مواضيع اليوم

مسؤولية من ؟؟ ( قصة )

نزار يوسف

2009-07-26 19:23:24

0

عندما رأته لأول مرة ، خفق قلبها . كانت ترى شبان كثر في الطريق ... في الجامعة ... في الحي الذي تعيش فيه ... في المناسبات و الأفراح ، و تعجب بصمت بأحدهم ، و تحس بأن قلبها يخفق ، و من ثم ينتابها شعور خفي عابر بأنه فارس أحلامها . تتخيل بومضة سريعة كومضة فلاش الكاميرا ، زفافها و بيت الزوجية ، و حياتها مع ذلك الشاب ..... أما هذه المرة فقد كان قلبها يخفق بشدة و بضربات متسارعة منتظمة . لقد تحولت ومضات الفلاش و الكاميرا هنا ، إلى فيلم قصير أشبه بدعايات الإعلان في الفضائيات . زفافها معه تهنئة المدعوين ... الذهاب إلى بيت الزوجية ... بداية حياة سعيدة ، لينتهي الفيلم و تنتهي معه تخيلاتها .

نفضت رأسها بحركة خفيفة غير ظاهرة ثم طرقت الباب برقة و دخلت إلى المكتب حيث كان يجلس خلف طاولة أنيقة . إنه سكرتير شؤون الطلاب الجديد في الكلية . ابتسم لها بلطف مرحباً " أهلاً و سهلاً آنسة ، هل من خدمة ؟ " . تلعثمت قليلاً في الكلام " في الحقيقة ... يا سيدي لقد ... جئت بخصوص حلقة البحث التي ستقدم إلى السيد عميد كلية التربية .... لقد أنهيتها البارحة و هاهي معي الآن إنها جاهزة للتقديم " . قالت ذلك ثم مدت يدها إلى محفظة جلدية كانت معها و أخرجت منها مغلف بني اللون " تفضل يا سيدي ، هذه هي الحلقة " . مد هو الآخر يده إلى المغلف و هو ينظر إليها بشيء من الإعجاب و قال " حسناً ، لا بأس سنقدمه اليوم إلى السيد عميد الكلية .... و لكن ... هل بإمكاني الإطلاع عليه ؟ فأنا من هواة المطالعة و النقد أيضاً ؟ " . أجابت على الفور و بشيء من السعادة " نعم نعم ... بالطبع .. و الآن أستأذن بالانصراف .


في الطريق إلى المنزل ، كانت تتجاذبها أفكار عديدة " هل سيقرأ البحث ؟؟ ... ماذا سيكون رأيه فيه ؟ ... لقد فاجأني بطلبه هذا لو كنت أعرف ذلك لعدلت قليلاً في الموضوع ... ماذا سيقول عني بعد أن يقرأ البحث ؟؟ ما كان يجب علي أن أوافق على قراءته له .. و لكن لا بأس .. ما المانع ؟
في اليوم التالي و بعد انتهاء المحاضرة ، ذهبت مع صديقاتها إلى بوفيه الجامعة لاحتساء القهوة و مناقشة موضوع المحاضرة . لم يمض وقت قصير ، حتى اقترب الفرّاش من الطاولة و همس بإذنها بضعة كلمات ثم انصرف بأدب . ارتبكت قليلاً و لم تستطع إخفاء ابتسامة الفرح و السعادة التي بانت واضحة على محياها . اعتذرت من صديقاتها و انصرفت .


عندما اقتربت من السلم المؤدي إلى غرفة سكرتير شؤون الطلاب تسارعت دقات قلبها الذي أخذ ينبض بعنف . و بنفس الوقت و بالا شعور ، تسارعت خطواتها أيضاً . عندما وصلت إلى باب المكتب ، توقفت قليلاً . حاولت السيطرة على أعصابها و هدوء نفسها ، أخذت نفساً عميقاً ، ثم طرقت الباب و دخلت . هذه المرة هب الشاب واقفاً باحترام و صافحها بأدب شديد ثم جلس أمامها على الكرسي ، أمسك المغلف الذي يحتوي على المحاضرة ثم نظر إليها و قال " أهنئك يا آنسة ليلى على هذا البحث الرائع ، لقد قرأته مطولاً و هو بحث شيق .. و أهنئك أيضاً على صراحتك اللامحدودة و لم أكن أتوقع منك هذه الصراحة في البحث و الموضوعية في الكلام .. بالمناسبة هل الكلام الذي في البحث صحيح لجهة والدك ؟ " أطرقت قليلاً إلى الأرض تفكر ، ثم قالت بشيء من الحزن نعم يا أستاذ ..... " – " اسمي ماهر " – " نعم يا أستاذ ماهر لقد حصل هذا الأمر في بيتنا قبل حوالي العشر سنوات ، عندما اكتشفت أمي أن والدي كان يخونها مع امرأة أخرى .... يومها اعتذر والدي كثيراً و حاول استرضاء والدتي ، و لكنها طلبت الطلاق و أصرت عليه ، فتم الانفصال و بقيت أنا مع والدتي ، أما والدي فقد تزوج من تلك المرأة التي كان يخون والدتي معها و أصبحت علاقته معنا شبه مقطوعة . و من تلك اللحظة لم أعد أثق كثيراً بالرجال و أصبحت أعتبر المرأة مظلومة أمام الرجل ، و لهذا لم أجد حرجاً عندما طلب عميد الكلية تقديم بحث عن الأضرار التي تهدد الحياة الزوجية ، أن أتكلم عن حياتي العائلية و أستشهد بما حصل في بيتنا " . أمسك ماهر لبرهة ، ملف البحث بيده و أخذ يتأمله بنظرات تخللتها ملامح ألم ، ثم وضعه على الطاولة و قال لها لا ادري يا آنسة ليلى إن كنت ستصدقينني إذا أخبرتك أن هذا أيضاً ما حصل في بيتنا و لكن عندنا حصل العكس ، حيث .... ( اكتشف والدي .... للأسف أن والدتي تحشرج صوته قليلاً ثم تابع الكلام بهدوء ) كنت أنا صغيراً و لكنني أنا على العكس أيضاً منك ، كنت أخجل من التكلم أو مناقشة هذا الأمر مع أي كان ، و كنت أحاول التستر عليه دائماً . و لكن عندما قرأت البارحة بحثك فوجئت بصراحتك و موضوعيتك و تقبلك للأمر و لهذا قررت أن أتحدث معك قليلاً عن هذا الموضوع و أصارحك عن نفسي .. بدأ يتكلم عن نفسه و حياته بإسهاب ، كان يريد أن يفرغ شيئاً ما بداخله ، بينما كانت هي مشدودة ، تستمع إليه و قد بدأت تشعر نحوه بعاطفة قوية .. فجأة و باللاشعور سألته مقاطعة " أستاذ ماهر ..... هل أنت متزوج ؟؟ " . صمت قليلاً و قد بهت من سوآلها ، ثم قال " كلا يا آنسة ليلى ، لم أتزوج حتى الآن بالرغم من أنني قد تجاوزت الثالثة و الثلاثين " شعرت بأنها قريبة منه و أن جرأتها قد ازدادت قليلاً ، فسألته مجدداً " و لكن لماذا ؟؟ " . رفع يديه بالهواء و قال " لا أدري ... و لكن ربما ما حصل مع والدي قد يكون هو السبب ( و فجأة نظر إليها و قد لمعت عيناه ثم قال ) هل أنت .... متزوجة ؟ " . ابتسمت بخجل و قالت " كلا لست متزوجة " سألها مبتسماً " و لماذا " . أجابت بابتسامة " أولا لم أنه الماجستير ... ثانياً أنا مثلك أيضاً ، ربما أكون قد تأثرت بما حصل مع والدتي " . استمر النقاش والكلام بينه و بينها ، و في النهاية نظر إليها و قال " آنسة ليلى .. لقد أعجبت بكلامك و بشخصيتك ، كثيراً .... و بصراحة ... أتمنى أن نصبح أصدقاء " . أطرقت برأسها إلى الأرض و لم تنبس بكلمة ، بينما كانت نبضات قلبها تنبض بعنف حتى أنها سمعت الصوت بوضوح .


