مشهد الافتتاح /
( اظلام كامل للمسرح .. نسمع صوت موسيقى تسبق دخول المهرج .. ثم تبدأ الاضاءة بالارتفاع شيئا فشيئا .. ثم تتغير الموسيقى ليدخل المهرج بحركاته البهلوانية .. ووجهه الضاحك وهو يؤدي بعض الحركات المسلية .. بعدها تبدأ الموسيقى والاضاءة بالخفوت .. لحظة خروج المهرج )
المشهد الأول /
( في عمق المسرح سلالم متقاطعة ..
على يمين المسرح علقت سلاسل بأحجام مختلفة .. وهناك ارجوحتان تتدليان من الاعلى
على يسار المسرح حوض ماء كبير زجاجي .. نستطيع أن نرى الماء داخله )
( يدخل الحاجب من يمين المسرح .. بحركات خفيفة .. يتحسس السلاسل )
الحاجب : بين كل ما رأيت من رجال مضوا .. وسنوات اكلتها أيامها .. حيرني قرار المهرج هذا المساء .. ( يتحرك راقصا بحركات بيديه ووجهه ، ثم يتوجه الى حوض الماء .. يغطس برأسه فيه ثم يظهره .. مع الجمهور ) إن المهرج هذا المساء .. ( يتحرك الى مقدمة المسرح بحركات خفيفة ) حسنا .. سأخبركم بما يرغب المهرج أن يفعل .. ( يهمس مع الجمهور ) إنه يرغب في ..
( يقاطعه المهرج وهو داخل .. وجهه مصبوع بالوجه الضاحك )
المهرج : ( يدخل بحركات رشيقة ، ثم يتجه الى الحاجب ويدفعه بعيدا ) لا يا حاجب .. لا .. انت أمين للأبواب وللأسرار .. ( يتحرك على شكل أمير معتز بنفسه .. باتجاه الحوض .. ثم يغسل يديه في حوض الماء ) لا تتحدث بالنيابة عني .. لدي لسان .. هذا لساني .. ( يتحرك بسرعة الى مقدمة المسرح .. ثم يخرج لسانه من فمه كاملا ) ولديهم آذان وعيون ( يتحرك مهرولا في مقدمة المسرح من اقصى اليمين الى اقصى الشمال وهو يشير الى الجمهور )
الحاجب : ( يهرول بسرعة ويقف خلف المهرج ) وعقول ..؟ ( يركب على ظهر المهرج )
المهرج : ( يسحب نفسه من تحت الحاجب ، ويتحرك الى يمين المسرح ) ويحك .. وعقول تقرأ ما نحكي .. ( يحرك يديه ورأسه وهو في مكانه ) وتضحك حيث أغازلهم بكلمات فيها طرفة .. ( يرقص بجسده يمينا وشمالا بحركات المهرج المعروفة ) وبحركات من جسدي الهازل .. ترشدهم الى حكمة .. حكمة رجل لا ينضب .
الحاجب : ( يتحرك بسرعة ويمسك بذراعي المهرج ) قرارك هذا اليوم كبير ..
المهرج : ( يهرول صاعدا احد السلالم المتقاطعة في عمق المسرح ) سأتحمل ما فيه .. وما بعده ..
الحاجب : ( يقف في بداية السلم الذي يقف عليه المهرج ) قد تلقي بنفسك في الشارع ..
المهرج : ( يصعد على ظهر الحاجب .. ويتحرك به باتجاه الارجوحة .. ثم ينزله ) سأجد مكان آخر وعيونا أخرى .. كي تضحك .. تضحك حين ترى وجهي الضاحك والمصبوغ .. ( يجلس على الارجوحة ) فأنا لا أخشى شيئا بعد اليوم ..
الحاجب : ( يمسك بالأرجوحة ويقف أمامه مباشرة ) راجع نفسك ..
المهرج : ( يدفع ويتحرك الى مقدمة المسرح ) لم يتبق معي شيء .. حتى نفسي .. لم يتبق لها شيء من دون سليمة .. ( يجلس منحني الرأس )
الحاجب : ( يهرول باتجاه المهرج .. يمسك رأسه ثم يرفعه ) اخفض صوتك … سيسمع اصحاب الدار ..
المهرج : ( يفر من بين يدي الحاجب ) لا أخشى شيئا بعد الآن ..
الحاجب : ( يهرول خلف المهرج ) لا تفضح نفسك معهم .. اترك هذا الحب بداخل احشائك ..
المهرج : ( يمسك يدي الحاجب ) احب سليمة .. وسليمة هذه تعشقني .. ولا وصل بدون أن اخطبها من سيد هذا الدار .. ( يتحرك مبتعدا )
الحاجب : ولكنك ..
المهرج : ( ينظر الى الحاجب .. ثم يتحرك مطأطأ الرأس ) مهرج ..
الحاجب : وسليمة ..
المهرج : ( يلتفت الى الحاجب ) ابنة سيد هذا القصر .. أعرف ذلك .. ( يتحرك بحركة دائرية ) ولكن أريد لروحي أن تغفو يا حاجب .. فما عادت هذي عيوني تعرف طعما للنوم .. ولا أتلذذ بزاد يأكل .. ولا بطعم شراب يروي .. سأموت اذا لم أخطبها .. ( ينزل على ركبتيه ) أتزوجها .. احلق معها في دنيا الحب .. ( يستلقي على الارض )
( يدخل سيد القصر .. يجلس الحاجب منحنيا .. )
السيد : من هذا المتحدث باسم الهوى والحب .. ويحه ..
المهرج : ( يجلس مرتبكا ) أنا المتحدث يا مولاي ..
السيد : ( يقف خلف المهرج وهو يضع يده على رأسه ) عمت مساءا ايها الضاحك أبد الايام بوجهك .. وجهك يضحكني متى اراه ( يرفع رأس المهرج الى الاعلى ) .. وحيث أراه .. وحركاتك يا مهرج تُرقص في روحي طفلي القابع بين زوايا الروح ( يأخذ يد المهرج ثم يسحبه ليقف .. ثم يرقصان معا ) .. فأراقص ضحكاتك .. ضحكا لا يتوقف .. رغما عني ..
الحاجب : أدام الله الضحك على مولاي ..
المهرج : ( يفلت من السيد ويقف ) كلنا طوع بنانك يا مولاي ..
السيد : ( يتوقف .. يضحك.. يتحدث مع المهرج ) بوجودك أنسى كل الحزن .. وكل متاعب تجاراتي واموالي التي لا عد لها .. ولا مثيل .. ( يتحرك الى مقدمة المسرح ) من بين يديك ترتسم ضحكاتي .. عالية لا حد لها .. ايها المهرج ذا الوجه الضاحك .. ما قصة هذا الحب الذي تحكي عنه حين دخولي ..
الحاجب : ( يتوجه الى السيد ) يا مولاي .. كنا نتحدث .. ( يقاطعه المهرج )
المهرج : ( يهرول الى الحاجب .. ويدفعه ) يا مولاي ..
السيد : تكلم هل لديك في الحب ما يضحك ..
المهرج : ( يقف قبالة السيد ) لا ليس كذلك يا سيدي ..
السيد : ( يتحرك ) وما ذاك اذاً ؟
الحاجب : ( يمشي خلف السيد ) الامر مختلف يا مولاي ..
المهرج : ( مع الحاجب ) قلت لك اسكت لدي لسان أتكلم به ..
السيد : ( يتحرك ) كلنا قد سبق لنا أن رأينا لسانك .. أين هو اليوم ، لم نره بعد ؟
المهرج : ها هو لساني يا مولاي ( يتحرك بحركة بهلوانية .. ثم يبالغ في اخراج لسانه مع حركة من يديه .. ووقفة مهرج مفتعلة )
السيد : ( يضحك بصوت عال .. يمسك براس المهرج ) لسان المهرج يضحك حتى الصخر .. ( يضحك .. يتكلم مع الحاجب ) لقد قال لك لديه لسان .. انظر هذا لسانه ( يحاول أن يمسك لسانه )
المهرج : ( يهرب الى الجهة الاخرى مسرعا ) ولكن يا مولاي ..
