بعد أن إنتهى التحقيق فى قضية مقتل الدكتور أشرف مروان ، وإستبعد القضاء البريطانى «انتحاره» ورجح شبهة «الاغتيال» .. وأغلق القضية حتى ظهور أدلة جديدة، فإن أخطر ما ذُكر فى القضية هى شهادة ديفيد شاروات المسئول عن إدارة وتأمين وصيانة البناية التى يسكن فيها مروان حيث قال أن هناك عمال دخلوا المبنى فى اليوم نفسه لكنهم كانوا متجهين لشقة بعينها وقال أنه فى هذه الحالة يتصل بالشقة للتأكد قبل السماح بدخول غرباء ، فلماذا لم يتم إستجواب صاحب تلك الشقة والتحرى عن هؤلاء الغرباء وهل هم حقاً عمال أم فرقة إغتيال ؟!
وحقيقة أن د. مروان قد تم إغتياله فهذه لا شك فيها ولكن ما يهمنا جميعاً هو هل أشرف مروان عميل مزدوج خدم مصر أم عميل خالص لإسرائيل ؟!
وقد قيل أن مروان هو الذى ذهب لإحدى السفارات الإسرائيلية بدولة أوروبية وعرض عليهم العمل وطلب مبالغ كبيرة عن كل لقاء يتم معهم وكان ذلك فى نهاية الستينات أى فى حياة الزعيم عبد الناصر ورفض الموساد هذا العرض وعاد للموافقه عليه فى وقت لاحق (!!) ، وهذا كلام ربما يكون صعب الحدوث بالذات فى حياة الزعيم عبدالناصر ، وقالوا أنه أطلع رئيس الموساد ـ بذات نفسه ـ على قرار حرب أكتوبر فى الإجتماع الخاص الذى عقده مع رئيس الموساد فى أحد فنادق لندن ليلة الجمعه 5 أكتوبر ، ولنا أن نسأل سؤال ربما يكون مهم وهو هل كان أشرف مروان فى ذلك التاريخ خارج مصر قبل قيام حرب أكتوبر 73 وهو تاريخ لا يستطيع أن ينساه أى شخص وحتى المحيطين به ؟!
وبعد إغتيال مروان بأيام أجرت "المصرى اليوم" حوارات مطولة على ثلاث حلقات مع السيد اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية الأسبق وقال سيادته فى الجزء الثالث من الحوار (وانتهت الحرب وكنت في صراع شديد نحاكمه أم لا ؟! نعم شارك في خداع إسرائيل وأسهم في إحراز النصر، إنما لم يكن باختياره هو خائن ولو لم نكتشفه لكان تمادي إنما نحن أجبرناه وقررت أن نقدمه للمحاكمة العسكرية، والتي حكمت بإعدامه) متحدثا عن الضابط الجاسوس في القضية الشهيرة والتي ظهرت في فيلم ـ الصعود إلي الهاوية ـ ويتضح من الجملة الأولي أنه كان يمكن أن ينجو هذا الجاسوس بفعلته، وأن اتخاذ قرار بمحاكمته غلب القرار بعدم محاكمته بنسبة ضئيلة جدا بدليل الصراع الشديد الذي وقع فيه سيادة اللواء ، ويظهر سؤال نسأله بحسن نية : في حالة إذا ما نجا الضابط الجاسوس بفعلته لأي سبب من الأسباب هل يمكن أن يتحول في هذه الحالة إلي بطل قومي، لأنه شارك في خداع إسرائيل؟!.
وأخطر ما ذكره اللواء نصار فى ذلك الحوار أن أشرف مروان ليس له ملف فى المخابرات المصرية وبذلك فهو يجزم بأن مروان ليس عميلاً مزدوجاً بالنسبة للمخابرات المصرية فى الدفاتر الرسمية .
ويتضح لنا من تلك الشواهد أن هناك إحتمالات كل واحد منها يحمل أسباب قوة ونقاط ضعف وأصعب شىء فى الموضوع هو التوقيت الصحيح لتجنيد أشرف مروان فسكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات الأستاذ سامى شرف قال " أن أشرف مروان لم يُكلّف بأى مهمة خارجية فى حكم عبدالناصر" ، لذلك فالإحتمال الأول قوى ويضعفه فقط توقيت تجنيد مروان المأخوذ من الروايات العبرية المشكوك فيها ، وهو إحتمال أن يكون مروان تم إرساله ليخدع الموساد بقرار شفوى ومنفرد من الرئيس السادات ولم يدرى أحد بذلك القرار إلا عدد قليل جداً وقد يكون معظمهم توفى قبل ظهور القضية وإعلانها والرئيس السادات له سوابق فى إتخاذ قرارات منفردة دون أخذ آراء المحيطين به ويتفاجئون كغيرهم بقراراته رغم خطورتها ، مثل موضوع سفره لإسرائيل الذى لم يعلم به بشر قبله ، وهذا يتفق تماماً مع ما قاله الأستاذ هيكل أكثر من مرة بأن معظم قادة الدول العربية لا يتعاملون بالوثائق ولكن يتعاملون .. "بكلمة الشرف" ، فلذلك من المستبعد أن نجد أى وثائق تخص تلك القضية ، وبالتأكيد لو كان مروان يعرف بأن الحرب ستبدأ فى 6 أكتوبر فلن يترك مصر فى ذلك التوقيت الصعب إلا لسبب قوى جداً وبأوامر عليا .
والإحتمال الثانى القوى أن خلافاته مع تجار السلاح أدت لإغتياله والإحتمال الثالث الذى لا نتمناه هو أن يكون مروان جاسوس خالص لإسرائيل .
والمشكلة تكمن فى أن الرئيس مبارك قال ـ ونصدقه تماماً ـ أن مروان رجل وطنى ، فالرجل الوطنى قد مات ولن يضيره أن نكشف ولو عن النذر البسيط لتبرأته لكى تطمئن قلوبنا ، وأتمنى ألا تكون جعبتنا خاويه مما نبرىء به ساحة أشرف مروان .
التعليقات (0)