شاكرين ممنونين والمؤمل نجاح مسعاهم كما أنتج التقرير استدعاء مراقب سوسة السيد محمد بوزويتة وتهديده أوائل ديسمبر ظنا منه أنه حقيقة من المشوشين ولكن أخيرا اقتنع المراقب بأن التهمة مفتراة مصطنعة وناتجة عن اغراض ومطامع الامام الثاني في الامامة الأولى باستعمال الحيل السياسية كآلة محركة ووسيلة موصلة.<br /> وقد تحققنا أن صلاة الجمعة صارت تؤدى بالمكنين وغيرها من مدن الساحل البعيدة عن قصر هلال من ذلك الحين ولم يصل خلف الامام الوقتي إلا أشياعه أو العجز المسنون. أما الصلوات الخمس فكانت تؤدى فرادى بنفس الجامع.<br /> نشرنا هذه الحقيقة وللمولى الوزير الأكبر سديد النظر.<br /> جريدة &quot;الوزير&quot; 15 فيفري 1927</p> <p>الوثيقة 3<br /> مـا مـات مـن لـم يـمت ذكـره<br /> إنما المرء حديث بعده كن حديثا حسنا لمن وعى<br /> في اليوم السادس عشر من ذي الحجة الحرام ختام عام 1346 ختمت أنفاس الفاضل الزكي التقي بقية السلف وقدوة الخلف . الإمام الواعظ الأبر الشيخ سيدي الحاج سالم عياد ببلدة قصر هلال إثر مرض لم يفقد فيه قوة إداكه واستقامة شعوره حتى الساعة التي لبى فيها نداء ربه آمنا مطمئنا مستبشرا بلقاء مولاه الكريم. من أحب لقاء ربه أحب الله لقاءه.<br /> كان هذا الشيخ الفاضل مثالا أعلى في الكمال والخيرية والورع والتقوى مواظبا على أداء فروضه الدينية إلى آخر فترة من حياته. فقد أدى فريضة الصبح يوم وفاته وكان رحمه الله محترما محبوبا من الخاصة والعامة له مبرات جليلة. قضى في الإمامة والخطابة أمدا طويلا إلى أن أعفي من ذلك أخيرا بسعاية البعض هداهم الهف وعفا عنهم لدى بعض المراجع الحكومية بأن الشيخ أثابه الله سمح بعقد اجتماع سياسي بداره . وهل أدل على مقدار كمالات الشيخ وسعة أخلاقه من عفوه على ذلك الساعي قبيل وفاته ودعائه له بالهداية والتوفيق.<br /> فارق هذا الشيخ الكريم دار الفناء وارتحل إلى دار البقاء بعد ان قضى في هاته الدنيا ستة وسبعين حولا قضاها في الصالحات فلا بدع إن كان لنعيه التأثير العظيم والأسف العميم وقد تجلى ذلك بأجل مظهر في موكب جنازته . فقد حضره عدد لا يحصى من سائر جهات الساحل ناهيك أن الذين باشروا الصلاة عليه يتجاوز عددهم الأربعمائة. وكان الذي أمهم الفاضل الخير الفقيه الشيخ محمد بن حسين الورداني بوصاية من الفقيد ولقد كان ممن أكرمه الله بصحة ادراكه وثباته إلى آخر نفس من حياته وبذلك تهيأ له أن يملي وصايته كما شاءت له نفسه الكريمة فأوصى بان لا ترفع عليه نائحة صوتا ولا تلطم عليه نادبة خدا وأن يساق بجنازته على السنة الطاهرة. فلا أصوات ولا قراءة ولا جلبة ولا ضوضاء فنفذت وصايته ولله الحمد فخدم السنة رحمه الله بمماته كما خدمها في حياته ودفن بمقبرة أعدها لنفسه ولأسرته . ليس هذا فحسب كل أعمال الرجل. فهناك ما هو أعظم وأدعى للشكر وأبقى للذكر وهو ما نريد تدوينه ونشره بهاته الصحيفة المنتشرة عسى أن يكون فيه ما يدعو الأغنياء المثريين وأهل الثراء المسرفين وأولئك الذين يكتنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله إلى القدوة والتأسي بهذا الرجل الكريم فيجودون على الأمة والوطن بنزر مما أفاض الله عليهم كما فعل أسلافهم الأكرمون. أولئك الذين شادوا المدارس والمساجد والتكايا والمستشفيات وأقاموا الجسور والقناطر وغيرها من معالم البر والاحسان ومعاهد العلم والعرفان وقد انقرضوا وبقيت آثارهم ماثلة وذكرهم مرددا بالرحمة والاجلال حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين .<br /> أجل لم يكن ما ذكرناه لك كل أعمال الرجل الصالح فإليك ما هو أجل وأعظم نبني مسجدا فسيحا على أحسن طراز مناسب قرب داره وقد صرف عليه مبلغا له بال ومنذ مدة والعمل مستمر في تشييده وقد أوشك على التمام ولم تبق إلا تحسينات فأوصى لإتمامه بجانب من المال أوقف عليه مائتين وخمسين زيتونة من خيار كسبه ورتب به خمس قراء يتلون آيات الذكر الحكيم وأوقف عليهم خمسين زيتونة. وأحدث سبيلا عاما على طريق المهدية وحبس عليه ما يكفي لإدامة نفعه كما أن له بأرض على ملكه على طريق بني حسان بمكان معطش عينا جارية أوقفها على العموم وحبس عليها عددا من الزياتين لإصلاحها وتعهدها وإدامة الانتفاع بها ومع ذلك فقد ترك لورثته الخير الكثير بارك الله لهم فيه. فهو وإن مات بجثمانه فسيبقى حيا بذكره العطر وآثاره الخالدة ما بقيت الدنيا وهو وإن انقطع عمل غيره بموته فعمله لم ينقطع كما ورد بذلك الحديث الشريف فطوبى له ولأمثاله الصالحين.<br /> فهل لإخواننا الذين افاض الله عليهم من نعمه أن يقتدوا بهذا الفاضل فيخلدوا من الآثار الصالحة ما يبقي لهم ذكرا جميلا وينيلهم مقاما جليلا يجدونه يوم لا ينفع مال ولا بنون ولمثل هذا فليعمل العاملون.<br /> وإذا افتقرت إلـى الذخائر لـم تجد ذخرا يكـون كصـالح الأعمال <br /> والله المسؤول أن يمطر على جدث الفقيد شآبيب الرحمة والرضوان ويرزق أهله جميل الصبر والسلوان ويوفقنا للنسج على هذا المنوال مما هو خير وأجدى في الحاضر والمئال ( ر.ب.)