السيد : تكلم .. ما به الحب ؟ .. وما شأنك أنت به ؟ ( يقوم بإشارات بيديه ووجهه ) انت مهرج .. والمهرج مخلوق للضحك الصاخب والمتعة .. لا للحب والجد ..
المهرج : ( يتحرك باتجاه السيد ) ولكني أملك قلبا ايضا ..
الحاجب : ( يتجه الى السيد بحركة خفيفة ) نعم يا سيدي .. هل تعرف ذلك ؟
السيد : ( يلتفت اليهما كلاهما ) المهرج يملك قلب !
المهرج : ( يتحرك بحركات راقصة وهو في مكانه ) نعم يا مولاي .. هذا قلبي ( يشير بكلتا يديه الى قلبه ) هذا قلبي .. انظر يا مولاي ..
السيد : ( يضحك بصوت عال .. يتجه الى المهرج بحركة سريعة ) أعرف أن لديك قلب .. ولكن ( يضع يده على قلب المهرج ) قلب المهرج كقلب البط .. رقيق وجميل .. ولولا هذا القلب ما كنت لتصبح أفضل مهرج في هذي الدنيا .
المهرج : ( يركع بين يدي السيد ) مولاي .. قلبي .. قلب يحب ..
السيد : ( يدفع المهرج مازحا ) بالتأكيد يحب .. يحب أمك .. يحب ابيك ( يضحك )
المهرج : ( يقف ) بل يحب .. سليمة ..
السيد : ( يتوقف عن الضحك .. ثم يتغير لونه .. ونبرة صوته ) ماذا قلت ؟!!
المهرج : ( بحركات مهرج راقص ، من الالم والحب ) قلبي يحب سليمة .. وسليمة تملكني من أعلى رأسي حتى قدمي .. وانت أبيها وأنا ارغب في أن اطلب يدها منك ..
السيد : ( يتحرك غاضبا ) تطلب من ؟!
الحاجب : ( يقترب من السيد ) يطلب سليمة للزواج يا مولاي ..
السيد : ( يدفع الحاجب بعيدا ويصرخ ) اخرس أنت ..
المهرج : ( يتحرك زاحفا باتجاه السيد ) احنو علي .. فأنا كابنك .. واصلح حالي بجمال فعالك ..( يقف وهو يحرك كلتا يديه ) يا مولاي .. أخاف أن أموت بفراق سليمة .. لؤلؤة من أجمل خلجان الارض هي .. جوهرة ليس لها ثمن .. أنقذني يا مولاي .. أحب سليمة .. ولا أتحمل بعد اليوم .. فاجبر كسري بيديك ( يجلس امام السيد ويمسك يديه )
السيد : ( يسحب يديه غاضبا .. يتحرك ) هل تعرف عن أي شيء تتحدث ؟
المهرج : ( يتحرك خلف السيد ) نعم يا مولاي .. اعرف ..
السيد : سليمة ابنتي الوحيدة .. وانت لست سوى قرقوز تافه .. لا تسوى شيئا في سوقي ..
المهرج : ( يتحرك بحركة دائرية ) لكني انسان واملك قلب .. واملك لسان .. انظر .. ( يخرج لسانه )
السيد : ( يبتعد بوجهه بعيدا ) ما عاد لسانك يضحكني بعد الان .. أنت تجاوزت حدودك ( يلتفت الى المهرج ) .. وحلمت بعيدا .. ( يتقدم نحو المهرج بخطوات ثقيلة ) .. وحلقت بلا اجنحة ، ونسيت حجمك يا قرقوز .. ( يقف امام المهرج وجها لوجه )
المهرج : ( ينحني امام السيد ) مولاي .. ارجوك يا مولاي .. لا تحرمني منها ..
السيد : ( يضرب المهرج على كتفه فيرجع الى الخلف ) كل شيء سيحرمك منها .. لست أنا وحدي .. سيحرمك منها قدرك ( يضرب المهرج على كتفه فيرجع الى الخلف ).. ومكانك وزمانك .. وكل الناس( يضرب المهرج على كتفه فيرجع الى الخلف ) .. أنت مهرج ، لا يصلح أن يلبس جلبابا آخر .. ( يضرب المهرج على كتفه فيرجع الى الخلف .. ثم يسقط على الارض ) هذا هو زيك يا هذا .. اخرج من قصري ..
