مواضيع اليوم

مسيحيو العراق مهاجرون أم مهجرون بالحديد والنار؟

ممدوح الشيخ

2010-03-31 00:10:34

0


خطة بريطانية..دنماركية..فنلندية..هولندية..نرويجية..سويدية
مسيحيو العراق مهاجرون أم مهجرون بالحديد والنار؟

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

في واحدة من عمليات "الهندسة السكانية" المخططة دوليا تشهد العراق عمليات "تهجير" لمسيحييها عبر آليات طرد وجذب داخلية وخارجية تقطع – بسبب تزامنها والصمت الدولي إزاءها – بأن توافقات دولية ترعى عمليات انتقال المسيحيين العراقيين للغرب. وقبل أيام وصلت إلى مطار هانوفر أول دفعة من اللاجئين العراقيين الذي قبلتهم ألمانيا في إطار برنامج أوروبا لـ "إعادة التوطين"، حسبما أفادت الحكومة. وسيتسلم المهجرون تصاريح إقامة مدتها ثلاث سنوات قابلة للتمديد قبل توزيعهم على مناطق أخرى من البلاد. وتعهدت ألمانيا باستقبال 2500 عراقي أي ربع 10 آلاف لاجئ سيقيمون في دول الاتحاد الأوروبي.
وسيصل لاجئون آخرون قادمون من مخيمات في سوريا والأردن، بينهم مسيحيون وأعضاء في أقليات أخرى، خلال عدة أسابيع بمعدل 500 لاجئ شهريا. وفي إبريل الماضي دعا وزير الداخلية الألماني ولفغانغ شويبل الدول الأوروبية لاستقبال المسيحيين العراقيين لكن الاتحاد الأوروبي رفض اقتراحه لأنه لا يريد تفضيل فئة معينة على أخرى. وقرر الاتحاد في نوفمبر الماضي قبول 10 آلاف عراقي من الأكثر تضررا في العراق المضطرب. كما تشترك بريطانيا والدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد في الخطة. وصرحت متحدثة باسم منظمة العفو الدولية بأن "هذه فقط المرحلة الأولى من عملية طويلة".
وتثير مخططات التهجير الواسعة لمسيحيي العراق مخاوف من أن تكون جزءا من ترتيبات إقليمية أوسع، فمنذ قيام إسرائيل تحتفظ الذاكرة العربية بالكثير من الذكريات السلبية عن عمليات الهندسة السكانية التي تتم بشكل مخطط، ومن هذه الخلفيات ما كشف عنه السياسي الماروني المعروف بيار حلو، في حوار صحفي أجرته معه "الرأي العام الكويتية" (8-11- 1998)، قال: "لا يمكن أن أنسى كلام كيسنجر الذي قاله عام 1973 والمحفور في ذاكرتي في أن الحل هو أن يصبح الفلسطينيون في لبنان، والمسيحيون في كندا وأوربا".
ولأن العملية تأخذ أبعادا دولية فإن بعض قيادات الطائفة المسيحية العراقية يرون أن الفاتيكان قصر في دوره بل إن حبيب أفرام رئيس الرابطة السريانية في لبنان يرى أن تخلي الفاتيكان عن مسيحيي الشرق "وصل لدرجة الفضيحة". وهو يرى أن الطائفة الكلدانية الآشورية السريانية أمام خطر إبادة مطلقة وإقصاء كامل من الأرض التاريخية، من بلاد ما بين النهرين في ظل هجمة تكفيرية خطيرة، وتقصير فاضح من الحكومة العراقية.
وهناك مراقبون يربطون بين عملية التهجير المنظم وبين إقرار مجلس النواب العراقي قانون انتخاب مجالس المحافظات بعد حذف منه المادة 50، وهي المادة الخاصة بتمثيل الأقليات الدينية والإثنية كالمسيحيين والشبك واليزيديين. وكان الكاردينال"عمانوئيل دلي"، الرئيس الأعلى للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم قد التقى عبد العزيز الحكيم رئيس الائتلاف الشيعي الحاكم عشية انعقاد جلسة التصويت في مجلس النواب فوعده بالدفاع عن حقوق الأقليات لكن الائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني صوتا ضد المادة 50 ليخرج القانون مشوهاً ناقصاً هاضماً الحد الأدنى من الحقوق السياسية للشعوب العراقية الصغيرة، ومخيباً لآمال مسيحيي "العراق الجديد".
