مواضيع اليوم

مستشفى السلمانية بين الاحتلال والتطهير.. فصول من المأساة

فوزي مواطن

2011-03-31 05:41:33

0


قناة العالم تبث مباشرة من المستشفى

ما حدث في مستشفى السلمانية ما بين 14 فبراير وحتى 16 مارس، لا يمكن تخيله، ولن يصدق كائن من كان أن هذا الحرم الطبي المقدس يمكن ان يستغل بهذا السوء في اهواء سياسية وطائفية، وتدنس امام عتباته كل القيم الطبية والانسانية، وربما تتعداها، لتمس العلاقة المباشرة ما بين الطبيب والمريض، والذين قالوا عنهم إنهم «ملائكة الرحمة».. فهل هذه الافعال كانت فعلا صادرة من «ملائكة الرحمة»؟
يخطئ من يعتقد أن ما حدث في مستشفي السلمانية، حركة احتجاجية «سلمية»، بل هو عمل أبعد ما يكون عن الاحتجاج.. سموه ما شئتم، ولكن ارجوا ان لا تطلقوا عليه صفة الاحتجاج وتقرنوه بـ»السلمية» فما حدث يعد جريمة وانتهاكا صارخا لكل المواثيق الانسانية والقوانين الدولية.
ولذا، فمن غير المقبول تصوير ما حدث على أنه حركة احتجاجية «سلمية»، بل يجب النظر إليه بطريقة جادة ومختلفة، فما حدث كان جزءا من المؤامرة على النظام والدولة قبل ان يكون تآمرا على اقدس مهنة في الوجود.

قبل البحث في سياق الحقيقة وما حدث في مستشفى السلمانية، نود ان نستذكر معا اهم القيم الاساسية في اداب مهنة الطب وهي، المعاملة الحسنة وعدم الإيذاء، فمهنة الطب من أشرف المهن ومن يشرف على علاج الآخرين سواء كان علاجا أو توجيهات نفسية او جسدية يجب أن يتحلى بالأخلاق السامية، وهذا ما قاله الخليفة الراشد علي بن ابي طالب «من تطبب فليتق اللّه ولينصح وليجتهد».

ماذا حدث في مستشفى السلمانية؟

سيناريو الاحداث المتسارعة دفعت بالكثير ليتكلم ويقول كل ما يشتهيه، وذلك حسب الاهواء والانتماءات السياسية بل والمذهبية ايضا، هذه جميعا جعلت من الحقيقة تتوارى خلف جدران الصمت الذي شكله الاطباء المعنيون، من الذين اثاروا في تلك اللحظة الصمت، اما خوفا من بطش «المحتلين» لمستشفى السلمانية، او انهم ارتأوا ان الاهم هو انقاذ ما يمكن انقاذه من سمعة الطب التي تمرغت في وحل الغدر والخيانة.
لكن جاء الوقت امام الجميع ليدلوا بشهادتهم، بل ولزوما عليهم ان يفعلوا ذلك، ليس فقط للدفع عن سمعة الطب، بل لوضع الحقائق امام الرأي العام ليعرف حقيقة ما حدث في مستشفى السلمانية منذ احتلاله في 14 فبراير، وحتى دخول قوات الامن البحرينية المستشفى فى 16 مارس وتحريره من قبضة العابثين والمخربين.
يقول طبيب شهد تلك التجاوزات التي حدثت في مستشفى السلمانية منذ بدئها فى 14 فبراير، لقد عصفت الاوقات العصيبة بمستشفى السلمانية وترسخت كل مظاهر الاحتلال لهذا الصرح الطبي المميز، وتعقد الأمر وبلغ ذروته في تلك المرحلة الزمنية القصيرة، حين تحول المستشفى لبؤرة في يد العابثين والمخربين تحاك فيه المؤامرات للإضرار بالبحرين، وللأسف هذه البؤرة تشكلت من أطباء عاملين في مستشفى السلمانية، اهملوا واجباتهم نحو مرضاهم، وتفرغوا لتنظيم الاعتصامات، ونشر فكرهم الملوث، وتحريض زملائهم على التظاهر والإضراب عن العمل، منفذين في ذلك أجنداتهم الخارجية والتي باتت اليوم لا تخفى عن احد.
لم تكن تلك البؤرة قاصرة على الاطباء فقط، بل شارك فيها ممرضون، ومسعفون، وعناصر من قسم التغذية والمطبخ، وصيادلة، وعناصر من قسم الأشعة وحتى حراس المستشفى المدنيين، تكاتفت كل هذه العناصر لتكوين كيان اجرامي سعى لخطف مستشفى السلمانية وحرفها عن دورها الانساني، وقد نجحوا في تشكيل كيان اجرامي متكامل يصعب اختراقه، وبمساعدة ودعم بشري جاء من الدوار، فوجئنا به بأنه فصيل منظم ومدرب، ويبدوا انه تم اعداده بشكل مسبق، ليحتل هؤلاء وبمساعدة الاطباء والعاملين اكبر مستشفى طبي في البحرين، وقاموا وبمجرد ما وصلوا بنصب خيامهم وتجهيز مسرح متكامل على احدث المواصفات، استخدم للخطب والتحريض على نظام الحكم، وليتهم اكتفوا بذلك، فقد استولوا في نفس اليوم على بنك الدم، وكلنا بالتأكيد نعرف السبب الرئيسي لاحتلالهم لهذا المكان بالتحديد، كما قاموا بالاستيلاء على مخازن الادوية والمستلزمات الطبية والغذائية، لتكون بذلك المستشفى المقر الأول وليس الدوار، لحبك مؤمرتهم التي حاكوها من قلب هذا المكان المقدس ضد الوطن والمواطنين والمقيمين على هذه الارض، وتنفيذ اجندتهم الخارجية والعميلة لإيران.
واضاف، ما حدث لم يكن امرا عبثيا، بل هو مدروس ومعد له سابقا، والمعاصرون لهذا الحدث، من الاطباء والممرضات، شهدوا أن هذا الفصيل وضع خطة محكمة، تم ترتيبه والتدريب عليها بشكل متقن، والا كيف عرف هؤلاء القادمون من الخارج، الاماكن المهمة والحساسة في المستشفى؟
وكانت الدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة التنمية الاجتماعية القائم بأعمال وزير الصحة قد قالت في مؤتمر صحفي في جنيف ان الحكومة اكتشفت بعد استعادة السيطرة على الدوار ومستشفى السلمانية ان دولة أجنبية وحزب الله اللبناني حرضا المحتجين، وأضافت ان المتظاهرين احتلوا مستشفى السلمانية وكانوا يضربون المرضى وقاموا بمهاجمة عربات الاسعاف واستخدموها في نقل الاسلحة والمحتجين.

