مواضيع اليوم

مسؤولية التدوين.

محمد مغوتي

2010-03-10 00:29:45

0

                                                     مسؤولية التدوين.
     أصبح الانسان في مجتمعاتنا غير قادر حتى على التأفف، وكأن قدره أن يعيش صامتا وراضيا بالنصيب. وللنصيب في العقل الجماعي للمسلمين دور بارز في التكريس لواقع طبقي مكشوف، يتم فيه اقحام العناية الالاهية من دون وجه حق، حيث الايمان الديني بالقضاء والقدر يتدخل كشماعة يتعلق بها الجميع لتبرير الظلم و غياب العدالة الاجتماعية في اقتسام الثروات و العيش الكريم. وكأن الأمر قضاء وقدر. ومن تم فلا يملك المرء أن يتمرد على أمر رباني كان مقضيا.ويكتفي بدل ذلك بترديد اللطيف (اللهم لا نسألك رد القضاء، ولكن نسألك اللطف فيه)، بينما ينسى الجميع أن سلاطين الأرض هم الذين هندسوا ورسموا هذا القضاء، وهم الذين يجدر بهم اللطف فيه.

      ان الاستمرار في الصمت والاستسلام للنصيب يعني مزيدا من التخلف و اهدار الطاقات و الموارد، و هو مشاركة فعلية في نسج خيوط الواقع المتأزم على كل الأصعدة ... وعلى الرغم من التضييق الممنهج و الممارس على حرية التعبير تحت يافطات مختلفة في كل المجال الجغرافي الذي يصطلح على تسميته بالعالم الاسلامي، فان العصر الذي نعيش فيه يمثل فرصة سانحة للتأفف و التعبير عن الضيق والرفض في أفق انتشار هذا الوعي عند الجماهير.و لعل اكبر وسيلة يوفرها العصر الآلي الحديث هي " الأنترنت " الذي أصبح يمثل بامتياز منبرا لكل من لا منبر له. وللتدوين في هذا المقام تأثير كبير في توجيه الرأي العام. وقد تتبعنا خلال الأشهر الأخيرة كيف استطاع عدد قليل من المدونين في ايران توجيه الأنظار الى بلاد فارس عبر الصور والآراء التي تناقلها الناس في كل بقاع العالم من موقعي " الفايس بوك " و "تويتر ". وقد كشفت صور مقتل الطالبة الايرانية ( ندا آغا سلطاني) يوم 20 يونيو برصاص ميليشيات " الباسيج " في المظاهرات الاحتجاجية التي أعقبت الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية عن دور هؤلاء المدونين في ابراز الوجه الحقيقي لنظام ولاية الفقيه في ايران المسلمة. وكان لتلك الصور وقع كبير على الشارع الايراني الذي ينظر الى ندا كشهيدة لانتفاضة الاصلاح. وتجلى هذا الوقع أيضا في التعاطف العالمي المنقطع النظير مع كل الذين خرجوا للتظاهر في مواجهة آلة القمع البوليسية في مدن ايران.

     ان التدوين يمثل سلاحا فكريا خطيرا. لذلك ينبغي أن يلعب دوره الحقيقي في تنوير الرأي العام، وفضح المفسدين، والجهر بالحقيقة، والتعبير عن الرأي بكل حرية ومسؤولية في أفق التأسيس لثقافة النقد الهادف والبناء التي نفتقدها بشكل كبير. وهذا الأفق يقتضي القطع مع عقلية الملهاة التي تميز ثقافتنا الشعبية والعامية، والتي تتكرس مع الأسف الشديد من طرف بعض الأشخاص الذين دخلوا مغامرة التدوين، ولكنهم أخلوا بواجبهم في التنوير والكتابة الهادفة، فجعلوا بعض المدونات تبدو أقرب الى وكالات للاعلان، وليست مدونات للفكر والرأي الحر... لذلك،  فنحن اليوم في أمس الحاجة الى اعادة النظر في مفهوم التدوين حتى لا نسقط في الرداءة و الميوعة و العبث.                                               محمد مغوتي.10/03/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !