مواضيع اليوم

مستقبل الإسلام

أيمن عرفان

2012-06-10 17:52:44

0

مستقبل الإسلام
روى الطبري والقرطبي وابن كثير أن رسول صلى الله عليه وسلم مكث بمكة عشر سنين بعدما أوحي إليه خائفا هو وأصحابه، يدعون إلى الله سرا وجهرا، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة، وكانوا فيها خائفين يصبحون ويمسون في السلاح. فقال رجل: يا رسول الله، أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فقال عليه السلام: (لا تلبثون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس عليه حديدة). الاحتباء ...جلسة المستريح الهانئ، والحديدة كناية عن السلاح. ثم أنزل الله عز وجل آية فيها وعد يبشرهم به ويطمئنهم ، والوعد بشارة بخير لم يأت زمنه بعد، وضده الوعيد وهو الإنذار بشر لم يأت زمنه بعد، البشر حينما يعدون قد يخلفون لأسباب منها أن الإنسان متقلب بطبعه، فقد يعد الإنسان بشيء ثم يقلب قلبه فيمتنع عن الوفاء بوعده، والإنسان بطبعه عاجز ، فقد يعد بشيء ثم يأتي وقت الوفاء بالوعد فيعجز ولا يستطيع، ولكن الله عز وجل قادر، والله عز وجل يغير ولا يتغير، ولذلك فإن الله عز وجل إذا وعد أوفى، يقول الله عز وجل :{وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ} (التوبة 111).

       ترى ما هي هذه الآية التي طمأن بها الله عز وجل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وطمأن بها كل من يسير على منهج رسول الله في كل زمان ومكان؟ قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور 55). في هذه الآية نجد أن الله عز وجل عز وجل ذكر لنا سببين، فمن تحقق بالسببين يمن الله عز وجل عليه بثلاثة نتائج، السببان هما الإيمان والعمل الصالح، يجب أن يتحلى الإنسان بعقيدو سليمة راسخة في قلبه، هذه العقيدة تنتج سلوكاً، فالسلوك هو أثر العقيدة، آمنت بالله رباً وإلهاً فعليك أن تلتزم بأوامره، هذه الآية وردت في سورة النور، وسورة النور تبين للماس النور الحسي في الكون وتقيس عليه النور المعنوي في القيام، الناس بالليل يضيئون المصابيح حتى يستنيروا بها في ظلمة الليل، فإذا أشرقت الشمس أطفأوا المصابيح، لأن نور الشمس يطغى على كل الأنوار فلا يظهر معه شيء، وكذلك منهج الله، قبل نزول القرآن وقبل بعثة النبي صلى الله عليه ويسلم كان الناس يعيشون حياتهم وفق معايير هم يحددونها، يضعون قوانين تحكمهم قوانين للبيع قوانين للشراء قوانين للمعاملات قوانين للأحوال الشخصية وهكذا، فأنزل الله عز وجل القرآن وقال عنه:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل 89). فبنزول القرآن سطعت شمس الأنوار المعنوية التي يجب معها أن نطفئ معها مصابيح قوانيننا ونسلم بعدها لقوانين الله عز وجل، فليس لأحد مع منهج الله رأي. فإذا عاش الإنسان حياته هكذا، قلبه عامر بالإيمان بالله، وجوارحه تحيا على منهج الله استحق أن يكون خليفة الله في الأرض فتكون النتيجة الأولى لذلك: { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}، فالتمسك بالمنهج امتحان، فمن نجح في الامتحان كانت المكافأة الاستخلاف في الأرض ، وهذا شأن أهل الحق دائما، يدفع الثمن أولاً ثم يأخذ المكافأة على عكس أهل الباطل، يأخذ المكافأة أولا ثم يدفع الثمن.
      

