( طالبان يجلسان في آخر مقعدين في الصف الدراسي )
طالب1 : هل ترى السبورة جيدا ؟
طالب2 : نعم ، وأحاول أن أنسخ كل ما هو مكتوب عليها الى دفتري .
طالب1 : ولكني لا أرى ما كتب الاستاذ على السبورة !
طالب2 : أنا أراه جيدا ، يمكنني أن أخبرك بكل ما كتب الاستاذ على السبورة .
طالب1 : وهل فعلا ستخبرني بالضبط بما هو مكتوب على السبورة ؟
طالب2 : ماذا تقصد !
طالب1 : قد تخبرني أشياء ، أنت تريد أن تخبرني بها .
طالب2 : وكيف ستعرف انت ذلك ، وأنت لا ترى السبورة جيدا ، وأشك أنك لا ترى حتى الاستاذ ؟
طالب1 : ولكن أين الامانة العلمية ، والضمير ، والعدالة ، أين كل ذلك منك ؟
طالب2 : أنا أدعوا دائما الى افكاري ، أحاول نشرها بكل السبل ، ابذل الغالي والنفيس من أجل أن تصبح حقائق ومسلمات ، ومذاهب واتجاهات .
طالب1 : ولكن الاخرين قد يرون أفكارك خاطئة ، حاول أن تمليني ما هو مكتوب على السبورة بالضبط ، وأنا سأختار الشي الاكثر قربا للحقيقة .
طالب2 : أنا من يملك العيون فقط ، أنت ضعيف البصر ، أنا سأقوم بأقتيادك للمكان الذي أظن أنا أنه حقيقي .
طالب1 : ولكن الاستاذ هو كلمة الفصل ، هو الكلمة التي كانت في البدء ، هو الاشارة ، والمنارة ، ونجم البحارة ، ارجوك أن تنقل كل ما يكتبه على السبورة بأمانة ، كي استطيع أن أفهمه . أفكارك انت قد تشوه ، وتربك ، وتهدم ، كل الاشياء التي يريدنا أن نفهمها منه .. ارجوك .
طالب2 : لا استطيع ذلك .. لا استطيع . لماذا لا تريد أن تفهم ذلك ؟
طالب1 : هل دفعوا لك من أجل أن تفعل ذلك ؟ هل غسلوا مخك بافكار ومسميات ونظريات كي تفعل ذلك ؟ تكلم ، لماذا تفعل ذلك بي ؟
طالب2 : يا أخي ، لماذا لا تريد أن تفهم أن الأمور ليس دائما تحت طائلة المؤامرات والمخططات الخبيثة !
طالب1 : إذن كيف يمكنني أن أفهم تلاعبك وتزييفك للحقائق ، ومحاولة زج أفكار وكلمات وجمل غير مكتوبة على السبورة ؟
طالب2 : أرجو منك أن تكون أكثر استرخاءا ، وأن تفهم الامر بشكل ، أكثر واقعية .
طالب1 : كيف .. لا أفهم ماذا تقصد ؟
طالب2 : في مثل حالتنا ، أنا وأنت ، دائما ما تحصل أمور حتمية ، أنت ضعيف البصر لا تستطيع ان ترى السبورة ، أنا قوي البصر استطيع أن أرى السبورة بوضوح ، أنا حلقة الوصل الوحيدة بينك ، وبين ما هو مكتوب على السبورة ، حيث دونت المعرفة ، فأنا بالنسبة لك الآن يا صديقي سأكون ، راوي ، مفكر ، مؤرخ ، داعية ، معلم ، حاكم ، رجل سياسة أو حتى رجل دين . وانت لست سوى شخص من العامة ، تحتاج أن تعرف ، ومن الطبيعي جدا أن تصلك قراءتي أنا ، لما هو مكتوب على السبورة ، وليس ما يريده بالضبط ، من كتب ويكتب على السبورة . سأخبرك بشكل لا إرادي، شئت أنا ذلك أم أبيت ، بماهو مكتوب وقد تلوث بأفكاري ومعتقداتي وتجاربي الشخصية ، فأنا من أقرأ ما هو مكتوب على السبورة ، وأشربه في داخلي ، ثم أقيئه لك فيما بعد ، وهذا ما يحدث دائما في كل منقول ، قد حمله ناقل ، هل فهمت الآن ؟
طالب1 : ( متحيرا ) ولكن !
طالب 2 : ( يقاطعه ) صدقني هذا ما يحدث دائما . كل الافكار والحقائق والاعتقادات ، كلها مرت من خلال ناقل مثلي ، لوثوها بتجاربهم ومفاهيمهم ومعتقداتهم ، لم يبق هناك شيء نقي بالمطلق ، النقاء وهم ، مجرد وهم .
طالب1 : طيب ، فهمتك الآن ، حسنا ، أخبرني الآن بما كتب الاستاذ على السبورة ؟
طالب2 : حسنا لقد أثّرت في مشاعري ، سأخبرك هذه المرة بالحقيقة ، دون تدخل مني ، الحقيقة بلا تزييف .
طالب1 : حسنا ، أخبرني الحقيقة ..
طالب2 : الحقيقة ، أن الاستاذ لم يكتب شيئا على السبورة ، وذلك كونه غير موجود في هذا المكان . بالاضافة الى ذلك ، فإنه ليس هناك مكان يكتب فيه الاستاذ ، لأنه وبكل بساطة ، لا توجد سبورة على الجدار . ( ينهض واقفا ) ولكي أكون دقيق معك ، فإنه ليس هناك جدار بهذا الاتجاه ( يتحرك خارجا )
طالب1 : ( ينادي ) أين أنت ذاهب ؟
طالب2 : الى غرفة الصف الدراسي ، سيبدأ الدرس .
-ستار-
تركيا – سامسون
20/10/2018
التعليقات (0)