المهرج : ( زاحفا على الارض .. يمسك قدم السيد ) ولكن يا مولاي ..
السيد : أنت تخونني بعينك ( يضع قدمه على ظهر المهرج ) وبقلبك ( يضغط اكثر على ظهره ) ولسانك .. اخرج من مملكتي ( يضغط على ظهره حتى يمتد المهرج على الارض ) .. ليس لديك مكانا هنا ..
المهرج : ( زاحفا ) أتوسلك يا مولاي .. اعطف علي ..
السيد : ( مع الحاجب ) ما عاد هذا المهرج مضحكا بعد اليوم .. يا حاجب .. اخرجه من قصري ، واغلق الباب خلفه .. ولا تنسى أن تبحث لي عن مهرج آخر .. يضحكني مساء الغد .. ( يخرج السيد )
( ينهار المهرج على الارض باكيا )
المشهد الثاني /
( ينزل المهرج من احد السلالم في عمق المسرح .. وهو يؤدي حركات بهلوانيه على السلم .. وجهه مصبوغ بالقناع الباكي )
المهرج : اكوابي ما عاد فيها بقايا تشرب .. ( ينزل وسط المسرح راقصا ) وضحكاتي ما عادت تنفع .. لقد أمسيت بلا نفع .. ( يتحرك الى اليمين قليلا ) وضاعت مني سليمة .. كانت حلما في أن أتوضأ بعمر آخر .. وسنين أجمل ..( يتحرك بحركة جميلة الى يسار المسرح قليلا ) ولكنني لست سوى صبغ على وجهي يخفيه .. وأقداري تبكيني .. وتتبدد من بين اصابعي كل الآمال .. لست سوى ما قال السيد .. قرقوز .. ( يركع على الارض )
( يجلس على الارجوحة موظف الطلبات السريعة.. بزيه المعروف وبيده قلما ودفتر.. )
موظف الطلبات : لستَ سوى مهرج له طعم السكر ..
المهرج : ماذا قلت .. من أنت ؟
موظف الطلبات : ( يتحرك باتجاه المهرج راقصا كالرقصات الافريقية .. مع موسيقى مناسبة ) اتيت اليك لكي أقدم لك خدماتي ..
المهرج : ( يتراجع الى الخلف ) أي نوع من الخدمات تعني .. لم أطلب شيئا من أي محل للبيع أو اسواق تجارية ، لم اطلب كي تأتيني يا موظف الطلبات السريعة ..
موظف الطلبات : ( يتحرك بحركة دائرية .. ) انا موظف الطلبات السريعة ولكن خدماتي اكبر من بيتزا .. أو ساندويج .. أو دجاجة محشوة .. ( يقترب من المهرج ) يمكنني أن أزرعك حيث تريد ( يشير على جسد المهرج من الاعلى الى الاسفل ) .. البسك كيف تريد .. أمدد جثمانك حيث أريد أنا .. ( يشير على الارض بيديه )
المهرج : ( يدفعه ويلوذ بعيدا ) اخرج من رأسي .. لا تسحبني نحوك ..
موظف الطلبات : ( يهرول خلف المهرج يمسكه ) سأمنحك من تهوى .. سأمنحك سليمة ..
المهرج : ( يحاول أن يفلت من موظف الطلبات.. ثم يفلت اخيرا ) كيف عرفت عن امرها .. من قال لك عنها .. ( يتحرك ) سليمة عمري .. ولكن قد ضاعت .. تاهت بين الاقدار .. وبين الايام .. ( يرقص رقص الطيور المذبوحة ) فضاع العمر معها .. مَسخت ذكراها أهواء الناس ، وسلطان الاعراف ، فتحول حلمي بها نحو مربع المستحيل ..
