انطلاقاً من أهمية موقع مصر الجيوبوليتيكي، كونها دولة مركز لها ثقل سياسي وجغرافي في المنطقة، فإن تداعيات ما يحدث على أراضيها سيتجاوز حدودها الجغرافية، وسيخترق عواصم عديدة من العالم، وخصوصاً في حال نجاح سيناريو اسقاط النظام الحاكم، فإن ذلك من شأنه أن يحدث زلزالاً سياسياً، له ارتداداته، وربما تأخذ فلسطين نصيب الاسد من ذلك، لارتباط فلسطين التاريخي والجغرافي والثقافي والديني والقومي بمصر، ولامتلاك مصر العديد من الملفات ذات العلاقة بالشأن الفلسطيني، ومن أبرز تلك الملفات، ملف عملية السلام، والمصالحة الفلسطينية، والتهدئة، وصفقة تبادل الأسرى، وملف الحدود مع قطاع غزة (المعابر).
تشكّل تركيبة النظام السياسي المصري بعد الثورة المحدد الرئيس في معرفة الخارطة السياسية للمنطقة ككل، والنظام السياسي الفلسطيني أحد أهم مكوناتها، ولذلك يتوقف مستقبل النظام السياسي الفلسطيني على ثلاث سيناريوهات:
1- سيناريو بقاء الرئيس محمد حسني مبارك لسبتمبر من العام الجاري.
هذا ما طرحه السيد محمد حسني مبارك في خطابه مساء الثلاثاء 1/2/2011، وهذا السيناريو سيتوقف حول مدى مصداقية الوعود الإصلاحية، ومدى تطبيقها، وسيكون التأثير هنا على النظام السياسي الفلسطيني محدود، بمعنى أن الحالة الفلسطينية ستبقى كما هي دون أدنى تغيير، لأن السياسة الخارجية المصرية ستبقى ثابته، وسيكون جل الاهتمام المصري منصباً في ترتيبات سياسية وحزبية داخل الحدود المصرية.
2- سيناريو الاطاحة بالرئيس لصالح نائبه.
وهو سيناريو أكثر واقعية، وهو يحمل خيارين: الأول استقالة الرئيس وانتقال السلطة سلمياً لنائبه الأول.
الثاني: أن يلجأ نائب رئيس الجمهورية السيد عمر سليمان للاطاحة بالرئيس المصري وخلعه، وذلك بعد قراءة عمر سليمان للتطورات الجارية في الشارع، ومدى التطمينات التي قد ترسلها المعارضة السياسية في مصر له، وحجم التفاف قيادة القوات المسلحة حول خيار الاطاحة بالرئيس، وهنا يتأثر النظام السياسي الفلسطيني بوتيرة أعلى، لأن السيد عمر سليمان هو من أكثر الشخصيات المصرية دراية بالملف الفلسطيني، ولكنه سيكون مكبلاً بآراء المعارضة ومن أبرزها جماعة الاخوان المسلمين في التعاطي مع الملف الفلسطيني، لذلك سيكون السيد عمر سليمان أكثر انفتاحاً على كل الأطراف الفلسطينية، ولكن المدة التي سيتولى بها السيد عمر سليمان الرئاسة ستكون قصيرة وغير كافية وسيتركز الاهتمام في السياسة الداخلية.
3- سيناريو الاطاحة بالنظام الحاكم ككل.
وهو ما يعبر عنه ملايين المصريين، وهو سيناريو بالغ التأثير على النظام السياسي الفلسطيني، وتلعب مجموعة محددات دوراً بارزاً في تحديد مستقبل النظام السياسي الفلسطيني، ومن أبرز تلك المحددات:
أ- تركيبة النظام الجديد وسياسته الخارجية تجاه القضية الفلسطينية واسرائيل.
ب- موقف اسرائيل من النظام السياسي المصري الجديد.
ت- موقف المجتمع الدولي.
ث- مدى انسجام النظام السياسي الفلسطيني مع المتغيرات السياسية المحيطة.
ولذلك سيتوقف مستقبل النظام السياسي الفلسطيني، حول ما تحمله الأيام القادمة من تطورات، ولكن هذا يستدعي من النخب والأحزاب السياسية الفلسطينية، قراءة الأحداث من منظور وطني قومي، وليس حزبي، حتى لا نقع ضمن شبكة تحالفات جديدة، تتغير فيها الأسماء وأماكن النفوذ، وتبقى أهداف التفرق والتشرذم، فالمنطقة مقبلة على بذوغ فجر جديد يكون للمقاومة فيه كلمة الفصل، وعلى الجميع أن يركب هذا المركب الذي سيرسي بنا إلى بر الأمان.
hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)