مركزية حركة فتح وانحراف البوصلة ..
الكاتب .. منار مهدي
تجردت اللجنة المركزية لحركة فتح والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بشكل علني، من كل القيم الإنسانية والأخلاقية والحضارية، عندما نشاهد قطع الرواتب وقرارات البلطجة وهستيرية الحكم وتهديد المواطنين في لقمة عيشهم حتى لا يكون لديهم موقف من القضايا الداخلية, والتي تتمثل في التفرد بالملف السياسي والمالي, وفي صندوق الاستثمار الفلسطيني, وفي لجنة المفاوضات التي شكلت في عهد الرئيس ياسر عرفات, والتي لم تعقد إجتماعا واحداً في عهد الرئيس محمود عباس, والتي أيضا تم اختزالها في شخص الدكتور صائب عريقات صاحب كتاب "الحياة مفاوضات"إلى الأبد, والأسئلة كثيرة وصعبة حول هذه الملفات, والتهرب من الإجابة لن يفيد بالاعتماد على المساندة الأمنية المطلقة مع التغطية الإعلامية المركزة، ومع تهديدات مباشرة ومبطنة للمواطن وللقوى الفلسطينية الداخلية أيضا. وواضح للمراقب أن كل ما يقوم به رئيس السلطة وفتح من الدعاية الإعلامية والنداءات والتهم التي تحاك جزافاً ضد القيادات أو الأشخاص أنها بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة المجردة، وحتى حديث الرئيس عن الديمقراطية وإصلاح المؤسسة لا يختلف في جوهره عن مسيرة السلطات الدكتاتورية الأخرى في المنطقة.
ونشاهد الآن الحراك الجماهيري الغير مسبوق الذي يرفع صوته ويحدق في وجه الطاغية والذي أيضا هز معالم الهيبة والقدسية في مشهد سريالي لم تألفه لا السلطة ولا النظام الدكتاتوري من قبل، وما بالكم بهذه الهزات في الموازنة والمواجهة المباشرة ما بين غبطة الرئيس ومطالب الشعب، خاصة وأن الصراع سوف يكون في الشارع ليس من أجل فقط فرصة عمل أو الحصول على منة اقتصادية، بل من اجل الحرية بكل مجالاتها التي هي تثير الشباب، وتهز العروش الفاسدة الآن, وتقوض أركان أنصاف الآلهة في هذه الأوطان.
وحيث أن الحرية التي ذاق الشباب الفلسطيني طعمها من خلال الشبكات الإلكترونية، تفتح شهيت تذوقها من على أرض الواقع وفي الشارع. وكما نحن نشاهد ثورات نشأت في جوهرها إلى أسباب اقتصاد أو سياسية، وليس للشباب الثائر دور بارز في الاتفاقيات كدورهم في إشعال الثورات وتهديم الزعامات الجوفاء، إنهم يبحثون عن الظروف الإنسانية الواضحة والواقعية وفي مقدمتها الحرية بأنواعها، وسوف تبقى هذه الثورات العربية مستمرة. إذن مخطئ من يظن أن الساحة الفلسطينية لن يخرج من رحمها من يرفع راية الثورة والتغيير لسبب موضوعي, هو أن هذه الساحة هي عضو من هذا الجسم العربي المهترئ الذي إذا أصابه مكروه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. وناهيك على أن هذا العضو الفلسطيني مثقل بجراحه التي أفزرتها التجذبات السياسية التي أفضت إلى انحراف البوصلة الوطنية إلى قضايا ثانوية تستنزف التوجه الوطني الحقيقي عند المواطن الفلسطيني.
وحيث أن القضية الوطنية الفلسطينية تمر بمرحله دقيقة وحساسة والاستمرار في حالة الشللية التي لا تخدم سوى مخطط فكرة تقزيم الدولة المستقلة, ومع هذه المواقف الذاتية والنابعة من المصالح الخاصة لبعض القيادات والتنظيمات تستهدف تحطيم صمود الشعب الفلسطيني. إذن على الشعب الفلسطيني بشبابه وبقواعده النقابية والمدنية مع كل فئات الشعب التحرك ضد الاستهتار بالمصالحة الوطنية والاستهتار بعقول الفلسطينيين وضد انتشار الفساد الذي يحرم المواطنين من حقوقهم ولقمة عيشهم.
التعليقات (0)