موظف الطلبات : ( يمسك المهرج عن الرقص ) مُنحت أنا القوة من صاحبها .. لا يخطاني شيء .. يمكنني أن أدفعك نحو القمة ( يدفع المهرج بعيدا عن جسده ) .. نحو مناك .. ولكن بشرط واحد .. ( يسحب المهرج بنفس قوة الدفع .. فيضمه الى صدره بقوة )
المهرج : ليس لدي ما أدفعه لك أيها البائع .. أنا مهرج .. لا يملك سوى جسد خافت ووجه مصبوغ بالدمعات .. ( يفلت من يد الموظف ويسقط على الارض ممدودا )
موظف الطلبات : ( ينحني فوق ظهره ) تملك روحك ..
المهرج : ( يرفع وجهه ) روحي !
موظف الطلبات : ( يسحب يد المهرج ليقف قبالته ) سأحقق لك كل الاحلام من مال وجاه وسلطان .. وأمد بأيامك بدل الالف .. الى الفين .. ولكن .. توقع لي ..
المهرج : اراك تعرض سعرا باهضا لشراء روحي .. انها روح مهرج لا يساوي شيئا في سوق الناس ؟ ( يبتعد )
موظف الطلبات : ( يتحرك خلف المهرج ويمسك به ) سآخذ روحك .. كي تصبح ملكي ( يتحركان معا بحركة التفاف جميلة ) .. فأنا محتاج لروح مهرج مثلك .. ( يتناغمون بحركة ثنائية ) تضحكني وتسليني .. وتجاورني في قعر جهنم ..
المهرج : ( يبتعد بحركة خفيفة عن الموظف ) ولكني مهرج ضوئي المولد .. أعرف معنى النور فقط .. لا أتمكن من أن أضحك أحدا وسط الظلمة ..
موظف الطلبات : ( يمسك ذراع المهرج ويلتف بجسده ) وسليمة .. هل تتركها طعما للتجار تنهش فيها .. بع روحك لي .. وسأعطيك سليمة ..
المهرج : ( يفلت الموظف يد المهرج فيترنح ساقطا ) ولكن لو بعتك روحي .. سأخلد في الظلمة ..
موظف الطلبات : ( يقف متسلطا عليه ) حدق في عمرك .. بوجهٍ مصبوغ ..هل يسوى شيئا ؟
المهرج : ( يلتف بجسده على الارض بعيدا عن الموظف ) عرضك مرفوض .. يا موظف الطلبات السريعة ..
موظف الطلبات : ( يتحرك الى مقدمة المسرح مزهوا بنفسه ) سأدفع لك ما شئت من أموال الدنيا .. وابني لك ما تحلم به من قصور الارض .. وسأمنحك سلطانا لا يخبو لألف عام ..
المهرج : ولكنني لا أجيد في هذه الدنيا سوى دور المهرج .. جئت كي أضحكهم جميعا .. امنحكم نفحات من الفرح .. كي يتمكنوا من التحمل .. تحمل هذا الحزن الدائم ..
موظف الطلبات : ( يتحرك باتجاه المهرج ) وسليمة .. ؟
المهرج : ( يتحرك مبتعدا ) سوف لن يقبل ابوها ..
موظف الطلبات : ( يحاصر المهرج ) سيقبل .. وسيزفها بيده لك ..
المهرج : ( بوجه الموظف ) لا أثق بك ..
موظف الطلبات : جربني إن شئت ..
المهرج : حسنا .. ( يتحرك .. برهة ) .. قدم لي بعض الاموال ..
موظف الطلبات : هاك ما تحتاج من المال ( بحركة خفيفة يسحب صندوقا كبيرا متحركا الى وسط المسرح ) ..
المهرج : و … قدّم لي شخصا يخدمني ..
موظف الطلبات : هاك صديقا مخلصا لك ..
( يدخل الحاجب بحركة جميلة )
الحاجب : ( ينحني للمهرج ) انا تحت أمرك يا سيدي الجديد .. الـ .. مهرج ..
المهرج : ( باستغراب ) أنا مولاك ؟
الحاجب : مولاي ومولى عشيرتي إن شئت .. ( يتحسس صندوق المال )
المهرج : ( يتقدم الى الموظف ) حسنا .. وسليمة ..
موظف الطلبات : ( يتقدم على وسط المسرح ) سليمة ..ستكون لك بعد أن توقع على وثيقتي بالدم..
المهرج : ( يتحرك الى يمين المسرح ) اوقع بالدم !
موظف الطلبات : ( يتحرك بخفة نحو المهرج ويمسك بذراعيه ) توقع أن تبيعني روحك مقابل خدماتي .. وان تسكن قربي في قعر جهنم ..
المهرج : من أجل سليمة ! ( برهة ) حسنا .. سأفكر ..
موظف الطلبات : ( يتحرك بصورة سريعة ) لا تتأخر كثيرا .. لا أضمن لك مزاجي .. فقد يتعكر .. ( يخرج )
المشهد الثالث /
( المهرج غاطس في الحوض .. يدخل الحاجب )
الحاجب : ( ينحني ) مولاي .. الجمهور عند الباب ..
المهرج : ( يلعب وسط الماء ) هل هم مستعدون للضحك مع مهرجهم المحبوب .. ؟
الحاجب : ( يقترب من الحوض ) لقد دفعت لهم يا مولاي . . وقد وعدوني أنهم سيضحكون كثيرا ..
المهرج : ( يلتفت منزعجا ) لماذا تذكر ذلك لي ! الا يمكنك أن تلطف بحالي .. ؟ ( مع نفسه ) يا لي من مهرج بائس وتعس .. أدفع للجمهور لكي يضحكوا على ضحكاتي وحركاتي .. .. ( يخرج من الحوض )
الحاجب : ( يلاقيه بالمنشفة ) أنت تعلم أنك ما عدت مثل السابق في اداءك صادقا نقيا كالبلور .. ( يلفه بالمنشفة ) لقد تحول المهرج فيك الى شخص آخر .. لا يضحكهم .. ولقد شاهدتهم في المرة السابقة لا يضحكون ابدا .. ( يدفعه ) رغم كل حركاتك الرشيقة وطرفك المضحكة .. ثم انك انت من طلب مني أن ادفع لهم !
المهرج : ( يرقص وهو يلف نفسه بالمنشفة ) أنا مهرج ، ودوري أن أسعد الناس .. اضحكهم من القلب .. ادفع عنهم كآبة الايام .. ومنغصات الحال .. ( يلف معه الحاجب ) فكيف يمكنني أن أهنأ بدوري دون ان ارى شفاههم الضاحكة .. واصوات قهقهتهم تهزني .. وتهز كياني ..
الحاجب : ( يفلت من المنشفة ) هل أدخلهم يا سيدي الى القاعة .. ؟
المهرج : نعم .. ولا تنسى أن توصيهم بأن يضحكوا ..
الحاجب : تحت أمرك يا مولاي المهرج ( يخرج )
( المهرج يبدأ بارتداء زي المهرج .. يدخل موظف الطلبات السريعة .. وبحركة بهلوانية … ثم يقف على أحد السلالم )
موظف الطلبات : ( يحدق في المهرج ) يراودني .. احساس غريب ..
المهرج : ( ينظر الى الموظف .. ثم يعود ليكمل ارتداء الزي ) تكلم .. ماذا يخطر في بالك ..
موظف الطلبات : اعطيتك دليلا عن قدراتي .. أموالا وخدم .. ولكن لا اعرف سببا واحد .. يدفعك لتبقى بعيدا عن سليمة .. فتؤجل توقيعك بالدم .. يراودني شعور انك تلعب معي .. تراوغني .. ( يتقدم بخطوات بطيئة )
المهرج : ( يتحرك الى الخلف مبتعدا عن الموظف ) هذه روحي .. أغلى ما أملك .. وسليمة أغلى من روحي .. ولكن ! ( يتردد )
موظف الطلبات : ( يستمر بالتقدم نحو المهرج ) تكلم .. فأنا أنتظر أن أسمعك ..
المهرج : ( يتراجع للخلف ) أبيعك روحي ..!! ( برهة ) يلزمني بعض الوقت ..
موظف الطلبات : ( يمسك بالمهرج بقوة ) يلزمك وقت .. أم تبحث عن مخرج ؟
المهرج : ( يفلت مذعورا من يدي الموظف ) لقد تغيرت أنا كثيرا .. خسرت كثيرا .. ما عدت اُضحكُ احدا كما في السابق .. وما عادت سليمة تبعث لي بمنديل معطر ولا كلمات .. اخبرني كيف صرت بهذا السوء .. !
