في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ بلجيكا، فتحت إحدى الكنائس بمقاطعة جيللي (Gilli) بمدينة شارلوروا البلجيكية أبوابها للمسلمين لأداء صلواتهم، في انتظار إيجاد مقر بديل لهم، وذلك بعد إغلاق المسجد الوحيد بهذه المنطقة، لأسباب ترتبط بالمجال الحضري والوقاية، كما أنه لا يلبي شروط السلامة. هذا ما ذكرته القناة التلفزية "ر. ت. ف" البلجيكية في نشرتها المسائية ليوم السبت 15 مايو 2010.
الخطوة أتت بعد حوار أجراه مسلمون مع راعي كنيسة "سان لومبير" الأب هينري ريمي (89 عام)، وأفضى إلى اتفاق يقضي على اقتسام مؤقت للكنيسة بين المسلمين و المسيحيين لأداء الصلوات في انتظار إيجاد مكان بديل لمسلمي منطقة جيلي.
مسلمو جيلي حبذوا الفكرة، و عبروا على لسان إمامهم عن شكرهم الجزيل للسلطات الكنيسة، متمنين أن تجد السلطات مكانا بديلا لأداء صلواتهم. كما اعتبر راعي الكنيسة السماح للمسلمين باستعمال الكنيسة الموجودة تحت إمرته بـ "الالتفاتة الطبيعية تجاه المؤمنين".
اهتمام
أولت المنابر الإعلامية البلجيكية اهتماما واسعا للحدث، وإن اختلفت في عناوينها وطريقة تناولها: "المسلمون و الكاثوليك يتقاسمون كنيسة في جيللي بشارلوروا". و "مسلمو جيللي يؤدون صلاة الجمعة في الكنيسة". و "الديانات و حقوق الإنسان و أماكن العبادة"، و " مسلمون بدون مسجد يستقبلون في الكنيسة". و "في شارلوروا، المسلمون يصلون في الكنيسة". و " مسجد وسط الكنيسة"...الخ.
ويرى المتتبعون بأن هذه الخطوة ما هي إلا ثمرة حوار شارك فيه ممثلو الديانات السماوية الثلاثة، والذي أشرفت عليه خلال السنة الماضية نائبة عمدة شارلوروا ، "إيفلين ادريار" المكلفة بالاندماج والتضامن، و "مجموعة اللقاءات و العمل بين الديانات". وتمكن أصحاب المبادرة آنذاك من جمع ممثلين عن الديانات الإسلامية و اليهودية و المسيحية، و توجت الجهود بتنظيم ندوة بتاريخ 26 أكتوبر 2009، حول موضوع "الديانات و حقوق الإنسان: هل الديانات مع أو ضد هذه الحقوق"؟ شارك في الندوة كل من المغربي عبد الله بوصوف وهو حاصل على الدكتوراه في التاريخ عن الجانب الإسلامي و بول لوونتال، أستاذ في الجامعة الكاثوليكية بلوبان لانوف عن الجانب المسيحي و رئيس المجلس العلماني و ألبير كيكيي الحاخام الأكبر لبروكسيل ممثلا للديانة اليهودية.
شكوك
جرت إذن أولى صلوات المسلمين يوم الجمعة 14 مايو الجاري، بعدما قام المسلمون باستبدال الكراسي بالزرابي والسجادات، مع إخفاء مظاهر العبادة الكاثوليكية كالتماثيل مثلا، بقطع القماش.
خلق الحدث ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض. ففي الوقت الذي دافع عدد هام من المسلمين عن هذه الخطوة كحل ضروري ومؤقت، في انتظار إصلاح المسجد أو البحث عن بديل له، ذهب البعض إلى تحريم هذه الخطوة مادامت الكنيسة لم تشهد تحويلا في هندستها وتطهيرا من الخبث على حد تعبير البعض.
الموقف نفسه نجده عند بعض الرافضين من البلجيكيين المسيحيين، إذ يتساءلون: لماذا نسمح للمسلمين ولوج الكنائس في حين نحارَب في أوطانهم. وقال أحدهم: "هل سيسمح لنا في السعودية و في إيران و حتى في المغرب من استعمال المساجد للصلاة و لو بشكل مؤقت؟"
التعليقات (0)