نعاني كمسلمين من حساسية مفرطة تجاه أي مساس بديننا الحنيف ، ونقيم الدنيا ولا نقعدها لو تعرضنا لمجرد إنتقاد صادق لسلوكاتنا (السلبية) المتنافية مع تعاليم ذات الدين الذي نكتفي بالتغني بإنتسابنا إليه (شكلا) ، مادامت جل المضامين والتعاملات بعيدة كل البعد عن الآداب الحقيقية للإسلام خصوصا ، ولجميع الأديان على العموم ! ..
فالمسلمون يريدون أن تكون صورة دينهم ناصعة البياض دوماً أمام منتقديهم ، وكل ذلك وفقا لمعطيات (قديمة) ، كان فيها الإسلام على حقيقته شكلا ومضمونا ، وكانت صورته زاهية بسلوكات راقية لمريديه ، وبحرصهم على تطابق الرؤية العقائدية مع واقعهم وتصرفاتهم ، ولأنهم كانوا يقيمون موازنات بين مايفعلون وما يريدون أن يتركوه في نفوس غير المسلمين من إنطباعات ، فكان الإسلام معززا مكرما يحظى بالإحترام حتى في إنتقادات وتصريحات ألدّ أعدائه .. أما اليوم فالهوة شاسعة بين الإسلام كرؤية أخلاقية ، وبين أخلاق المسلمين التي تركتهم يتخبطون في حضيض التخلف بما أوتوا من مفاتيح للرقي والإزدهار ! ..
فالحملات المستعرة تجاه الإسلام ليست وليدة عوامل خارجية ، لأن المتدينين بغيره من العقائد والأديان كانوا موجودين قبل نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم ، لكنهم لم يجرؤوا على التطاول عليه ، لأن الثغرات التي يستطيعون نفث سمومهم منها نادرة ، لتمسك المسلمين بعقيدتهم بأيديهم وبأسنانهم ، أمّا اليوم وقد فتح لهم المسلمون الأبواب ، فأنّى لهم أن يبقوا خارج دائرة التدخل ، ويفوتوا على أنفسهم فرصة الإستلقاء والضحك على حالنا بهستيرية ، وهم معذورون في كل ذلك ! ..
كيف يحترمنا غيرنا ونحن نأتي كل النواهي المنصوص عليها في آيات نتلوها أو (تلوكها ألسنتنا ) آناء الليل وأطراف النهار ؟ .. وكيف تبقى صورة ديننا ناصعة (مع حرصنا المفتعل على ذلك) ونحن نساهم في تشويهها مع سبق الإصرار والترصد ؟ .. والأهم من كل ذلك كيف نغضب من إنتقادات (موضوعية) لتصرفات وسلوكات نقوم بها ، بل وأحيانا نتباهى بها ؟! ..
الجواب في (التباهي) ، فنحن إختزلنا تلك الرؤية العقائدية كلها في التباهي ، فالمسلمون يهينون دينهم بأنفسهم ويريدون من غيرهم أن يحترموه ، وإلا فما معنى أن تنتشر الفواحش بما ظهر منها وما بطن في مجتمعاتهم ، وتتفشى البدع والتجاوزات بكل أشكالها ؟! .. وما معنى أن ترى مشاهد إعتيادية لمسلمين (يفترشون) آيات القرآن وأسماء الله ورسله المكتوبة في صفحات الجرائد ، فقط لكي لاتتسخ ثيابهم وليتباهوا بمظاهرهم الحسنة أمام الآخرين ؟! .. وما معنى أن ترى آخرين يغسلون سياراتهم بجرائد تحمل مضامين دينية ، فقط ليتباهوا بها أيضا ؟! .. وما معنى أن تسمع صواعق لسب الملة ورب الملة ترتفع في السماء كارتفاع الآذان ؟! .. أليست كلها ( وغيرها كثير) إهانة للدين ولجميع أركانه ؟! ..
بلى هي إهانة قال في شأنها جل وعلا : (( ومن يُهن الله فما له من مُكرم )) .. ونحن نهين الله ودينه في كل وقت ، ونريد من غيرنا أن يكرِمونا ويكرموا ديننا ، أليس الأحرى والأدعى للجدوى أن نكرم نحن معتقدنا ـ إذا كان فعلا يمثل ذلك ـ لننتظر غيرنا يحترموننا (رغم أنوفهم) ، لأننا فعلا سنكون حينها في موضع الإحترام ؟! .
التعليقات (0)