مواضيع اليوم

مرحلة إخفاق فكـري !

عبدالسلام كرزيكة

2011-07-15 09:50:26

0

المثقف الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الرّد على بعض (العامّة) ـ الذين يتهمون الطبقة المثقفة في وطنه بالتقصير في أداء واجبها، بخنوع أصحاب الأقلام والمنابر وخضوعهم للنظام القائم، ولامبالاتهم بإنتهاكاته وتجاوزاته ـ أبدى إنزعاجه وإمتعاضه من تلك الأحاديث (الجانبية) التي تصوّر المُثقف حزبا سياسيا مُعارضا، مطلوبٌ منه توجيه إنتقادات مباشرة للسلطات !.. وأسدى لهم النصح ـ أي لجمهور العامّة ـ بأن ينخرطوا لهم في أحزاب سياسية إذا ما أرادوا إنتقاد السلطات ومعارضتها !.. وأكد على أن دور المثقف لاينحصر على الخوض في السياسة، لأن المجتمع أكثر قابلية لتناول قضايا الناس الحياتية في وسطه، وانتقاد سلوكياتهم التي يندى لها الجبين (على حد قوله) !..

وواصل المثقف دفاعاته عن (منظمة المثقفين) الإفتراضية، بتوجيه نقدٍ لاذع لزملائه (الخوارج) من الكتّاب الذين تخوض وتغوص وتنغمس سهام أقلامهم في مستنقعات السّاسة والسياسة، وتتناول ألسنتهم السّليطة السلطات الفاسدة والمجرمة بالنقيصة، واعتبرهم مرضى مُصابون بجنون العظمة، وبالنرجسية والهوس بأشخاصهم، وهم يفعلون كل ذلك سعيا وراء التألق والشهرة !.. كما أنهم مُصابون بعقدة نقصٍ يحاولون تعويضها بالخوض في السياسة ؟!..

كما يرى المثقف أنه (من غير اللائق) تسخير المنابر الإعلامية لأغراض سياسية، بدل أن تكون فضاءات للنقاشات الفكرية والأدبية !.. ويرى أنه من المعيب على المثقفين، أن يكون أسلوبهم في نقد السلطة، أسلوبا مباشرا وجافا وخاليا من الإبداع، تماما كأسلوب المعارضة ؟!.. وأعطى مثالا عن مُسمى (إخفاق السلطة)، الذي روّج له مَن يُنتجون بدورهم (إخفاقا فكريا)، لأنهم يُنفّسون بأعمالهم (السياثقافية) عن أحقادهم الدفينة تجاه بعض التيّارات السياسية ليس إلا ؟!..

لينهي المثقف عتابه، بالدعوة إلى تغيير لهجة الخطاب الموجه إلى السلطات، لتغير السلطات نظرتها إلى المثقف وتحترم رأيه المُحترم فيها !.. لأن الهدف ـ على حدّ قوله ـ أن تصبح أرواحهم ـ أي المثقفين ـ (يقظة) في زمن الشدة ؟!..

والمثقف إذ يدين زملاءه الذين يتناولون السياسة، بالولاء لغرورهم الشخصي، ويتهمهم بالتقصير في تناول القضايا الإجتماعية الجوهرية .. كان قد تناول داء (الديكتاتورية)، وحاول إثبات أنه ليس عربي المصدر، قبل أن يشن هجومه الكاسح على من يتناول ذلك الداء بالتحليل والتدقيق والتمحيص للتخلص منه، كظاهرة إجتماعية (مقيتة) لها علاقة بكل مناحي حياة الناس، وليس كظاهرة سياسية ؟!.. رغم أنه لايمكن في نهاية المطاف، فصل السياسة عن واقع الناس، أوإعتبار الخوض في تفاصيلها خروجا وحيادا عن رسالة المثقف بأي حال من الأحوال ؟!..

لا أدري حقيقةً ما كان هدف المثقف من وراء مداخلته ؟!.. أهو يقدم دعوة من خلالها إلى الكف عن تصويب سهام الحق نحو الطغاة والظالمين من الحكام، لأنه بوق من أبواقهم، لذلك بذل جهدا جبّارا في إقناع المُتلقي ؟!.. أم أنه يرثي حال المجتمع ويدعوا إلى تناول قضايا الدعارة والإغتصاب وتصوير حياة المواطنين العاديّين ـ المدفوع أغلبهم إلى تلك الرّذائل دفعا، والواقفون على حواف الإنتحار، وعلى شفير الإنهيار ـ من شبابيكهم، لزيادتهم نكالا على نكالهم ؟!.. وإظهار مساوئ العامّة والتغاضي عن مساوئ ونقائص الخواص من الساسة ؟!..

ولاأدري حقيقةً ما إذا كان المثقف يدري، أنه هو الذي يعيش مرحلة (إخفاق فكري)، لأنه يحاول ترسيخ الحدود والخطوط الحمراء في تناول شؤون الحكم وتقديس رموز السلطة !.. الخطوط التي لطالما قمعت السلطات بوحشية ولاإنسانية كل من يتجاوزها !.. وفي وقت تشهد فيه الأمة العربية حراكا واسعا، لسان حاله يقول : إن تغيير الأنظمة الديكتاتورية القائمة، قضية إجتماعية ومطلب شعبي، ووضع الحد بين الطبقات الكادحة الدنيا وبين طبقة الساسة، هو ما صوّر للساسة من الحُكام أنهم فوق القانون، وخارج دائرة النقد والمُساءلة والمحاسبة، فأخذوا يعيثون فسادا في البلاد والعباد !..

15 . 07 . 2011

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات