مستمر ببذاءة في نشر ظلامي. ليس ما تدركونه الآن نهاراً ولا ليلا. ليس لدى أحدكم عمودا فقريا يمشي أمامه، وروحاً تستعذب الهزيمة. لنتحدث قليلا عن انفجارات عمياء تحدث في الداخل، وعن الأحقاد الحقيقية. لو أستطيع القيام على قدم واحدة وقتل الأشباح الطيبة، أو أكون جُرفاً يبتلع أغاني الابن الفاشل على باب مدرسة البنات، يصنع من أمنياته شراعاً ظاهرياً ويقتلع الأمواج.
من يفقد الأقفال يخرج مرتعشا، ضوءٌ قمريٌ وحيد يحرس بيته. وكلما حل الخسوف ضاع. هذه لعبة الدم عبر تاريخ الأشياء، الميّت يلد من يأتون لدفنه. هو من يعثر في شوارع المدن على ضوء لقيط ويمضغه. وهو من يعدد أشكال الوقت: النرجس والأحمر والأبيض. من يتوتر لرائحة جبينه بعد الحقل وقدميه بعد الرقص. جثثُ من هذه المتحللة في شفتيّ؟. إن ما لا أعرفه أن مملكة الشِعر المضيئة بالقوة تعتزلُ ضوءَ الشارع، يقتلها كلما تسلل إلى مساربها. وخلل الصوت ينفذ طيف رديء/ صورتي أيام الشمس والحقول. بقامة قصيرة تحلم وقفازين كنتُ هناك. ماتت القرية، وضباع المدن تتكاثر، جثث من هذه؟ جثث من هذه؟. ربما لا يزال القبح حبراً، أما سيدات القرى فإنهن لا يدركن معنى الفَجر، وإن كن ينصتن لصوت عصفور خنقتُه منذ عقود. أنا الغياب الآن، يشم قلب الوقت ويحتضر: سأتحول إلى شاخصٍ وأعتري الطرقات، فاتبعوني. أنتم المؤمنون ما تدركونه يعنيني أنا، كل هذا خارج الوقت، خارج القمع وسلاطين العهود البائدة. الجثثُ خطواتٌ والدم صلاة. مستمر أنا في الشيخ والتعاليم العتيقة، في الوجل والارتياب. من عثر على روحي كان إلهاً وحيداً وبنصف ابتسامة، أخرجني للعدم وطهرني من الحقيقة، علمني السحر والكلمات فكان الماء. ومن هناك تخلّق كل ما هو موجود، خرج للعدم، للعدم!.
في بلاد يدعي النسوة فيها الطيبة، خرّ هلالٌ عجوزٌ، دموعه لا تشفع لقامته النحيلة، وارتجافهُ شهوةٌ بترها الضوء المتكسر. في بلادٍ بلا دِثار مطّ شفتيه طفلٌ لأغنية فانخلعت براءةُ أيامه وصار سكيراً يداوي ولادته بالنسيان. لماذا يخسر من يأتي أولاً؟ ويخسر من يأتي أخيرا؟. لماذا يولد الموتى بتكرار رتيب ويكتئبون. أنا كل أصدقاء المشقة ومريدي الهواء الفاسد. كلما عاد الخسوف ماتت قصيدة، وبألحان الجنائز يبكي الرمل: إن كان ممسوساً خارجي فأطيلوا النظر إلى الداخل، الموت سواد وصمت. لا بياض ولا أهازيج. لا مخاوف بسيطة ما دام هناك هلعٌ أبدي. تظهر الخنازير في صورٍ أعمده نارية، والقطط تزأر إلى ما لا نهاية. أستيقظ فيما ليس يشبه النهار ولا الليل، فاكهتي سوداء ونوافذي حيات. أستيقظ مبهوتاً: الأنهار تشبه حشرات صغيرة، وذراعي تبتعدُ. إنه وحل يفتح طريقاً لليقظة وأعراس الضحايا. أستيقظ على هيئة صرخة، هاويتي ذات ثمر مرّ. أيها العاصي، المتمرد، المملوء بالبثور والغصة إنني هنا، أقوم كالبوصلة أتت على زرقة البحر، أقوم بصيغ مذكّرة قاسية، وبمحبة المجداف للضرب في الأمل الغبي. أستيقظ الآن: أشكالٌ متعددة ومعقوفة للوقت تنصب المصائد في الأشجار وتنتظر عصافيرها الملعونة.
التعليقات (0)