أنا واحد من العرب المقيمين في الخارج (على قد حالنا ) حيارى عندما نقرأ ونسمع عن مستوى المرتبات والأجورالمتدنية في البلاد العربية وكلنا نتساءل كيف يعيش صغار الموظفين ومرتباتهم لا تزيد عن أكلة في مطعم محترم وكيف يعيش المواطنون العاديين الذين لا دخل ولا عمل لهم مع عدم توفر خدمات صحية وإجتماعية معقولة لهم . ومستوى المرتبات والأجور في معظم العالم العربي اليوم لم يزد عما كان عليه في الستينات سوى بنسبة لا تذكر رغم أن الأسعار زادت مئات الأضعاف لان معظم السلع والخدمات في العالم النامي مستوردة من العالم الصناعي حيت الأجور والمرتبات تزداد سنويا وفقا لمستويات الأسعار وتكاليف المعيشة ومستوى الأداء في العمل. وفي نفس الوقت نرى كبار المسئولين في العالم العربي يركبون السيارات الفارهة ويتمتعون مع عائلاتهم في أرقى مصايف أوربا ويقضون عطلاتهم في أغلى الفنادق حتى أصبحت مقصورة على العرب ويعالجون في أكبر مستشفيات أوربا وأمريكا ويلبسون أغلى الثياب يعجز عليها حتى أصحاب الدخل المرتفع في أوربا . وتزيد مخصصات و مرتبات هؤلاء العرب حتى على مرتبات ومخصصات كبار السئولين في أوربا وأمريكا. بل أن معظم الحكام و الوزراء و بعض كبار موظفي الدولة في العالم العربي والعالم النامي هم من أصحاب الملايين . وهذا لا يحدث في البلاد العربية الفقيرة فقط حيث مستوى إمكانياتها المالية المتواضعة والفقر المدفع الذي يعانيه أفراد الشعب العاديين , بل أن هذا يحدث في كل البلاد العربية الأخرى بما في ذلك الدول العربية النفطية . هذا الفرق في الدخول خلق جوا من الاستياء والتدمر بين صغار الموظفين والمواطنين العاديين في البلاد العربية إنعكس في عدم إهتمام الشعوب العربية بشئون الدولة وسياساتها وإنتشرت بينهم الرشوة والفساد وعدم الأكثرات فهم يرون طبقة محظوظة تتمتع بكل نعم الحياة وهم يعانون الفقر والمرض والجهل. كما أن الذين يعيشون ببدخ ليسوا كبارحكام الانظمة وشركائهم من رجال المال والأعمال فقط بل البدخ يعم كبار الموظفين وضباط الجيش والأمن والأنصارالذين يحرسون ويدعمون الأنظمة , وكلك رجال الأعلام العربي الذين يتغاضون عما يجري من فساد في الحكم وسوء توزيع الثروة طلبا للمال والحضوة عند الطبقة الثرية . كثيرون يلقون باللوم على النظام الراسمالي الذي عم العالم أخيرا وخلق طبقة ثرية وطبقة مسحوقة كما يقولون وهذا ليس صحيحا . فقد إستطاعت الدول الرأسمالية الغربية منافسة الاشتراكية فيما تقدمه من خدمات إجتماعية لكبار السن والعاطلين وذوي الدخل المحدود . واليوم نرى في المجتمع الرأسمالي أن كل من لا دخل له أو عاطل أومريض أو عاجز أو كبير في السن يتقاضى من الدولة ما يكفيه من نفقات لمسكنه وملبسه وطعامه مع الخدمات الصحية الممتازة ومجانية التعليم والمواصلات حتى ان بعض الكسالى في العالم الغربي اليوم يتحايلون بعدم العمل حتى يمكنهم الحصول على هذه الامتيازات . وهذه الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الأنظمة الرأسمالية اليوم هي التي قضت على الأنظمة الشيوعية والاشتراكية بالأضافةإلى توزيع الثروة بالضرائب التصاعدية . فالانظمة الشيوعية والاشتراكية رغم انها حاولت تطبيق مبدأ لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته وقدمت دخولا وخدمات متدينة للجميع إلا أن غياب الديقراطية مكن الطبقة الحاكمة في الدول الأشتراكية من الاثراء على حساب الشعوب مما عجل بزوالها . وهو ما يجري اليوم في دول العالم العربي والعالم الثالت تحت دعوة لراسمالية مما يعرضها لعدم الأستقرار والزوال مع الزمن. والديمقراطية ليست أنتخابات وبرلمانات بل هي عدالة و حريات وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير وأحترام حقوق الأنسان وسيادة القانون والحقوق الأقتصادية والأجتماعية وكلها مرتبطة بعضها البعض والحقوق الأقتصادية والأجتماعية لا تتحقق إلا إذا تمتع المواطن بكل حقوقه السياسية والمدنية اولا.
التعليقات (0)