هناك إتهامات وإن كانت غير مؤكدة تربط ما بين موت بعضاً من العلماء وقليلٌٌ من المفكرين المصريين على يد مخابرات الدولة العبرية ، واللافت للإنتباه فى الشهور القليلة الماضية أنه قد تم الكشف عن رسالة واحدة متشابه وصلت لبعضا ًمن عمالقة الفكر المصرى ، الأول وهوالشيخ الشعراوى حيث أن الدكتور محمود جامع ذكر فى الندوة التي عقدتها مؤسسة الشيخ محمد المسلماني الخيرية "أن اسرائيل كانت قد طلبت عقب معاهدة السلام من الرئيس السادات رسميا منع اذاعة حلقات الشعراوي وخاصة التي يفسر فيها سوراً تتعرض لليهود وتم منعه بالفعل" .
والثانى وهو الدكتور مصطفى محمود حيث فجرت أسرته ثانى يوم وفاته "أن السبب وراء اعتلال صحته هو خطاب أرسله الدكتور أسامة الباز ، مدير مكتب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية، عام ١٩٩٤، عقب نشر الفيلسوف الراحل مقالاً فى الأهرام أثار استياء القيادات الإسرائيلية والمنظمات اليهودية «المعادية للتشهير»، وهو ما جعل الباز يرسل الخطاب إلى إبراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة «الأهرام» ـ آنذاك ـ طالباً منه لفت نظر مصطفى محمود إلى حساسية الكتابة فى هذه الموضوعات، وأن تأثيرها لا يقتصر على الإسرائيليين فقط بل على اليهود أيضاً ، وذكروا أن الخطاب كان له بالغ الأثر على صحته ، الذى دخل بعدها فى نوبة حزن شديدة أثرت على صحته بشكل واضح، خاصة أن الخطاب عبر عن توبيخ سياسى واضح من الدولة لم يقتصر فقط على كتابات الفيلسوف الراحل، بل امتد إلى الاعتراض على محتوى ومضمون برنامجه «العلم والإيمان»، وكشفوا أن إسرائيل لعبت دوراً رئيسياً فى توقف عرض البرنامج على القنوات الأرضية .
والمثال الثالث وأكثرهم مأساوية وهو يخص العملاق صاحب "عبقرية مصر" الدكتور جمال حمدان حيث قال شقيقه اللواء عبد العظيم حمدان للروائى يوسف القعيد " أن مسئولاً في الرئاسة المصرية اتصل به والتقاه قُبيل اغتيال جمال حمدان وطلب منه أن ينصح جمال بالهدوء والتريث والتعقل في كتاباته عن إسرائيل والتطبيع في هذه الفترة لأن الكل داخل علي أوسلو ومدريد ولابد من تصفية الأجواء لذلك. أكد لي عبد العظيم حمدان أنه ذهب إلي جمال وأبلغه الرغبة الرئاسية في الهدوء والتريث وعدم نشر كتابات عنيفة عن إسرائيل واستحالة السلام معها. وكان رده علي ذلك الطلب الذي اعتبره تهديداً نشر العديد من المقالات التي توضح وجهة نظره وتؤكدها أي أنه رفض الرسالة التي اعتبرها تهديداً وأقدم علي ما يؤكد رفضه لها" .
يتضح من ذلك أن العمالقة الثلاثة وصلت لهم صيغة رسالة تحذير واحدة من مسئولينا والتى أتت بدورها من الدولة العبرية ، فالأول والثانى من السهل إسكاتهما سواء بيد مقص الرقيب أو بمنع ـ كما حدث ـ برنامجهما وهما معروفان لرجل الشارع ولديهما أُسر وأبناء وناس تحيط بهما .
والعملاق الثالث الدكتور جمال حمدان والذى جاء رده على رسالتهم التهديدية قوياً وشرساً فكما قال الأستاذ هيكل عنه " خجولاً إن تكلم نمراً إن كتب " ، فكان أسهل الثلاثة لوصول اليد الغادرة إليه حيث أنه يعيش وحيداً ومتباعداً وغير معروف إلا للصفوة ، لا يفتح بابه لأحد إلا لمن كان يعرف الإشاره وهى الطرق على الباب بطريقه معينه ـ كمثلنا جميعاً نضع المفتاح تحت الدواسة ـ لا يفهمها إلا أصدقاؤه القليلون وكان من السهل أن يعرفها ذئاب البشر فكان سهلاً لهم قتل ذلك العالم القاصى .
وقد فجر رئيس المخابرات الأسبق أمين هويدى مفاجأة حول الكيفية التى مات بها جمال حمدان وأكد هويدى أن لديه ما يثبت أن الموساد هو الذى قتل حمدان .
لاشك أن مسئولى الدولة كانوا يعلمون بأن د. حمدان مهدد وكان من اللازم أن يتم حمايته قبل مطالبته بالتريث وحتى بعد قتله لم تحاول الدولة إجراء تحقيق جاد يوضح ملابسات الحادث وحتى شقيقه سيادة اللواء تأخر شهراً ليحاول فتح الموضوع ثم يقنعه المستشار بحتمية وجود دليل مادى قوى ليفتح التحقيق ، مع أن هناك أدلة كثيرة موجودة أولها رسالة التهديد مروراً بجيرانه الأجانب الذين إختفوا بعد أن أدوا مهمتهم وكذلك الضربة التى فى رأسه وأخيراً إختفاء كتبه الثلاثة التى كانت معدة للطبع .
لاشك أن قول اللواء الراحل أمين هويدى أنه يملك أدلة فبالتأكيد الرجل يعرف ما يقول وإن كان قد تأخر ـ منعاً للإحراج ـ فى قول ما يعرف فعلى مسئولينا كشف الحقائق لأن ذلك يعطينا ثقة رغم ما حدث ويضع أعداءنا فى مكانهم الصحيح ويمنع تماديهم فى إرتكاب حماقات أخرى .
فعلينا أن نأخذ قضية إغتيال محمود المبحوح مثال يحتذى ، فالذى ينظر لموته والذى ظهر طبيعياً فى البداية لولا إرادة الله فى كشف وفضح قتلته ، ثم ينظر لما حدث عندنا حيث أنه ومع وجود شواهد لقتل د. جمال حمدان إلا أننا لازلنا لا نريد إجراء تحقيق أو إظهار ما فى جعبتنا إن كان فيها شىء ، ونسأل سؤال أخير وهو ماذا لو مات المبحوح عندنا بنفس الطريقة التى حدثت فى دبى ؟!
التعليقات (0)