تنتظر على قارعة الطريق المودي إلى شارعين..الموت..وقلبه..مدت يدها لقلبه..تبحث عن هداية في الغواية..وعن ضوء في العتمة..ظنها تمد يدها لجيبه..
" سأعطيك يا قلبي عشرون ألف..أتكفيك؟!"
أهي ثمن كرامة اندثرت في حبك..أم هي ثمن حياة تهدمت..أم هو ثمن جنون أصاب عقل "متخلف" وأحبك؟!
إذن يا سيدي..
فلنقم مزاداً علنياً..يكتتب فيه الراغبون بهذا القلب....ألا تدرك أنهم كثر..!!
لنقم هذا المزاد ونسألهم..مَنْ سيفتتح المزاد لقلب يعشق بلا حدود..وروح تعطي وتجود..وثقة مشرعة تجاوزت التقاليد وكل القيود..!!
آهٍ نسيت..لقد افتتحته أنت..بعشرين ألف..عشرين ألف..من يزيد..؟!
وردة جورية ..رغم شوكها والرياح العاتية التي تعصف بها..إلا أنها تقاوم..تريد أن تعيش بين أكف تحنو عليها..وترأف بها..وتهدهدها حين يشتد عصف الريح، ويعبث الموت بلحظاتها..وذكرى تأطرها حين لا يبقى منها سوى"جسد تأكله الديدان"..!!
ماذا أسمع..ثلاثون ألف...خمسون ألف...رائع..هل من يزيد؟!!
لمن باتت طول الليل تتكسر كزجاج من بلور..تتناثر حول نفسها..فتجمع منه أشلاء..أشلاء..وتلملم أناملها..وتهيؤها لمصافحتك ، وترتب بقايا شعرها الممزق وتصففه لملاقاتك.
وفوق كل ذلك..تأن مذبوحة من الوريد...إلى الوريد..في نُسك الظلم والشتات..أضحية غابرة لرحلة عمر عابرة..
من يزيد..ثمانون ألف...تسعون ألف..من يزيد؟!!
لأنثى تتلو مراسم أنوثتها ليلا نهارا..تُعَبّدُ لها دربا من إيمان ونور..صامته يعفها حياؤها..ويلجمها كبرياؤها وعفتها..ترفع أكفها في ليل بهيم..لرب كريم.." أن يا رب أرأف بي وبحالي..وصن عرضي ونفسي ومالي..لأصون نفسي ليوم المعاد"
من يسومها بأكثر..ماذا؟!..مائتي ألف...ثلاث مائة ألفٍ...رائع..جميل..!!
ولكن..ما أصغر عرضك أيها السخي..!! أتشتري به حرة ..ابنة أحرار..قدرها في الناس عالي، ويضرب باسمها الأمثال..ابنة كرم وجود..بيضاء الأيادي سويداء القلب ، لم تقترف ذنبا سوى أنها أحبتك ، في زمن لم يكن زمنها ..وفي مكان لا يتسع لمثلها...
فمن يسومها أكثر..ثمانمائة ألف...مليون..هل أسمع مليون؟!!
أصغي..هناك من يقول مليونان..ثلاثة ملايين..!!
أيكون للحب في زمننا ثمنٌ معجل.!
أم يكون للمشاعر ثمنٌ مؤجل؟!
أخبرني هل لتلك الأكف التي امتدت إليك في عتمة الوجع سعر يساويها؟!
وهل لذلك القلب المنهك الخائف من الآتي قيمة تعادله؟!
أتذكر حين استدعت اللغة..ودمعها شفيع..لتطلب منك شيئا بائساً حقيراً..لا لشيء..سوى أن تجد طريقة لتطمئن بها عليك، فنهرتها وقلت لها" بين المحبين تتهاوى السدود، وتذوب الحدود، ويبتلع العشق كل عقبة كئود"
ارحل وخذ معك عرضك السخي يا سيدي...فمثلها لا يسعر بثمن..ولا بمال الدنيا..ولا بكنوز الجن والإنس..مثلها لا تشترى بالمال فإن وهبت نفسها حلالا طيباً فلأجل قلب أحبته..وإن رخصت روحها فلأجل روح أسمى من روحها..
لم تفهمها..قتلتها مرتين..مرة برحيلك...وأخرى حين عدت تسألها كم يكفيها؟!
صحيفة الوفاق الدولية (بعنوان الرحيل القاسي) 2006م
ي.س الرياض
التعليقات (0)