ردفان الشموخ:_عادل مطلق عبدالله حسن :
الجنوب يمر في مرحلة ممكن ان تكون صعبة ولكنها أيضاً من الناحية الإيجابية قد تكون مرحلة فرز وتنقية واختبار لرموز داخلية وخارجية لتقييم معدنها ومواقفها الحقيقية، بالاضافة الى ذلك تفنيد للمشاريع الكثيرة التي اهلكت الفكر الجنوبي وابعدته نسبيا عن الهدف الاساسي وتحديات المستقبل كالانتخبات، التي في اعتقادي ستأجل مجددا لأسباب كثيرة ومنها الضغط الخارجي وتوصيات موتمرات اصدقاء اليمن وتكلفتها الباهظة في ظل الوضع الاقتصادي الهش، بالاضافة الى التحالفات المستقبلية التي ستحاول اسقاط شرعيتها في مناطق جنوبية وشمالية كثيرة والضجيج الاعلامي الدولي الذي سيصاحبها. وحتى لو تمت تحت فوهات البنادق لن تعتبر ديمقراطية في نظر الغرب وحينها سيسقط قناع الديمقراطية التي تتغنى به صنعاء ويبدا العد التنازلي والدخول في فراغ دستوري وفوضى ليتسنى للمجتمع الدولي استخدام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بسبب تهديد السلم والامن العالمي. او من الجانب الاخر ستظهر كثير من الامور منها السياسة الإقليمية تجاه سلطة صنعاء و الدولية للمنطقة وحينها ستقرر نوعية التصعيد القادم
اود ان أضع بعض الخطوط العريضة لتاريخ الجنوب ولو بإيجاز حتى نقيم ونستفيد من تجارب الماضي والاحتكام الى لغة العقل لحماية حقوق الشعب وتضحياته ضد سلطة تدعي وتتغنى بالوحدة والديمقراطية وهي تحكم بعقلية المحتل وشرعية القرون الوسطى وترتكب خروقات إنسانية ترتقي قانونياًً الى جرائم. ولهذا السبب في رأي لن يتنازل صالح عن الحكم للحفاظ على الحصانة الرئاسية، لكي لا ينتهي به المطاف كما انتهى بآخرين من أمثاله في اوروبا وعملية التصفير هو خير دليل
هناك الكثير من التشائم والتخوين والاستصفافات العمياء التي نراها جليا من خلال التراشخ عبر المقالات في المواقع وبعضها تخدم تدمير اللحمة والوحدة الجنوبية، وهذا لسبب بسيط وهو عدم وجود سياسة ووثيقة شرف إعلامية موحدة لجميع الوسائل لكي تخدم استراتيجة جوهرية للجنوبيين جميعا وهي وحدة الصف وعودة الوطن المسلوب و تحت شعار "الجنوب اولا". لنحاول العودة الى الخلف قليلا لنضع اشياء محورية كامثلة، وهي ان البعض يشتم مسمى الجنوب العربي والمشايخ والسلاطين، و البعض الآخر ينعت الحزب الاشتراكي ورموزه في موقف ماساوي يضرب مبدئ التسامح والتصالح في عرض الحائط، وأضيف مبدئ ثالث مهم وجوهري وهو "التصارح"، مما جعل المتابع يتحسر على تاريخ يعيد نفسه مجددا على خارطة الجنوب الحبيب لأسباب سأذكرها واستدل بها هنا
إخواني أبناء الجنوب علينا ان لا ننسى وتحت مبادئ ذكرتها سلفا بان السلطنات والمشايخ والجنوب العربي هي جزء من تاريخ الجنوب ولا يحق لأي شخص نكران هذا التركيبة في تاريخنا وبل علينا رد الاعتبار لهؤلاء الشخصيات لأسباب يعرفها الجميع بعيدا عن الدخول في سلبيات الحكم. وبالنسبة للطبقة العاملة والفلاحين منهم من يستنكر ويرفض عودة مايسمى العبودية وصفات اخرى، هنا نقول ان بعض الظن إثم ولا يمكن عودة الظروف الاجتماعية السابقة لاسباب عدة منها اولاً ان الجنوب يناضل من اجل الخروج من هذا النفق المظلم بالاضافة الى صدور مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تعطي للمجتمع وللمواطن حقوق دولية وأضيف اليها الوعي و الطفرة المعلوماتية وتفعيل القانون. من الجهة الاخرى ايضاً علينا وبنفس المنطق ان لا يجوز ان ننعت ونهاجم الحزب وفترة حكمه ورموزه وكأننا نريد طمس التاريخ ايضاً مع الحق بالاشارة الى سلبياته والكل أيضاً يعرفها، وهناك ايجابيات كثيرة من الجانب الاخر لكي نكون منصفين. فأين لغة العقل، الديمقراطية، القبول بالآخر والمبادئ الاخرى وتوحيد الصف؟
اذاً أين الخلل؟
شعب الجنوب شعب متحضر ويملك تاريخ عريق واقول هنا رأي الشخصي و بصراحة كجنوبي بعيداً عن التملق على حساب الوطن وتضحيات أبنائه، في الجنوب تتكرر وتستمر مسألة سياسة الامر الواقع وعدم العودة الى الشعب كصاحب القرار الاول والأخير. تفاصيل التركيبة المستقبلية لبعض النقاط المحورية والتي تعتبر نقاط خلاف لأطراف عدة وهي توزيع المناصب السيادية، اسم الوطن، النشيد، العلم، والفدرالية الخ. انا في راي يجب ان تتأجل الى بعد عودة الوطن - بإذن الله - ليتسنى للشعب إقرارها لكونها مصيرية. لفتني بشكل غريب و سريع، اختزال جميع المناصب السيادية تحت شخص واحد في برنامج الرئيس البيض، وفي بيان يافع مثلا ذكر الجنوب العربي اكثر من مرة والفدرالية في مشروع الرئيس حيدر العطاس.
في الواقع وحسب ذاكرتي كانت احد اسباب مشاكل الوحدة هو تعدد المناصب لصالح كرئيس وقائد القوات الخ الذي وقف ضدها الحزب حينها والجنوب مر بتجربة مشابه من قبل، فسلوك نفس الاستراتيجية يعتبر منحدر خطير ومستقبل اعتبره شخصياً سيكون غامض للتجربة الديمقراطية ويعطي الغرب النفور من مساندة هكذا اطروحات. وأما بالنسبة للجنوب العربي فنحن هنا كأننا نعطي الحق بتشريع المستقبل والالتفاف مجددا على ارادة الشعب وبدون استفتاء ونرتكب خطأ الوحدة. مع العلم بأني لايهمني حتى لو سمينا انفسنا "جمهورية تراشخستان و مزايدستان الجنوب عربية الديمقراطية" فقط هنا لكي نتجنب كجنوبين اي ممحاكات في هذه الفترة الحساسة. وأما مسالة الفدرالية هذه مسالة أظنها حساسة ومهمة جداً بالنسبة لنا كجنوبيين ولابد الاهتمام بتفاصيلها من قبل القانونين والاقتصادين المختصين لانها قد تعطي حقوق و صلاحايات واسعة النطاق مثل تقرير المصير للاقاليم والتي عادةً تحكمها الجمعيات الدستورية او برلمنات إقليمية كما هو حاصل في بريطانيا. ويجدر بالذكر هنا بان الحق الدستوري استخدم في كيوبيك الكندية في عام ١٩٩٥م للانفصال عن كندا الفدرالية. بالاضافة لذلك ان العمود الفقري للجنوب اقتصادياً هو محافظتا شبوة وحضرموت. فاي نوع من الفدرالية نتحدث عنها لأني اعتبر استخدامها كان مطاطي في المشروع؟ ايضاً اكثر المحافظات تضرراً ستكون لحج لانها لا تملك حتى منفذ بحري حسب خارطة الجنوب السابقة! فأين الديمقراطية وحق الشعب في تقرير مستقبله بالنسبة لكل هذه النقاط؟
وللعودة الى الخلل ارى شخصيا انه موجود في نفسيات ابناء الجنوب وبدون استثناء التي أفرزتها ظواهر اجتماعية، مناطقية وايدلوجية استمرت لمدة عقود. إخواني ابناء الجنوب لنعود سويا الى فترات الحكم منذ الاستقلال التي تخللتها عدة ضربات وكوارث جنوبية جنوبية باسباب عدة منها فكرية، سياسية ومناطقية ...الخ ادت الى فقدان افضل الرؤساء والعقول والرجال في وضع احتاج الى كل الجهود لبناء وطن يسع الجميع تكون مصلحته فوق كل اعتبار، ومازال هناك رموز في الداخل والخارج عاشوا هذه الفترة ولكن استطيع ان اجزم وللأسف بانهم يرتكبوا نفس الاخطاء. والعودة الى فترة مابعد الاستقلال، هذه الحقبة انتجت طابور متكامل دُرس فيها نفسيات ابناء الجنوب واستخدموها لضرب بعضنا البعض ونفذنا خططهم الدموية والكارثية اما ببرائة او غباء او حسن النية وبشكل منقطع النظير تتوجت بالوحدة الاندماجية بدون استفتاء. أنا برأي هذه الخلل موجود في سلوكياتنا كجنوبيين واشرح حصولها بالتسلسل التالي:
نبدا بحوار قد يكون على مستوى شخصي او موسساتي لهدف فكري، سياسي او استراتيجي
يعرف الطابور الخامس بهذا المواقف ويبدا بعمل خطة تعرقل وتخدم أهدافهم
يعرفوا بان الجنوبيون سريعوا الاشتعال (التشنج والتعصب) وسهل التفرقة فيما بينهم
يعملوا على أختلاق مشاكل سطحية تبدوا وكأنها محورية لإعطائها مصداقية وتلقيحها بالأفكار الخاطئة وتنفيذ خطة القيل والقال، لينشغل العالم بها وينسى الأساس
تبدا الاشخاص باخذ مواقف تستند الى حقها في الراي وإيمانها بصحتها حتى وان قد تكون خاطئة احيانا
تتجنب الاشخاص و الأطراف المتخاصمة التواصل مع بعضها "مباشرة" للتاكد من صحة المعلومات (المصارحة) التي قد تضفي للكشف عن رموز الطابور الخامس وعادة ينتهي المطاف للتفاهم عبر مرسلين ووسطاء مندسين
أخذ مواقف شديدة وتشتد مع مرور الظروف وزيادة زرع الفرقة من طابورهم
بعدها يتم مرحلة الاستصفاف الأعمى بعد رموز قيادية بدل الوطن والتخلي عن لغة العقل والحوار الصادق و التمسك بالعند البغيض
تبدا مرحلة عدم الثقة مابين الفرقاء وتتشبع بالغبن وحتى توصل للكراهية
توصل لمرحلة الغليان والقرارات الخاطئة والبيانات والتصريحات المضادة
تنتهي بكارثة إنسانية يدفع ثمنها المواطن والوطن
كما اريد ان اقتنص هذه الفرصة لسرد بعض مميزات و اوجه الشبه بشكل وجيز لأهم الثورات في العالم ورموزها:
تتبنى تعديل جذري او جزي للدستور
الاصلاح الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والسياسي
تسعى الى تغير نوع الحكم سوى كان استعماري، دكتاتوري، عنصري، متسلط او شمولي
تتميز بأن يكون قادتها الحقيقين واصحاب القرار موجودين على الارض وعلى سبيل المثال غاندي ونيلسون مانديلا، وحتى وإن كان هناك دعم إقليمي او دولي خفي، والخارج يكون مناصر. فصدور قرارات ثورتنا من الخارج اما انها طفرة في عالم الثورات او حفرة
تتميز بان رجالها على الارض يكون أغلبيتهم من جيل الشباب والطلاب والمثقفين
قيادات الثورات لم يخلطوا بين السياسة والاستثمارات وكانوا بسطاء. لان المصالح الاقتصادية والتجارية ممكن ان تسبب إحراج وفرصة للإبتزاز اذا تم الضغط او التهديد بها من قبل اطراف داخلية، إقليمية او دولية. وهذه ظاهرة خطيرة جدا على اي ثورة وينطبق عليها مصطلح "تضارب المصالح" لان من هؤلاء الرموز موجودة الآن على الساحة الجنوبية ولنفس السبب وصلت الحالة الاقتصادية المأساوية لنظام صالح الى هذا الحد بالإضافة الى ضعف وحيادية بعض اعضاء المعارضة
الخلاصة
ثورة الجنوب السلمية ثورة شعب وليس احزاب او افراد وزوالها شبه مستحيل لانها نبض كل جنوبي وعمود موجة التغير والارتكاز لقوى كثيرة. لقد بينت لنا الايام الاخيرة ان القيادة في الداخل امام اختبار صعب وحقيقي وميداني قد يضطرها لتشكيل قيادة ميدانية وشبابية موحدة وتمتلك الشجاعة للضغط او حتى التخلي عن قيادة الخارج إذا لم يتوحدوا وراء مشروع واحد يلبي طلب الأغلبية. ولأننا بصراحة لم نجني منها على ارض الواقع غير التشتت للأسف ومازلنا منتظرين الإنجازات الحقيقية منهم. قد يقول البعض هذا صعب لاسباب كثيرة ولكن أنا استطيع ان اجزم بان الدعم اغلبه من الشرفاء ابناء الجنوب، وان الوطن في الداخل غير خالي من العقول وأستطيع ان اجزم ايضاً بان الدول الإقليمية والدولية سترسل مندوبيها الى مدن وقرى الجنوب لكي تتحاور مع القيادة في الداخل كما حصل عبر التاريخ. القيادة في الخارج وللأسف وبسبب الخلافات القديمة الجديدة قامت بشن حملة من اجل ترقيم مكانتها بطريقة بينتها عملية الاستصفاف الغريبة التي رأيناها في الأشهر الاخيرة في الداخل والخارج حتى انها فرقت بين الأصدقاء والأخوة في داخل البيت الواحد، وأضعفت نسبيا دعم الهدف الحقيقي وهو الجنوب، حتى اختلطت النتيجة مع مصلحة النظام وليس التحرك الاقليمي. فيطرح السؤال الصعب والمحير، ماهو الافضل إثبات الذات والمكانه او التنازلات و مصلحة وطننا ومطالبه العليا والسامية؟
ليجعلني أتسأل من جديد وباستعجاب هل نحن أبرياء ام أغبياء او هي الأسرار منذ الوحدة التي يستوجب على الجميع إظهار تفاصيلها للشعب لكي يقييم و يحكم اذا لزم الامر؟
وفي الاخير نقول الله يرعاك ياجبال ردفان، الله يرعاك ياجنوبنا الحبيب والله يراعكم ياقيادتنا الميدانين وقلوبنا معكم. ونقول للآخرين لا تنسوا التقنية وجهاز كشف الكذب الذي سيكون تحت إمرة الشعب في اي وقت يطلبه في المستقبل اذا لزم الامر
والله على مااقول شهيد
عادل مطلق عبدالله حسن
التعليقات (0)