كاميرا «العالم» في المستشفى

والغريب في الامر ان كل ذلك كان يحدث امام مرأى ومسامع نواب كتلة «الوفاق»، والذين كانوا الوحيدين المسموح لهم بالدخول للمستشفى، ومعاينة الحالة والوقوف على حقيقة ما حدث، بالاضافة الى حسن مشيمع ومحمد حبيب المقداد، واللذين كانا يلقيان خطبا تحريضية امام المعتصمين والتي تدعو الى سقوط النظام.
ويكشف الطبيب سيناريو المسرحية فيقول، من شاهد حالة السلمانية في هذه الفترة، يستطيع ان يذهب بما شاهده إلى قاموس البدائية، اذ لا يمكن ان نتخيل ان الايادي الطاهرة والشريفة، يمكن ان تدنس بفعل اجرامي بكل هذا السوء ويضيف، استطيع ان اؤكد لك ان هناك اعدادا مسبقا وتشكيلا منظما لحبك مسرحية الاصابات بهدف الكذب والتشهير بالحكومة واحراجها امام الرأي العام العالمي، وقد بدأت فصول التمثيلية عبر خروج المعتصمين للتظاهر، بدعوى الاصلاح، واثناء ذلك يقوم المتظاهرون برشق رجال الامن بالحجارة لاستفزازهم وجرهم نحو التصادم مع المعتصمين، وبالتالي يتم نقل المصابين، ان كان هناك اصلا مصابون، الى مستشفي السلمانية، وفي داخل مسرح العمليات يتم تهويل الاصابات وتصوير الصراخ والعويل المفبرك من قبل الممرضات و»الكومبارس» من مرتادي المستشفى، في مشهد دراماتيكي، ويتم فيها تصوير كل مصاب وهو محاط بعشرات المتظاهرين، وتتعالى صيحات التكبير، والهتافات في ساحات المستشفى، مما يرسم تخيلا امام البعيد عن المشهد بأن هناك حدثا جللا قد حصل، طبعا التصوير يتم ارساله الى قناة العالم والمنار، والمفاجأة التى قد يفاجأ به الكثيرون ان كاميرا قناة العالم الايرانية كانت اصلا منصوبة في المدخل الامامي لغرفة الإنعاش في الطوارئ، حيث تقوم بالبث الحي والمباشر لقناة العالم!!
وكانت صحيفة «الأيام» قد نقلت في 18 مارس عن أعضاء في مجلس الشـورى أنه «تم ضبط القائم بأعمال السفارة الإيرانية بالمنامة» وهو يحاول تهريب جهاز استخباراتي قيمته 52 ألف دينار (حوالي 160 ألف دولار) كان قد سلّمه لعصابته التي يديرها في مستشفى السلمانية الطبي لاستخدامه في تسريب المعلومات، إضافة إلى محاولته لإخراج عدد من الأسلحة، وذلك أثناء تدخل قوات الأمن البحرينية لفض الاعتصام وإنهاء حالة الفوضى في مستشفى السلمانية، كما عثرت القوات الأمنية على جهاز استخباراتي مماثل في الدوار أثناء عملية الإخلاء.
سأحكي لك فصلا اخر من المسرحيات المفبركة كنت شاهدا على احداها، في مرة من المرات قام جموع من الممرضات و»الكومبارس» بالتجمع في مدخل غرفة الإنعاش، بشكل استعراضي تمثيلي شاذ ومقزز، وحين دخل المصاب «الممثل» على «الترولي» الخاص بنقل المرضى، قام الممرضات بالهتاف والصراخ والعويل حاملين شعارات تدعو لاسقاط النظام، في حين تسابق الاطباء للتصريح والتعليق امام كاميرا تلفزيون العالم، وتقديم وصف كاذب وملفق يخالف الواقع، والغريب ان تلك المسرحيات اتت ثمارها ونجحت في اقصاء وزير الصحة السابق فيصل الحمر من الوزارة.
ويكشف الطبيب المزيد من الجرائم فيقول، لقد تعدى الاطباء على مهنتهم الانسانية وشرفها حين قاموا بسرقة أجهزة المستشفى الطبية، وأدويتها ومستلزماتها الطبية، وقاموا بنقلها في عربات الإسعاف، الى الخيمة الطبية المتكاملة المنصوبة في الدوار، بل ان أحد الأطباء قام بإصدار اجازة مرضية اسبوعا كاملا لممرض يعمل في قسم الطوارئ من أجل التفرغ للدوار والمشاركة في الاعتصامات.
لكن اين كانت جمعية الاطباء وجمعية اطباء الاسنان والفم من كل ما يحدث؟
يقول الطبيب، هي جزء من المؤامرة بل هي الشريك الرئيسي لحركة «حق» في المؤامرة واسقاط النظام، فقد كنا نشاهد اجتماعات تتم بين بعض اعضاء مجلس ادارة جمعية الاطباء وحسن مشيمع ومحمد حبيب المقداد داخل قاعات المستشفى.

ولماذا الصمت؟

يقول الطبيب، لا يجرؤ احد على الاعتراض، فالخوف كان يتلبس الجميع، ليس على الوظيفة بل على ارواحنا، فحين بدأ بعض اعضاء مجلس ادارة جمعية الأطباء وأطباء الأسنان والفم بإصدار بيانات متضامنة باسم الجمعيتين، ابدوا خلالها تعاطفهم وتظامنهم مع المخربين الذين احتلوا مستشفى السلمانية، وتأييدهم في دعواهم لاسقاط النظام، قام على اثر ذلك اعضاء مجلس الادارة من الطائفة السنية في الجمعيتين بالاعتراض وأبدوا امتعاضهم ورفضهم لهذه التصرفات المنحرفة، وطالبوا الاعضاء بالرجوع لقانون الجمعيات والذي يمنع تعاطي الجمعيات المهنية في السياسة، وحثوهم على اخذ موافقتهم جميعا وكتابيا قبل اصدار مثل تلك البيانات مرة اخرى، كما طالبوهم بتقديم استقالاتهم، حينها ما كان من هؤلاء الاطباء المنحرفين سوى شن حملة تشهير ضد هؤلاء الاطباء «السنة»، وخطبوا في الحشود المحاصرة لمستشفى السلمانية، وحرضوهم على زملائهم الاطباء، متهمين اياهم بالخيانة والعمالة، ووجهوا لهم تهديدا مبطنا امام الحشود، مفاده انهم غير مسؤولين عن سلامة ارواحهم.

 

كتب – طارق العامر:




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات