مسخرة الإستفتاء السويسري على المئذنة
مسجد محمود .. في مدينة زيورخ السويسرية - عام 2006م
القرار السويسري الغريب المثير للسخرية والقاضي بإخضاع رمز من رموز ديانة سماوية إلى الاستفتاء الشعبي كان في حد ذاته وبحسب ما وصفته الأمم المتحدة (تمييز واضح) و (مسبب للخلاف والشقاق العميق) ...... clearly discriminating and deeply divisive
هذا الإستفتاء جاء على وقع مقترحات نادى بها كاتب ومغني مهووس يقال له (أوسكار فيسلر) ظل يدفع بهذا الاتجاه حتى تحقق له ما أراد.
من ناحيتها دافعت حكومة سويسرا على هذا الإجراء بالزعم (أنه يهدف إلى تحسين الدمج ويحارب التطرف)... وذلك بإعلانها حرفيا أنه : aimed at improving integration and fighting extremism
من كل ما تقدم ذكره نستطيع القول أنه من غير المستساغ ولا يعقل أن يتم تعريض رموز ديانات أو قناعات فردية أو جماعية سواء أكانت دينية أو غيرها إلى استفتاء شعبي يدلي فيه أهل ديانات أخرى بآرائهم حول حجبها من عدمه. ..... ولو جعل مثل هذا التوجه المنحرف سنة أو قاعدة عالمية لوجدها كل مهووس ذريعة للمناداة بإستفتاء شعبي في بلده لمنع بناء دور عبادة لأقليات . أو تحديد الشكل الخارجي لهذه الدور. لاسيما وأن الديانات السماوية منها والأرضية لا تتمتع بالأغلبية في كل مكان ؛ فهي إن كان أتباعها يشكلون أغلبية في مكان ما فإنهم بالمقابل يمثلون أقلية في مكان آخر والعكس صحيح.
وأما زعم الحكومة السويسرية في بيانها الرسمي بأن هذا القرار جاء بهدف تحسين الدمج ويحارب التطرف . فإنه مردود عليه بأن الدمج في مجتمع ما لا يعني أن يسلب الفرد أو الجماعة فيه حرية المعتقد والديانة والقناعة ..... بل ويبدو مصطلح الدمج هنا شبيه بالمعاذير الواهية التي ساقها المستوطنون البيض في الأمريكيتين وهم يبيدون شعوب الهنود الحمر بدم بارد مبررين هذه الإبادة بأن الهنود الحمر رفضوا الاندماج في المجتمع الأبيض .
ومن ناحية أخرى تدعي الحكومة السويسرية أن قرارها هذا يحارب التطرف ..... ولا أدري ماهي علاقة المئذنة بالتطرف الديني؟؟ ولماذا بصنف المسلم أو العربي في سعيه نحو تحرير أراضيه المغتصبة في فلسطين بأنه تطرف ديني ؟؟ .... ثم أنه إذا فرضنا جدلا أن هناك مسلم متطرف في مكان ما أقصى الشرق فما هو ذنب المسلم المسالم الذي يقيم في بلاده أو جهة الغرب من العالم القديم؟؟ .... ولماذا نأخذ هذا بجريرة ذاك؟؟
ثم أنه إذا كانت المئذنة كرمز إسلامي يسبب التطرف فلماذا لا يتم منع إقامة الأبراج فوق مباني الكنائس المسيحية والقباب على أركان ووسط الكنس والمعابد اليهودية في سويسرا؟؟.... ربما لا نكون مخطئين لو ذهبنا إلى القول بأن المئذنة لا تدعونا للتطرف بقدر ما أنها تبث الرعب وتأنيب الضمير في صدر الآخر وتذكره دائما بأنه على خطأ . وأنه قد جعل دينه هواه.
إذن يتضح جليا مما سبق أن الأمر لا يعدو كونه هوس ديني متطرف من جانب فرد إسمه (أوسكار فيسلر) ظل يلح عبر كتاباته العنصرية في الصحف المحلية ومستغلا شهرته كمطرب محلي في تحريض المتطرفين المسيحيين وحلفائهم اليهود ضد الإسلام والمسلمين في سويسرا. وقد تملكه الرعب من منظر المآذن ، وظن على جهل منه أن قطع رقابها وفصلها عن بناء المسجد سسيستر له عورته البائنة ويمنع انتشار الإسلام بسماحته وعالميته كدين واقعي يستند إلى كتاب منزل من فوق سبع سماوات هو كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه....
ولا شك أن أهم نتائج هذا الاستفتاء الجائر ستكون زيادة ثقة المسلم في كل مكان بدينه. وأنه لو لم يكن حقا لما أخاف أعدائه إلى هذا الحد ، وسلبهم ثقتهم بأنفسهم وقناعاتهم ومعتقداتهم فلجأوا إلى وسائل رخيصة اقل ما توصف به أنها جبانة تستغل الأوضاع والظروف المحيطة وتكرس لجاهلية الأغلبية في مجتمع مــا.
لا نعتقد أن الإسلام وفقا لما نعرف من قوته الذاتية يحتاج إلى مآذن وزركشات وعوامل إبهار زخرفي ومعماري حتى يزرع الهيبة والقناعة في النفوس . فالمآذن لم تعرفها المساجد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدين وبالتالي فهي ليست اساسا في بناء المسجد .. ولكن برغم أنها جاءت لاحقة لعصر يقتدي بسننه المسلمون ؛ فها هي المئذنة بصمتها وحده دون أن ينطلق من فوقها صوت الآذان بالنداء ، تخيف الآخرين من المهووسين وتجعلهم يتبولون لا إراديا في سراويلهم وبكمية تجعله يفيض تحت أقدامهم ليغطي أجزاء كبيرة من صفحات تاريخهم ..... ولا نرى هذا الاستفتاء السخيف المضحك وإفرازاته العقيمة سوى جانب من هذا التبول اللاإرادي.
مسلمون من مختلف العرقيات يؤدون ركعتي تحية المسجد في جنيف - يبلغ عدد المسلمين في سويسرا أكثر من 400,000 نسمة
شباب مسلمين في سويسرا يلتفون ويدورون حول نموذج لمئذنة إسلامية إحتجاجا
الاحتجاجات متواصلة في أوروبا ضد (المسخرة السويسرية)
كنيس يهودي في سويسرا .... لا أحد يجرؤ في أوروبا على المساس برموز اليهود ولو همسا . وإلا خضع للمحاكمة وكل أنواع الإبتزاز والحرمان من تولي الوظائف العامة والمطاردة في رزقه وفضح اسراره وإلصاق تهمة معاداة السامية به . رغم أن اليهود في حقيقة الأمر ليسوا جميعا ابناء سام وإنما بني إسرائيل (يعقوب بن إسحاق عليهما السلام) وحدهم هم الذين ينحدرون من صلب سام بن نوح . وأما الشعب اليهودي عامة الذين آمنوا بالتوراة فإنهم شذاذ آفاق وخليط أجناس من الشرق والغرب والشمال والجنوب ليس إلا.
أبراج الكنيسة الكبرى على نهر ليمات في مدينة زيورخ بسويسرا .... لماذا التفرقة بين الكنيسة والمسجد ؟؟ أليس الأبراج شبيهة بالمئذنة ؟؟ وهل يرضى المسيحي السويسري أن يجرى استفتاء شعبي في بلد يتمتع بأغلبية مسلمة على منع تشييد الأبراج فوق الكنائس ووقف قرع الأجراس؟؟
التعليقات (0)