تتسع يوما بعد آخر دائرة الرفض الشعبي للنظام الديني المتزمت في طهران، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة للنظام کي يمسك زمام الامور بقبضة حديدية، لکن قوة و حجم حرکة الرفض التي هي دوما في تصاعد مستمر، تجعل من غير السهل أبدا عبر هکذا اسلوب"أکل عليه الدهر و شرب"السيطرة على الشارع.
والمشکلة أن حرکة الرفض الشعبي داخل إيران، وان تستمد قوة غضبها من سوء التوجهات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية من قبل النظام، لکنها، باتت أيضا تستمد عونا و دعما معنويا إضافيا بالغ القوة من حرکات الرفض الشعبي للشعوب العربية في العديد من الدول، خصوصا وان هناك الکثير من القواسم المشترکة بين الشعب الايراني و هذه الشعوب، وقد سعى النظام ومن خلال تخمينه المسبق بالخطورة الکبيرة التي قد تشکلها الانتفاضة الشعبية العربية على الاوضاع في إيران، الى إنتهاج سياسة غريبة بمعايير مزدوجة ضد هذه الانتفاضات تجلت في اتجاهات ثلاث هي:
ـ التظاهر بدعم و اسناد هذه الانتفاضات(خصوصا أثناء ماحدث في تونس و مصر، حيث بوغت النظام على حين غرة)، والسعي الى احتوائها بمخلف الطرق و الوسائل، في حين أنه يتوجس منها ريبة و يتخوف من تداعياتها و إنعکاساتها على اوضاعه الداخلية.
ـ الايحاء للشعب الايراني بأن الانتفاضات الشعبية العربية التي حدثت و تحدث، هي في اساسها ذات محتوى ديني و انها إنعکاس للمبادئ و الافکار التي بشر بها الخميني و امتداد طبيعي و تأريخي لها وهو ماأکده النظام في تصريحات و اقوال صادرة عن کبار المسؤولين.
ـ العمل على خلق حرکة مضادة يکون هدفها الاساسي تشويه و تزييف جوهر و مضمون هذه الانتفاضات من خلال دعم اوساط و جهات تابعة لها داخل بلدان عربية محددة من أجل فرض إملائات سياسية او أمنية معينة على حکومات هذه البلدان.
لکن، النظام الايراني الذي يحاول عبر سياساته الخارجية إمتصاص النقمة الداخلية او على الاقل التخفيف منها، بدأ اليوم يعاني من تبعات و إنعکاسات سياساته الخاطئة عندما بدأ الاجماع الدولي يکاد أن يکون بحالة من القوة و الاصطفاف بحيث لم يسبق وان کان بهکذا حالة طوال العقود المنصرمة، غير ان هناك أيضا ثمة تحرك إقليمي في المنطقة بات بدوره يؤثر بصورة بالغة السلبية على الاوضاع الداخلية في إيران، إذ أن طرد السفير الايراني من الکويت على أثر ما أکدته الحکومة الکويتية من إکتشاف شبکة تجسس إيرانية و إصدار حکم بالاعدام على ثلاثة أعضاء فيها، وکذلك التصريحات القوية التي صدرت من مسؤولين بحرينيين بخصوص تدخلات إيرانية في الشؤون الداخلية للبحرين، کل ذلك کان له الکثير من التأثير على الاوضاع الداخلية في إيران و منحتها المزيد من مقومات و مرتکزات لاستمرارية، لکن النقطة التي أثارت رعب النظام و أقلقته کثيرا و أقضت من مضجعه تجلت في المحاولات الحثيثة التي يبذلها العديد من الساسة و النواب الامريکان من أجل حث الحکومة الامريکية على إخراج منظمة مجاهدي خلق العدو و الخصم العنيد للنظام الديني في طهران من لائحة المنظمات الارهابية، خصوصا بعد أن نجحت المنظمة و بصورة ملفتة للنظر على الصعيد الاوربي بهذا الخصوص و بدأت بکسر سلاسل الحظر المفروض عليها لدوافع و مرام سياسية. وقطعا لم تکتف طهران بالرفض النظري وانما إبتغت تفعيل رفضها على أرض الواقع خصوصا فيما يتعلق بالمساعي المبذولة من أجل إخراج المنظمة من قائمة المنظمات الارهابية وقد بدأت طهران و من خلال لوبي خاص لها جندته من أجل هذا المسعى بالعمل الجاد و الحثيث من أجل الحيلولة دون إخراج المنظمة من تلك القائمة وبدأت من خلال أقلام مأجورة و مشبوهة بالزعم من أن إخراج المنظمة من تلك القائمة سوف يعود بالضرر على"الحرکة الخضراء"، و يقود أيضا الى المزيد من التشدد من جانب النظام الديني، ان مثل هذه المزاعم الواهية و الخاوية من کل بعد سياسي يتمتع بالمصداقية، تهدف فيما تهدف الى الطعن بمصداقية منظمة مجاهدي خلق کطرف رئيسي و مهم في المعارضة الايرانية ولاسيما من حيث دورها الحيوي في الشارع الايراني والذي إعترف به النظام ذاته لأکثر من مرة عقب الاحداث الاخيرة، من هنا، من الضروري جدا فضح هذه الاقلام المنتمية اساسا الى لوبي صنعه النظام من أجل هدف يصب في غير صالح مستقبل الشعب الايراني. لقد کانت منظمة مجاهدي خلق و لازالت من أشد الاطراف السياسية في إيران من حيث إيمانها و إلتزامها بالقيم الديمقراطية و بمبادئ حقوق الانسان و حقوق المرأة و إبقاء الدين بعيدا عن السياسة، وان خلافها مع هذا النظام ومنذ الايام الاولى للثورة قد کان بسبب من تمسك المنظمة القطعي بهذه المبادئ، وان عودة نفس النظام و من خلال أقلام مأجورة له لکي ينفخ في قرب مثقوبة لهو سعي غير حميد وانه من الواجب أن تنتبه مختلف الاوساط السياسية و الفکرية و الاعلامية من هذه المحاولات و تتجاهلها ولاتأخذ بها.
التعليقات (0)