بدأت علاقة ماهر و ليلى تتوطد شيئاً فشيئاً ، في البداية كانا يلتقيان خارج الجامعة ثم بعد فترة أصبحا يلتقيان في بوفيه الجامعة و بشكل عادي . لقد أحبته حتى الجنون و بادلها هو الشعور نفسه ، كان كل منهما يعتبر الآخر ، الشخص الذي يريده و يتمناه . و عندما أنهت دراسة الماجستير ، طلبها للزواج ، فوافقت فوراً . كان الرجل ميسور الحال و ابن رجل غني ، اشترى لها بيتاً جميلاً في أجمل حي في المدينة ، أما هي فقد كانت من أسرة متوسطة عادية . كان لديها طموح كبير و اعتداد بالنفس و اعتزاز المرأة . و لهذا قررت أن تعمل كمدرسة في الجامعة في نفس الكلية التي كانت تدرس بها . كانا يذهبان إلى العمل و يعودان سوية . لقد قضت أجمل أيام حياتها معه ، كان يحبها بشغف و جنون و يلبي لها كل طلباتها و بخاصة عندما أصبحت حامل . أحياناً كان ينتابها إحساس بالشعور بالنقص من شيء ما ، شعور بأنها يجب أن تعوض عن كل ما فاتها في حياتها الماضية قبل الزواج ، عن كل ما كانت ترغب به و لم تستطع تحقيقه آنذاك ، و لذلك سرعان ما طلبت منه خادمة للمنزل ، في البداية تردد قليلاً و لم يتحمس للموضوع ، و لكنه وافق باعتبارها حامل .. تذكر أن الحاجب أبو نادر الذي يعمل في تنظيف المكتب لديه في الجامعة ، سأله مرة عن إمكانية إيجاد عمل لابنته ، فقرر أن يعرض عليه الموضوع ، و فعلاً في اليوم التالي عرض عليه الفكرة ، فوافق الرجل ، فطلب منه ماهر إحضار ابنته بعد الظهر إلى المنزل و أعطاه العنوان . عندما انصرف الحاجب ، رفع ماهر سماعة التلفون و اتصل مع زوجته في المكتب المجاور و زف لها الخبر السعيد . لم تسع الفرحة ليلى التي صاحت ببهجة " حقاً .... حقاً يا ماهر .... اليوم ستكون عندنا الخادمة ؟ ... يا الله كم أنا سعيدة .. و أخيراً سأرتاح من عمل المنزل و الطهي ، و أتفرغ للمولود القادم أغلقت سماعة الهاتف و أخذت تتأمل من خلال نافذة المكتب نحو البعيد .. البعيد .


في البيت و بعد تناول الغداء ، أعدت ليلى الشاي و جلست هي و زوجها يتحدثان عن المستقبل و عن المولود الجديد ، و لم يلبث بعد قليل أن طرق الباب . وضع ماهر كوب الشاي من يده و قام إلى الباب ، بينما نهضت ليلى و هي تنظر إلى الباب بفضول ، لترَ الخادمة الجديدة التي ستريحها من عناء العمل و تعطيها مكانة اجتماعية مرموقة بين صديقاتها . عندما فتح الزوج الباب ، أطل منه رجل كهل ، كان الحاجب نفسه الذي يعمل لدى زوجها ، تكلم معه ماهر ببشاشة و حبور و دعاه للدخول . دخل الرجل و دخلت وراءه فتاة شقراء رائعة الجمال ، بدا عليها البساطة و الطيبة ، دخلت وراء والدها و هي محمّرة الوجه و مطأطأة الرأس قليلاً . عندما وقع نظر ليلى عليها ، انتابها شعور خاطف و سريع بأنها منافسة لها ، شعور شبيه بومضات الفلاش التي كانت تمر في ذاكرتها سابقاً . أيضاً انتابها شعور آخر سريع .. رفض فكرة الخادمة كلياً .. لم تدرِ لماذا فجأة شعرت بالخوف ، و لكن الشعور بالمكانة الاجتماعية كان مسيطراً عليها . لذلك سرعان ما نفضت رأسها و طردت كل تلك الأفكار السريعة . نظرت إلى الفتاة و سألتها ما أسمك " . أجابت الفتاة بخجل زائد " اسمي ناهد " – " و هل تجيدين أعمال المنزل يا ناهد ؟ " . أجاب والد الفتاة بسرعة " نعم يا سيدتي ، إنها ماهرة في أعمال المنزل كلها ، إنها تجيد الطهي و الغسيل و الجلي و التنظيف ... إنها ربة منزل ممتازة ، كما إنها متعلمة و مثقفة " طنت هذه الكلمة ( متعلمة و مثقفة ) في أذن ليلى كصوت جرس . هزت رأسها و قالت حسناً يا ناهد تعالي معي لأريك المنزل و مكان نومك " . مشت ناهد وراء سيدتها الجديدة ، بينما كان ماهر يتابعها بنظرات إعجاب خفية .


بدأت ناهد حياتها الجديدة في منزل مخدوميها ، كانت تقوم بكل واجباتها المنزلية بدون كلل أو تقصير . أثبتت براعة في الطبخ و إعداد الطعام و الشراب ، كانت سيدتها توكل إليها معظم أعمال المنزل ، أما سيدها ماهر ، فقد كان أحيانا يطلب منها إعداد كأس من الشاي له .


في إحدى المرات عندما كان جالساً في الصالون يقرأ في رواية ، طلب منها إعداد كأس من الشاي ، كانت زوجته ترتاح في غرفة النوم و قد بقي شهرين على ولادتها . عندما عادت ناهد بالشاي ، وضع ماهر الرواية على الطاولة و تناول كأس الشاي منها ، حانت منها التفاتة على عنوان الرواية ، فنظرت إلى سيدها و قالت له " هذه الرواية جميلة لقد قرأتها منذ فترة " . رشف ماهر من كاس الشاي بسرعة ثم وضعه على الطاولة و نظر إلى ناهد بدهشة و سألها "هل قرأت هذه الرواية حقاً ؟ .... إنها رواية ضخمة و تحتاج إلى سوية ثقافية عالية بعض الشيء ... أقصد هل استوعبتها ؟؟!! " – " نعم يا سيدي لقد قرأتها و استوعبتها " . نظر ماهر إلى ناهد بإعجاب شديد " و قال " هل تقرأين الكتب يا ناهد ؟؟!! " . أجابت ناهد بخجل " نعم يا سيدي ، أقرأ الكتب ، و بشغف شديد " عاود ماهر السوآل و هو يحدق بناهد بإعجاب " أذكري لي أسماء بعض من الكتب التي قرأتها وضعت الخادمة الشابة صينية الشاي على الطاولة و أرجعت شعرها المتموج إلى الوراء بحركة سريعة من رأسها ، و أخذت تسرد لسيدها أسماء الكتب و الروايات و المجلات التي قرأتها . كان ماهر ينظر إليها بصمت و إعجاب ، و عندما انتهت قال لها " أنت فتاة رائعة يا ناهد ، و مكانك يجب أن لا يكون هنا ، فليس من اللائق أن تعمل فتاة مثلك في البيوت " . أجابت ناهد " بخجل و استحياء " إنها الحاجة يا سيدي " . هز ماهر رأسه بالإيجاب علامة التفهم و قال " على كل حال يا ناهد ، ستكون معاملتنا لك منذ اليوم معاملة خاصة ، و سأوصي سيدتك بذلك أيضا .

في مساء اليوم التالي ، جلس ماهر و ليلى على الشرفة يتحدثان . فقال ماهر " أتدرين يا ليلى ، لم أكن أتوقع أن تكون ناهد مثقفة لهذه الدرجة ، أعتقد انه ليس من اللائق أن تعمل فتاة مثلها كخادمة في البيوت " . أجابت ليلى بانزعاج واضح " و ما الذي يجبرها على العمل ، طالما أنها مثقفة لهذه الدرجة ؟؟!! " – " إنها الحاجة يا ليلى " – " أية حاجة هذه ؟؟ ثم لماذا أنت مهتم لهذه الدرجة بها ؟؟!! إذا كان ذلك يؤرقك ، فلا بأس ، بإمكانها من الغد ، العودة إلى بيت أهلها ، أستطيع تدبر أمري لوحدي " . فرد ماهر بسرعة " لا..لا ..... أقصد أن موعد ولادتك قد اقترب ، و لم يبق غير شهر و نصف تقريباً للولادة ، و يجب أن يكون هناك من يرعاك و يهتم بك " . حدقت ليلى لبرهة بزوجها و قالت " بالمناسبة ، يا ماهر أراك تهتم بها كثيراً و تحادثها ، و تلاطفها و تفتح معها أحاديث و مناقشات .. هذا لا يجوز يا ماهر .... إن وجودها هنا في المنزل لغاية محددة ، و لها حدود لا يجب لها أن تتخطاها " – " و لكنها بشر مثلنا أيضاً يا ليلى ، و ما العيب ، إذا فتحت معها حديثاً عادياً .... لا يجب أن لا يأخذك تفكيرك بعيداً يا عزيزتي .


مرت الأيام ، و كانت ليلى تلاحظ اهتمام ماهر بالخادمة الجديدة ، كان أحياناً يطيل الحديث معها و يعاملها معاملة غير عادية ، و لكن ما بدأت تلاحظه ، هو أن ماهر أصبح يغادر عمله في الجامعة باكراً . أخذت الشكوك تراودها ، و ومضات الفلاش السابقة تنتابها " هل ممكن يا ترى أن يكون ماهر ....... ؟ لا .. لا ... مستحيل .. يجب أن لا أحمّل الأمر فوق حجمه .. ربما يكون لديه ظرف معين خاص بالعمل " . بعد يومين ، تكرر الأمر أيضاً ، و كذلك في اليوم الذي تلاه . طلبت ليلى من الفراّش فنجان قهوة ، و جلست على طاولتها تفكر .. كان قد بقي على ولادتها أقل من نصف شهر ، هكذا أخبرها الطبيب . و مع ذلك طلبت من صديقتها سيجارة ، لأول مرة .. أشعلتها و عاودت التفكير من جديد ، و هي ترشف من فنجان القهوة ببطء و .. شرود . كانت ومضات الفلاش و مقاطع الفيديو تنهال عليها سريعة كأنها ضربات تكال لها في حلبة ملاكمة . فجأة أطفأت السيجارة ، ثم وضعت حقيبتها الجلدية على كتفها و غادرت .


ترجلت من سيارة التاكسي ، و قلبها ينبض بعنف . صعدت سلالم المبنى و قد تسارعت ضربات قلبها أكثر ، مرت بها سحابة تفكير سريعة تذكرت فيها ضربات قلبها يوم ذهبت إليه لأول مرة في المكتب لتقدم له البحث .


وصلت إلى باب الشقة ، وقفت قليلاً ، ترددت لوهلة في الدخول ، ثم مدت يدها إلى حقيبتها الجلدية و أخرجت مفتاح المنزل ... وضعت أذنها على الباب و أنصتت ، و لكنها لم تسمع شيئاً ، فوضعت المفتاح في الباب و أدارته و هي تفتح الباب و تغلقه وراءها بهدوء . أجالت نظرها في أرجاء المنزل و المطبخ و لكنها لم تر شيئاً ، تقدمت نحو غرفة ناهد و فجأة توقفت في مكانها خيل إليها و كأنها تسمع همهمات من الداخل ، تقدمت ببطء نحو الباب ، و بيد مرتعشة وضعت يدها على المقبض و فتحت الباب و نظرت إلى الداخل .... صدمها الموقف ، فلم تنبس ببنت شفة و لكنها أسرعت إلى غرفتها .... أغلقت الباب و ألقت بنفسها على السرير ، و أجهشت بالبكاء ثم ما لبثت أن غابت عن الوجود في إغماءة طويلة ...... أسرع خلفها و هو مرتبك مضطرب تردد قليلاً قبل أن يفتح باب الغرفة ، و عندما فتحه و رأى المنظر المخيف ، أسرع بطلب الإسعاف على الفور .


في السرير بالمشفى .... و بعد أن تجاوزت مرحلة الانهيار العصبي .. كانت تهذي بدون وعي " أنا أيضاً لم أرغب بالزواج لأن الأمر تكرر مع والدي ....... أنا لا أرغب بالزواج لأن الأمر حصل مع والدتي ...... أنا لا أرغب بالزواج لأن نظرتي نحو الرجال هكذا ..... أنا لا أرغب بالزواج لأن نظرتي نحو النساء هكذا " . رمى بنفسه هو الآخر على السرير المقابل لها و أخذ يهذي مثلها " لماذا فعلتِ ذلك يا ليلى .... لماذا طلبت مني إحضار خادمة للمنزل .... لماذا ؟؟ ... لماذا ؟؟ ..... إني .... لا أعرف .. كيف حصل هذا ، لا أعرف ، لا أعرف . لم أتوقع أن الأمر يمكن أن يتم هكذا ، و بهذه السهولة ..... يا ترى هل يتحمل والدك أو والدتي المسؤولية كاملة و الخطأ كله ، أم هناك أسباب خفية دفعتهما لهذا الأمر . هل يجب أن نحكم على والدك أو والدتي بالإعدام ، و نقطع علاقتنا معهم ... دون أن نبحث في?الأسباب التي دفعتهما لذلك ؟؟ ..... أجيبي يا ليلى .... أجيبيني .... أجيبيني




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !