( صالة تتوسط بيت رث قديم
تتدلى في وسط الصالة جثة الاب الهامدة
تدخل الأخت الكبرى ، تشاهد جثة الاب ، تصرخ )
الاخت الكبرى : يا الهي ، أبي ، ماذا فعلت بنفسك ( تصرخ )
( تدخل الاخت الصغرى مسرعة )
الاخت الصغرى : ماذا حدث ، لماذا تصرخين هكذا .
الاخت الكبرى : أبي .. ( تشير الى الجثة )
الاخت الصغرى : ( تشاهد الجثة المعلقة ) يا الهي ، أبي .. أبي
( الاختان تحاولان رفع الجثة )
الاخت الكبرى : إنها ثقيلة جدا ، لا نستطيع رفعها ..
الاخت الصغرى : ( تحاول رفع الجثة بقوة ) سيموت أبي ، سيموت ..
الاخت الكبرى : ( تبتعد عن الجثة المعلقة ) لقد مات فعلا ، جثته باردة
الاخت الصغرى : ولكن !
الاخت الكبرى : لقد قتل أبي نفسه ، تركنا لوحدنا !
الاخت الصغرى : هل إنتهى كل شيء ، مات أبي ، لا أصدق ، يا الهي !
الاخت الكبرى : لقد مات بسببي أنا ، لقد جلبت له العار .
الاخت الصغرى : لقد جلبت العار لنا جميعا ، أنت من قتل أبي ، يا الهي .
الاخت الكبرى : لم يترك لي الفرصة كي أعتذر منه ، تركني ألوم نفسي .
الاخت الصغرى : يمكنك الاعتذار ، أنزلي أبي ، واصعدي مكانه ، هيا .
الاخت الكبرى : ولكنها كانت مجرد قصيدة ، كتبتها ونشرتها في الصحيفة .
الاخت الصغرى : لماذا لم تتركيها بين أوراقك ، لديك العشرات من القصائد ماتت في صندوقك الصغير ، ما لذي دفعك لنشر هذه القصيدة التي قتلت أبي ..
الاخت الكبرى : لم أكن أعرف أنها ستنتشر هكذا ، مثل النار في الهشيم ، كنت أحسبها مثل أطنان الابيات التي تلقى مع الصحف في سلال القمامة .
الاخت الصغرى : لقد تحدثت فيها عن الحب !
الاخت الكبرى : لم أتجاوز حدودي ابدا .
الاخت الصغرى : لقد ذكرت إسم أحدهم ، لقد أصبح كل من يحمل الاسم يقول كتبتها عني ، وراح يدور بين الناس ، بنسجه قصصا عن حبكما ، وعلاقاتكما .
الاخت الكبرى : ولكني لم أفعل أي شيء من هذه القصص ، أنا نشرت قصيدة فقط .
الاخت الصغرى : لقد كان الجميع يلومون أبي ، يوبخونه لسوء تربيته إياك .
الاخت الكبرى : هم من دفع أبي كي ينهي حياته ، لم تكن قصيدتي سوى مجرد أبيات طاهرة من الشعر ، أبيات بعبق الورد ، ولون الربيع ، رقيقة كما الفتيات .. كيف استطاعت كل هذه الالوان والرقة أن تقتل أبي !
الاخت الصغرى : لقد قرأ الناس ما بين السطور ، قاموا بالتفسير والتأويل ، من عنوانها “شبزي” لقد قالوا أنها أكلة فاجرة ، تختلط فيها المحتويات ، ويتوزع فيها الطعم والرائحة ، واختيارك لهذا الاسم له دلالات خارجة عن إطار الادب .
الاخت الكبرى : ولكنه مجرد أسم ، لاكلة يأكلها الجميع ، لم أعني مما قرأوا شيئا ، كتبتها ببراءة الاطفال ، وبهمس العصافير ، لا أدري أنها يمكن أن تشير الى البعيد هكذا !
الاخت الصغرى : وهل نسي جنابك أنك فتاة ؟
الاخت الكبرى : وهل تختلف المعاني ، حين تكون من تكتب فتاة ؟
الاخت الصغرى : نعم .. ستختلف كل المعاني حين تكتبين وانت أنثى ، وستختلف كل القراءات حين تكونين أنثى ، لقد علّق أبوك نفسه ، حين كتبت ، لأنك أنثى ..
الاخت الكبرى : في الشعر كل الكلمات لها مقاييس واحجام ثابتة ، فالقصيدة جسد واحد مكتمل ، لا نقص فيه ، دافئ وطري ، يحمل عبق منسجم ، بمذاق مليء بالصور ، نعم ، أنا معك قد تكون الانثى مثل اخضرار السبانغ وباقي الخضار في الشبزي ، لونها يمنح الحياة أسبابها ، ولكنها نفسها قد تذبل ، حين لا تتذوق طعم هذه الحياة . فكما تفعل دائما ، عليها هي أن توازن مكونات الشبزي ، عليها أن تمنح هذا الخليط المبدع أكثر من طعم .
الاخت الصغرى : لقد نشرت قصيدتك ، وبسببك مات أبي ، ماذا يمكن أن يكون بعد ذلك ..
الاخت الكبرى : لقد عرفت الآن ، أنه سيموت مع كل قصيدة تكتبها أنثى ، رجل آخر ، لأنهم لا يعرفون أبدا ، معنى أن تكتب الانثى قصيدة جديدة .
الاخت الصغرى : وماذا ستفعلين الآن ؟
الاخت الكبرى : ساعديني على إنزال جثة أبي ، كي أصعد أنا مكانه .
الاخت الصغرى : لن أساعدك في شيء ، إفعلي كل شيء لوحدك ( تتركها وتخرج مسرعة )
( الاخت الكبرى تقرأ قصيدتها ، وهي تنزل جثة أبيها ، لتعلق نفسها مكانه على المشنقة )
- ستار –
تركيا / سامسون
23/10/2018
التعليقات (0)