مراية...بيت جدى حفنى:
كتبهـا : الشربينى الاقصرى
أهلا وسهلابكم فى مدونتنا:
(مدونة شربينيات من الاقصر)
نظرة أدبية على مدينة الاقصر من خلال أحد ابنائها.
أولى هذه اللقاءات هى تلك الهدية الشربينية لكم وهى عبارة عن صورة أدبية لرحلة أسرة من عائلات الكرنك بالاقصر لكنها رحلة بالكلمات عبر الزمان والمكان :
----------------------------
مراية بيت جدى حفنى ...بقلم :الشربينى الاقصرى:
......................
نظر (عبد الحميد أب حفنى التمساحى) الى صورته فى (المراية) وقال :أنا زين شباب نجع التماسيح .ثم ابتسم فظهرت له(فى المراية) السنتان الذهبيتان الجميلتان اللتان فى فمه الصغير المدور وقال :أنا زين شباب الكرنك .ضحك (عبد الحميدأب حفنى التمساحى) ونظر الى بقية جسمه اللاطويل واللاقصير واللانحيف واللابدين وظهرت له العينان العسليتان الواسعتان وتذكر أغنية قديمة فيها ذكر العيون..لكنها العيون السود لاعيونه العسلية . (يابو العيون السود ... ياللى جمالك زين أمتى الوداد يعود .وتنول مناها العين ...).
ثم قال بأعلى صوته أنا زين شباب نجع التماسيح... أنا زين شباب الكرنك ...ثم التفت الى (جلبابه)المخطط الجميل وعمامته الناصعة البياض وصرخ صرخة طارمنها(ذكر)الحمام الذى كان يوسوس (للحمامة)الانثى فى (بنية )حمام (بيت جدى حفنى).كما طار لها قلب الأم (طهرة أم عثمان ) شؤما وحسرة على (عقل)ولدها .بعد صرخته العالية قال :(عبد الحميد اب حفنى التمساحى ):لا بل أنا زين شباب الدنيا...أنا (عبد الحميد أب حفنى التمساحى) ..أنافرع الجمال فى العائلة ..أنا فرع الحسب والنسب فى الكرنك ...أنافرع الشقاوة وقت المعارك والشدة انا اشجع الرجال فى الاقصر ... أنا محبوب البنات... أنا شاغل قلوب العذارى...أنا حلم النساء ... أنا من يجيد الرقص على أنغام مزمار الريس (أبو حراجى)...أحسن (زمار)فى الأقصر ...أنا من يرقص على انغام مزمار الريس (اخريشى) أفضل(زمار )فى جرجوس بلد الزمارين..رقصى أفضل من رقص الغوازى سواء كن (بنات مازن)أو(بنات الحاج ركابى). أنا (عبد الحميد أب حفنى التمساحى) كل نساء الكرنك والقرى المجاورة للكرنك يعشقن اسمى وجسمى .. يعشقن حسبى ونسبى ..يعشقن جمالى ودلالى-هكذا لعبت( المراية) بعقل (عبد الحميدأب حفنى التمساحى)بعد ان امعن واطال النظر فيها طوال الليل ووقت غير قليل من النهار .(المراية) لعبت برأسه كأنها (خمر)فصورت له الوهم على أنه حقيقة وابعدت عنه القريب وقربت له البعيد وابعدت عنه الهم والحزن واليأس وقربت له الاوهام وجعلت من أحلامه واقعا فى عقله وحولته الى بطل من ابطال السير الشعبية فهوتارة (ابو زيد الهلالى)وتارة(الزير سالم)واحيانا (عنترة بن شداد)ومن يدرى(فالمراية)جعلت منه جميع هؤلاء الابطال .
