مسرحية الحذاء الفصل الاول
يبدأ الفصل واحد الشخصيات ،محسن يجلس على الكرسي ، لا يبدو عليه الاكتراث بشيء . يدخل حسام من الجانب الأيسر و هو يحمل في يده لفة من الورق تحوي خبزا و بصلا .
حسام _(يضع لفة الورق ،يحرك يديه يهز كتفيه و يتأوه آهة طويلة ).
ما أبرد المكان... الطقس بارد... يقتل القر في رأسي كل الملكات . أحس أن منابت
شعري قد تصلبت .
محسن _ البؤس نعمة و بعض من الخبز . لا يتغير الطقس إلا على أجسامنا ، تحدث على
هذه الجثة العبقرية الأشياء و فيها ، البرد مدين لهذه المساحة ، (يمرر يده على
نصف صدره الأعلى ). لا يهم ...لا يهم ...شيء من الأكل ، شيء من الصبر
.. تفضل الطعام .
محسن _ هات أرزل الطعام لذة في هذا المكان ...هات ...هات .
حسام _ (يأكل ، ينظر إلى محسن) لعين ...لعين مع هذا الرضاء ...الجوع ...هذه المعدة
و هذا الخواء...ألا يأكلنا الطوى اللعين.
محسن _ بلى...بلى...لكننا نعيش رغم هذا الأكل و الحت. (يضحك )لا الجوع و لا الشبع
حسام _ بل ينهى العافية فينا و يزيد شقوقنا ... بحيث أن ينزف عرق أسنه البصل
( يقهقه بقوة ) رأس البصل. الغول له رأس . رأس أمرنا الجوع و العطش.
يغني :
مثل أمر من عجب
مثل رأس قد خرب
كم شدا جوع طرب
كم جرى لهثا كدب
صاليا بطني لهب
ويل بطن فت فيه عشاها حديد
كدس اليوم اللعين فيها صديد
وسهى عن شبعها أكل ثريد
كلم المعيى الطوي بؤس عنيد
مثل أمر من عجب
مثل رأس قد خرب
كم شدى جوع طرب
كم جرى لهثا كدب
صاليا بطني لهب
+ + + +
عمر جوعي عمر دهــــــــــــر كليم
سمم الفكــــرات قــــــــــــهر هضيم
شرد الأحـــــلام قـــــــــــــسر قـــديم
كبـــــل الأفـــــواه عهــــــــر قــــــديم
+ + + +
كم شدى جوع طرب
كم جرى لهثا كدب
صاليا بطني لهب
(يسكت).............................................................
محسن _ ........صعدت بالبطن إلى مدار الحياة .
حسام _ لا أفهم ما تعني.
محسن _ غنيت جوعك فلماذا تجمع التاريخ إلى محنتك . انك مجنون.
حسام بل ملعون .
محسن لا أضن.
حسام سأسبك، لا تهزأ بي .
محسن حاش لله ,أتعتقد فيا الهراء.
حسام لقد ضجرت من هذه المدينة.
محسن عجيب أمرك . تغني، تصيح ،و تلعن . أما عاد هواء المدينة يملأ صدرك، هل
اتسعت عنها .
حسام قد يملأك الضجر في لحضات و تنفجر فيك اللعنة .... .... لكني أحب.
محسن هذا المكان و هذه الرطوبة و هذه المدينة....هذه الرطوبة من سلالة هذه المدينة
الرطبة.
حسام أحب أن أخرج إلى مكان غير هذا يحبني و أحبه.
محسن أطلب المعجزة لكنها ليست من شؤون البشر على كل حال.
حسام ( ينظر بعمق و يفرك شعره ) نحن بعض المعجزة ، إن لها أصلا فينا ،إذا أدركنا حدا فيها عظمت ثم صارت للعادة فينا...هذا شأننا سبحانه يخلق ما يشاء،كل يوم هوفي شأن.
محسن عجيب ،تؤمن و تسلم و لا ألحظ غير حيرة فيك و سؤال.
حسام الإيمان لا يمحي حية الكلام ( يرسم بيده نقطة استفهام)ليست الحيرة بطرا.
محسن (يلتفت عن حسام إلى الحائط) كلما خظت عن الله حديثا كنت فيه تعالى.
حسام أنت خبيث ماكر . هذا أمر فيه النور ،( يضحك بقوة ) و في الزجاجة النور .
و شجر الزيتون يسقط بضله على جسدي و أرضي.
ينشد
با لمعجزة با لمعجزة
ها قد سها عني سؤال الراقية
ول سقم الجسم غدا للعافية
با لمعجزة با لمعجزة
تعسا لرهط قد حبا للفانية
للمعجزة للمعجزة
أمنت قامت فيا حيرة راضية
هاذي صروفي ريح ضل الدالية
محسن ...يالك من آلة ، سوي حبالك الدماغية.ألا نكل عن العمل.
حسام ...هل كنت أرفس عجينا بلا خميرة .
محسن لم تكن ترفس يبدو أنك المرفوس و الموطوء.
حسام بل أنت المرفوس.
محسن أنا لست مرفوس و لا ضحية.
حسام (مختنق) ماذا تكون إذا ، امن طينة لا تعرك أنت ؟
محسن (هادئا) خلقت من طينة تعيش.
حسام تعيش. (يقهقه) نعم تعيش و أنت مرفوس.
محسن لا يعيش من كان مرفوسا (ينهض و يتجه نحو أول الركح)
حسام (يائسا) رددت كلامي اليا فلا تغضب . أنا أجمع و أطرح و أزيد و أنقص و لا
أنهض أو يربو جيبي .
محسن لا يصلح للعد إلا المال ( يتجه نحو الكرسي ) .
حسام لكني فقير معدم.
محسن دع الأمور تسير كما هي إذا...دعك من السؤال و الجمع و الطرح .
حسام خمسون مع خمسون ...ستون مع ستون ...سبعون...ثمنون...
محسن قد بدأك الهذيان و أنتفض شعرك و ظهرت حكمتك .ما أحبه في وجيعك هو العمق
و الحياة.
حسام ...وجيعي؟
محسن نعم وجيعك.
حسام كلما دار ماء الوجيع في رأسي و خبت الأسماء. تذكرت الأرض (يضرب قدمه
الأرض) لقد كرهنا كل الأرض و نسينا كل الخصب الذي فيها و تحوينا (ينحني
يخلع الحذاء من قدمه و يرفعه إلى الأعلى ثم يجعله قبالة وجهه) هذا اللعين
هو عقدة هذا العقوق.
منذ بدأنا استخدام فعل الإنتعال و اخترنا لبس الحذاء .فصلنا صنعتنا عن أمنا
و ارتفعنا عنها . لقد ذهبت سيقاننا الحافية و نسينا المداس .
محسن مادمنا لا نكل من الحياة و لا يأكلنا الثبات و مادام المشي سبيلنا فلا بد من النعال
تكل النعال و لا تكل الأقدام و تعرى .
حسام النعل و الأقدام وديك رومي في الضيعة ... سيضل اللعين لعينا .
محسن سيضل الحذاء صاحب فضيلة علينا. شكرا أيها الحذاء ...سيضل اللعين لعينا إلا
الحذاء . هل نسيت حسناته.
حسام ... ... ...
محسن للحذاء فضيلة النسيان .
حسام النسيان.؟
محسن البرد و القر .
حسام القر و البرد ؟؟
محسن و يعلمنا العفس و الدهس .
حسام الدهس و العفس ؟
محسن و كفف رحمتنا.
حسام رحمتنا ...رحمتنا .
محسن تعفس دود الأرض و تهرس الأزهار و الأشواك و عُقب السيجارة المشتعل . تدهس
بعض الرقاب البشرية ،خلق الحذاء للرقاب.
حسام للرقاب ؟.
محسن و يعلمنا الحنين.
حسام الحنين؟
محسن الحنين للحبس و التكبيل .
حسام التكبيل و الحبس؟
محسن عجيبة هذه الساق ... يحبسها الحذاء في ضلماته فلا يدعها إلا لتعود إليه تطلبه خانعة
راضية .
حسام الرضاء و الخنوع ، ألا تكون الساق و القدم الحافيتين راضيتين ... هذا منطق
منحرف .
محسن الحذاء يعلمنا الإقدام .
(يتجه نحو حسام و يأخذ منه الحذاء)
أنظر أيها الصديق أول الحذاء ، إن طرفه حاد مثل نصل ، مثل علامة اتحاد تشير
دائما للاتجاه الأمامي .(يضحك) . مار أيك لو نستبدل لهم أسهم الاتجاه المرسومة
على علامات الطريق بجميع الأحذية التي تمزقت أو هرئت و نكتب على صناديق
حفظ الأحذية و المغارات ، الحذاء يعلمنا الإقدام ...إلى الأمام ...إلى الأمام .
حسام بل الإقدام في سيقننا الحافية ... ليس الحذاء غير حياة الثعبان . سيقاننا حادة الطرف
قبل النعل ...لولا الساق و القدم لما كان الحذاء على هذه الشاكلة.
(ينزع الحذاء و يرميه ثم يضم قدمه إلى قدمه)
انظر إلى قدما يا عندما تجمع الإبهام إلى الإبهام ، تكونان سهم اتجاه عريض .
انظر لهما تسيران معا إلى الأمام .
محسن حولت المسألة لك.
حسام هي لي منذ البداية .
محسن لنعلن الوفاق على كل حال.
حسام الساق ساق و الحذاء حذاء.
ينشد
عالجت أمري و استمعت لحجة الآلام
ماكنت أهذي هالني الإقدام في الأقدام
في لبسك النعل اللعين تبلد الإفهام
إصرارنا في ضمة الإبهام للإبهام.
يتبع المسرحية في خمسة فصول
سعيف الظريف
التعليقات (0)