لا أزعم أننى كنت فى أى يوم من الأيام أكره الحياة رغم قسوتها وأسى أيامها , ولم أحب الموت أو أسعى اليه رغم فداحة معاناتى من الحياة فى وطنى معاناة تتعالى عن التوصيف . بعد أن تقدم بى العمر أصبح الموت على بعد خطوات منى أصابنى الرعب ممن أن أغادر الحياة مخلفا أبناء وأحفادا فى وطن لا يأمنون فيه على كرامتهم , ولا على صحتهم أو حياتهم , خاصة أننى ورثتهم أخلاقا غير لائقة بهذا المجتمع الذى تروج فيه أخلاقيات الكذب والسلب , أخلاق لا تسمح لهم بالوصول الى حقهم الا بالنفاق والمداهنة واهدار الكرامة . ربما عبرت عن ذلك فى مقال على هذه المدونة تحت عنوان - الهجرة لاسرائيل حلمى الأخير - . لم أكن أدرك أن مصر فى حالة مخاض , وأن المولود البشارة قادم بهذه السرعة , فى الوقت الذى كنت أضطرب فى هوة اليأس والظلام كان شباب من هذا الوطن يغزلون خيوط فجر جديد أشرقت أشعته على وطن الحضارة يوم 25 من يناير . تصور لصوص الظلام أنهم قادرون على القضاء على الامل واطفاء الشمس , ولكن دماء الشهداء من أغلى وأعز شباب مصر تحولت الى نهر من الغضب أغرق أحلام الطغاة , استسلم الطاغية , أطلقت مصر زغاريدها , وضعت شهداءها فى أحضانها , وها هى تنطلق الآن الى المكانة اللائقة بها كنبع للحضارة وملهمة للضمير . أشعر الآن بالأمان على أبنائى وأحفادى , لقد عاد الوطن اليهم بعد طول غياب . أستطيع الآن أن أستقبل نهايتى راضيا , فمرحبا أيها الموت
التعليقات (0)