الفيتو الأول في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد قرار ادانة الاستيطان كشف الوجه الحقيقي للسياسة الخارجية الأمريكية التي تحكمها أيديولوجية دينية يقوم على بلورتها المحافظين الجدد، الذين يحتكمون للعهد القديم (التوراه) في ادارة شؤون البلاد والعباد، مستفيدين من وجود لوبي يهودي يمتلك العديد من الأدوات الاعلامية والاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن رحم البيئة السياسية الأمريكية في صناعة القرار السياسي خرج السيد باراك أوباما بمكالمته الهاتفية مع الرئيس محمود عباس، فطلب منه سحب قرار ادانة اسرائيل من مجلس الأمن، مهدداً في الوقت نفسه بوقف المساعدات والمنح المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، في ابتزاز واضح للسياسة والارادة الوطنية الفلسطينية، وفي تهديد واضح ومباشر للمؤسساتية السياسية الفلسطينية.
وبذلك يكون السيد باراك أوباما قد استبق استحقاقات سبتمبر القادم والتي ينتظرها السيد محمود عباس، ويربط آمالاً كبيرة، ويرهن مستقبل السلطة الفلسطينية بتلك الاستحقاقات، وهي على النحو التالي:
الإستحقاق الأول: هو إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما "فلسطين عضوا كامل العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة".
الاستحقاق الثاني هو أن "الولايات المتحدة واللجنة الرباعية الدولية أعلنوا أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ستبدأ في أيلول/ سبتمبر وتنتهي في أيلول/ سبتمبر.
الاستحقاق الثالث هو أن خطة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية التي تنفذها السلطة خلال عامين ستنتهي في شهر أيلول سبتمبر".
وبذلك نستطيع القول بأن فرص نجاح الاستحقاق الأول بالاعتراف بفلسطين عضواً دائماً بالامم المتحدة يحتاج إلى موافقة تسعة أعضاء من مجلس الأمن منهم الخمسة أعضاء دائمي العضوية، وهنا لا بد من موافقة الولايات المتحدة كشرط رئيسي على القرار، ولكن المعهود على الولايات المتحدة استخدام حق النقض الفيتو في أي قرار ترفضه اسرائيل، أضف إلى ذلك بأن وعد الرئيس باراك أوباما كان مرتبطاً بالاستحقاق الثاني، وهو نجاح المفاوضات خلال عام، ولكن تلك المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية توقفت بعد تعنت اسرائيل ورفضها تجميد الاستيطان، فكافأت الولايات المتحدة الامريكية اسرائيل باستخدامها الفيتو ضد قرار الادانة في مجلس الأمن.
أما الاستحقاق الثالث فهو متوقف أيضاً على المصالحة الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، وليس كما يرى الدكتور سلام فياض بأن بناء المؤسسات في الضفة الغربية دون غزة يؤسس لبناء دولة فلسطينية.
إن المتتبع للشأن الفلسطيني وفي ضوء المتغيرات السياسية في المنطقة، والتحولات الدراماتيكية التي يشهدها الشرق الاوسط في هذه الأيام، يخرج برؤية استشرافية مفادها أن السلطة الوطنية الفلسطينية أصبحت في مهب الريح، ولن يكون لها منقذاً سوى الذهاب نحو المصالحة الفلسطينية، والاختباء في عباءة المقاومة والممانعة، وهذا لربما شيئ جيد، ورسالة هامة لحركة حماس لأن تعمل هي الأخرى على تهيئة المناخ لتحقيق المصالحة، فلن تأتي فرصة سانحة أفضل من تلك التي نعيشها، فحماس اليوم تشعر بنشوة النصر والقوة، ولذلك يجب أن تقوم هي بالمبادرة والاعلان عن انطلاق قطار الحوار الوطني الفلسطيني، الذي يؤسس لبناء مؤسسات ونظام سياسي فلسطيني عصري، يشارك فيه الجميع، وينسجم مع المتغيرات الدولية والاقليمية، ويحمي انجازات السلطة الفلسطينية، ويعمل على ترميم الاخفاقات واصلاحها، وهذا أصبح مطلب الكل الوطني الفلسطيني.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)