شملت المساعدات، التي سبق وأن وعدت بها المملكة السعودية الدول العربية التي هبّت عليها رياح الربيع العربي، المغرب. وهي المساعدات التي تعهدت بتقديمها منذ مطلع عام 2011، قبل أن تعلن ،في خضم أحداث الربيع العربي، "مجموعة الثمانية" ( G8 ) في شهر مايو 2011 عن خطة مساعدة بمبلغ 40 مليار دولار لدول المنطقة، من بينها نحو "عشرة مليارات" ( 25 في المائة) تتكفل بها دول الخليج.
نصيب المغرب من أريحية المملكة السعودية
حسب آخر تقرير للصندوق النقد الدولي في الموضوع، مازال كل من المغرب وتونس تنتظران نصيبهما من مساعدات المملكة السعودية التي وعدت بها منذ هبوب رياح الربيع العربي على العالم العربي.
وقد بلغ نصيب بلادنا ما قيمته مليار و250 مليون دولار ( أي ما يعادل أكثر من 10 مليار درهم).
ومن المعلوم أن المملكة السعودية تعهد بتقديم العون والمساعدة لحكومة بن كيران من خلال مجموعة من الاستثمارات تهمّ المجال السياحي، بالإضافة إلى المساهمة في مجموعة من المشاريع التنموية .
لقد كشف صندوق النقد الدولي – استنادا على معطيات صادرة عن وزارة المالية السعودية – أن الرياض صرفت إلى حد الآن خُمُس ( 20 بالمائة) المبلغ الذي وعدت به المملكة السعودية جملة من الدول العربية منذ تصاعد أمواج الربيع العربي الاحتجاجية من أجل الإصلاح والتغيير وتحسين واقع الحال المزري على امتداد الخارطة العربية.
لقد وعدت السعودية منح مساعدات مالية وغيرها لمجموعة من الدول العربية حين أعلنت عن تخصيص ما يناهز 18 مليار دولار ( أكثر من 144 مليار درهم) لهذا الغرض، يتم صرفها على عدة سنوات لتصبح مانحا رئيسيا للمساعدات في وقت تسعى فيه تلك الدول العربية جاهدة لإصلاح الأضرار التي تعرضت لها اقتصادياتها بسبب الانتفاضات الشعبية.
وتشمل المساعدات السعودية قروض بشروط مخففة وهبات ومحروقات.
وقد أقدمت المملكة السعودية فعلا – فيما بين بداية سنة 2011 وشهر يونيو 2012- على منح ما يناهز 4 مليار دولار (أكثر من 32 مليار درهم)، أي ما يمثل تقريبا 20 بالمائة من المبلغ الإجمالي الموعود به.
الغرض من المساعدة
بمدها يد المساعدة لمجموعة من الدول العربية سعت المملكة السعودية أبعاد الانهيار المحتمل لأنظمتها السياسية بعد اجتياح رياح الربيع العربي على حين غرّة، والتي ألحقت خسائر بالغة بالاقتصاديات العربية. إلا أن الجهات المانحة تحفظت على دفع مبالغ كبيرة دفعة واحدة، وفشلت تقسيطها على دفعات خوفا من تبديدها من طرف الحكومات. وقال المحللون الاقتصاديون إن عدم التيقن السياسي والاقتصادي أبطأ تحويل المساعدات من السعودية ودول خليجية أخرى منذ بداية الانتفاضات. إذ يريد المانحون الحيلولة دون انهيارات اقتصادية في الدول العربية لكنهم يظلون قلقين من تقديم مبالغ كبيرة بسرعة لحكومات جديدة قد يتضح أنها غير صديقة أو قد تبدد المال.
في حين رأى البعض أن الغرض غير المعلن من هذه الأريحية تفعيل إستراتيجية خاصة في التعامل مع "الثورات العربية" تتمثل في إجهاضها إن أمكن أو على الأقل إعاقتها حتى تستجدي ومن ثم مساومتها ووضع الشروط والضمانات المطلوبة لإنجاحها، ومن جهة أخرى جعل تلك الثورات أكثر كلفة بغرض تثبيط الثورات وحتى تكون تلك الشعوب الثائرة عبرة لكل من يفكر في القيام بثورة دول الخليج.
وفي هذا السياق توصلت جمهورية مصر العربية بما قدره مليار ونصف مليار دولار من أصل 4 مليار مقررة لها، في حين فازت مملكة الأردن الهاشمية بمليار و400 مليون دولار من أضل مليارين و 700 مليون دولار. أما اليمن فقد حظيت بمبلغ 350 مليون دولار من أصل 3 مليار و600 مليون، كما زودتها الرياض بما قيمته مليارين و200 مليون دولار من النفط والمحروقات علاوة على قرض قدره مليار دولار منحته للبنك المركزي اليمني.
ومن جانبها، تأمل والمغرب في الحصول على 1.2 مليار، وتونس 750 مليونًا والبحرين وسلطنة عمان معًا على 5 مليارات.
عُشر الميزانية مُخصص للمساعدة
وللإشارة إن هذه المساعدات السعودية الموعود بها لتلك الدول العربية ( 17،9 مليار دولار) تمثل ما يناهز 10 في المائة من ميزانية الدولة السعودية لسنة 2012 والمقدرة بــ 184 مليار دولار. وأظهر استطلاع في يوليو أنه من المتوقع أن يبلغ فائض ميزانية السعودية نحو 13 في المائة من ناتجها الداخلي الخام.
وقد أشار الصندوق، في تقريره عن اقتصاد السعودية، التي تعد أول مصدر عالمي للنفط، إلى أنها استفادت من ارتفاع عائداتها النفطية لدعم اقتصاديات أخرى في المنطقة والاستجابة لمشاكلها اجتماعية. وقد تعهدت المملكة السعودية كذلك بمبلغ 15 مليار دولار لدعم موارد صندوق النقد الدولي.
وكان صندوق النقد الدولي قد أشار خلال قمة "مجموعة الثمانية" في مدينة "دوفيل" الفرنسية في مايو2011 إلى أن مبلغاً إجمالياً بنحو 35 بليون دولار قد يوضع في تصرف" بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط المستوردة للنفط والتي تشهد إصلاحات سياسية واقتصادية. إلا أن اياً من هذه البلدان لم يحصل على أموال من هذا الصندوق.
خسائر الاقتصاديات العربية
حسب السفير محمد بن إبراهيم التويجرى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية، أن سنة 2011 شهدت اقتصادا عربيا سيئا للغاية بفعل مد الربيع العربي، وأثرت أحداثه في كل الدول العربية بشكل مباشر وغير مباشر، فحسب الأرقام وصلت في هذا العام خسارة الوطن العربي من التجارة والسياحة إلى نحو 56 مليار دولار، وإذا استمر نفس الحال طوال عام 2012 ستعيش جملة من الدول العربية كارثة محققة، لان الرقم سيتضاعف وقد يتجاوز سقف 120 مليار دولار.
إذا كان الربيع العربي قد أثر سلبا على أغلب الاقتضاديات العربية، إن لم تكن كلها، فإن الاضطرابات السياسية في العالم العربي كثفت، بشكل كبير لم يسبق له نظير، الضغط على حكومات المنطقة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص الشغل والوظائف. هذا في وقت تعمقت فيه الأزمة الاقتصادية مما جعل الكثير من الدول العربية- ومنها بلادنا- لا تقوى على الاستمرار دون مساعدات مالية خارجية. لكن من تأثيرات الربيع العربي الإيجابية، أنه فرض على القيّمين على الأمور زيادة في الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وبخصوص مد يد المساعدة للدول المتضررة اقتصادياتها يرى محمد بن إبراهيم التويجرى، إذا كانت هناك دول لديها فائض في الأموال تستطيع أن تساعد ثورات الدول العربية عليها أن تقدم على ذلك لأنه سيكون واجبا وطنيا عليها، أما من يستطيع أن يساعد هذه الدول فهذه مسألة سيادية للدول العربية. علما أن تلك المساعدات يجب أن تسير في اتجاهات ومناخ معين لا أن تذهب أدراج الرياح، فالمعونة يجب أن تكون مربوطة ومشروطة بمشروع يقام على أرض الواقع وليس مشروعًا وهميًا وأموالاً، والطريق الصحيح هو دعم مشاريع معينة على أرض الواقع زراعية أو صناعية ويكون الإشراف عليها من البنك الإسلامي أو أي بنك آخر حتى يثبت أنه يتم التطبيق السليم ويستفاد منها في توظيف الشباب عن طريق إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة.
التعليقات (0)