كان مسيحيو العراق قد طالبوا عام 2007 خلال مؤتمر عقد في شمال العراق بمشاركة طوائفهم من سريان وكلدان وآشوريين، بتشكيل "مجلس شعبي" (سورايا) يكون نواة لبرلمان مستقل وتعديلات في دستوري العراق وإقليم كردستان تضمن حقوقهم. ووفقا لإحصاءات تم تداولها في مناقشات المؤتمر فان أعداد المسيحيين في العراق قبل عام 2003 كانت اكثر من 850 ألف شخص، لكن العدد بات حاليا نحو 600 ألف نظرا لهجرتهم المستمرة هربا من الأوضاع الأمنية. وبغداد كانت نقطة وجودهم الأولى، لكن غالبيتهم تتجمع في سهل نينوى الآن. وطالب المؤتمر كذلك بـ "عدم اعتبار الإسلام أحد المصادر الأساسية للتشريع، فتعميم ذلك كحالة مطلقة بعدم جواز سن قوانين لا تلتزم الثوابت الإسلامية قد يمس بطريقة أو بأخرى غير المسلمين في الوطن وسوف تعيق حتما ممارستهم لحقوقهم المشروعة كاملة".
وبين مطالبات 2007 وتخوفات 2009 مسافة كبيرة فبعد الدعوة لتغيير دستورين وإنشاء برلمان أصبح هناك تحذير قوي من أن الحلم هو في الحقيقة: "وهو وفخ"!!
فقد صرح رئيس أساقفة كركوك والموصل للكلدان المطران لويس ساكو بأن المطالبة بحكم ذاتي للمسيحيين في سهل نينوى شمالي العراق "وهم وفخ"، ومن شانها التسبب بمشاكل للمسيحيين، معربا في الوقت ذاته عن تفاؤله الحذر من التحسن الأمني الملحوظ في العراق الذي شجع على عودة العديد من العوائل المسيحية.
وقال ساكو على هامش مشاركته في مؤتمر (مستقبل الأقلية المسيحية في الشرق الأوسط) الذي عقد في بيت البرلمانيين بالعاصمة البلجيكية إن "الإعلام المفرط في إقامة إقليم للمسيحيين كان السبب وراء ما جرى للمسيحيين في الموصل ومناطق أخرى". وكانت مطالبات ظهرت خلال الفترة الماضية بإقامة حكم ذاتي للمسيحيين في العراق، كان أبرزها ما تقدمت به مجموعة أطلقت على نفسها لجنة عمل الأحزاب والمؤسسات الثقافية (الكلدانية والآشورية والسريانية) عام 2007 وقدمت مذكرة للجنة إعداد مسودة دستور إقليم كردستان تطالب فيها بإدراج منح حكم ذاتي للمسيحيين في سهل نينوى في مسودة دستور الإقليم، فضلا عن تبني مثل هذه المطالبات من قبل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري الذي يضم عددا من الأحزاب القومية المسيحية، وهو ما رفضته تيارات مسيحية رئيسة في البلاد.
ويقسم مسيحيو العراق حسب انتمائهم الكنسي لثلاثة أقسام رئيسة: الكلدان: أتباع الكنيسة البابوية. والآشوريين أتباع الكنيسة الشرقية، والسريان: أتباع الكنيسة الأرثوذكسية.
وتبدو الحملة الشرسة ضد المسيحيين في الموصل كما لو كانت دينية وحسب مصادر مسيحية فإن قرى كثيرة في الموصل تقوم بدفع مبالغ كبيرة لعناصر "القاعدة" مقابل حمايتهم من الهجمات، ويراها المسيحيون محاولة لفرض "الجزية" عليهم مرة أخرى، ومع التحسن الأمني والتوقف عن دفع هذه "الجزية" لنفجر بركان عنف مرعب أدى لهجرة مئات ألوف المسيحيين من العراق. وتم جمع الأموال أيضا من خلال عمليات اختطاف كهنة. وغالباً ما كانت الرعية تدفع فدية لإطلاق سراح الكاهن المخطوف تصل أحيانا إلى 150 ألف دولار أميركي.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !