نشر مركز بركمان للانترنت والمجتمع في جامعة هارفرد الأميركية تحليلا لعالم المدونات العربي، لدراسة آراء المدونين العرب في الشرق الأوسط حيال الإعلام، السياسة، الدين، الثقافة والقضايا الدولية.
وجاء التحليل بعنوان "خريطة عالم المدونات العربي: السياسة، الثقافة والمعارضة" في 16 حزيران/يونيو ليضم آراء آلاف المدونين حول مواضيع مختلفة وقضايا مهمة.
وحدد الباحثون القيمون على الدراسة أولا "شبكة أساسية" من 35 ألف مدونة ثم قلصوا العدد لدراسة 6000 مدونة وهي الأكثر نشاطا. بعد ذلك، قام باحثون يتكلمون العربية بدراسة لـ4000 مدونة.
وأظهرت الأبحاث الديموغرافية أن المدونين العرب هم في المقام الأول من الشباب الذكور. وأضافت الدراسة إن معظم المدونات العربية تأتي على شكل مذكرات، وتضم أخبارا وملاحظات شخصية عن الحياة اليومية. لكن، حين يتعلق الأمر بالسياسة، يميل المدونون العرب إلى طرح نقدهم تجاه الزعماء السياسيين المحليين، والأمر نفسه ينطبق على الزعماء السياسيين الأجانب.
وفيما تحتل الأخبار المحلية الصدارة في المواضيع العامة المنتشرة على المدونات، تسيطر قضية سياسية واحدة على "اهتمام" المدونين عامة في العالم العربي أجمع: فلسطين.
الشبكات والمجموعات الفرعية
فيما يتعلق بالشبكات والمحتوى، قسم الباحثون المدونات العربية إلى عدد من المجموعات الفرعية.
تحتل مصر الموقع الأول من حيث عدد المدونين في العالم العربي، وتضم عدد من المجموعات الفرعية، مثل المدونين المنتمين إلى الأخوان المسلمين. كذلك، تضم مصر أكبر عدد من النساء المدونات، رغم أنهن يملن إلى الكتابة من دون ذكر هويتهن، بحسب الدراسة.
ارتفع عدد مستخدمي الانترنت في مصر خلال العام الماضي، من 10.92 مليون إلى 13 مليون مستخدم. إلى جانب حجم عالم التدوين المصري، لعب المدونون المصريون دورا مهما في نقل المعلومات حول قضايا لا تغطيها عادة الوسائل الإعلامية المصرية التقليدية، مثل عنف رجال الشرطة، التحرش الجنسي والتعذيب.
وأدى شريط تصوير التقط بواسطة هاتف نقال وأظهر رجلي شرطة مصريين يغتصبان رجل بواسطة عصا حديدية، إلى الحكم بالسجن على الشرطيين في محاكمة فريدة من نوعها عام 2007، بعد أن تم تحميل الفيديو ونشره على الانترنت من قبل مدونين مصريين.
قال شريف أزر، المختص في المدونات المصرية، في مقال نشر على موقع دايلي نيوز إيجيبت"(التدوين) هو أفضل أنواع الصحافة. يمكنك أن تقول ما يتعارض مع أقوال الصحف، وتتفادى الرقابة وتتعامل مع الجمهور مباشرة".
وتأتي المدونات السعودية في المرتبة الثانية من حيث عدد المدونين فيها. لكن في المملكة، تشير الدراسة إلى أن المدونون يميلون إلى مناقشة المواضيع التكنولوجية أكثر من السياسية.
كما هناك مجموعة "جسر المشرق/الانكليزي"، المكونة من مدونين يقيمون في منطقة المشرق، وتضم لبنان، فلسطين، الأردن وسوريا، إضافة إلى معظم مدوني العراق. وينضم إليهم ما يسمى بـ"المدونين الجسور" من مختلف أنحاء العالم العربي ويكتبون بالانكليزية.
وتقول الدراسة أن هذه المجموعة تتناول مواضيع مختلفة وتهتم بالأخص بالقضايا الدولية.
كتب أحد القيمين على الدراسة عن هذه المجموعة "هنا مدونة شابة لبنانية مسيحية مناصرة للتيار الوطني الحر، الحزب اللبناني المسيحي المتحالف مع حزب الله. تمازح القراء بأنها تدعم "محور الشر السوري-الإيراني" عبر التصويت للتيار. تدافع عن آراء التيار الوطنية، وتخصص عدة تعليقات لتبرير دعمها للتيار المتحالف مع حزب الله كمسيحية".
مقارنة مع المجموعات الأخرى، تميل مجموعة المشرق إلى عدم التعاطي كثيرا في القضايا الدينية.
ثم تأتي مجموعة "جسر المغرب/الفرنسي"، التي تضم بالأساس مدونين من المغرب، ثم مجموعة "التركيز على الإسلام" التي تركز على الدين. هذه المجموعة تضم شبكة كبيرة من المدونين من مختلف البلدان العربية المهتمين بالمسائل الدينية، أهمها الإسلام.
سوريا والإخوان المسلمين
بحسب الدراسة، فإن الدين "موضوع بغاية الشعبية في عالم التدوين". لكن يتم معالجته من وجهة نظر شخصية أكثر منه من وجهة نظر سياسية أو لاهوتية.
أما قراء المدونات السورية، فسيجدون حتما بعض الانتقاد للزعماء المحليين. فجاء في الدراسة أن المدونين السوريين هم "الأقل ميولا إلى دعم الزعماء السياسيين المحليين مقارنة بغيرهم".
وتضم سوريا إلى جانب مدوني الإخوان المسلمين أكبر عدد من المدونين الذكور.
رغم بقاء مجموعة الإخوان المسلمين في قائمة الحجب في مصر إلا أن مدونيها ينشطون في عالم التدوين. ورغم أن غالبا ما يتعرض أعضاؤها إلى الاعتقال أو التضييق من السلطات المحلية، فإن هؤلاء يميلون إلى استخدام أسماءهم الحقيقية عند التدوين أكثر من أي مجموعة أخرى. كما تشير الدراسة إلى أن القضايا الإنسانية هي من الأمور التي غالبا ما تعالج من قبل من هم في هذه المجموعة.
ورغم أن الدراسة تستنتج أن التدوين بدأ يؤثر بفعالية على الشرق الأوسط، لكنها تؤكد أن التدوين أو ما يسمى "ناشطي الكنبات" من قبل منتقدي هذه الظاهرة لن يحدث التغيير السياسي وحده.
فيما يتعلق بالأخبار والمعلومات، يربط عالم التدوين العربي إلى المواقع الالكترونية الحديثة التي تسمى "ويب 2.0"، مثل يوتيوب وويكيبيديا من مدوناتهم أكثر من أي وسيلة أخبار أخرى. ويقول الباحثون أن موقع الجزيرة هو أهم مصدر للمعلومات الصحافية في عالم التدوين العربي، يليه موقعا بي بي سي والعربية.
أخيرا، ومع اعتراف الدراسة بوجود مواقع الكترونية ومدونات متطرفة في عالم المدونات العربي، ركزت على أن البحث لا يهدف إلى معالجة تأثير مثل هذه المواقع.
وتضيف الدراسة أن الدراسات الأكاديمية والتغطية الإعلامية التي تركز فقط على استخدام الإنترنت لأغراض إرهابية قد تقدم فكرة سلبية وغير دقيقة عن عالم التدوين العربي.
التعليقات (0)