موظف الطلبات : ( يتحرك نحو الارجوحة ويجلس ) مهزوم انت من الداخل يا أنسان .. ومن هذا الخرم هجمت عليك .. لكي اغويك ..
المهرج : ( يلقي بنفسه على الارجوحة الثانية ) هزمني حب سليمة ..
موظف الطلبات : ( يتأرجح بقوة ) هزمتك عدم الثقة بالنفس .. شكك بذاتك القاك بعيدا .. فسقطت بحضني .. فتعال .. تعال ..
المهرج : ( يتأرجح بقوة ) آه .. ما أسفهني .. صرت أأخذ من ابليسك اموالا .. ثم أدفعها لجمهوري كي يضحك .. آه ..
موظف الطلبات : ( ينزل سريعا ويمسك ارجوحة المهرج ) لن يضحكهم فيك شيئا بعد اليوم .. اصبح وجهك باكي .. انظر لوجهك في المرآة .. مصبوع بالحزن .. فكيف تطلب من جمهورك أن يضحك في بيت عزاءك .. سقطت سريعا .. يا انسان ..
المهرج : ( يسقط في حضن الموظف الذي يحمله بين يديه ) أشعر أن جمهوري وسليمة سيضيعون مني .. لا بل ضاعوا مني ..
موظف الطلبات : ستكسبني .. وأنا سأقودك نحو ملذاتك ..
المهرج : ( ينزل من بين يديّ الموظف ويقف معتدلا ) ولكن .. ملذتي ووجودي مع جمهوري ..
موظف الطلبات : ( يحاول أن يحاصر المهرج ) وسليمة .. ؟
المهرج : ( يرقص رقصة المهرج كما في المشهد الافتتاحي ) أحبتني سليمة حين كنت أجيد اضحاك الناس ..
موظف الطلبات : ستموت اذا فارقت هواها ..
المهرج : ( يستمر في الرقص ، مع موسيقى مناسبة ) سأكتفي بأن اراها تضحك في القاعة بين الجمهور .. وسأشبع حبا حين اراها ..
موظف الطلبات : ( يحاول مهاجمة المهرج ) وهذه الاموال .. وهذي الحُجّاب لمن تتركها ..
المهرج : ( يدفع الموظف ليسقط على ظهره ) رصيدي ضحكات الناس .. تشد وجودي نحو الاستمرار .. والخدم لا أحتاج لهم ، فأنا أعرف كيف أخدم نفسي .. واناديها يا مولاي .. اناديها حين أملك زمامها .. ولا يضيع من يديّ المقود ..
( يفر الموظف مسرعا الى الخارج .. يدخل الحاجب مسرعا )
الحاجب : مولاي المهرج .. جمهورك أحمى شفاهه ، واستعدَ ليضحك بصوت عال ..
المهرج : ( يتحرك ) يا حاجب إعرف شيئين ولا تغفل ..
الحاجب : ( يتحرك بخفه وجمال نحو المهرج ) ما هما يا مولاي ؟
المهرج : ( يمسكه ويتحركان معا ) أول شيء لست مولاك بعد اليوم ..
الحاجب : ( ينظر الى الجمهور بعجب ) ماذا ؟
المهرج : والثاني ارجع للجمهور وقل لهم أن يبحثوا بعيدا .. عن مهرج آخر غيري .. يدفع لهم ثمنا للضحكات .. ( يترك الحاجب )
الحاجب : هل عدت مهرجا مثل السابق ؟
المهرج : ( يتحرك مع الموسيقى بحركات جميلة ) عدت الى ذاتي وكياني ..
الحاجب : وخسرت سليمة ؟!!
المهرج : عدت لأكسب قلب سليمة .. وضحكات الجمهور .. اخرج يا حاجب من عمري .. وانت يا موظف الطلبات السريعة .. ابحث لك عن مهرج آخر يبيعك روحه .. وضحكاته .. وحب سليمة .. ويضحكك في وسط الظلمة ..
- ستار –
الناصرية
10 / 2 / 2012
التعليقات (0)