      واستخلاف المؤمن في الأرض ليس بدعاً، انظر إلى تاريخ البشرية على مدار جميع الأنبياء تجد أن الابتلاء يكون أولا ثم يأتي النصر والتمكين والاستخلاف في الأرض، بل انظر إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل هناك على سطح الأرض أفضل أو أتقى أو أكثر تمسكأ بمنهج الله من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ بالطبع لا، روى ابن حبان بإسناد صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكاً»، الذي يحسب يجد أن خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين، وعمر رضي الله عنه عشرا، وعثمان رضي الله عنه اثنتي عشرة، وعلي رضي الله عنه ستا. إذا هؤلاء صحابة رسول الله لما تمسكوا بمنهج الله تحقق فيهم وعد الله بالاستخلاف في الأرض.
ثم يأتي العطاء الثاني والمنة الثانية كنتيجة للالتزام بمنهج الله عز وجل: { وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}، معنى تمكين الدين هو سيطرة الدين على حركة الحياة، فلا يصدر في حركة الحياء أمراً إلا في ضوئه وعلى هديه، لا يكون دينا معطلاً كما نعطله نحن اليوم، فتمكين الدين يعني توظيفه وقيامه بدوره في حركة الحياة تنظيماً وصيانة، معنى ذلك أننا إذا أردنا أن يمكن هذا الدين في الأرض وأن تسود شريعة الله يجب علينا أولا أن نمنهج حياتنا نحن على منهج الله حتى يمكن الله عز وجل لنا الدين في الأرض.
ثم يأتي العطاء الثالث والنتيجة الثالثة للالتزام بمنهج الله عز وجل: { وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}، فإذا كان المجتمع تسود فيه مبادئ الإسلام وتعاليمه، وقد استخلف لهم الله في الأرض ومكن للإسلام حتى يحكم، فمن أين يأتي الخوف، عندها وعندها فقط يسود الأمن والأمان في أنحاء المجتمع. وعليهم في هذه الحالة أن يطلبوا أسباب استمرار التمكين والخلافة، ولا يكون ذلك إلا بالمداومة على التزام المنهج، ولذلك يقول ربنا تبارك وتعالى: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}، أما إذا تخلوا عن المنهج بعد الاستخلاف والتمكين فإن الله ينزع منهم الاستخلاف والتمكين مرة أخرى :{وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.


     معنا حديث يحدد لنا قاعدة أخرى وهي أن هذا الاستخلاف في الأرض للمؤمنين وهذا التمكين لدين الله سيحدث لا محالة في فترة من فترات المستقبل، الحديث يرويه لنا الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن حُذَيْفَة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ). عاضاً أي وراثيا، وجبرية أي ملكاً قهرياً يملأ الدنيا ظلماً وجوراً، المتتبع لكتب التاريخ يجد أن جميع المراحل التي وردت في الحديث قد تحققت، النبوة ثم الخلافة الراشدة، ثم الحكم الوراثي، ثم الحكم القهري، ولم يتبق سوى أن تتحقق آخر مرحلة من المراحل التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أن تعود الخلافة الراشدة مرة أخرى، والأحاديث النبوية التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم علامات الساعة ومنها المهدي المنتظر تبين أن المهدي سيسبقه تجهيز وإعداد وتأهيل، فالمهدي سيأتي ليقود حروباً، وسيستمر ملكه سبع سنوات فقط، إذا هو سيكون واحد من مجموعة خلفاء راشدين مهدوا له فجاء هو ليقود الحروب على مدار هذه السنوات السبع.
إذاً الآية والحديث يكمل كل منهما الآخر، الحديث يبين أن المستقبل للإسلام لا محالة، والآية تبين أن ذلك لن يحدث إلا إذا أقمنا شرع الله في أنفسنا أولاً وأصلحنا من أحوالنا والتزمنا منهج الله عز وجل كمنهج حياة.

   
      بعض الناس يستصعب الأمر، فكلما ينظر الإنسان إلى الحالة المتردية التي أصبح عليها المسلمون حتى صاروا في ذيل قائمة دول العالم يقول لنفسه هل يمكن أن يأتي اليوم وهذه الأمة التي في الذيل تصل إلى المقدمة وتقود العالم، هل يمكن في يوم من الأيام أن تكون الأمة الإسلامية هي الدولة العظمى على مستوى العالم، والله إن ما بين أيدينا من مبشرات يؤكد أن ذلك ممكناً وسيحدث، وحتى نبعث الأمل في القلوب تعالى لنتأمل في كيفية حدوث ذلك مع المسلمين الأوائل حينما التزما بمنهج الله عز وجل، الأوضاع في مكة في بداية دعوة الإسلام كانت أسوأ بكثير مما نحن عليه اليوم، المسلمون مضطهدون معذبون مستضعفون، روى البخاري في صحيحه عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ). تخيل وهم في شدة المعاناة والضعف والنبي يبشرهم بتمكين الإسلام ثقة بوعد الله عز وجل، أريدك أن تتخيل حالة النبي حينما ذهب ليدعو أهل الطائف فأغروا به سفهاءهم فرموه بالحجارة حتى سال الدم من قدمه الشريف، هل هناك ضعف أكثر من ذلك؟ ومع ذلك النبي يستمر في دعوته ثقة في وعد الله عز وجل. تخيل حالة النبي وهو يخرج من مكة هاربا بنفسه ودينه مهاجراً إلى المدينة، خرج من مكة مهدداً بالقتل، هل هناك ضعف أكثر من ذلك، ومع ذلك حينما أدركه سراقة في الطريق إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يعده بسواري كسرى عظيم بلاد فارس الدولة العظمى في ذلك الوقت، هارب من القتل فار بدينه منتهى الضعف، ويعده بسواري كسرى منتهى الثقة في وعد الله عز وجل. يقول الله عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} (البقرة 214). تخيل في غزوة الأحزاب والمسلمون محاصرون قبائل العرب تحاصر المدينة بجيوش جرارة، والمسلمون يعانون من شدة الإجهاد وحرارة الجو وقلة المؤن الغذائية، أنواع وأنواع من البلاء حتى عبر عنها ربنا تبارك وتعالى بقوله زلزلوا، وتأتي التساؤلات من شدة المعاناة :متى نصر الله؟ وتأتيهم الإجابة من الذي إذا وعد وفَّى وإذا أوعد عفا: ألا إن نصر الله قريب. فيصبر المسلمون ، ويزدادو تمسكاً بمنهج الله وثقة في وعد الله، وتبدأ مراحل العطاء، ويبدأ وفاء الله عز وجل بوعده، وينتصر المسلمون نصراً وراء نصر، حتى يأتي فتح مكة، وها هي ذي الأحوال تتبدل، وبدلاً من الضعف والاضطهاد والتعذيب يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً، تذل له رقاب الذين أخرجوه من قبل، فيدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة متواضعا مطأطئ الرأس عليه ذل العبودية لله عز وجل، فهو يعلم أن هذا الذي هو فيه ما هو إلا وفاء الله عز وجل بوعده، وأن النصر والعزة والتمكين من الله عز وجل، ينظر أبو سفيان إلى موكب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم فيقول للعباس عم النبي: "لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً". فيقول له العباس: "يا أبا سفيان، إنها النبوة". نعم فالمسألة ليس مسألة ملك وإنما هي مبشرات ووعد من الله عز وجل يتحقق. وتأتي المعارك مع اليهود، ويفتح الله عز وجل لنبيه حصون اليهود، وتدخل قبائل العرب في الإسلام حتى تكون جزيرة العرب كلها تحت سيطرة رسول الله.
ولكن وعد الله لم يكن بجزيرة العرب فقط، فربنا يقول: { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ}، وكلمة الأرض هنا لم تأت مضافة كأرض مصر أو أرض العرب وإنما جاءت مفردة فهي تعني كل الأرض، ولذلك يبدأ الإسلام في الانتشار خارج حدود جزيرة العرب، لم يكن ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه كان في زمن الخلفاء الراشدين الذين ساروا على نفس منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويظهر الإسلام على أكبر حضارتين في ذلك الوقت، حضارة الفرس وحضارة الروم، ويمكن لدين الله في الأرض، ويتحقق وعد الله عز وجل، ويكون سواري كسرى من نصيب سراقة. لو أنك قست كلام النبي وهو مهاجر فيما يتعلق بسواري كسرى بمقاييس العقل لكان الأمر صعب التصديق، ولكنه وعد الله.


      روى الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا). من المعروف أن للإنسان مجال رؤية، يلتقي فيه إلى نهاية الأفق فلا يستطيع أن يرى بعد ذلك، ولكن الله عز وجل زوى الأرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي جمعها له في زاوية واحدة فصار النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليها كلها، وكل ما وقع عليه نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم سيبلغه الإسلام وتبلغه خلافة الإسلام، ولكن هناك أجزاء ومناطق من هذا الملك الذي بشر به رسول الله لم يدخل تحت حكم الإسلام حتى الآن، مثال ذلك، روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاص قال: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا. يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ). رومية هي روما كما في معجم البلدان، وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني سنة 857 من الهجرة الموافق 1453 من الميلاد أي بعد أكثر من ثمانمائة سنة من بشارة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تفتح روما إلى الآن، معنى ذلك أنه لابد سيأتي زمن تمكين للإسلام تفتح فيه روما.
وروى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ). وهذا أيضا لم يتحقق حتى الآن وهو يدل على أنه سيأتي زمن يمكن فيه للإسلام وتكون له الغلبة والخلافة في الأرض.
من كل ما سبق نجد أن الدلائل تشير أن المستقبل للإسلام لا محالة، شهدنا ذلك أو لم نشهده، ولكن هذه الخلافة للمسلمين وهذا التمكين للإسلام لن يكون إلا إذا عدنا جميعاً إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إلا إذا أصبحنا أهلا للخلافة بجعل الإسلام لنا منهج حياة لا مجرد طقوس تعبدية نؤديها، عنها نكون أهلاً للاستخلاف في الأرض.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !