الحديث المتصل والمنقطع والمنفصل؛ لغة فقدت سبب الوجود، وأعلنت فسادها وفساد المشتغلين عليها ومنها وبها، والعلة واضحة؛ الغياب المقصود والغياب المفروض، إنها الحكاية البيزنطية عينها.
لاشيء أصبح مدركا بوعي أو بدونه، إنه النسيان المرضي للإنسان؛ إنه المبرر الذي أدرك انتفاء أسباب وجوده؛ ومن ثم أبلغ عن رحيله، لكن ليس في صمت، فأمراض الهوس السلطوي دائما تعالج إما بالمسكنات، التي هي في الأصل جثث القتلى، أو لعانات المقهورين.
مرض السلطة أو المرض المأزوم بوهم زهرة جلجاميش؛ هو المرض المسيطر على السلوك والنية و- مع كامل الأسف- حتى الهوية. الغرض والمقصود ليس سرد هذا الكشكول من الأمراض، أو توصيف حدث موصوف أصلا، إنما الدافع هو طرح سؤال الفصل؛ لماذا العديد يتناول الأسبرين دون وصفة طبية؟ أقصد الأسبرين السياسي. الجواب - بضرورة - يوجد إما في الوعي المريض أو في اللاوعي المعتل؛ النتيجة المضحكة المبكية؛ أن الجميع يعلم بذلك، لكن ستار المسرح يبقى مشرعا؛ ليعاد الدور عينه، بالجمهور نفسه، والتصفيق ذاته، إنها حالة تشبه مرثية ميت بلسان قاتله، إنها العبثية... إنه تصريح وفاة... لكن قبل الوفاة.
لكن يبقى الوجه البشع للسلطة - رغم عمليات التجميل (الإصلاحات؟!)- يصر ويلح ويشدد على أنه الأوفر حظا للفوز بأكذوبة الجمال (الديمقراطية)، لكنه يفوز؛ لسبب فريد وبسيط هو أنه الوحيد المشارك. فالتباري مسابقته، والمذياع صوته، والصمت لعبته. ويظل مرضه يوهمه أنه الأجمل.
حصيلة السلطة أو المرض القاتل هي تلك الإحباطات والمثبطات التي أعلنت سيادتها على العقول المؤطرة بوهم سياسة الواقع وتحصيل حاصل، تلك العقول التي لا تبرح سجنها لتبحث عن بريق حرية؛ لتبني وتشيد مملكتها من جديد.
التعليقات (0)