فى الصباح وأمام (ديوان)بيت جده (عقيل اب تمساح) جلس (عبد الحميد أب حفنى التمساحى)مع أصدقائه ثم وقف امامهم خطيبا وقال :أما المال فكان جدى (عقيل اب تمساح )من أغنى أغنياء الكرنك.وقت الظهيرة جلس مع أصدقائه أمام (ديوان)بيت جده دياب وقال :أما الحسب والنسب فكان جدى (دياب أفندى) من أعيان الاقصرومن أغنيائها..جدى (دياب أفندى)هو الذى اكتشف المراكب الفرعونية وهى تعوم فوق مياه البحيرة المقدسة داخل معبد الكرنك ...جدى (دياب أفندى)عندما سمع أغانى(البحارة) الفراعنة وهم يغنون فوق المراكب قال معجبا بالغناء :الله ..الله فاختفت جميع المراكب وهرب البحارة من فوق المراكب وغطسوا فى مياه البحيرة المقدسة وسحبوا حبال مراكبهم المربوطة فى (هلوب)مغروسةفى الارض على شاطىء البحيرة المقدسة .لكن جدى دياب افندى وجد (هلب أحد المراكب )قد نسيه(البحارة) الفراعنة على شاطىء البحيرة المقدسة عندما خافوا...وهربوامزعورين من صوت جدى(دياب)... وقد تحول هذا الهلب الى ذهب .جدى (دياب أفندى)الرجل الأمين المحب لاثار أجداده سلم الهلب الذهبى الى الحكومة .الحكومة قالت لجدى (دياب أفندى) :أنت رجل عظيم لذا فأنت أمامك ثلاث اختيارات :أولا :اما أن نعطيك مائة فدان من أفضل أراضى الكرنك... ثانيا:او نعطيك نظارة أثار مصر العليا (الصعيد) من الأهرام الى أسوان...ثالثا :او نعطيك الحماية البريطانية .جدى دياب فكر ثم فكر..ثم فكر وقال فى نفسه :أما الارض فعندى منها الكثير...الكثير وهى فى النهاية طين ونحن جميعا سوف نعود الى الطين وأجدادى قالوا حكمة :الطين اخرته طين ..واما نظارة الاثار فانا حارس لها دون اوامر من احد لانها اثار ابائى واجدادى ومن واجبى المحافظة عليها ..ثم قال للحكومة :انا اريد الحماية البريطانية وقال فى نفسه ان حكومتنا المصرية بما فيها الملك خاضعة لبريطانيا العظمى سيدة البحاروالامبراطورية التى تغيب عنها الشمس وانا لابد وان اكون اقوى من الملك واعظم منه كما انه وحكومته لا يستطيعون محاكمتى او محاسبتى فهم دائما يظلمون الناس اما بريطانيا فهى مستعمرة لبلادنا لكنها لاتعرف عنى شيئا ولا تشغل بالها بى كما تفعل حكومة الملك وعسسه بالناس .واصبح من يومها جدى( دياب افندى )معه الحماية البريطانية حتى قامت ثورة 1952 م ففى احدى ليالى مولد سيدى ابو الحجاج الاقصرى اعتدى أحد ابنائه المدعو(شمندى دياب)على مأمور بندر الاقصر وشتمه وشتم عساكره ثم ضربهم جميعا ...لان المأمور حاول أن يوقف (مرماح الخيول) الذى كان يقام امام ساحة سيدى ابو الحجاج الاقصرى والذى كان يصول ويجول فيه جدى (شمندى)بحصانه وعصاته الطويلة والكل يشهد (لشمندى )على فروسيته ومهارته فى (مرماح خيول) ليالى سيدى ابو الحجاج الاقصرى ..المأمورخاف من( شمندى) لانه محصن بالحماية البريطانية ولكنه أصرها فى نفسه (لشمندى).المأمور بلغ الحكومة .الحكومة وجدتها فرصة سانحة والغت الحماية البريطانية من جدى (دياب اب تمساح) واولاده والغتها من مصر كلها لان ثورة 23يوليو من عام 1952م طردت الملك فاروق ومعه القوات البريطانية كما ان الثورة الغت الالقاب والامتيازات التى منحها الملك والانجليز للمصريين فلا (بك ولا باشا )وقد عبر عن فرحة الشعب المصرى بهذه الثورة احد ابناء الكرنك وهو (الشيخ يسرى اب يوسف اب دياب التمساحى)فى زجل شهير له يقول فيه :
اسمعوا حادث 23
يوم فاروق ما بكى بعينيه
والصراخ كان فى عبدين
والجيش كله قام عليه
رجال الثورة دخلوا 11
والكل ابطال (هاى لايف)
والقائد جمال عبد الناصر
وفاروق منه مرعوش خايف
يبكى فاروق بدمع عينيه
ولا جنبه بك ولا باشا
فدخل عليه رئيسنا جمال
وسحبهوبالكماشة
جمال ارسله المالك
لموت الفساد والاستعمار
قضى على البيت المالك
ونزل عليهم كالجزار
مصر مسكت حربتها
ورفعت فى الحال الاعلام
وطردت فاروق فى ساعتها
لانه ظالم وابن حرام
حلفت بالله ابدا مايعود
لانه ملك فاسد
يوم حرب مصر مع اليهود
اعطى جيشه سلاح فاسد
كان قصده يهزم جيشه
وينصر الصهيونية
وربنا سود وشه
وجعله فى حالة قهرية
يبكى فاروق والقلب حزين
كأبله مش متكلم
فدخل عليه رئيسنا جمال
وقا له فى الحال
هيا انزل سلم
يبكى فاروق والنسوان حواليه
وعمال يشاكل الكرافتة
ركب المحروسة بامر جمال
وغادر مصر
الساعة ستة .
أضاف (عبد الحميدأب حفنى التمساحى )قائلا :قصر جدى دياب كان فوق معبد الكرنك وعندى (صور)بذلك من أيام الانجليز ... نحن أبناء عائلة (التماسيح)نملك الارض ويزرعها لنا الغير ونملك كروم النخيل ويجنيها لنا الاخرون... نحن ابناء عائلة التماسيح من العيب ان نفلح الارض او نجنى ثمار الاشجار...نحن عاطلون ونحب السهر والسمر وغيرنا يعمل وينام من التعب ...نحن أغنياءالى الابد .فى المساء جلس عبد الحميد مع امه (طهرة ام عثمان )فقالت له : وعلى وجهها علامات الشؤم اكثر من علامات التفاؤل ..وعلامات الحزن اكثر من علامات السرور قالت وقد بدا الخوف فى عينيها من الحسد ومن عيون الحاسدين : عيب ياعبد الحميد ..ياضنايا انت راجل.. والراجل عيب عليه يمشط شعره زى الحريم ويبص فى المراية..وعيب تقول :انا ارقص فى (الطبول)وكمان زى بنات مازن .المراية ومشيط الشعر للحريم ياولدى..والرقص كمان للغجرواحنا اسياد البلاد وكمان اللى يبص فى المراية كتير وخاصة فى الليل يصاب بالجنون ياضنايا لان(المراية )حواليها شياطين تظهر بالليل وبنات الجان يعشقن (المرايات)ومن ينظر فى المرايات .
(طهرة عثمان)أحضرت ورقة وقصتها بالمقص وجعلتها كشكل العروسة ثم احضرت (ابرة )بلا خيط وجعلت (تخرم)بالابرة فى الورقة وتقول :(من عين فلانة بنت فلانة ومن عين فلان ابن فلانة )وخرمت عيون جميع افراد العائلة وعيون المعروفين من اهل الحسد فى الكرنك ..خرمت عيونهم بالابرة فى العروسة الورق ثم اشعلت النار فى العروسة ذات العيون المخرمة والقت بها فى (المبخرة) كى تحرق عيون الحاسدين والحاسدات وكذلك عيون بنات الجان .
مالت (طهرة أم عثمان)على الحائط وتذكرت ابنها البكرى (عبده) الذى كان ينظر كثيرا فى المراية وفى النهاية فقد عقله ثم اصيب بالوسوسة ومات .(عبدة)كان يرى اشباحا وخيالات فى (المراية)..احيانا كان يرى عفاريت (طاحونة التماسيح )يرقصون داخل (المراية).
بموت( عبده أب حفنى) اكتسى بيت( حفنى اب عقيل )بالحزن والخوف من امراض الوسوسة التى كانت (طهرةعثمان)تؤكد انها تأتى من كثرة النظر فى المراية وخاصة فى الليل (المراية الفقرية)هى السبب فى هذا المرض اللعين الذى حل بابنها البكرى (عبده).تذكرت (طهرة عثمان) ابنها البكرى (عبده)واخذت تنوح وتبكى (وتعدد) وتقول:(فينك ياعبده ياضنايا... تعالى خد امك من دنيا كلها خطايا ).
(طهرةعثمان ) حرمت نفسها من الافراح والضحك فى البيت بصوت عالى ولبس الثياب الملونة-حتى ملابسها الداخلية صبغتها باللون الاسود - (طهرة عثمان)ايضا حرمت النظر فى المراية واكل البيض والبطيخ لان عبده كان يحب اكلهما .(طهرة)حرمت على العائلة الزغاريد فى الافراح وكذلك الرقص والغناء وخاصة الاغنية الشهيرة فى ذلك الوقت والتى تقول :
لا والنبى ياعبدو
لا والنبى ياعبدو
سوق الحلاوة جبر واتمخطروا الحلوين ياعبدو
بينى وبينك بحور وايش وصلو لامك ياعبدو
بلحك سوس ياعبدو
بيع واجوز ياعبدو
(طهرةعثمان )حرمت على العائلة واهل الكرنك ان يطلقوا اسم (عبده )على اولادهم وكل واحد كان اسمه عبده غيرت(امه ) اسمه بلقب جديد من عندها خوفا او مجاملة لأم (عبده) طهرةبنت عثمان .
والغريب فى حزن (طهرةعثمان) انها حاولت تحريم الافراح وتغيير طقوسها فى بوابة بيت عقيل اب تمساح وكذلك فى نجع التماسيح .
مسكت( طهرة عثمان)المراية وقالت بصوت مهموس كأنها تحدث نفسها غورى(غارة تاخدك) انت السبب فى جنون ولدى (عبده)وانت السبب فى موت ولدى (عبده) .وكمان ابنى عبد المجيد مات مجنون بسببك يامراية الشياطين ثم القت بها على الارض وتكسرت الى قطع صغيرة .فى هذه المرة بالذات تذكرت ابنها عبد المجيد لانه يشبه عبد الحميد .وكان عبد المجيد زين شباب التماسيح والكرنك وكان محبا للتطلع فى (المراية) وتمشيط شعره الناعم الجميل وبمرور الزمن تحول عبد المجيد الى عاشق لنفسه فى المراية ثم عاشق للمراية التى تجلب الشياطين وبنات الجان وخاصة فى الليل ...اصيب عبد المجيد (بالوسوسة)وأخذيتحدث مع بنات الجان فى المراية الى ان عشقته احدى هؤلاء البنات فمات محبا لها لكنها قتلته لانه احب غيرها من بنات الانس ...همست طهرة لجارتها(يامنة ام عبد الراضى) قائلة:ولدى عبد المجيد كان دائما يراها فى المراية وتضاحكه ويضاحكها الى ان مات مجنونا بها لا بل قتلته الملعونة .جارتها(يامنة ام عبد الراضى) خافت وقامت هاربة من بيت حفنى وقالت فى نفسها : ربما تتخفى الجنيةبنت الجان فى ثيابى وتذهب معى لولدى(الطيرى أو الشلالى )ثم هرولت الى الشارع ودخلت بيتها فى حارة (العورين) بنجع السبتية واحكمت اغلاق الباب خوفا من بنات الجان .(طهرة عثمان) تذكرت ايضا ولدها عبد المجيد تم بكت وبكت وبكت .
كلما دخلت طهرة غرفة عبد الحميد وجدته ينظر فى المراية ويمشط شعره تصرخ باعلى صوتها ابعد من المراية الفقرية ياعبد الحميد ..ابعد من بنات الجان اللائى يعشقن المرايات ..ابعد ياعبد الحميد ..ابعد يا ضنايا .فى الصباح الباكر اخذت طهرة ثلاث شعرات من شعر عبد الحميد وقطعة من جلبابه القديم الذى به عرقه وذهبت الى الشيخ(العزب) بالبر الغربى ليعمل لها (عملا )يبعد عبد الحميد من المراية ومن بنات الجان . فى اليوم الثانى ذهبت الى الشيخ (حفنى الحسانى)و احضرت له كوزا من ماء(الفايدة) الذى قرأ عليه الشيخ (سورة يس ) ثم (تفل)فيه ثلاث مرات وفى كل مرة يتمتم بكلمات غير مفهومة للسامعين .بهذه القراءة وتلك التمتمة تحل البركة فى الماء ويشفى كل عليل اذا شرب منه ثلاث مرات متتاليات على الريق والناس نيام .أما فى اليوم الثالث فانها ذهبت للشيخ (موسى ابو على )صاحب الكرامات وقرأت له فاتحة الكتاب امام حجرته .
ماتت( طهرة عثمان) ولم يستجب عبد الحميد لطلبها ولم تبعده (العمولات )عن أى شىء مما ذكرته (للشيخ العزب)بالبر الغربى . وظل عاشقا للمرايا ليلا ونهارا الى ان عشقته الجنية التى عشقت اخويه من قبل (عبده وعبد المجيد).
بموت طهرة عثمان تحرر(عبد الواجد اب حفنى ) أخر العنقود فى سلسلة ابناء (حفنى)..تحررمن قيود امه التى كانت تكبله . وكانت (طهرة)تعشق عبد الواجد لانه كان الاصغر وكان يطيع اوامرها ويسمع كلامها ولم ينظر فى (المراية).
كما يغوى الشيطان ابناء ادم ..اغوى( عبد الحميد ) أخيه الاصغر ( عبد الواجد) باشياء كثيرة منها تدخين السجاير والرقص فى الطبول والنظر فى (المراية)وتمشيط الشعر ومغازلة البنات عند (طاحونة التماسيح).
عبد الواجد الذى فقد عينه فى طفولته عندما كان نائما على الارض ونظر (ذكر البط )الى عينه فظن انها حبة عنب سوداء فنقر عبد الواجد فى عينه واقتلعها وسط صراخ عبد الواجد . (طهرة) ظنت ان ذكر البط هذا هو احدىبنات الجان عشيقات (عبده وعبد المجيد وعبد الحميد)جاءت متخفية فى هيئة (ذكر بط).(طهرة) صرخت ومسكت سكينا وذبحت ذكر البط وقالت لابنها عبد الحميد اذهب بهذا الشيطان اللئم والقه فى البحرالذى هو (نهر النيل) .عبد الحميد تظاهر بالموافقة لكنه ذهب الى بيت( عبد الراضى اب حامد) واكلا ذكر البط الشيطانى ثم اخذا يضحكان ويضحكان حتى خافا من كثرة الضحك وظنا ان الشيطان قد لعب بعقليهما فجرى عبد الحميد مسرعا الى بيته وهو يرتجف من شدة الخوف .الحمى الملعونة اصابت (عبد الحميد)والفكرة المجنونة اصابت عقل (طهرةعثمان)فكرة بنات الجان هن السبب فى كل هذه الامراض .والطبيب فى البر الغربى والعلاج ورقة وحجاب .
تزوج (عبد الحميد اب حفنى )من (فوزية بنت الشريف)بعد قصة حب عنيفة .
بعد عام من الزواج دب الخلاف على اشده بين عبد الحميد وزوجته فوزية بنت الشريف .
جلست فوزية تبكى همها وغيرتها من بنت الجان التى عشقت زوجها .
تذكرت فوزية ليلة دخلتها وفرحة عبد الحميد بها الذى ظل معها بغرفة النوم وعلى سرير واحد اسبوعا كاملا. وتذكرت انه كلما جاء الاهل والاقارب يباركون له زواجه كان ينظر اليهم من شباك الغرفة التى باعلى البيت والذى يطل على سقيفة البيت ويقول لهم والفرحة تملأ وجهه : الله... الله (الشريف اعطانى نجفة)ثم يداعبهم باغنيته الشهيرة التى كان يغنيها على انغام مزمار الريس ابو حراجى او الريس (اخريشى)..سرير النوم عجلاته بمبى .
نظر عبد الحميد ذات مرة فوجد رجلا اخر فى (المراية)كما رأه (أخوته) من قبل فأخذته الغيرة وصرخ :ابعد عنى ياحقير ..ابعد عن اهلى ياحقير ..ابعد عن أولادى ياملعون انت خدعت شقيقى(عبده)ودخلت بطنه فمات من معدته . ودخلت صدر شقيقى (عبد المجيد)الذى ظل (يكح ويكح )حتى مات من صدره .اما اخى (عبد الواجد )فدخلت عقله وأخذت تهربت منه خلف الحوائط وفوق أسطح المنازل حتى مات بالجنون .. .ثم ضرب المراية بعصاة غليظة فتكسرت وسقطت على الارض وسقط معها عبد الحميد وهو يبكى ويبكى يبكى ....يبكى على نفسه ويبكى على امه ويبكى على اخوته . .ويبكى على نفسه .
نظرت( فوزية الشريف) فى المراية فوجدت (امرأة )اخرى فاخذتها الغيرة على زوجها وحبيبها عبد الحميد ثم صرخت فى وجه عبد الحميد :ياسافل ياقذر انت تعشق غيرى ...ثم اخذت تسبه وتسب المرأة الاخرى التى فى (المراية)واخيرا القت بحجر على( المراية) فكسرتها .
ليالى الشتاء التى كانت دافئة تحولت الى صقيع فى غرفة عبد الحميد وفوزية .اما ليالى الصيف ذات النسيم العليل فتحولت الى ليال ذات رياح عاتية مزقت فراش السرير وهدمت جدران الغرفة .بات اللقاء بينهما غريبا واصبح الفعل صعبا وانطفأت انوار النجفة فى وجه عبد الحميد .اما فوزية فكانت ترى فيه صورة لامرأة فى ثياب رجل .. مجرد صورة فقط فبنت (الجان)جعلته غير قادر وغير راجل .
مات عبد الحميد بهذا الداء اللعين الداء الذى أصاب أخوته من قبل (عبده وعبد المجيد وعبد الواجد ) وتظاهرت فوزية بالحزن عليه وهى فى الواقع حزينة على نفسها وعلى ولدها .
قالت فوزية لابنها (عاطف اب عبد الحميد)انت راجل وسيد الرجال وكمان جميل واحسن من ابيك ولابد ان ازوجك من بنت الحلال .
تزوج عاطف ابن عبد الحميد الذى ورث الداروالارض وكروم النخيل وورث ايضا( المراية) مراية اعمامه وابيه. ذات مرة نظرعاطف فى (المراية) فوجد خيالا لشاب وسيم .التفت خلفه يريد ان يرى الشاب او يمسك به فلم يجده فهرول مسرعا واحضر سكينا ثم دخل غرفة نومه ممسكا بالسكين يريد قتل الشاب الذى رأه فى المراية .
زوجة عاطف خرجت من غرفة نومها بملابسها الداخلية تصرخ وتستغيث بامه كى تنقذها من عاطف الذ ى مازال كالمجنون يبحث عن شاب رأه فى المراية قد دخل غرفة نومه .
فوزية صرخت فى وجه ابنها قائلة :سلامة عقلك ياضنايا ..الم اقل لك ابعد عن هذه (المراية)الملعونة التى نظر فيها ابوك واخوته من قبل فعشقتهم بنات الجان وها هى الملعونة بنت الجان تريد ان تنتقم منك فى صورة شاب يعشق زوجتك .هذا الشاب فى عقلك ياولدى .أعادت فوزية لعبة العروسة الورق المخرمة بابرة بلا خيط والقت بها فى النار ثم ذهبت الى مشايخ بعيدة جدا عن الاقصر تعمل (عملا )ينقذ ابنها من بنات الجان .
طلق عاطف زوجته الاولى بمؤامرة بنت الجان وتزوج من فتاة اخرىبأمربنت الجان ايضا ولكنها الجنية الخبيثة اشترطت عليه عدة شروط :انلا ياعاشر زوجنه الابأمر منها وهى طبعا لن تسمح له بذلك لانها كبنات (الانس )عنده من الغيرة والانانية على زوجها .ومن شروطها ايضا ان لا ينجب اطفالا الا منها واذا حدث حمل نتيجة السهو او الخطأ فسوف تقتل الام وجنينها اثناء الولادة والحكايت على هذه العلاقة بين بنت الجان وابن (الانس )كثيرة اشهرها حكاية (الخواجة يعقوب الخزامى )معاشر بنت ملك الجان وحرمته من انجاب الاطفال لكنها اعطته الحكمة والطب وبعض اسرار الناس . .بقايا (المراية)المكسورةوالموروثة عن الاباء والاجداد قد تحول الى مرايات صغيرة وفى كل مراية كان يظهر شاب لعاطف يحرك الغيرة فى قلبه وهذا الشاب سرعان ما يدخل غرفة النوم فيلاحقه عاطف فلا يجد له اثرا ثم يهوى على زوجته ضربا بالعصا ويصرخ بأعلى صوته أين انت ياجبان ؟ اخرج ايها اللئيم .فوزية الشريف تسمع العراك والصراخ فتدخل مسرعة الى حجرة نوم عاطف وزوجته فلا ترى الا صورة مكررة من (عبد الحميد اب حفنى )متجسدة فى ابنها (عاطف) وصورة اخرى لنفسها متجسدة فى زوجة ابنها (عاطف)وتتذكر للحظات بسيطة وسريعة(سرير نومها )وهى مسترخية عليه بين احضان (عبد الحميد )زوجها وحبيب عمرها ولا يوقظها من هذه الذكريات الا صراخ (عاطف) وبكاء(زوجته) .
أحيانا عاطف كان يريد اللقاء بزوجته فتهرب منه لاعذار نسائية يعرفنها بنات حواء فيقول لها انت تعشقين غيرى أنت تحبين (ابن الجنية)وينهال عليها ضربا موجعا .فى لحظات هدوء(عاطف)تقترب منه زوجته تداعبه فيهرب منها فتقول له انت لا تحبنى يا عاطف .عاطف المحب كان يريد اللقاء لكن دائما يكون اللقاء مبتورا كما ارادت له (بنت الجان) .
(فوزية الشريف) كسرت بقايا( المراية) والقت بها فى النارثم اخذت ابنها(عاطف) وهاجرت الى بلاد لا تعرف المرايا ولا تعرف الجان.
-----------------------------------------------------
محمداحمدخليل حسب الله ..
الشربينى الاقصرى .
الاقصر
/الكرنك القديم /نجع التماسيح .
------------------------------------------------
جميع الحقوق محفوظةللشربينى الاقصرى -
التعليقات (0)