رحم الله الشهيد الرئيس رفيق الحريري، ولعن الله الأيدي الخبيثة التي تتربص بلبنان وعروبة لبنان ومستقبل لبنان، كما تربصت بفلسطين وتتربص بالعراق والسودان وأفغانستان وباكستان وايران...
وهذا يطرح تساؤلاً: لماذا هذا الاهتمام بقضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري؟ ألم يقتل الشهيد الرئيس ياسر عرفات بالسم وهو رأس هرم السلطة الفلسطينية ؟ ألم تغتال بناظير بوتو أمام عدسات الكاميرات في باكستان؟ الم يغتال الرئيس الجزائري محمد بوضياف عام 1992؟ الم يغتال جون جرانغ نائب الرئيس السوداني؟
أن عالمنا الإسلامي شهد حالات عديدة من الاغتيالات السياسية، ولكنه لم يشهد اهتمامات وتدخلات اقليمية ودولية، كما حدث في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري في 14 فبراير/2005م.
إن لبنان من أكثر البلاد استهدافاً، على الرغم من صغر حجم مساحته، ومن قلة أهمية موقعه الاستراتيجي، وقلة ثرواته، إلا أنه وعبر التاريخ هو من البلدان النادرة والفريدة التي تمتلك ميزان الاستقرار في المنطقة العربية والاسلامية، ويتميز بتركيبته الطائفية، والتي تسهل عمليات التدخل والتداخل في الشئون اللبنانية، ومدى تأثير ذلك على مستقبل الجمهورية اللبنانية.
إن قرار اغتيال الحريري، والذي لا يضع مجالاً للشك أن هناك بصمات لجهاز الموساد الاسرائيلي، والذي حقق العديد من أهدافه بعد عملية الاغتيال ومنها سحب القوات السورية من الأراضي اللبنانية، وهذا الهدف منذ سنين هو مطلب اسرائيلي، كذلك عمل الموساد وحلفائه من أجهزة الاستخبارات العالمية على تعزيز سياسة المحاور والأحلاف كون الشهيد رفيق الحريري هو حليف للمملكة العربية السعودية، واغتياله قد يضر بالعلاقات السعودية السورية، ويقوض الدور الايراني في المنطقة، كذلك حقق الموساد من عملية الاغتيال ضرب العلاقات اللبنانية الداخلية، وطرح موضوع سلاح المقاومة على طاولة الحوار اللبناني، وهذا ما تطمح اليه اسرائيل وحلفائها في المنطقة، وهو أن يتحول حزب الله الى حزب سياسي، ويتحول سلاحه إلى الجيش اللبناني، والذي ترى فيه اسرائيل بأنه الحامي لأمنها وحدودها، ويرى فيه الغرب بانه الحامي لمصالحه في لبنان، ولكن قيادة الجيش اللبناني الحكيمة رفضت ذلك، وأعلنت عن العقيدة الجديدة للجيش اللبناني والمتمثلة في عدم التقاعس وعدم التقاعد، وبعد يومين فقط برهنت عملياً هذه العقيدة في العملية الشهيرة شجرة العديسة والتي حملت رسائل ودلالات سياسية أن الحفاظ على سيادة وأرض وشعب لبنان هو خيار الجيش اللبناني.
جاء قرار مجلس الأمن بتشكيل المحكمة الدولية للبحث في قضية اغتيال الحريري، وكانت الاتهامات جاهزة لكل من سوريا، وانتقلت بعد ذلك إلى حزب الله، واستثنت اسرائيل من أي اتهامات، ولكن يأتي اليوم ليكشف السيد أمين عام حزب الله حسن نصرالله أن لإسرائيل اليد الطولى في عملية اغتيال الحريري، وهذا ما ذهب اليه سماحة السيد حسن نصرالله في مؤتمره الصحفي الشهير يوم 9/8/2010م، كونه غنياً بما تضمن من معلومات لها دلالاتها السياسية الواضحة، والتي قد تغير مسارات التحقيق، وتكشف عورات الشهود الزور، وتمنع أي قرار ظني محتمل، وتكشف الأبعاد السياسية للإغتيال.
وبهذا تتكشف فصول جديدة في مسارات التحقيق، قد تقلب الأوراق، وقد تلقي بتداعيات كبيرة على المشهد السياسي اللبناني، وعلى المشهد السياسي الاقليمي والدولي.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)