هدأت وطأة الحملة التي شنها مجلس النواب العراقي أو بمعنى أدق بعض الكتل السياسية في المجلس حول قانونية بعض مؤسسات وأجهزة الأمن ومن ضمنها جهاز مكافحة الإرهاب ووزارة الأمن الوطني ومجلس الأمن القومي . تلك الحملة التي صاحبها الكثير من الصخب والمضاربات بين مؤيد ورافض لتلك المؤسسات وكأنما العراق قد قضى على كل مشاكله ولم يبقى غير قضية هذه الأجهزة الأمنية التي لعبت دورا أساسيا وفاعلا في القضاء على تنظيم القاعدة والمليشيات التي عاثت فسادا في جميع إنحاء العراق 0
ويلاحظ المراقب المحايد ان هذه الحملة المفتعلة ضد الأجهزة الأمنية قد خفت وطئتها بشكل مفاجئ جدا وبنتائج مذهله تمثلت في تعليق قوانين مؤسسات وأجهزة الأمن بحجة دراستها من قبل لجان المجلس أو أعادة هيكلتها من جديد , والأدهى من ذلك ان بعض النواب ينادي بحل هذه الأجهزة وكان العراق من أكثر الدول استقرارا امنيا وموضوع دوائر الأمن ليس من الأهمية بان يعطى اولويه بنقاشات المجلس حيث إن جدول أعمال مجلس النواب مزدحم بقوانين أهم من قضية الأمن مثل قانون تخصيص قطع أراضي لأعضاء مجلس النواب وغيرها 0
اعتقد أن بعض النواب من ممثلي الكتل السياسية لم يعد يؤرق مضاجعهم موضوع الاستقرار الأمني في العراق بل كل مايشغل بالهم هو إشراك أحزابهم بتشكيل هذه الأجهزة وان يكون لهم نصيبا فيها وهذه هي القضية المهمة في الموضوع وبالفعل أعلنها صراحة النائب بهاء الاعرجي إثناء مناقشة مجلس النواب لقانون مجلس الأمن الوطني عندما حاول بعض النواب تأجيل التصويت على القانون حيث قال بان عملية تأجيله الغاية منها أن يتم طبخه وتقسيمه بينهم وعلى طريقة شيلني واشيلك0
صحيح أن التوافقية الديمقراطية تغطي حقوق الكل ويشترك الكل في الحقوق والواجبات ولكن موضوع الأمن من الأمور المهمة التي يجب اتخاذ قرارات سريعة بخصوصها ولايصح إدراجها ضمن المحاصصه الطائفية البغيضة فهذا يعيق علمها 0
الأهمية الحقيقية لهذا الأجهزة الأمنية تكمن في تخصصها ولمنع التداخل في الصلاحيات والواجبات بين مختلف الدوائر والوزارات الأمنية وهذه هي الغاية من تشكيلها , فمهام جهاز مكافحة الإرهاب والمتمثلة في التصدي بقوة للعمليات الإرهابية التي تستهدف الدولة والمواطن ومتابعة المجاميع الإرهابية هي مهام لايمكن أن تضطلع بتأديتها وزارتي الداخلية والدفاع والتي قد تبعدها عن واجباتها الحقيقة التي شكلت من اجلها 0
في النهاية نقول أن هذه الأجهزة الأمنية وضعت لخدمة المواطن ولتوفير الأمن والاستقرار له وهي تتمتع بالحيادية والاستقلالية وعدم الخضوع لأي جهة سياسية وليست بيد أي كيان سياسي وهذا هو سر الهجوم عليها من قبل الكيانات والأحزاب والتكتلات السياسية التي تريد أن يكون لها حصة ونصيب فيها وهو أمر معيب ومخجل بالنسبة لكل من يزعم أيمانه بالديمقراطية واستقلالية الأجهزة الأمنية وهو يطالب ب"حصة " معينة له في هذا الأجهزة .
احمد حبيب السماوي
Ahmed_alsamawe@yahoo.com
التعليقات (0)