( )<br /> &emsp;<br /> الوثيقة 4<br /> فـقيد الاصـلاح<br /> قليل من علماء الخلف من يسير على منوال السلف متبعا الكتاب والسنة وشروح الأئمة. ومن النادرين فضيلة العالم النحرير والقدوة الشهير الشيخ السيد الحاج سالم عياد عمدة قصر هلال في مراجعة أصول الدين وفروعه وتطبيق القواعد على صحتها مع مقاومة البدع والضلالات الملصقة بالدين والمنسوبة إليه اعتباطا بل افتراء. فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا تغره في الحق لومة لائم . ولكن ويا للأسف قد انتابته يد المنون فأطفأت نورا كلن مضيئا.<br /> نعم مات &quot;الامام&quot; ولم تمت حسناته، فبالأمس كان يخطب ويعظ ويدعو الناس إلى الخير ويحرضهم على فعله وينهاهم عن الشر ويحذرهم من عواقبه واليوم أبقى لنفسه ذكرا خالدا ودعاء مستمرا. أما الذكر الخالد فهو النصح والإرشاد وإصلاح أخلاق العباد وأما الدعاء له بالخير فمتسبب عن الجامع الذي بناه من ماله الحلال الطيب وصرف عليه مالا ذا بال وقد أوشك بنيانه أن يتم وعن السبيل الذي أحدثه في طريق المهدية وعن العين الجارية التي في أرضه بطريق بني حسان والتي أوقفها على العموم ينتفع بها الأجوار المعطشة أراضيهم وجميع مؤسساته ومشاريعه الخيرية أوقف عليها الزياتين الكثيرة لدوام نفعها. ومع كل ذلك فقد ترك ثروة معتبرة لأبنائه وأعقابه فيها الكفاية.<br /> أوصى الفقيد بأن لا ترفع عليه نانحة صوتا ولا تلطم عليه نادبة خدا وأن تسير جنازته طبق الكتاب والسنة بلا أصوات مرتفعة ولا قراءة قرآن في الطرقات فتمم أنجاله وصايته برا بوالدهم المرحوم.<br /> وبالجملة فالمصيبة عظمى والنكبة كبرى لأن فقد العالم الموفق خسارة لا تعوض رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.<br /> ونحن نعزي فيه أمثاله من العلماء النصحاء وندعو الله أن يلهم أنجاله وأقاربه جميل الصبر لنيل جزيل الأجر.( )</p> <p><br /> &emsp;<br /> الوثيقة 5<br /> استقـالــة<br /> شعبة قصر هلال <br /> حضرة الأستاذ الفاضل السيد الحبيب بورقيبة أما بعد فليكن في علمكم أن لجنة الشعبة الدستورية بقصر هلال قد استقالت مؤقتا احتجاجا على قبول استقالتكم ورفت الأخ البحري قيقة وتقول في استقالتها أنه إذا لم يقع تسوية الخلاف وإرجاع المياه إلى مجاريها أو عقد مؤتمر عام في القريب العاجل فإن شعبة الحزب الحر الدستوري بقصر هلال تستمر على استقالتها إلى أن تقرر الأمة مصيرها ودمتم في حفظ الله والسلام من أحمد ساسي وأحمد عياد ( ).<br /> &emsp;<br /> الوثيقة 6<br /> فجعت الأوساط الدستورية هذه الأيام بفقد ركن من أركانها ألا وهو السيد أحمد بن الحاج سالم عياد عين أعيان قصر هلال بحادث سماوي انتابه بينما كان بمطبعة رصيفنا صاحب جريدة تونس الفيحاء فسقط من أعلى إلى أسفل صريعا وما لبث ساعات بالمستشفى حتى قضى نحبه رحمه الله.<br /> وشخصية هذا الوطني المغوار شهيرة بين الأوساط التونسية إذ كان يعمل لصالح البلاد مدة تقارب الخمسة والأربعين عاما دون انقطاع من عهد حركة باش حانبة الزعيم الكبير وانصاره من حزب الشبيبة التونسية المثقفة كما كان الفقيد من أنصار النشاط الدستوري عند ظهور حركته عام 1919 وذهاب الزعيم الكبير الأستاذ عبد العزيز الثعالبي إلى باريس ونشره لكتاب &quot;تونس الشهيدة&quot; ثم إلقاء القبض عليه هناك وإرجاعه إلى تونس مكبلا بالسلاسل والأغلال وإيداعه في سجن القصبة العسكري ردحا من الزمن إذ كان الفقيد من أخص أنصاره.<br /> وفي دار المرحوم السيد أحمد عياد عقد أول مؤتمر للحزب الدستوري الجديد الذي يرأسه الديوان السياسي وذلك عام 1933 (هكذا) وكانت له اليد طولى في تنظيمه وإحضار الطعام الكافي للمجتمعين بالمؤتمر السياسي وعددهم يناهز المائتين الذي قدموا من كل جهات المملكة ومن الحاضرة بالخصوص وعلى رأسهم الأستاذ الحبيب بورقيبة رجل اليوم وفي عام 1934 أقصى إلى رمادة حيث الحكم العسكري في جملة المبعدين الملحقين بالمنفيين إلى برج القصيرة <br /> &quot; البوف&quot; ولما قاساه من التعذيب فقد كسرت أسنانه ثم توالت عليه المصائب والمحن فسجن كم مرة ونفي مرة أخيرة إلى قبلي ( حكم الدوائر العسكرية أيضا) فضلا عن سجنه في حوادث 9 أفريل 1938 ورغما عن الأدوار القاسية التي لاقاها في حياة المغامرة فما زال ثابت الجأش قوي العزيمة إلى أن مات شهيدا.<br /> فنعزي فيه أخويه السيدين محمد وحامد عياد وندعو للوطنيين أن يرزقهم الله خلفا عنه مع الدعاء له بالرحمة والغفران وسكنى فردوس الجنان( ).<br /> &emsp;<br /> الوثيقة 7<br /> كتـاب مفتـوح إلـى جنـاب الـمقيم<br /> من ظلمات العهد الماضي:<br /> يا جناب المقيم<br /> بناء على أن مسألة الابعاد والارهاب( ) التي تركت في البلاد موبثا مضرا وبناء على عزمكم الذي سيجعل بين عصركم وأعصر الظلم والطغيان سدا وبناء على أن الثمرة لا تكون مفيدة إلا إذا تدرس الواقع كما هو أرى من الواجب بل لزاما علي أن أقص على جنابكم ما لاقيته مدة النفي والابعاد عسى أن تنتج القصة إفادة الصالح العام فأقول:<br /> يوم 29 فيفري 1936 غادرت المكنين التي كنت متغيبا بها قاصدا بلد قصر هلال فدخلتها على الساعة التاسعة مساء فوجدت جنودا جمة أمام إدارة البريد حاملة للبنادق شاهرة لها فتعجبت من ذلك الأمر الذي أدى بي إلى أن أسأل من في المقهى عن الأسباب الداعية لكل ذلك إذا بهم فاجؤوني قائلين لقد جاء الشيخ صحبة الجند باحثين عنك ولما لم يجدوك قصدوا منزلك. وبينما أنا كذلك إذ بقبطان الجندرمة جاء صحبة عونين فألقوا علي القبض حالا وعندئذ أخذوا يضربونني ويلقون بي على الأرض رفسا وركلا المرة تلو الأخرى. ولما قاربنا إدارة البريد أخذ بعض الجنود يضربونني بقفا البنادق بشدة لا نظير لها ولا مثيل إلى أن ألقوني على الأرض وعندئذ أمرهم العامل الهاشمي ( ) بن خليفة بالكف. وعندما نهضت من الأرض خاطبني قائلا: ألم أقل لك إنك ستلاقي من جراء فكرتك أكثر من هذا وأدهى؟<br /> فأجبته: وما الذي قمت به وأنا كامل اليوم قد قضيته بالمكنين بعيدا عن الأهل والدار والأخوان والخلان؟ وعندئذ التفت العامل للكاهية محمد الحداد واستشهد به عما قاله لي أن ذاك. فإذا بالأخير يصيح: هذا زعيمكم يا أهالي قصر هلال تحت الطرب فإن كنتم قادرين على تخليصه فخلصوه. وما أتم هاته الجملة حتى أحاطت بي الجنود متسابقة في ضربي بالبنادق وركلي بالأرجل الأمر الذي كانت نتيجته أن أغمي علي. وفي تلك الساعة أشيع في البلاد صوتي فبلغ الخبر أهلي فما كان لهم إلا أن يتألموا لما أصابني ويأسفوا لما دهاني، وبعد أن استفقت من غشيتي أعيدت الكرة ثانيا وثالثا فكانت النهاية بأن فقدت أربع أضراس لم أشعر بفقدها إلا غدا لشدة ما رأيته وهول ما لاقيته. وبعد هذا وضعت الجنود الحجر الجيد ( ) تحت ركبتي فلم أطلق ذلك فسقطت فأقاموني وأعادوا الكرة وهكذا إلى منتصف الليل تقريبا. وعندئذ ذهبوا بي إلى المحل المعد لهم فألقوني كتافا بالحبال حتى كادت تقطع يدي ورجلي من الضغط والآلام . وعندئذ رغبت من الجندي الذي تركوه أمامي يحرسني بقوة السلاح أن يخفف من الكتاف فأجابني بالرفض ضاحكا هازئا. وهكذا بقيت إلى أن قدم الكاهية إلى السجن المذكور فسألته قائلا: لم هذا؟ وما الداعي لسجني بهاته الصفة ( ) تحت إمرة الجنود والحرس العسكري؟ ألم يكن لكم سجن مدني تزجون به من تشاؤون؟ فأجاب أن لا سلطة له الساعة وكل النظر والرأي للضابط العسكري لا غير. غادرني والدم يتدفق مني تدفقا واللحم منتفخ مشوه حتى أن البعض منه مال من موضعه الأصلي الأمر الذي أبقى بجسدي آثارا دائمة آبدة ما دمت حيا حسبما هو بالشهائد الطبية التي قدمتها إلى جنابكم سابقا.<br /> ذلك أمري كل ليلة وما دقت السادسة صباحا من غرة مارس حتى جاء الجند لإخراجي. فما وصلت إدارة البريد حتى وجدت الكوميسار في ترقبي.ولما رأى ما أنا عليه أمر بإبدال الحبال بالسلاسل فكان ذلك بضغط هائل الشيء الذي أبقى آثارا أخرى مشوهة ببدني دائمة آبدة أيضا ثم انصرف وأتى الكاهية وعند قدومه أمر بضربي ووضع الحصى تحت ركبتي كما وقع الليلة فأعلمته بأن لا طاقة لي على ذلك فكنت كالمستجير من الرمضاء بالنار حيث صب عندئذ وابل من العذاب الأليم من ضرب وركل لا نظير لهما ووضعوني عنوة على الحصى فقلت لهم: الأولى أن تقتلوني طلقا بالرصاص لا تعذيبا وتنكيلا فشددوا الضرب ودام الامر كذلك إلى نحو ثلاث ساعات ولا من راحم ولا مغيث إلى أن قدم الكوميسار ثانية فعاين الدماء المتدفقة من وجهي وفمي فأصدر أمره بالكف، ولكن ما هي إلا خمسة عشر دقيقة وإذا بالكرة تعاد والحالة تجدد بدعوى أن تلك الراحة باعثة في نفسي القدرة على الوقوف بركبتي على الحصى، وشددوا في ضربي فصحت فإذا بالكوميسار يخرج في غضب قائلا لهم أن لا حق لهم في ذلك وأنه وحده الآمر الناهي وكفوا عما هم فاعلون من الفضائح والشنائع، وعندئذ أقبلت سيارة كبيرة فأدخلوني فيها صحبة بعض الإخوان الذين ساقهم وإياي سوء الطالع إلى أمثال هؤلاء المنقدة قلوبهم من صخر وحديد، وعندئذ أخذ الجندرمة يؤلموننا ضربا وشتما ( ) إلى أن وصلنا إلى سوسة وعندئذ أمرونا بالنزول ثم أخذوا يضربوننا بقفا البنادق وساقونا إلى السجن والبقية إلى المحكمة. فبقيت إلى يوم 3 مارس حيث ساقوني إلى الكوميسارية فوجدت بها الأخ محمد بن فرج حريق( ) وعندئذ أعلمونا بتحجير الاقامة بالتراب المدني والنفي إلى التراب العسكري. وبعد الإمضاء على قرار التحجير ساقونا إلى محطة السكة الحديدية فامتطينا الرتل القاصد قابس مسلسلين صحبة عونين سريين، ولما وصلنا البلد المقصود وجدنا الكوميسار في انتظارنا فأركبنا سيارته حالا وأوصلنا إلى مدنين وأعلمنا أنه لابد أن ينفذ قرار التحجير حالا. ثم ساقونا إلى السجن بعد أن قدمنا إلى المكتب العسكري فبتنا تلك الليلة في السجن ولما سطع فجر يوم 4 مارس الموافق ليوم عيد الأضحى ساقوا إلي سيارة قاصدة رمادة. ولما وصلنا وجدنا المخازني المسمى الجيلاني في انتظارنا . فأمرنا بالنزول من السيارة والجري أمامه ولما كان ذلك ضربنا بعصا هائلة يعبر عنها بالعمود ثم أدخلنا للبرج ثم لبيت ملأت جيرا فبقينا فيها أكثر من خمس ساعات ثم قدم الجيلاني المذكور ونزع منا البرانس وضربنا برجليه آمرا لنا بالخروج والجري والاتجاه نحو الليوتنان فوبير وإذ ذاك ادخلوا رفيقي وحده للمكتب فإذا بي أسمع صياحه ولا من مغيث له. وأما أنا أخذوا يأمرونني بالجري ضاربين لي شاتمين . وبعد حين أدخلوني إلى المكتب . وما أن حلت رجلاي به حتى نزلت علي ضربات السياط نزول الأمطار الغزيرة. ودام الأمر كذلك نحو خمسة عشر دقيقة. ولما كللت رغبت في التكلم فأجابوني لذلك وقلت لهم إن الموت طلقا بالرصاص أشرف من التعذيب والتنكيل فأجابني الليوتنان فوبير أنه يود قتلي لا بالرصاص ولكن بالتمثيل بي حتى أقضي نحبي عرقا فعرقا. ذلك لأن مقصد الحكومة عند إرسالنا إليه حتى يرينا معنى الاستبداد في أجلى مظاهرة وأوضح أشكاله. ثم أعادوا كرة الضرب وبعد حين سألوني عن حالتي المدنية ثم أخرجوني من المكتب قاصدين بي وبرفيقي بيت الجير فدخلناها ثانية وبها قضينا كامل اليوم والليلة. يوم 5 مارس جاءنا البريقادي يأمرنا الخروج والجري وضرب سياطه يتساقط على رؤوسنا. فوقعنا على الأرض مرارا من هول ما لاقينا، وبعدئذ أدخل رفيقي الخيمة الأولى ودخلت أنا الثانية فبتنا بهما تلك الليلة ، ولما جاء يوم 6 مارس أتى للخيمة التي أنا بها القومي ( ) المسمى محمد بن منصور وأمرني بالخروج صحبة ثلاثة من رفاقي لجلب الماء من العين فقال له كل من بالخيمة أن رفيقنا في حالة يرثى لها ولا قدرة له على ذلك فأبدله بمن شئت منا، فامتنع قائلا إن المسألة بأمر من الليوتنان فوبير فلا بد من تنفيذ أمره، فذهبت حاملا الإناء الذي لا يقل وزنه عن الخمسة والعشرين كيلو إلى أن وصلت إلى العين التي تبعد عن البرج بنحو فرسخ تقريبا فملأته ثم رفعه رفاقي واحدا بعد آخر ولما حلت نوبتي حملته . وبعد حين طلبت أن يسمح لي بوضع الإناء على الأرض كي أرتاح لأنه قارب أن يسقط مني لشدة التعب، وكيف لا يسقط ووزنه لا يقل عن الثمانين كيلو وحالتي على ما هي عليه ولحمي مثخن بالجراح، ومع ذلك كله أبى القومي بن منصور، فسرت وما هي إلا هنيهة حتى سقط مني فأمر القومي بحمله ثم ضربني بعصاه وهددني بالصعود إلى البرج ، فقمت بذلك حتى كدت أسقط بحملي الثقيل، فأمر القومي أحد إخواني يرفع الإناء فكان ذلك. وعندئذ أخذ يضربني بالعصا ضربا شديدا. ولما وصلنا للخيام ودخلناها هددني بالإعلام والانتقام فأجابه إخواني عندئذ بأنني قد قمت بواجبي أحسن قيام سيما وأنا حملت الاناء طيلة الطريق فارغا كما حملته ملآنا ما يقرب من ربع الطريق إبان الرجوع. فلم يقتنع بذلك . وما هي إلا هنيهة وإذا به يستدعيني إلى مكتب الليوتنان فوبير . وعندما دخلت قوبلت بضرب السياط المؤلم والشتم الخارج عن حدود الآداب وبعدئذ عوقبت بحفر حفرة صغيرة بعد أن أملأها بما حفرته بالفأس وهكذا كان إلى نحو الساعة السابعة مساء. وهي التي تغلق فيها الخيام- فدخلت الخيمة منهوك القوي مأمورا أنا ومن فيها بالصمت الدائم. ولما أتى الغد جاءني أحد القومية وأمرني بالخروج إلى العمل فأعلمته بأني قد قمت بذلك البارحة فقال بأن الآمر هو البرقادي ) ( فلا محيص لي عن طاعته فخرجت ووجدت البرقادي في ترقبي فأطلعته على حالتي فأعلمني بأن الليوتنان أصدر أمره بعقابي نحو الخمسة عشر يوما ) (.<br /> وفي المساء أتى البرقادي وأمرني بالجري بالعربة ولما رأى مني ضعفا متناهيا ضربني ثلاث مرات متواليات بالسوط. وبقيت كذلك نحو الساعتين في جري يلبني العرق وفي الساعة السابعة رجعت للخيمة كالعادة ومن الغد خرجت للعمل فوجدت في ترقبي البرقادي فبادرني بالضرب المبرح وهكذا دامت الحالة أخرج للعمل على الساعة السادسة وانتهي منه في السابعة مساء ولما انتهت أثنتا عشر يوما أعلمني البرقادي بارتفاع العقوبة فأصبحت ثلاثة وعشرين يوما تشجيعا لنشاطي وفائق اجتهادي وتعجيلا لهلاك جسمي وإفناء صحتي.<br /> وأتممت الثلاث والعشرين يوما وأنا في ترقب انتهاء مدة العقاب وإذا البرقادي يستدعيني لخيمة الحراس فلبيت الدعوة وتوجهت إلى الخيمة أين وجدت زبانية الحرس في انتظاري ، فقال لي البرقادي: إن عملك بطيء جدا أوجب ضربك وزيادة عقابك لمدة خمسة وعشرين يوما من العمل جزاء فشلك وكسلك المتناهيين. ولما أخذ الحراس في ضربي أمسكت عصا أحد المعذبين من شدة ما ألاقيه من الألم والعذاب فإذا بالمسمى ابن عون ضربني ضربة لم أر لها مثيلا أسقطت لي ضرسين. وعندئذ أعلمت البرقادي بعزمي على اعتصاب الجوع ( ) وإرسال ثلاثة مكاتيب أولها لليوتنان وثانيها للكولونيل وثالثها للسفارة فأمرني بكتابتها إبان راحة الزوال التي لا تتجاوز نصف ساعة . فلما جاء الزوال حررت منها مكتوبين لا غير وفي الساعة الثامنة مساء جاء سي البرقادي وسألني عن المكاتيب فقلت له لم أنتهي إلا من اثنين ورغبت منه أن يمنحني نحو ربع ساعة لتحرير المكتوب الثالث فامتنع وأمرني بالذهاب معه إلى البرج فذهبت وفي نصف الطريق التفت إلي قائلا: أتدري أين أنت ذاهب ؟ انك ستذهب إلى الغل والاصفاد والضرب بالسياط والأوتاد والعمل بالمسحاة طوال النهار في الحديقة الأمر الذي يؤدي بموتك سيما وأن الليوتنان عصبي المزاج لا يقبل قولا ولا جوابا الأمر الذي ربما يؤدي إلى القضاء المبرم عليك فأجبته بأني في رغبة شديدة إلى الموت فأبقاني هناك نحو نصف ساعة وذهب إلى البرج ثم قدم وسألني أن أفكر في الأمر نحو ربع ساعة ثم رجع إلي راغبا مني العدول عن فكرتي فلم أجبه إلا بعدم الرجوع عما فكرت فيه ما دامت الحالة على ما هي عليه ثم كرر الرغبة مع طرح يوم آخر فرفضت وحينئذ التجأ إلى إخواني راغبا منهم التأثير علي كي أرجع عما اعتزمته ولما علموا بذلك عطفوا علي وتأثروا من ذلك ثم أدخلني البرقادي عليهم فأخذوا يؤثرون علي ويرجون مني الرجوع على العزم فلم أر بدّا من الإجابة لما طلبوا على شرط أن لا أعمل شيئا طيلة الأيام الأربعة الباقية من العقوبة كي ارتاح قليلا من الزمن فعرضوا الأمر على البرقادي فقبل الشرط وعندما خرجت أعطاني سيجارتين للتدخين مع منع ذلك على كل معاقب. ولما أتى اليوم الرابع أتاني البرقادي فأمرني بالدخول إلى الخيمة وأعلمني بانتهاء مدة العقاب بحيث لم أقض من اليوم الرابع إلا نصفه فكانت مدة العقاب سبعة وعشرين يوما ونصف يوم منه يوم بدأنا فيه العمل كالعادة على الساعة السادسة صباحا وانتهينا في التاسعة مساء.<br /> هنا بعض ما لاقيته يا جناب المقيم من زبانية أبوا أن يرحموا غيرهم وإني لحاضر إن شئتم مقابلتي رأسا لأريكم الآثار التي أبقتها بجسمي هاتيك القوة الطاغية والظلم المبيد والمشاهدة أقوى دليل. وأخيرا تفضلوا بقبول فائق احترامات الداعي أحمد بن الحاج سالم عياد الهلالي( ). <br /> &emsp;<br /> الوثيقة 8<br /> الذي عملته فينا تلقاه إن شاء الله في صغارك<br /> يوم الأربعاء 24 فبراير جاء بلدة قصر هلال قايد المنستير بمناسبة نقلة ماطر( ) وحل بكهاية المكنين ثم جاءنا فدخل زاوية ابن عيسى وأرسل إلى السكان في طلب الحضور لموادعته. وقد امتنع كثير من الأحرار الدستوريين. ولما حضر الناس وأخذ في بيان ما عمله لهم بصفته الموظف الأعلى للجهة وانتهى تقدم السيد الحاج حسين القصاب من السكان فبسط الحالة الضنكة التي تحملتها البلدة في السنة الفائتة وفي مثل هذا الوقت والشهر نفسه... ثم تكلم بعده السيد منصور الجبالي من معتمدي نساجي البلاد العاملين فأخذ أيضا يشرح تلك الحالة الغير المأسوف على انقضائها وختم خطابه الذي أثر تأثيرا عميقا بقوله &quot; الذي عملته فينا إن شاء الله تلقاه في صغارك&quot; ثم أثنى على السيد الناصر بن عياد كاهية قصر هلال والمكنين ونادى بأعلى صوته&quot; ليحي الناصر بن عياد فرددها الجمع الحاضر وانصرفوا على الضيف. أحمد عياد( )<br /> &emsp;<br /> الوثيقة 9<br /> قصر هلال والدستور<br /> يوم الأحد 19-2-1939 مع العاشرة قبل الزوال وصل السيد المنشاري عامل المنستير مصحوبا بقوات الصبايحية فدخل عند شيخي البلد صالح حمودة ومحمد الكعلي فزار مكتبيها ثم انتقل إلى المكنين حيث أفطر هناك لدى الكاهية السيد محمد بن عبد الله.<br /> ومع مضي ساعة من الزوال وصل بلدتنا( ) أربع سيارات بوليس محشوة بعساكر الجندرمة وسيارة أخرى ملآنة بقوات الصبايحية من مدينة سوسة وقد جمعوا هاته القوات من عدة مراكز من الساحل التونسي وغيره. ثم وصل كوميسار البوليس وبعض أفراد البوليس الخفي واللابس لثياب الحرس. ورجع العامل . وإذ ذاك أذن قبطان الجندرمة بمهاجمة دار السيد أحمد عياد أحد كبار الدعاة للحزب الدستوري وكان متغيبا. فتلقاهم أخوه السيد حامد ومكنهم كما أحبوا من التفتيش بصفة دقيقة وصارمة في جميع بيوت الدار الثمانية سواء كانت مسكنه أو مساكن إخوته ووالدته، حتى أن زوجة السيد حامد حاولت الالتجاء إلى مخزن داخلي فدفعوا عنها الباب ودخلوا عليها بالقوة وهي حامل مؤمنة بالحجاب حريصة عليه، فكانت تتستر وراء الباب هم يدفعونه وهي تعالج بإيمانها وزوجها معهم يحرضها على أن الظهور في مثل هذه الأحوال من الغصب لا يمكن أن يمنعها الدين ويأذن لها بالظهور فلا تخضع حتى خيف عليها وانتهى أمرها بالاستسلام.<br /> ثم طلبوا من السيد حامد أن يذهب بهم إلى دكان أخيه المتغيب السيد أحمد عياد . حاولوا فتحه إلى أن انفرج بابه وظهر لهم الحانوت الصغير لا يخفي أحدا ولا يهرب شيئا. وإذ ذاك يئسوا ورجعوا لا يحملون شيئا من هذا ثم توجه ثلاثة من الجندرمة وواحد من الصبايحية إلى دار محمد القرقني حيث لم يجدوا إنسانا فدخلوها ثم خرجوا بلا شيء ثم توزع الجندرمة يفتشون حوانيت الناس ومعامل النسج ودكاكين التجار والعطارين ولم يجدوا شيئا ثم جمعوا الشهود العدول والأئمة وشبههم من كل من له أمر في وظيفة عمومية وكبار البلاد وأصحاب المقاهي بصفتهم يملكون رخصا من هاته الحكومة وجميع أصحاب المنح والجرايات العسكرية من سواقط الحرب. ثم قام قبطان الجندرمة خطيبا بلغته الفرنسية وتطوع السيد القايد( ) نائب جلالة أمير البلاد ليكون مترجما لخطاب هذا القبطان في الجندرمة الفرنسية ففسر لهم أنهم يعيشون في نعم الدولة الحامية وعليهم طاعتها وأنهم سيكونون في المستقبل مسؤولين على كل ما يأتيه غيرهم في هاته البلاد وأنهم مجبرون أن يعلموا القوات بكل حركة يأتيها الشعب....&quot;( ).</p> <p>&emsp;<br /> الوثيقة 10<br /> وفـاة مجـاهد<br /> يوم الثلاثاء 30 أغشت اغتالت يد المنون صديقنا المجاهد الكبير والزعيم الهلالي للحزب الدستوري السيد أحمد عياد عن 60 سنة قضاها في الجهاد السياسي ومجالدة هذا الاستعمار طيلة ثلث قرن من تاريخ الغزو الاستعماري في إبان ومشيته وصولته فتحمل منه ما يشيب وعلم من نفوذه في الساحل التونسي وأعطى المثال الأكمل في المصابرة والصمود والكرامة البشرية التي لن تخضع للحديد وإنما توجه النفوس لكسر الأغلال وخلق القوة كما ابتغاها العدو الذي هو بشر مثلنا قد انتظم واستعد ومن واجبنا أن نبذل وننتظم للسير في موكب الإنسان الذي ساد الكائنات( ) .<br /> (زين العابدين السنوسي)<br /> &emsp;<br /> الوثيقة 11<br /> الحبيب بورقيبة وأحمد عياد<br /> قال الحبيب بورقيبة يوم 6 مارس 1959:<br /> &quot;... لاحظت إلى جانب الانكماش والتعنت وجود عناصر مدركة تتحلى بفكرة حرة من بينهم المرحوم أحمد عياد صاحب الدار التي زرناها منذ حين والذي اهتدى إلى حل يسمح لي ببسط أفكاري وعرض بياناتي برغم أوامر اللجنة التنفيذية وذلك بأن ينعقد الاجتماع بداره لا بنادي الشعبة وهذا هو السب الذي جعل تلك الدار تمتاز بذكرى بارزة ، فهي لم تختص بانعقاد المؤتمر فحسب بل تهيأ فيها أول اتصال بالشعب ثم يوم 3 جانفي 1934 في ليلة من ليالي رمضان وقبل ميلاد الحزب بشهرين... من حسن حظ الامة التونسية أن وجد في قصر هلال رجل يقال له أحمد عياد&quot;( ).<br /> من خطاب ألقاه بقصر هلال يوم 6 مارس 1959. <br /> وقال يوم 3 جانفي 1967<br /> &quot; أحمد عياد دستوري قديم له جرأة وكانوا يعتبرونه راكبا رأسه نوعا ما بسبب جرأته إزاء مسيري الحزب وكان يعمل في ذلك العهد مثلا على ترويج كتاب &quot; امرأتنا في الشريعة والمجتمع&quot; وكان يمثل عمله ذلك يقاوم اتجاه الحزب نظرا لعدم اتفاقه مع إدارة الحزب واللجنة التنفيذية في مسيرتها وسلوكها وأظن أنه كان من مؤيدي الحركة النقابية التي يقودها محمد علي في ذلك العهد وكان يظهر كمتنطع وهو الذي أنقذ الموقف يوم 3 جانفي فقال لي: إذا كنت تروم الاجتماع بهؤلاء الأشخاص وإذا أردت أن تتصل بهم وتتحدث معهم لتكشف لهم ما يختلج في نفسك فعليك بجمعهم في داري. كان هذا الموقف يعد شجاعة جرأة كبيرة لأن أعضاء اللجنة التنفيذية قد أصدروا أوامر بمنع الاتصال بنا فبعضهم قد أخبرني أنهم كانوا يقولون إن الحبيب بورقيبة عذب الحديث وسوف يسحركم بحلاوته وطلاوته فأحذروا منه وتجنبوه لأن كل من يحاول أن يسمعه يتأثر به وينجذب إليه . وحينما اقترح علي السيد أحمد عياد أن نجتمع في بيته عند العشاء وافقت على الحضور ... كانت عودتنا حوالي الساعة الثامنة أو التاسعة ليلا وكان الظلام يحيط بنا من كل جانب حيث لم يكن في تلك الأزمنة شوارع مضاءة... واتجهت مباشرة إلى دار السيد أحمد عياد فوجدت اجتماعا يضم حوالي 200 أو 300 شخص وسط الدار ومع أن ظروف هذا الاجتماع كانت سيئة حيث كان الطقس باردا ولم يكن هناك حتى خباء ليقينا قليلا من البرد فقد واجهت الأفراد وتحدثت معهم فاستبانوا حقيقة الأمر حتى كان الجميع قد انظم إلى بورقيبة وجماعته&quot;.<br /> من خطاب الحبيب بورقيبة يوم 3 جانفي 1967 بقصر هلال أثناء اجتماع بسوق البلدية ( جريدة الصباح&quot; 4 و 5 جانفي 1967 ) إحياء للذكرى الثالثة والثلاثين لاجتماع 3 جانفي 1934.</p> <p>&emsp;<br /> الوثيقة 12<br /> نـسخة هبـة<br /> الحمد لله هاته نسخة من هبة أخرجت من دفتر العدل أحمد الشرفي المرسمة تحت عدد 806 بالاذن من السيد حاكم الناحية بالمكنين تحت عدد نصها هبة الحمد لله بعد أن وردت رخصة من السيد والي سوسة والقيروان مؤرخة في 16 أفريل 1963 تحت عدد 47739 السادة عبد العزيز بن الحاج محمد بن الحاج سالم عياد عمره أعوام 30 معتمد الحكومة التونسية وشقيقه علي عمره 38 أعوام متوظف بالقباضة بسوسة وعمتهم المرأة آمنة بنت الحاج سالم بن محمد عياد عمرها 43 أعوام مديرة شؤونها مقرهم قصر هلال وأشهدوا أنهم وهبوا للمجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الحر الدستوري لفائدة الحزب الحر الدستوري التونسي جميع الدار الكائنة بنهج أحمد عياد بقصر هلال المشتملة على ستة بيوت ومخزنين وسقيفة وساحة بها الباب الأول للدار المذكورة يحدها قبلة سكة غير نافذة وشرقا ورثة الحاج محمد قعليش وجوفا طريق حيث مفتح الدار المذكورة وغربا مسجد قاصدين بذلك وجه الله العظيم لإعلاء شأن الوطن وتخليدا لذكرى المؤتمر التأسيسي للحزب الحر الدستوري التونسي( ) بحقوقها وحدودها وعامة منافعها القديمة والحادثة هبة صحيحة شرعية أبانوها عن ملكهم وصارموها عن كسبهم وصيروها بسبب ذلك ملكا من أملاك الموهوب لها المذكور بل الموهوب له المذكور ومالا من ماله وحقا من حقوقه ولم يبق لهم معه في ذلك حق ولا ملك بوجه من الوجوه البتة وأذنوا الأجل السيد عبد المجيد رزق الله مندوب الحزب الحر الدستوري التونسي لولاية سوسة أن يقبل ويحوز نيابة عن الموهوب له المذكور فحضر السيد عبد المجيد رزق الله المذكور عمره أعوام مقره بسوسة وقبل منهم ما وهبوا به وحازه بمعاينة شهيديه بالوقوف والطواف في جهاته وأرجائه قائلا: حزت حزت حزت نيابة عن المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الحر الدستوري وقيمة الموهوب بذكرهم خمسة عشر مائة دينار وشهد عليهم بذلك بمكتب شهيديه حال جواز ومعرفة عدى آمنة المذكورة عرفها المكرمان أحمد بن الحاج حسين القصاب عمره 35 أعوام ويوسف بن منصور الزراد عمره 45 أعوام صناعتهما الفلاحة مقرهما قصر هلال وهما بحال جواز وعرفهما بتاريخ الساعة الثامنة مساء من يوم الأربعاء الثالث والعشرين من ذي القعدة عام اثنين وثمانين وألف السابع عشر من أفريل سنة 1963 أجره دنانير وترسيمه مليمات . حرر في ذلك توصيل وبطاقة نقل عدد 67. إمضاء احمد الشرفي وعبد الرحمان ابراهم، هاته نسخة ذلك حسب نصها حررها العدلان حسين صميدة ومحمد العائب بالاذن المذكور مجانا. إمضاء محمد بن صالح العائب وحسين صميدة.<br /> &emsp;<br /> وثيقة 13<br /> <br /> الهلاليون المذكورة أسماؤهم بالكتاب<br /> عبد الرحمان بن علي ابراهم 116<br /> علي بن حسن ابراهم 88-31 <br /> محمد بن علي ابراهم101-72-68-4 <br /> مفتاح بن عثمان ابراهم110 <br /> سالم بن ابراهيم بن الحاج خليفة99 <br /> محمد بن فرج بن الحاج خليفة99 <br /> منصور بن الحاج عمر بن الحاج سليمان 49 <br /> عبد الله بن علي بن حسين99<br /> محمد بن سالم بن الشيخ99 <br /> جابر ين سالم بن الطرشة99 <br /> 99-78 فرج بن خليفة الاميم<br /> الطاهر بن محمد بطيخ89-80-16 <br /> محمد بن صالح بنبلة105 <br /> الأسمر بن علي بوراس71 <br /> علي بن أحمد بوراس64<br /> أحمد بن ابراهيم بورخيص79-71-4 <br /> البشير بن أحمد بوزويتة109 <br /> حسين بن أحمد بوزويتة 134-44 <br /> الطاهر بن عبد القادر بوزويتة 118<br /> عمر بن محمد بوزويتة111-110 <br /> محمد بن عمر بوزويتة 134-84-72-71-67-48-36-21-20-18-4<br /> الهادي بن أحمد بوسلامة52 <br /> علي بن اسماعيل بوعين114-15 <br /> 101-66 الطاهر بن حمدة بو غزالة <br /> 72 محمد بن منصور بو غزالة<br /> منصور بن صالح الجبالي (زميط )162-70 <br /> 108 محمود بن محمد جمور<br /> محمد بن عبد الرزاق الحجري68 <br /> حسين بن محمد حمودة99 <br /> 33صالح بن حمودة حمودة<br /> علي بن الصادق خليفة99 <br /> 72الهادي بن العجمي خليل<br /> محمد بن عمر القدحة ( الدوس)49 <br /> ساسي بن محمد الديماسي38 <br /> الصادق بن علي الديماسي95-58 <br /> عثمان بن محمد الديماسي38 <br /> حمدة ( محمد ) بن منصور رضوان107 <br /> 99-79الهذيلي بن علي رضوان <br /> أحمد بن الحاج علي الزراد49 <br /> الطاهر بن الحاج محمد الزراد58-33 <br /> منصور بن ابراهيم الزراد79 <br /> 99فرج بن عبد السلام الزعق<br /> أحمد محمد ساسي149-103-99-84-66 <br /> أحمد بن الحاج محمد سعيدان(المخماخ)74 <br /> صالح بن محمد سعيدان94 <br /> 99محمود بن أحمد سعيدان<br /> الهادي بن علي الشاوش108 <br /> أحمد بن محمد الشرفي116-41 <br /> علي بن سعد الشرفي107 <br /> عبد السلام بن محمود الشملي95-79 <br /> عثمان بن محمود الشملي95 <br /> منصور بن علي الشملي30 <br /> 141-134-95)51 الى33 (من -32-31 الناصر بن منصور الشملي<br /> طاهر بن بوبكر الصانع 122<br /> أحمد بن الحاج علي صوة 97<br /> الحاج علي بن امحمد صوة 97-54-48-47 <br /> 96محمد بن الحاج علي صوة<br /> البشير الشريف الطرابلسي53 <br /> 49 ابراهيم بن محمود الطيلوش<br /> ابراهيم بن امحمد عبد الله 26-25-24-23-22-20<br /> أحمد بن سالم عياد 43-38-37-19(من52 الى92) 166-163-162-152-150-149-140<br /> 167- <br /> آمنة بنت سالم عياد170-117<br /> أنس بن عبد العزيز عياد118-117<br /> حامد بن سالم عياد163-66-49<br /> الحاج سالم بن امحمد عياد20-19-18 (من 27إلى 51)147-143-141-134 <br /> عبد العزيز بن محمد عياد19 (من93 الى123)173-170<br /> عثمان بن احمد عياد105 <br /> علي بن محمد عياد170-117-97<br /> محمد بن سالم عياد140-95-49-43<br /> يوسف بن صالح الغزالي 99-101<br /> الطاهر بن مأمون فضلون 80<br /> سعد بن صالح فنتر95<br /> ابراهيم بن محمد قارة114 <br /> عبد الحميد بن محمد قارة 95<br /> الهادي بن منصور قاسم15 <br /> محمد بن أحمد القزوة38<br /> الحاج حسين بن محمد القصاب95<br /> علي بن حسين القصاب95<br /> خليفة القفصي99 <br /> أحمد بن محمود قفصية53<br /> محمد صالح بن سالم قفصية 49<br /> أحمد بن عمر القنوني79<br /> محمد بن عمر القنوني 110<br /> صالح بن منصور الكعلي49<br /> عمر بن منصور الكعلي49<br /> محمد بن العامري الكعلي49<br /> محمد بن محمد فنينة الكعلي47<br /> محمود بن عبد الله الكعلي37<br /> منصور بن محمود مامة137<br /> أحمد بن بكير محمود 22-21-20<br /> خليفة بن علي المعلال95<br /> حسين بن خليفة المكسي9<br /> صالح بن أحمد الممي65<br /> محمد بن أحمد الممي95<br /> عثمان بن محمد الميلادي (كحلية )110<br /> علي بن الدهماني الميلادي 58<br /> عمر بن أحمد الهاني99<br /> <br /> المصادر والمراجع<br /> I- الكتب<br /> قصر هلال من النشأة إلى الاستقلال: الحبيب ابراهم- تونس 2002.<br /> إباضية جزيرة جربة: محمد المريمي- دار الجنوب- تونس 2005<br /> مؤنس الأحبة في أخبار جربة: محمد أبو راس الجربي- المطبعة الرسمية- تونس 1960<br /> صفحات من تاريخ جربة: قاسم بلحاج يحي، الشركة التونسية لفنون الرسم 1982.<br /> الحركة الإصلاحية بتونس ( 1815-1920 ) المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية-تونس 1991<br /> موجز الحركة الوطنية التونسية ( 1881-1964 ) المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية- تونس 2008.<br /> السجل القومي لشهداء الوطن &ndash; دار العمل تونس- 1978<br /> شروق وغروب ج 1- ابراهيم عبد الله &ndash; مؤسسة سعيدان &ndash; سوسة &ndash; بلا تاريخ <br /> قصر هلال ومعركة التحرير- أحمد بكير محمود- الشركة التونسية لفنون الرسم 1975<br /> مؤتمر البعث- نشر الحزب الدستوري- مطبعة العمل- تونس 1962.<br /> محمد بوزويتة رائد النهضة بقصر هلال &ndash; الحبيب ابراهم &ndash; قصر هلال &ndash; 2007<br /> الملحمة البورقيبية: حسن المحنوش &ndash; دار العمل &ndash; تونس 1978<br /> مشاهير التونسيين: محمد بوذينة- دار سيريس- تونس 1992<br /> تونس عبر التاريخ : أحمد بن عامر - مكتبة النجاح 1960<br /> - Nomenclature des tribus tunisiennes- secr&eacute;tariat g&eacute;n&eacute;ral du gouvernement 1900 ( نسخة بالأرشيف الوطني )</p> <p>o Septembre 1934 r&eacute;pression et r&eacute;sistance- MTE- sans date. <br /> o souvenirs politiques : Sliman ben Sliman- CERES- Tunis 1989.<br /> II- وثائق الأرشيف الوطني<br /> أ- ملفات<br /> ص 13 ملف 123 السلسلة التاريخية<br /> ص 37 ملف 436 السلسلة التاريخية<br /> ص 38 ملف 438 السلسلة التاريخية<br /> ص 38 ملف 443 السلسلة التاريخية<br /> ص 39 ملف 444 السلسلة التاريخية<br /> ص 22 ملف 137 س D<br /> ص25 ملف 24 س D <br /> ص 51 ملف ملف 8 س D <br /> ص 68 ملف 16 س D <br /> ص 284 ملف 7 س E<br /> ص 509 ملف 573 س E<br /> ص 563 ملف 2 س E<br /> ص 578 ملف 8 س E<br /> ص 15/30 ملف 48 س 550 E<br /> ص 15/30 ملف 1176 س 550 E<br /> ص 15/30 ملف 1210 س 550 E<br /> ص 15 ملف 3- الحركة الوطنية<br /> ص 26 ملف 2 الحركة الوطنية<br /> ص 27 ملف 2 الحركة الوطنية<br /> ص 27 ملف 4/3 الحركة الوطنية<br /> ص 36 ملف 22 الحركة الوطنية<br /> ص 49 ملف 3 الحركة الوطنية<br /> ض49 ملف 4 الحركة الوطنية<br /> ب- دفاتر:<br /> 1-25-647 -759-1652-2245-2445-3304-4062-4065</p> <p>III- وثائق المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية<br /> أ- البكرات : <br /> S272 R100 <br /> S277 R102 <br /> S283 R103<br /> R9 R105<br /> R20 R106<br /> R28 R160<br /> R92 R267<br /> R94 R401<br /> R97 R649<br /> ب- تسجيلات صوتية:<br /> ابراهيم عبد الله رقم 89<br /> أحمد بن الحاج علي صوة رقم 216</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>IV- الصحف VII- الرائد الرسمي<br /> الصواب: 20-8-1920<br /> 11-2-1921<br /> 9-12-1921<br /> 21-1-1927<br /> 6-7-1928<br /> 2-2-1934<br /> 15-5-1936 تونس: 22-8-1936<br /> 25-8-1936<br /> 31-8-1936<br /> 3-9-1936<br /> 22-10-1936<br /> 5-4-1937<br /> 19-6-1948 جوان 1889<br /> 29-9-1909<br /> 11-10-1911<br /> 15-3-1916<br /> 24-1-1917<br /> 18-3-1917<br /> 16-3-1937 <br /> الإرادة: 28-2-1934 16-2-1949 11-1-1949<br /> 11-3-1934 10-8-1949 7-6-1956<br /> 2-9-1949 20-8-1965<br /> 15-2-1950 <br /> الوزير: 15-2-1927 النديم: 22-11-1930 <br /> -8-1928 الزهرة:3-12-1937 <br /> 3-5-1934 21-4-1946 <br /> 22-9-1949 11-10-1944 <br /> 8-12-1955 21-4-1946 <br /> 19-1-1947 <br /> 4-11-1950 <br /> 8-12-1954 <br /> 2-12-1955 <br /> النهضة : 3-3-1936 <br /> 16-11-1936 <br /> 14-10-1944 العمل: 5-9-1937<br /> 20-6-1945 الحرية: 4-3-1951<br /> 214-4-1946 La D&eacute;p&ecirc;che Tunisienne 17-11-1918<br /> 21-9-1947 20-7-1924 <br /> 8-2-1948 20-3-1926 <br /> 4-3-1950 5-1-1928<br /> 8-11-1950 Petit Matin le18-7-1924<br /> لسان الشعب: 3-3-1936<br /> 21-9-1927 20-7-1954 <br /> 31-5-1933 <br /> الشروق:13-3-2004 <br /> 30-4-2004 <br /> الصباح:19-11-1950 Mission1-9-1949 <br /> 27-2-1951 V- مجلة: مرآة الساحل، سوسة أكتوبر 1968<br /> 3-3-1951 تونس المصورة ماي 1941<br /> 23-3-1952 VI خطاب الحبيب بورقيبة: 6 مارس 1959<br /> 5-10-1951 : 3 جانفي 1967<br /> 28-3-1952 <br /> 30-3-1952<br /> 5-12-1954<br /> 4 و 5 جانفي 1967<br /> <br /> الفهرس<br /> التزام 1<br /> لماذا 2<br /> جزيرة جربة وقصر هلال 6<br /> العائلات المنتسبة إلى جماعة الدحمانة 10<br /> فرع الحاج سالم من شجرة عياد 12<br /> الحركة الوطنية 14<br /> الحركة الوطنية التونسية 15<br /> الحاج سالم عياد والتاريخ 20<br /> النشأة 27<br /> المسيرة 30<br /> أحمد عياد: النشأة 52<br /> البداية 58<br /> المسيرة 64<br /> أحمد عياد الحر 82<br /> أحمد عياد الكاتب 86<br /> عبد العزيز عياد: النشأة 93<br /> المسيرة 106<br /> من هم المقاومون المسلحون بقصر هلال 120<br /> دار عياد 127<br /> والآن؟ 132<br /> وثائق 134<br /> أسماء الهلاليين الواردة أسماؤهم بالكتاب 174<br /> المصادر والمراجع 180<br /> الفهرس 188</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p>




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !