مواضيع اليوم

مزاجٌ برائحة الموت !! تاليف إيمان بني مفرج

alpha omega

2010-04-21 19:52:00

0


ها انا أتكىءُ على عيني، فهي التي ترى وتحدّق ونفسي تخورُ وتشيحُ بوعيها عن كلِّ حظورٍ، فقد أنهكها التأمل وضاعَ منها الأملُ بصمتٍ لم يعدْ ينطق.
في حضرةِ رائحةِ الموتِ (المختلف) دمائي تنتفضُ فتدقُّ العروقَ وتدفعُ بجلديِ _المغمورِ بالمرطبات الثمينة_
بعيداً وكأنها تريدُ الإستقالةَ من كلّي !
حرارةُ سريانها حدثتني بأنها ماضيةُ لدفعِ العارِ عن تدفقها في أصولي العربية.
أعذروني، فإني الآنَ أشعرُ بخزيٍ لم يسبق أن وصلتُ إليه بعد أن تناولتُ بضع حبّاتٍ من مشاهد على الإنترنت تتحدثُ بواقعٍ فقط، دون أيِ حرفٍ، فتروي مأساةً حقيقية لشعبٍ ربما أصبحنا نشكُّ أننا نعيشُ معهُ على نفسِ الكرةِ الأرضية؛ لشدة بعدنا عنهُ وقربنا منه على الشاشات(العربية) فقط!!!
في ديارنا المصونةِ من الخراب نحزنُ على موتانا أكثر مما يجب وننصبُ لهم خيامَ عزاءٍ كبيـــــرةٍ ونحتسي قهوتنا السوداء كنوعٍ من بذخِ التقاليد ويعبق البيتُ برائحةِ الهيل من الصنف الأول ونستمع لأفضلِ القارئينَ على أحدث الجهزة الإلكترونية، ونأكلُ تمراً ونقفُ إحتراماً للمعزيينَ، ونجلسُ امتثالاً لتعبٍ في أجسادنا من شدةِ حزننا على من فقدنا. وبعد هذا أنحمدُ اللهَ على نعمةِ أننا استطعنا أن نعزّي ونتلقى العزاء ! ربما
أما من سكنوا خنادقَ الهواء خوفاً من الحربِ بعد أن هُدّمتْ بيوتهم فما حالُ العزاء عندهم؟
يا لحزني على ما رأيتُ وكم رأيت ويا لفجعي على ما لم تستطع عدسة المصوّر التقاطهُ لهولِ المشهد. حتى في طقوسِ الموتِ لم نتساوى!
في رحيلِ موتانا نحتفلُ برحيلهم على طرقنا العديدة، وهـــناكَ حيثُ لا وقتَ حتى للدموع الحقيقية ولا طقوسَ عزاء وأحياناً كثيرة لا وقتَ لدفنٍ منفرد فمقابرهم جماعية وإن اختلفت (عشائرهم) وأصولهم.
اعذروني، فمزاجي اليوم برائحةِ الموتِ يعبق أو يختنق، ولن أكفّ عن جلدِ ذاتي اولاً وجلدنا جميعاً آخراً
نعم، أشعرُ بالكثيرِ من الرفاهِ حتى في طقوسِ موتانا، نبالغُ فيها لدرجةٍ أشعرُ فيها بأننا فقدنا هيبة الموت فينما وسحقنا أنين الحزنِ على فقيدنا.
استفحلَ الظلمُ فوصلَ حتى الجثث، في فلسطين وفي غزة وفي الذاكرة ها أنا أنقّب فما عساني أجد؟
أطفالَ يموتونَ ناقصي أطراف أحياناً وبلا أكفانٍ ويدفنون بمقابر جماعية، وشبابٌ هناك قد تخضّبت جباههم وأصابعهم العشرُ بالدماءِ عوضا عن حنّاءِ العرسِ في ديارنا !!
نعم شهداءٌ هم، جميعنا نعرف، ولكن أليسَ للشهيدِ عندهم حقٌ أن نفخرَ به كما نفخرُ عندنا بشهيدنا حين يحدث كل بضع أعوام لإنفجارِ طائرة هنا أو قصفٍ من مخرّبٍ هناك!!
من حقِّ كلِّ شهيدٍ أن نفرحَ له على طريقتنا ونبكيه على طريقتنا، فأين ذهبت حقوقهم !
حسناً، من حق كلّ ميّتٍ أن نعزي به أهله فأين حقّ العزاء لهم !
من حق كلِّ طفلٍ يتمٍ أن يُمسحَ على رأسه لننالَ ثواباً وينال هو مسحةَ حنانٍ،؛ فأينَ هي أيادينا وأين هي رؤوسهم !!
إني أجلسُ القرفصاء على وجعي وأتمنى حجراً يضربني .. ينقذني؛ ليشعلَ بنقرهِ كلّ نيراني ويؤجج ثورتي المختزلة، لتفوحَ من دمائي رائحةُ الموتِ التي باتت تسكن عظامي وتقوّي ساعدي، علّها تطغى على نفائسِ عطورنا فتذكرنا بأننا يجب أن نكونَ سواء ولو بحق العزاءِ !!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !